الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ـ أي الزكاة ـ مؤتجراً فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر إبله عَزْمة من عزمات ربنا
تبارك وتعالى، لا يحل لآل محمد منها شيء» (1).
فإن كان مانع الزكاة جاحداً لوجوبها فقد كفر، كما تبين، وقتل كما يقتل المرتد؛ لأن وجوب الزكاة معلوم من دين الله عز وجل ضرورة (بداهة)، فمن جحد وجوبها فقد كذَّب الله تعالى، وكذَّب رسوله صلى الله عليه وسلم، فحكم بكفره.
وتقاتل الجماعة مانعة الزكاة جحوداً، كما فعل الصحابة في عهد الخليفة الأول ـ أبي بكر رضي الله عنهم، قال أبو بكر:«والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَنَاقاً (2) كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها» (3) وفي لفظ مسلم والترمذي وأبي داود: «لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه» وبناء عليه قال العلماء بالاتفاق: إذا منع واحد أو جمع الزكاة وامتنعوا بالقتال، وجب على الإمام قتالهم، وإن منعها جهلاً بوجوبها أو بخلاً بها لم يكفر.
المبحث الثاني ـ
سبب الزكاة
وشروطهاوركنها:
قال الحنفية (4): سبب الزكاة: ملك مقدار النصاب النامي ولو تقديراً بالقدرة على الاستنماء بشرط حولان الحول القمري لا الشمسي، وبشرط عدم الدين الذي له مطالب من جهة العباد، وكونه زائداً عن حاجته الأصلية.
(1) من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، رواه أحمد والنسائي، وأبو داود وقال: وشطر ماله، وهو حجة في أخذها من الممتنع ووقوعها موقعها (نيل الأوطار: 121/ 4 ومابعدها).
(2)
هو الأنثى من أولاد المعز، وفي الرواية الأخرى: عقالاً، والمراد بالعقال عند جماعة: هو زكاة عام، إذ لايجوز القتال على الحل الذي يعقل به البعير، وقال كثير من المحققين: المراد به الحبل الذي يعقل به البعير، على سبيل المبالغة.
(3)
رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن أبي هريرة (نيل الأوطار: 119/ 4).
(4)
الدر المختار: 5/ 2 - 12، فتح القدير: 487/ 1.
ويلاحظ أن السبب والشرط يتوقف عليهما وجود الشيء، إلا أن السبب يضاف إليه الوجوب، دون الشرط، فمن لم يملك النصاب لا زكاة عليه، فلا زكاة في الأوقاف، لعدم الملك، ولا فيما أحرزه العدو في ديارهم؛ لأنهم ملكوه بالإحراز.
والمقصود بالنصاب: هو ما نصبه الشارع علامة على وجوب الزكاة من المقادير الآتية في بحث أموال الزكاة، كمائتي درهم أوعشرين ديناراً.
وبناء عليه لا زكاة على مال اشتراه للتجارة قبل قبضه، لعدم الملك التام، ولازكاة باتفاق المذاهب على الحوائج الأصلية من ثياب البدن والأمتعة ودور السكنى (العقارات) وأثاث المنزل، ودواب الركوب، وسلاح الاستعمال، والكتب العلمية وإن لم تكن لأهلها إذا لم ينو بها التجارة، وآلات المحترفين؛ لأنها مشغولة بالحاجة الأصلية، وليست بنامية أصلاً.
ولا زكاة عند الحنفية أيضاً لعدم النمو في مال مفقود أوضال وجده بعد سنين، ولا في ساقط في بحر استخرجه بعد سنين، ولا في مغصوب لابينة عليه، فلو كانت له بينة تجب الزكاة بعد قبضه من الغاصب لما مضى من السنين، ولا في مدفون ببرية نسي مكانه ثم تذكره، ولا في وديعة منسية عند غير معارفه، أي عند الأجانب، فلو كانت منسية عند معارفه تجب الزكاة لتفريطه بالنسيان في غير محله. ولا في دين جحده المديون سنين ولا بينة له عليه، ثم توافرت له بينة بأن أقر بعدها عند قوم، ولا على ما أخذه مصادرة، أي ظلماً ثم وصل إليه بعد سنين. أما لو كان الدين على مقر مليء أوعلى معسر أو مفلس (محكوم بإفلاسه) أو على جاحد عليه بينة، فعليه الزكاة على ما مضى، على المعتمد في حالة الجاحد، إن وصل إلى ملكه.