الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
النية: أي النية المعينة لما يصومه من الليل لكل يوم واجب، ولا تسقط بسهو أوغيره، ولا يضر لو أتى بعدها ليلاً بأكل أو شرب أو جماع ونحوه، ولا تجب نية الفرضية في الفرض، ولا الوجوب في الواجب، لأن التعيين يجزئ عن ذلك، وتصح النية نهاراً في النفل ولو بعد الزوال إذا كان ممسكاً عن المفطر من طلوع الفجر.
2 -
الطهارة من الحيض والنفاس، فلا يصح صوم الحائض والنفساء ويحرم فعله، ويجب عليهما الأداء بمجرد انقطاع الدم ليلاً، والقضاء لما فاتهما.
3 -
الإسلام: فلا يصح من الكافر ولو كان مرتداً.
4 -
العقل أي التمييز: فلا يصح من غير المميز وهو الذي لم يبلغ سبع سنين.
المبحث الخامس ـ سنن الصوم وآدابه ومكروهاته:
فيه مطلبان:
المطلب الأول ـ سنن الصوم وآدابه:
يستحب للصائم ما يأتي (1): ....
1ً - السحور على شيء وإن قل ولو جرعة ماء، وتأخيره لآخر الليل، أما السحور: فللتقوي به على الصوم، كما دل عليه خبر الصحيحين:«تسحروا فإن في السَّحور بركة» وخبر الحاكم في صحيحه: «استعينوا بطعام السحر على صيام
(1) البدائع: 105/ 2 - 108، مراقي الفلاح: ص115، الدر المختار: 157/ 2، الشرح الكبير: 515/ 1، الشرح الصغير: 689/ 1 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص115، مغني المحتاج: 434/ 1 - 436، الحضرمية: ص113 - 115، كشاف القناع: 385/ 2 - 388، المغني: 103/ 3، 169 - 171،178.
النهار، وبقيلولة النهار على قيام الليل» وخبر أحمد رحمه الله:«السحور بركة، فلا تدَعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين» (1). وأما تأخير السحور ما لم يقع في شك في الفجر، فلحديث الطبراني:«ثلاث من أخلاق المرسلين: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة» ولخبر الإمام أحمد: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور» (2) وحديث: «دع ما يريبك إلى ما لايريبك» .
2ً - تعجيل الفطرعند تيقن الغروب وقبل الصلاة، ويندب أن يكون على رطب، فتمر، فحلو، فماء، وأن يكون وتراً ثلاثة فأكثر لحديث:«لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» (3)، والفطر قبل الصلاة أفضل، لفعله صلى الله عليه وسلم (4). وكونه وتراً، لخبر أنس:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رُطَبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتَمَرات، فإن لم تكن تمرات، حَسَا حَسَوات من ماء» (5)، ويمكن التعجيل في غير يوم غيم، وفي حالة الغيم ينبغي تيقن الغروب والاحتياط حفظاً للصوم عن الإفساد، ورأى الشافعية أنه يحرم الوصال في الصوم: وهو صوم يومين فأكثر من غير أن يتناول بينهما في الليل مفطراً، للنهي عنه في الصحيحين، وعلة ذلك: الضعف، مع كون الوصال من خصوصياته صلى الله عليه وسلم.
3ً - الدعاء عقب الفطر بالمأثور: بأن يقول: «اللهم إني لك صمت، وعلى
(1) وفيه ضعف.
(2)
رواه أحمد عن أبي ذر (نيل الأوطار: 221/ 4).
(3)
متفق عليه عن سهل بن سعد، وروى أحمد والترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يقول الله عز وجل: إن أحب عبادي إلي أعجلُهم فطراً» (نيل الأوطار:217/ 4).
(4)
رواه مسلم من حديث عائشة، وابن عبد البر عن أنس.
(5)
رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وروى الخمسة إلا النسائي عن سلمان بن عامر:«إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء، فإنه طهور» (نيل الأوطار: 220/ 4).
رزقك أفطرت، وعليك توكلت، وبك آمنت، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى. يا واسع الفضل اغفر لي، الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت».
وسنية الدعاء؛ لأن للصائم دعوة لا ترد، لحديث:«للصائم عند فطره دعوة لاتُرد» (1)، وصيغة الدعاء ثابتة هكذا في السنة (2).
4ً - تفطير صائمين ولو على تمرة أو شربة ماء أوغيرهما، والأكمل أن يشبعهم، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من فطَّر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقُص من أجر الصائم شيء» (3).
