الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك لأن تحريم التعامل بالسندات لا يمنع من وجود التملك التام، فتجب فيها الزكاة. أما المال الحرام كالمغصوب والمسروق ومال الرشوة والتزوير والاحتكار والغش والربا ونحوها، فلا زكاة فيه، لأنه غير مملوك لحائزه، ويجب رده لصاحبه الحقيقي، منعاً من أكل الأموال بالباطل، فإن بقي في حوزة حائزه وحال عليه الحول، ولم يرد لصاحبه، فتجب فيه زكاته، رعاية لمصالح الفقراء.
زكاة أسهم الشركات:
يتناول هذا الموضوع بحث أمور ثلاثة: هي وجوب الزكاة في الأسهم، والنسبة أو المقدار الواجب إخراجه، ومن تجب عليه الزكاة، أهو صاحب السهم أم الشركة؟.
آراء العلماء المعاصرين في زكاة الأسهم:
من الطبيعي أنه ليس للعلماء القدامى رأي في زكاة الأسهم، لأنه موضوع معاصر حديث، وإنما تكلم فيه العلماء المعاصرون، ولم أجد في كلام واحد منهم صواباً شاملاً فيما اجتهد فيه، وإنما وجدت جانباً من الصواب والحق في كل اجتهاد، فلكل عالم بحث هذا الموضوع إصابة في جهة وخطأ في جهة أخرى، وسأعرض هذه الآراء وأبين مدى الإصابة والخطأ فيها، ثم أذكر رأيي نهائياً في الموضوع.
1 - رأي الشيخ عبد الرحمن عيسى:
يقسم الشيخ عبد الرحمن عيسى في كتابه «المعاملات الحديثة وأحكامها» الأسهم إلى نوعين بحسب موضوع استثمارها (1):
(1) وقد ذكر الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي ذلك في كتابه «فقه الزكاة 523/ 1 ومابعدها، وكذلك الدكتور خليفة بابكر الحسن في كتابه «بحوث ودراسات إسلامية» ص 101.
أـ أسهم الشركات الصناعية.
ب ـ أسهم الشركات التجارية.
أما أسهم الشركات الصناعية المحضة التي لا تمارس عملاً تجارياً كشركات الصباغة، وشركات التبريد، وشركات الفنادق، وشركات الإعلانات، وشركات السيارات، والمركبات الكهربائية (الترام)، وشركات النقل البري والبحري، وشركات الطيران، فلا تجب الزكاة فيها، إلا فيما تنتجه هذه الأسهم من ربح، يضم إلى مال المساهم، ويزكيه معها زكاة المال، بعد حولان الحول عليه، وبلوغه النصاب الشرعي، لأن قيمة هذه الأسهم موضوعة في الآلات والإدارات والمباني ونحوها.
وأما أسهم الشركات التجارية وهي التي تشتري البضائع وتبيعها كشركات التجارة الخارجية، وشركات الاستيراد والتصدير، وشركات بيع المصنوعات الوطنية، أو التي تقوم بتصنيع بعض المواد الخام أو تشتريها، مثل شركات البترول وشركات الغزل والنسيج، وشركات الحديد والصلب، والشركات الكيماوية، فتجب الزكاة فيها، لأنها تمارس عملاً تجارياً، سواء معه صناعة أو لا، وتقدر الأسهم بقيمتها الحالية، بعد حسم قيمة المباني والالآت والأدوات المملوكة لهذه الشركات، وتقدر هذه القيمة للأصول الثابتة إما بالربع أو أكثر أو أقل.
وهذا يعني أن الشركات التجارية المحضة تجب زكاة أسهمها بحسب قيمتها التجارية في الأسواق، مع أرباحها المقررة لها في نهاية العام، كزكاة العروض التجارية بنسبة 5،2% إذا كان أصل رأس المال والربح نصاباً شرعياً، ولا زكاة على المحل التجاري من حيث البناء والتجهيزات التي فيه.
أما الشركات الصناعية ـ التجارية كشركات السكّر والنفط والمطابع وصناعة
السفن والطائرات والسيارات، فتقدر الأسهم بقيمتها التجارية الحالية، مع حسم قيمة المباني والالآت وأداوت الإنتاج.
وهذا الرأي يناسب المقرر في المذاهب الأربعة، وهو أن المصانع والعمارات الاستغلالية لا زكاة فيها، وإنما الزكاة على أرباحها السنوية إذا بلغت النصاب الشرعي وحال الحول عليها (أي مضى عام عليها في يد صاحبها) وهو الرأي الذي أخذ به مجمع الفقه الإسلامي في جدة في دورته الثانية لعام 1406 هـ /1985 م. وقرر فقهاء المذاهب أنه لا زكاة على سلاح الاستعمال وكتب العالم وآلات المحترفين، لأنها مشغولة بالحاجة الأصلية، وليست بنامية أصلاً، وسبب الزكاة ملك النصاب النامي ولو تقديراً بالقدرة على الاستنماء.
وجاء في المعيار المعرب 402/ 1 لأبي العباس الونشريسي: وسئل عن الصناع يمر عليهم الحول، وبأيديهم من مصنوعاتهم ما إذا قوموها وأضافوها إلى مالهم من النقد، اجتمع فيه نصاب، هل يجب عليهم التقويم، ويزكون ما حضر بأيديهم أم لا؟.
فأجاب بقوله: الحكم في ذلك أن الصناع يزكون ما حال الحول على أصله من النقد الذي بأيديهم إذا كان نصاباً، ولا يقومون صناعاتهم، ويستقبلون بأثمانها الحول، لأنها فوائد كسبهم استفادوها وقت بيعهم، إلا أن ما وضع فيه الصانع صناعته، من جلد أو خشب أو حديد أو نحو ذلك، يقومه المدير، مجرداً من الصناعة، إذا كان اشتراه للتجارة.
وهي فتوى في غاية الدقة، والتيسير على الصناع، كصناع الأحذية والمفروشات والخزائن الحديدية ونحوها.