الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويزاد في حق المرأة: أن يكون معها زوج أو محرم بنسب أو رضاع أو صهرية (1) من محارمها، أو رفقة مأمونة عند عدم الزوج أو المحرم في حج الفرض ومنه النذر والحنث، سواء أكانت الرفقة نساء فقط، أم مجموعاً من الرجال والنساء. وإذا كانت المرأة معتدة من طلاق أو وفاة وجب عليها البقاء في بيت العدة، فلو فعلت صح حجها مع الإثم.
و
قال الشافعية
(2): للاستطاعة المباشرة بالنفس بحج أو عمرة لمن كان بعيداً عن مكة مسافة القصر (89 كم) شروط سبعة تشمل أنواع الاستطاعة الثلاثة السابقة:
الأول ـ القدرة البدنية: بأن يكون صحيح الجسد، قادراً أن يثبت على الراحلة بلا ضرر شديد أو مشقة شديدة، وإلا فهو ليس بمستطع بنفسه. وعلى الأعمى الحج والعمرة إن وجد قائداً يقوده ويهديه عند نزوله، ويركبه عند ركوبه. والمحجور عليه بسفه يجب عليه الحج كغيره، لكن لا يدفع المال إليه لئلا يبذره، بل يخرج معه الولي بنفسه إن شاء لينفق عليه في الطريق بالمعروف، أو يرسل معه شخصاً ثقة ينوب عن الولي، ولو بأجرة مثله، إن لم يجد متبرعاً كافياً، لينفق عليه بالمعروف.
الثاني ـ القدرة المالية: بوجود الزاد وأوعيته، ومؤنة (كلفة) ذهابه لمكة وإيابه (أي رجوعه منها إلى بلده، وإن لم يكن له فيها أهل وعشيرة).
فإن كان يكتسب كل يوم ما يفي بزاده، وسفره طويل (مرحلتان فأكثر أي 98 كم)، لم يكلف الحج، حتى ولو كسب في يوم كفاية أيام؛ لأنه قد ينقطع عن
(1) لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً وليلة إلا ومعها مَحْرم» .
(2)
مغني المحتاج:463/ 1 - 0470، المهذب:196/ 1 - 198، الإيضاح للنووي: ص16 - 17.
الكسب لعارض، وإذا قدر عدم الانقطاع، فالجمع بين تعب السفر والكسب، فيه مشقة عظيمة. وذلك خلافاً لمذهب المالكية السابق في الاكتفاء بالصنعة أثناء السفر. أما إن كان السفر قصيراً، كأن كان بمكة، أو على دون مرحلتين منها، وهو يكتسب في يوم كفايةأيام، كُلِّف الحج، لقلة المشقة حينئذ.
الثالث ـ وجود الراحلة (وسيلة الركوب) الصالحة لمثله بشراء بثمن المثل، أو استئجار بأجرة المثل، لمن كان بينه وبين مكة مرحلتان فأكثر، قدر على المشي أم لا، خلافاً للمالكية، ولكن يستحب للقادر على المشي الحج خروجاً من خلاف من أوجبه. وهذا الشرط من القدرة المالية أيضاً.
ومن كان بينه ومن مكة دون مرحلتين، وهو قوي على المشي، يلزمه الحج، فإن ضعف عن المشي، بأن عجز أو لحقه ضرر ظاهر، فهو كالبعيد، فيشترط في حقه وجود الراحلة.
ويشترط كون الزاد والراحلة فاضلين عن دينه الحال أو المؤجل، لآدمي أم لله تعالى كنذر وكفارة، وعن مؤنة (1) أي نفقة من تلزمه نفقته مدة ذهابه وإيابه، لئلا يضيعوا، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت» (2).
والأصح كون الزاد والراحلة فاضلين أيضاً عن مسكنه اللائق به وعن خادمه المحتاج إليه لمنصب أو عجز، لاحتياجه لهما في الحال.
والأصح أنه يلزم المرء صرف مال تجارته إلى الزاد والراحلة وتوابعهما. ويلزم من له مستغلات (أماكن أو دور للاستثمار) يحصل منها نفقته أن يبيعها ويصرفها لما ذكرفي الأصح، كما يلزمه صرفها لوفاء دينه.
(1) التعبير بالمؤنة: أي الكلفة يشمل النفقة والكسوة والخدمة والسكنى وإعفاف الأب (تزويجه)، وكذا أجرة الطبيب وثمن الأدوية للقريب المحتاج إليها.
(2)
رواه أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن عمرو، وهو صحيح.
الرابع ـ وجود الماء والزاد وعلف الدابة في المواضع المعتاد حمله منها، بثمن المثل: وهو القدر المناسب به في ذلك الزمان والمكان، وإن غلت الأسعار. فإن لم يوجدوا، أو وجد أحدهم، أو وجد بأكثر من ثمن المثل، لم يلزمه النسك (الحج والعمرة). وهذا شرط أيضاً في القدرة المالية.
الخامس ـ الاستطاعة الأمنية: أمن الطريق ولو ظناً على نفسه وماله في كل مكان بحسب ما يليق به، والمراد هو الأمن العام، فلو خاف على نفسه أو زوجه أو ماله سبعاً أو عدواً أو رَصديّاً (وهو من يرصد أي يرقب من يمر ليأخذ منه شيئاً)، ولا طريق له سواه، لم يجب الحج عليه، لحصول الضر.
وإذا تحقق الأمن بالخفارة أو الحراسة في غالب الظن، وجب استئجار الحارس على الأصح، إن كان قادراً على أجر المثل.
السادس ـ أن يكون مع المرأة زوج، أو مَحْرم بنسب أو غيره، أو نسوة ثقات؛ لأن سفرها وحدها حرام، وإن كانت في قافلة أو مع جماعة، لخوف استمالتها وخديعتها، ولخبر الصحيحين:«لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم» ولا يشترط كون الزوجة والمحرم ثقة؛ لأن الوازع الطبيعي أقوى من الشرعي.
وأما النسوة فيشترط فيهن الثقة لعدم الأمن، والبلوغ، لخطر السفر، ويكتفى بالمراهقات في رأي المتأخرين، وأن يكنَّ ثلاثاً غير المرأة؛ لأنه أقل الجمع، ولا يجب الخروج مع امرأة واحدة. وهذا كله شرط للوجوب. أما الجواز فيجوز للمرأة أن تخرج لأداء حجة الإسلام (الفرض) مع المرأة الثقة على الصحيح. والأصح أنه لا يشترط وجود محرم لإحداهن، والأصح أنه يلزم المرأة أجرة المحرم إذا لم يخرج إلا بها.