5ً - الاغتسال عن الجنابة والحيض والنفاس قبل الفجر، ليكون على طهر من أول الصوم، وليخرج من خلاف أبي هريرة حيث قال: لا يصح صومه، وخشيةمن وصول الماء إلى باطن أذن أو دبر أو نحوه. وبناء عليه: يكره عند الشافعية للصائم دخول الحمام من غير حاجة، لجواز أن يضره، فيفطر، ولأنه من الترفه الذي لايناسب حكمة الصوم. فلو لم يغتسل مطلقاً صح صومه، وأثم من حيث الصلاة.
ولو طهرت الحائض أو النفساء ليلاً، ونوت الصوم وصامت، أو صام الجنب
(1) رواه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو.
(2)
فقوله «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت» رواه أبو داود مرسلاً، وروى أيضاً «ذهب الظمأ
…
إلخ» وروى الدارقطني من حديث أنس وابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا، إنك أنت السميع العليم» وروى الدارقطني أيضاً عن ابن عمر «ذهب الظمأ
…
» الحديث.
(3)
رواه الترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما عن زيد بن خالد الجهني (الترغيب والترهيب: 144/ 2).
بلا غسل، صح الصوم، لقوله تعالى:{فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم} [البقرة:187/ 2] ولخبر الصحيحين المتقدم: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع، غير احتلام، ثم يغتسل، ويصوم» وأما خبر البخاري: «من أصبح جنباً فلا صوم له» فحملوه على من أصبح مجامعاً واستدام الجماع.
6ً - كف اللسان والجوارح عن فضول الكلام والأفعال التي لا إثم فيها. وأما الكف عن الحرام كالغيبة والنميمة والكذب فيتأكد في رمضان، وهو واجب في كل زمان، وفعله حرام في أي وقت، وقال عليه السلام:«من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (1)، «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر» (2) فإن شتم، سن في رمضان قوله جهراً: إني صائم، لحديث الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعاً:«إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم» أما في غير رمضان فيقوله سراً يزجر نفسه بذلك، خوف الرياء.
7ً - ترك الشهوات المباحة التي لا تبطل الصوم من التلذذ بمسموع ومبصر وملموس ومشموم كشم ريحان ولمسه والنظر إليه، لما في ذلك من الترفه الذي لايناسب حكمة الصوم، ويكره له ذلك كله، كدخول الحمام.
8ً - يسن عند الشافعية: ترك الفصد والحجامة لنفسه ولغيره خروجاً من خلاف من فطَّر بذلك، ويسن بالاتفاق ترك مضغ البان (العلك غير المصحوب بسكر) وغيره لأنه يجمع الريق، ويؤدي للعطش، وترك ذوق الطعام أو غيره خوف وصول شيء إلى الحلق، وترك القبلة، وتحرم القبلة إن خشي فيها الإنزال.
(1) رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة (الترغيب والترهيب: 146/ 2).
(2)
رواه الطبراني في الكبير عن ابن عمر، وإسناده لا بأس به (المصدر السابق: ص 148).
أما كون الحجامة لا تفطر عند الشافعية فلأنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم (1). وأما حديث: «أفطر الحاجم والمحجوم» (2) فهو منسوخ، وتفطر الحجامة عند الحنابلة.
9ً - التوسعة على العيال (الأسرة) والإحسان إلى الأرحام، والإكثار من الصدقة على الفقراء والمساكين، لخبر الصحيحين:«أنه صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل» والحكمة في ذلك تفريغ قلوب الصائمين والقائمين للعبادة بدفع حاجاتهم.
10ً - الاشتغال بالعلم وتلاوة القرآن ومدارسته، والأذكار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كلما تيسر له ذلك ليلاً أو نهاراً. لخبر الصحيحين:«كان جبريل يلقى النبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن» ومثله كل أعمال الخير؛ لأن الصدقة في رمضان تعدل فريضة فيما سواه، فتضاعف الحسنات به.
11ً - الاعتكاف لا سيما في العشر الأواخر من رمضان، لأنه أقرب إلى صيانة النفس عن المنهيات، وإتيانها بالمأمورات، ولرجاء أن يصادف ليلة القدر إذ هي منحصرة فيه، وروى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره. وقالت عائشة:«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر» (3) أي اعتزل النساء.
والسنة في ليلة القدر كما أبنت أن يقول: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» ويكتمها ويحييها ويحيي يومها كليلتها.
(1) رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه عن ابن عباس (نيل الأوطار: 202/ 4).
(2)
رواه أحمد والترمذي عن رافع بن خديج، ولأحمد وأبي داود وابن ماجه مثله من حديث ثوبان وشداد بن أوس (نيل الأوطار:200/ 4).
(3)
متفق عليه (نيل الأوطار: 270/ 4) ورواه أيضاً عبد الرزاق عن الثوري، وابن أبي شيبة عن أبي بكر ابن عياش.