الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آراء العلماء في بيان المقصود من الرقاب بصفة عامة:
للعلماء أقوال أربعة في تفسير الرقاب (1):
القول الأول: إن المراد بقوله «في الرقاب» في فك الرقاب، فهذا السهم موضوع لعتق الرقاب، يشترى به عبيد فيعتقون، وهو قول ابن عباس وابن عمر والحسن، وأبي عبيد، ومذهب مالك وأحمد وإسحاق وعبيد الله بن الحسن العنبري، فيجوز للإمام أن يشتري رقاباً من مال الصدقة، يعتقها عن المسلمين، ويكون ولاؤهم لجماعة المسلمين في رأي المالكية.
وإن اشتراهم صاحب الزكاة وأعتقهم جاز.
والقول الثاني: إن سهم الرقاب موضوع في المكاتبين ليعتقوا به، فلا يبتاع من الرقاب صاحب الزكاة نسمة يعتقها بجرّ ولاء. وهذا قول أبي موسى الأشعري ومقاتل وسعيد بن جبير والليث بن سعد وابن وهب وابن زيد، وهو مذهب الشافعي وأبي ثور، ورواية عن مالك. واحتجوا بما روي عن ابن عباس رضي الله عنها أنه قال: قوله تعالى {وفي الرقاب} [التوبة:60/ 9] يريد المكاتب، وتأكد هذا بقوله تعالى:{وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} [النور:33/ 24].
قال القرطبي: والصحيح الأول: لأن الله عز وجل قال: {وفي الرقاب} [التوبة:60/ 9] فإذا كان للرقاب سهم من الصدقات، كان له أن يشتري رقبة، فيعتقها، ولا خلاف بين أهل العلم أن للرجل أن يشتري الفرس فيحمل عليه في
(1) تفسير الرازي: 114/ 16 وما بعدها، ط دار الفكر في بيروت، تفسير القرطبي: 182/ 8 ومابعدها، طبع دار الكاتب العربي بالقاهرة، تفسير ابن كثير: 365/ 2. أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي: 470/ 2 وما بعدها، ط عالم الكتب في بيروت، الأموال لأبي عبيد: ص 797 وما بعدها، ط مكتبة الكليات الأزهرية .....
سبيل الله، فإذا كان له أن يشتري فرساً بالكمال من الزكاة، جاز أن يشتري رقبة بالكمال، لا فرق بين ذلك.
والقول الثالث: قول أبي حنيفة وأصحابه وقول سعيد بن جبير والنخعي: أنه لا يعتق من الزكاة رقبة كاملة، ولكن يعتق منها في رقبة، ويعان بها مكاتب، أي أنها لإعتاق العبد المبعض والمكاتب؛ لأن قوله تعالى:{وفي الرقاب} [التوبة:60/ 9] يقتضي أن يكون له فيه مدخل، وذلك ينافي كونه تاماً فيه. والأولى جعل القولين الثاني والثالث قولاً واحداً.
والقول الرابع: قول الزهري، قال: سهم الرقاب نصفان: نصف للمكاتبين من المسلمين، ونصف يشترى به رقاب ممن صلوا وصاموا، وقدم إسلامهم، فيعتقون من الصلاة. وهو رأي أبي عبيد.
وأضاف الشافعية أصحاب القول الثاني إلى ما سبق قولهم: والاحتياط في سهم الرقاب دفعه إلى السيد بإذن المكاتب، والدليل عليه أنه تعالى أثبت الصدقات للأصناف الأربعة الذين تقدم ذكرهم بلام التمليك، وهو قوله: {إنما الصدقات للفقراء
…
} [التوبة:60/ 9].
والخلاصة: إن العلماء ما عدا المالكية والحنابلة اتفقوا على صرف سهم «في الرقاب» في إعتاق العبد المكاتب، واختلفوا في أمرين: إعتاق الرقاب، وفك الأسارى. أما إعتاق الرقاب فقال الكيا الطبري: إن العتق إبطال ملك، وليس بتمليك، وما يدفع إلى المكاتب تمليك، ومن حق الصدقة ألا تجزي إلا إذا جرى فيها التمليك. وهذا رأي الحنفية والشافعية، فلا يصرف شيء من الزكاة في إعتاق العبد القن (الخالص العبودية)
ورأى المالكية والحنابلة أنه يمكن المساهمة بشيء من الزكاة في إعتاق الرقاب مطلقاً. وإليه مال البخاري وابن المنذر.