الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النحر، فإذا طلع الفجر صلوا الصبح بغلس، ثم نهضوا إلى المشعر الحرام (وهو آخر المزدلفة وجبل صغير فيها) وذلك سنة على المعتمد، فيقفون للتضرع والدعاء إلى الإسفار، ثم يدفعون منها قبل طلوع الشمس إلى منى، ويسرعون في وادي محسر.
وقال الشافعية: وقت الوقوف بالمزدلفة بعد نصف الليل، فمن لم يكن فيها في النصف الثاني، أراق دماً.
وقال الحنابلة: المبيت بالمزدلفة حتى يطلع الفجر واجب، من تركه فعليه دم، فإذا صلى الصبح في أول وقته وقف عند المشعر الحرام، فيرقى عليه إن أمكنه، وإلا وقف عنده فذكر الله تعالى ودعا واجتهد، لقوله تعالى:{فإذا أفضتم من عرفات، فاذكروا الله عند المشعر الحرام} [البقرة:198/ 2] وفي حديث جابر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المشعر الحرام، فرقى عليه، فدعا الله، وهلله وكبره، ووحده» . ومن بات بالمزد لفة لم يجز له الدفع قبل نصف الليل، فإن دفع بعده فلا شيء عليه.
خامساً ـ حكم فوات الوقوف بالمزدلفة عن وقته:
قال الحنفية: إن فات الوقوف فإن كان لعذر، فلا شيء عليه، لأنه صلى الله عليه وسلم قدم ضعفة أهله، ولم يأمرهم بالكفارة، وإن كان فواته لغير عذر، فعليه دم؛ لأنه ترك الواجب من غير عذر، وإنه يوجب الكفارة.
وقال الجمهور: ترك الوقوف بالمزدلفة يوجب الدم.
سادساً ـ سنن الوقوف بالمزدلفة:
يستحب في المزدلفة ما يأتي:
1ً - الاغتسال فيها بالليل للوقوف بالمشعر الحرام وللعيد، ولما فيها من الاجتماع، فمن لم يجد ماء تيمم، كما ذكر النووي في الإيضاح.
2ً - الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير، بإقامة لكل صلاة، كجمع التقديم في نمرة، ويجمع منفرداً أو مع الإمام.
3ً - إحياء هذه الليلة بالعبادة من الصلاة والتلاوة والذكر والدعاء والتضرع.
4ً - التأهب بعد نصف الليل وأخذ حصى الجمار من المزدلفة، لجمرة العقبة يوم النحر وهي سبع حصيات، ولأيام التشريق الثلاثة ثلاثاً وستين حصاة، فصار المجموع سبعين حصاة، بقدر حصى الخَذْف وهي دون أنملة، نحو حبة الباقلا، ويكره أن يكون أكبر من ذلك، ويكره كسر الحجارة له إلا لعذر بل يلتقطها صغاراً، وقد ورد نهي عن كسرها ههنا، لأنه يفضي إلى الأذى.
ومن أي موضع أخذ جاز، لكن يكره من المسجد ومن المواضع النجسة ومن الجمرات التي رمي بها، لقول ابن عباس:«ما تقبل منها رفع، وما لم يتقبل ترك، ولولا ذلك لسد ما بين الجبلين» .
ولا يكره غسل حصى الجمار، واستحب النووي وبعض الحنابلة أن يغسلها، لأنه روي عن ابن عمر أنه غسله، وقال في غاية المنتهى للحنابلة: لا يسن غسل غير نجس.
5ً - الوقوف بالمشعر الحرام، والصعود عليه إن أمكنه، وإلا وقف عنده أو تحته.
6ً - صلاة الصبح في أول وقتها، والمبالغة في التبكير بها في هذا اليوم آكد من باقي الأيام، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وليتسع الوقت لوظائف أخرى، فإنها كثيرة في هذا اليوم، فليس في أيام الحج أكثر عملاً منه.
7ً - الوقوف عند المشعر الحرام بعد صلاة الفجر مستقبل الكعبة، فيدعو ويحمد الله تعالى ويكبره ويهلله ويوحده ويكثر من التلبية، ويستحب أن يقول في دعائه:
(اللهم كما أوقفتنا فيه، وأريتنا إياه، فوفقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك، وقولك الحق: {فإذا أفضتم من عرفات، فاذكروا الله عند المشعر الحرام، واذكروه كما هداكم، وإن كنتم من قبله لمن الضالين. ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، واستغفروا الله، إن الله غفور رحيم} [البقرة:198/ 2 - 199]، ويقول أيضاً: (الله أكبر ـ ثلاثاً ـ لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد).
ويقف حتى يسفر جداً، لما في حديث جابر المتقدم:«أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل واقفاً حتى أسفر جداً» ثم يدفع قبل طلوع الشمس اتباعاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وشعاره التلبية والذكر، للآية السابقة:
{فإذا أفضتم من عرفات
…
} [البقرة:198/ 2] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة (1).
8ً - تقديم الضَّعَفة من النساء وغيرهن قبل طلوع الفجر إلى منى ليرموا جمرة العقبة قبل زحمة الناس، ويكون تقديمهم بعد نصف الليل. وهذه هي السنة عند الشافعية.
أما غيرهم فيمكثون حتى يصلوا الصبح بمزدلفة، كما سبق، فإذا صلوها، دفعوا متوجهين إلى منى.
9ً - الإسراع في وادي مُحَسِّر (وهو واد فاصل بين مزدلفة ومنى)(2) إن كان
(1) متفق عليه عن الفضل بن عباس.
(2)
ويسمى وادي النار أيضاً، وهو خمس مئة ذراع وخمسة وأربعون ذراعاً.