الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا تجب الكفارة بالفطر في غير رمضان، باتفاق أكثر العلماء، لأنه جامع في غير رمضان، فلم تلزمه كفارة، كما لو جامع في صيام الكفارة، ويفارق القضاء الأداء، لأنه متعين بزمان محترم، فالجماع فيه هتك له، بخلاف القضاء.
ومن به شبق يخاف أن ينشق ذكره أو أنثياه أو مثانته، جامع وقضى ولا يكفر للضرورة مثل أكل الميتة للمضطر، وإن اندفعت شهوته بغير الجماع كالاستمناء بيده أو يد زوجته ونحوه كالمفاخذة، لم يجز له الوطء، كالصائل يندفع بالأسهل، لا ينتقل إلى غيره.
وحكم المريض الذي ينتفع بالجماع في مرضه حكم من خاف تشقق فرجه في جواز الوطء.
وفي حال الضرورة إلى وطء حائض وصائمة بالغ، يكون وطء الصائمة أولى من وطء الحائض؛ لأن تحريم وطء الحائض بنص القرآن. وإن لم تكن الزوجة بالغاً، وجب اجتناب الحائض، للاستغناء عنه بلا محذور، فيطأ الصغيرة وكذا المجنونة.
وإن تعذر قضاء ذي الشبق لدوام شبقه، فهو ككبير عجز عن الصوم، فيطعم لكل يوم مسكيناً، ولا قضاء إلا مع عذر معتاد كمرض أو سفر.
مالا يفسد الصوم:
لا يفطر الصائم بما يأتي:
1ً - بما لا يمكن الاحتراز عنه: كابتلاع الريق وغبار الطريق وغربلة الدقيق والتقطير في إحليل ولو وصل مثانته، لعدم المنفذ، وكذا إن جمع الريق ثم ابتلعه قصداً، لم يفطر؛ لأنه يصل إلى جوفه من معدنه (أي فمه)، فإن خرج ريقه إلى
ثوبه، أو بين أصابعه، أو بين شفتيه، ثم عاد فابتلعه، أو بلع ريق غيره، أفطر؛ لأنه ابتلعه من غير فمه، فأشبه ما لو بلع غيره. ولا يفطر ببصق النخامة بلا قصد من مخرج الحاء المهملة، فإن ابتلعها أفطر.
2ً - بالمضمضة والاستنشاق بغير خلاف، سواء أكان في الطهارة أم غيرها وسواء بالغ أم زاد عن الثلاث، بدليل حديث عمر السابق في القبلة، وقياسها على المضمضة، لكن تكره المضمضة عبثاً ولحر أو عطش.
3ً - بمضغ العلك: وهو الذي لا يتحلل منه أجزاء، وإنما الذي يصلب ويقوى كلما مضغه، ولكن يكره مضغه ولا يحرم؛ لأنه يجمع الريق، ويورث العطش.
4ً - بالقبلة واللمس والمفاخذة ونحوها بدون إنزال: فإن أنزل فسد صومه، ولا كفارة عليه؛ لأنه ليس بجماع.
5ً - الإمذاء بتكرار النظر، لأنه لا نص فيه، والإمناء بغير تكرار النظر، لعدم إمكان التحرز من النظرة الأولى، وتكرار النظر بغير إنزال. ولا يفطر إن فكر فأمنى أو أمذى، لقوله صلى الله عليه وسلم:«عفي لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به» (1).
كما لا يفطر إن حصل الإنزال بفكر غالب أي غير اختياري، بأن لم يتسبب فيه، أو احتلم أو أنزل لغير شهوة، كالذي يخرج منه المني لمرض أو لسقطة من موضع عال، أو خروجاً منه لهيجان شهوة من غير أن يمس ذكره بيد، أو أمنى نهاراً من وطء ليل، لأنه لم يتسبب إليه في النهار، أو أمنى ليلاً من مباشرته نهاراً.
