الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتلبية كما بينت في المبحث السابق أن يقول: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلْك، لا شريك لك» وهي المنقولةعن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا ينبغي أن يخل بشيء من هذه الكلمات، لأنه هو المنقول باتفاق الرواة، فلا ينقص عنه، فإن زاد عليها جاز بلا كراهة.
ثانياً ـ صفة الإحرام تعييناً وإطلاقاً وإحالة واشتراطاً
(1):
الأفضل أن يعين المحرم ما أحرم به من حج أو عمرة أو هما معاً، فالتعيين أفضل من الإطلاق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالإحرام بنسك معين، فقال فيما روته عائشة:«من شاء منكم أن يهل بحج وعمرة فليهل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل» (2).
ورأى الحنفية: أنه لو أحرم بالحج، ولم يعين حجة الإسلام، وعليه حجة الإسلام، يقع عنها استحساناً؛ لأن الظاهر من حاله أنه لا يريد بإحرام الحج حجة التطوع، ويبقي نفسه في عهدة الفرض، فيحمل على حجة الإسلام بدلالة حاله، فكان الإطلاق فيه تعييناً كما في صوم رمضان. ولو نوى التطوع يقع عن التطوع؛ لأن دلالة حاله لا تفيد مع التعيين الصريح.
وكذلك قال الشافعية: ليس التعيين شرطاً في انعقاد النسك، فلو أحرم بنسك نفل وعليه نسك فرض، انصرف إلى الفرض.
(1) البدائع: 163/ 2، الشرح الصغير: 25/ 2 ومابعدها، المهذب: 205/ 1، مغني المحتاج: 1/ 674 - 874، المغني: 284/ 3 - 487، الشرح الكبير: 26/ 2 وما بعدها.
(2)
متفق عليه عن عائشة (نيل الأوطار: 308/ 4 ومابعدها) ومعنى الإهلال: رفع الصوت بالتلبية من قولهم: استهل الصبي: إذا صاح، والأصل فيه: أنهم كانوا إذا رئي الهلال صاحوا، فيقال: استهل الهلال، ثم قيل لكل صائح: مستهل.
وينعقد الإحرام معيناً: بأن ينوي حجاً أو عمرة أو كليهما بالإجماع، ولحديث عائشة المتقدم، وينعقد أيضاً مطلقاً بألا يزيد على الإحرام نفسه، بأن ينوي الدخول في النسك الصالح للأنواع الثلاثة، أو يقتصر على قوله:«أحرمت» ، بدليل ما روى الشافعي:«أنه صلى الله عليه وسلم خرج هو وأصحابه مهلِّين ينتظرون القضاء (أي نزول الوحي) فأمر من لا هدي معه أن يجعل إحرامه عمرة، ومن معه هدي أن يجعله حجاً» .
وفي حالة الإطلاق هذه قال الحنفية: يمضي في أيهما شاء ما لم يطف بالبيت شوطاً، فإن طاف شوطاً، كان إحرامه عن العمرة؛ لأن الطواف ركن في العمرة، وطواف القدوم سنة، فإيقاعه عن الركن أولى، وتتعين العمرة بفعله كما تتعين بقصده.
وقال المالكية: إن أبهم نية الإحرام بأن لم يعين شيئاً بأن نوى النسك لله تعالى من غير ملاحظة حج أو عمرة أو هما، ندب صرفه أي تعيينه لحج فيكون مفرداً، والقياس صرفه لقران؛ لأنه أحوط لاشتماله على النسكين كالناسي لما عينه.
وقال الشافعية والحنابلة: إن أحرم مطلقاً في أشهر الحج، صرفه بالنية إلى ما شاء من الأنساك، ثم اشتغل بالأعمال، فلو طاف ثم صرفه للحج وقع طوافه عند الشافعية عن القدوم، وإن أطلق الإحرام في غير أشهر الحج، فالأصح عند الشافعية انعقاده عمرة، فلا يصرفه إلى الحج في أشهره.
والأولى عند الحنابلة: صرف الإحرام إلى العمرة؛ لأنه إن كان في غير أشهر الحج، فالإحرام بالحج مكروه أو ممتنع، والأول أرجح عندهم، وإن كان في أشهر الحج، فالعمرة أولى؛ لأن التمتع عندهم أفضل، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى حين أحرم بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعله عمرة.