الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على عثمان، لامه فيما صنع، وكرهه له» (1) قال البخاري:«كره عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان» .
وهذا هو الأرجح لدي دفعاً للمشقة عن النفس، وبعداً عن التعرض لفعل محظورات الإحرام. وأما حديث الإحرام من بيت المقدس فيه ضعف، وأما قول عمر للضبي:«هديت لسنة نبيك» فإنه يعني في القران بين الحج والعمرة، لا في الإحرام من قبل الميقات، فإن سنة النبي صلى الله عليه وسلم الإحرام من الميقات. وأما قول عمر وعلي:«إتمام العمرة أن تنشئها من بلدك» فمعناه أن تنشئ لها سفراً من بلد ك، تقصد له، ليس أن تحرم بها من دويرة أهلك. وهذا ما فسره به سفيان وأحمد، ولا يصح أن يفسر بالإحرام نفسه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما أحرموا بها من بيوتهم.
جزاء من تجاوز الميقات بدون إحرام:
لو جاوز الشخص ميقاتاً من المواقيت الخمسة، يريد الحج أو العمرة، بغير إحرام، ثم عاد قبل أن يحرم، وأحرم من الميقات، وجاوزه محرماً، لا يجب عليه دم بالإجماع؛ لأنه لما عاد إلى الميقات قبل أن يحرم، وأحرم، التحقت تلك المجاوزة بالعدم، وصار هذا ابتداء إحرام منه.
أما لو أحرم بعدما جاوز الميقات قبل أن يعمل شيئاً من أفعال الحج، ثم عاد إلى الميقات، ففيه آراء للفقهاء (2)، علماً بأن هذه الآراء تنطبق عند الحنفية على المكي الذي ترك ميقاته، فأحرم للحج من الحل، والعمرة من الحرم:
1 -
قال أبو حنيفة: إن عاد إلى الميقات، ولبى، سقط عنه الدم، وإن لم يلب
(1) رواهما سعيد والأثرم.
(2)
البدائع: 165/ 2 - 167، الشرح الصغير: 24/ 2 ومابعدها، الشرح الكبير: 24/ 2 ومابعدها، مغني المحتاج: 474/ 1 وما بعدها، المغني: 261/ 3، 266.
لا يسقط، لقول ابن عباس للذي أحرم بعد الميقات:«ارجع إلى الميقات، فلبّ، وإلا فلا حج لك» أوجب التلبية من الميقات، فلزم اعتبارها.
2 -
قال الصاحبان والشافعية والحنابلة: من جاوز الميقات، فأحرم، لزمه دم إن لم يعد، وإن أحرم ثم عاد قبل تلبسه بنسك كالطواف سقط عنه الدم، لبى أو لم يلب، علم تحريم ذلك أو جهله؛ لأن حق الميقات في مجاوزته إياه محرماً، لا في إنشاء الإحرام منه، وسقوط الدم عنه لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من ترك نسكاً، فعليه دم» (1). وإن تجاوز الميقات بغير إحرام لزمه العود ليحرم منه، إلا إذا ضاق الوقت أو كان الطريق مخوفاً.
وينطبق هذا على المكي بالحرم إن لم يخرج إلى الميقات، وأتى بأفعال العمرة، عليه دم، وأجزأته، فلو خرج إلى الحل بعد إحرامه سقط الدم، كما لو جاوز الميقات ثم عاد إليه محرماً.
ولو أفسد المحرم من دون الميقات حجه، لم يسقط عنه الدم عند الحنابلة والشافعية. وقال الحنفية: يسقط؛ لأن القضاء واجب.
3 -
وقال المالكية: من تجاوز الميقات وأحرم، لم يلزمه الرجوع إليه، وعليه الدم، لتعديه الميقات حلالاً، ولا يسقط عنه رجوعه له بعد الإحرام، لتعديه.
فإن لم يكن أحرم وجب الرجوع للميقات إلا لعذر كخوف فوات لحجة لو رجع، أو فوات رفقة، أو خاف على نفس أو مال أو عدم قدرة على الرجوع، فلا يجب عليه الرجوع حينئذ، ويجب عليه الدم لتعديه الميقات حلالاً.
(1) روي موقوفاً ومرفوعاً، والموقوف رواه مالك وغيره بإسناد صحيح، بلفظ:«من نسي من نسكه شيئاً أو تركه، فليهرق دماً» .