(1) رواه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة، والطبراني عن عمران بن حصين بلفظ «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به» هو صحيح (الجامع الصغير: 68/ 1).
6ً - الفصد والشرط، وإخراج الدم برعاف، وجرح الصائم نفسه أو جرحه غيره بإذنه ولم يصل إلى جوفه شيء من آلة الجرح، ولو كان الجرح بدل الحجامة، لأنه لا نص فيه، والقياس لا يقتضيه.
7ً - دخول شيء إلى الجوف غير قاصد الفعل: بأن فعل ذلك ناسياً أو مكرهاً أو نائماً، لأنه لا قصد للنائم، وللحديث المتقدم:«من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» . ويجب على من رأى الصائم إعلامه إذا أراد الأكل أو الشرب ناسياً أو جاهلاً، كإعلام نائم إذا ضاق وقت الصلاة.
8ً - الشك في طلوع الفجر: من أكل أو شرب أو جامع شاكاً في طلوع الفجر، ودام شكه؛ لأن الأصل بقاء الليل، فيكون زمانه الشك منه، ولظاهر الآية:{وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة:187/ 2]. لكن يفطر وعليه القضاء إن أكل ظاناً أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع، أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب، لأنه يمكن التحرز منه.
9ً - غلبة القيء: فمن ذرعه القيء (1) فلا شيء عليه، بخلاف من استقاء فعليه القضاء.
10ً - السواك كل النهاروعدم الاغتسال من الجنابة، لكن يستحب الغسل ليلاً قبل طلوع الفجر الثاني لكل من لزمه الغسل من جنابة وحائض ونفساء انقطع دمها، وكافر أسلم، خروجاً من الخلاف.
(1) ذرعه القيء أي خرج منه بغير اختياره.
11ً - الكحل إن لم يجد طعمه في الحلق، وتلطيخ باطن القدم بالحناء، مع وجود طعمه بالحلق.
12ً - إدخال المرأة أصبعها أو غيرها في فرجها ولو مبتلة.
وخلاصة آراء المذاهب في أهم المواضع السابقة: أن الجماع في نهار رمضان موجب للقضاء والكفارة والإمساك بقية النهار، وكذلك الأكل والشرب عمداً عند الحنفيةوالمالكية خلافاً لغيرهم قياساً على الجماع، بجامع انتهاك حرمة الشهر.
ويفطر الصائم بالاتفاق بالقيء عمداً أو بتناول أي شيء مادي يصل إلى الجوف عمداً، سواء أكان مغذياً أم غير مغذٍّ، ولا يفطر بالفصد اتفاقاً كما لا يفطر عند الجمهور بالأكل ونحوه ناسياً، ويفطر عند المالكية، ولا يفطر بالأكل مكرهاً عند الشافعية والحنابلة، ويفطر عند المالكية والحنفية، ولا يفطر عند الحنابلة بغلبة ماء المضمضة ويفطر بها عند المالكية، وأما عند الشافعية فيفطر في حالة المبالغةأو العبث والتبرد أو الزيادة على الثلاث.
ولا يفطر بالاكتحال عند الشافعية والحنفية، ويفطر به عند المالكية والحنابلة، إن وجد طعم الكحل في الحلق. ولا يفطر عند الجمهور بالحقنة في الإحليل، ويفطر بها عند الشافعية. ولا يفطر عند الجمهور بنبش الأذن بعود أو إدخاله فيها، ويفطر به عند الشافعية.
ولا يفطر بالحجامة عند الجمهور وإنما تكره، ويفطر بها عند الحنابلة. ولا يفطر بإنزال المذي عند الحنفية والشافعية، ويفطر به عند المالكية والحنابلة في حال التقبيل أو المباشرة فيما دون الفرج، أما في حال تكرار النظر فلا يفطر به عند الحنابلة، ويفطر في رأي المالكية به أو بالتفكر عند الاستدامة، أو الاعتياد.