الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختلافهما محلاً فلأن العشر يجب في الخارج، والخراج يتعلق بالذمة. أما اختلافهما سبباً فلأن سبب العشر نفس الخارج، فلا يجب بدونه، وسبب الخراج: الأرض النامية أي الصالحة للزراعة، بدليل وجوبه وإن لم تزرع الأرض.
وأما اختلافهما مصرفاً: فلأن مصرف العشر الفقراء، ومصرف الخراج المصالح العامة أو المقاتلة. وأما اختلافهما دليلاً، فلأن دليل العشر النص، ودليل الخراج الاجتهاد المبني على مراعاة المصالح.
وإذا ثبت اختلافهما من هذه الوجوه، فلا مانع من اجتماعهما، فوجوب أحدهما لا يمنع وجوب الآخر، كاجتماع الجزاء والقيمة في الصيد الحرمي المملوك.
والراجح هو رأي الجمهور بسبب ضعف حديث الحنفية، ولأن الخراج واجب اجتهادي لتقوية جماعة المسلمين وسد الحاجات العامة، وأن العشر واجب ديني على المسلمين، فلا تنافي بينهما. وليس في الخراج معنى العقوبة، إذ لو كان عقوبة لما وجب على المسلم كالجزية.
وصرح الحنفية كابن عابدين (رد المحتار 67/ 2) وغيره بأن الأراضي الخراجية في مصر والشام، حيث صارت لبيت المال سقط عنها الخراج، لعدم من يجب عليه، والمأخوذ منها الآن أجرة لا خراج، ويصير العشر هو الواجب فيها.
أحد عشر ـ
العاشر
وضريبة العشور (1):
العاشر: من نصبه الإمام على الطريق ليأخذ الصدقات من التجار. فإذا حدث اختلاف بينه وبين التجار، فأنكر أحدهم تمام الحول، أو الفراغ من الدين، كان منكراً لوجوب الزكاة، والقول قول المنكر بيمينه.
(1) فتح القدير: 530/ 1 - 536.
وكذا إذا قال: أديتها إلى عاشر آخر، أو أديتها أنا إلى الفقراء في بلدي، صدق بيمينه.
وما صدق فيه المسلم، صدق فيه الذمي، تخفيفاً عنه.
ومقدار ما يأخذه العاشر من المسلم: ربع العشر، ومن الذمي نصف العشر ومن الحربيين العشر، بدليل ما رواه محمد بن الحسن عن زياد بن حَدير، قال:«بعثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عين التمر مصدِّقاً، فأمرني أن آخذ من المسلمين من أموالهم إذا اختلفوا بها للتجارة ربع العشر، ومن أموال أهل الذمة نصف العشر، ومن أموال أهل الحرب العشر» .
والأصل المقرر عند الحنفية في الأخذ من الحربيين: هو المعاملة بالمثل، فإن كانوا لا يأخذون أصلاً لا نأخذ منهم شيئاً، ليتركوا الأخذ من تجارنا، ولأنا أحق بمكارم الأخلاق، وإن مر حربي بخمسين درهماً لم يؤخذ منه شيء إلا أن يكونوا يأخذون منا من مثلها؛ لأن المأخوذ زكاة أو ضعفها، فلا بد من النصاب. وإن مر حربي بمئتي درهم (وهو نصاب الزكاة) ولا يعلم كم يأخذون منا، نأخذ منه العشر، لقول عمر رضي الله عنه:«فإن أعياكم فالعشر» .
وإن مر حربي على عاشر، فعشره، ثم مرَّ مرة أخرى، لم يعشره حتى يحول الحول؛ لأن الأخذ في كل مرة استئصال المال، وحق الأخذ لحفظه، ولأن حكم الأمان الأول باق، وأما بعد الحول فيتجدد الأمان؛ لأنه لا يمكن من الإقامة في دارنا إلا حولاً، والأخذ بعده لا يستأصل المال.
فإن عشره، فرجع إلى دار الحرب، ثم خرج من يومه ذلك، عشره أيضاً؛ لأنه رجع بأمان جديد، وكذا الأخذ بعده لا يفضي إلى استئصال المال.