الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو قبل ذلك حصرم وبلح، وببدو اشتداد الحب؛ لأنه حينئذ طعام، وهو قبل ذلك بقل.
وليس المراد بوجوب الزكاة بما ذكر: إخراجها في الحال، بل انعقاد سبب وجوب إخراج الثمر والزبيب والحب المصفى عند الصيرورة كذلك.
وبناء على الرأي الأخير إن أتلفها صاحبها أو تلفت بتفريطه أو عدوانه بعد الوجوب، لم تسقط عنه الزكاة. وإن كان قبل الوجوب سقطت، إلا أن يقصد بذلك الفرار من الزكاة، فيضمنها ولا تسقط عنه.
وإن جذَّها وجعلها في الجرين (موضع تجفيف التمر)، أو جعل الزرع في البيدر، استقر الوجوب عليه. وإن تلفت بعد ذلك لم تسقط الزكاة عنه، وعليه ضمانها، كما لو تلف نصاب الماشية السائمة أو الأثمان (النقود) بعد الحول.
وإن تلفت الثمرة قبل بدو الصلاح أو الزرع قبل اشتداد الحب، فلا زكاة فيه.
ويصح تصرف المالك في النصاب قبل الخرص وبعده بالبيع والهبة وغيرهما، فإن باعه أو وهبه بعد بدو صلاحه، فصدقته على البائع والواهب. وهذا قول الحنابلة والمالكية.
وقال الحنفية: إذا باع الزرع قبل إدراكه، وجبت الزكاة على المشتري. وقال الشافعية: تجب الزكاة على مالك الزرع عند الوجوب.
سابعاً ـ ما يضم بعضه إلى بعض:
لا خلاف بين أهل العلم في غير الحبوب والثمار: أنه لا يضم جنس إلى جنس آخر في تكميل النصاب، فالماشية ثلاثة أجناس: الإبل، والبقر، والغنم، لا
يضم جنس منها إلى آخر. والثمار لا يضم جنس إلى غيره، فلا يضم التمر إلى الزبيب، ولا إلى اللوز، والفستق، والبندق. ولا يضم شيء من هذه إلى غيره، ولا تضم الأثمار إلى شيء من السائمة، ولا من الحبوب والثمار.
ولا خلاف بينهم في أن أنواع الأجناس يضم بعضها إلى بعض في إكمال النصاب.
ولا خلاف بينهم أيضاً في أن العروض التجارية تضم إلى الأثمان (النقود)، وتضم الأثمان إليها، إلا أن الشافعي لا يضمها إلا إلى جنس ما اشتريت به؛ لأن نصابها معتبر به (1).
ولا خلاف عند الجمهور غير المالكية في ضم الحنطة إلى العلس؛ لأنه نوع منها، ومثله السلت يضم إلى الشعير؛ لأنه منه، فيضم إليه عند غير الشافعية.
واختلف العلماء في ضم الحبوب بعضها إلى بعض، وفي ضم أحد النقدين إلى الآخر.
فقال الحنفية والشافعية: لا يضم جنس منها إلى غيره، ويعتبر النصاب في كل جنس منها منفرداً؛ لأنها أجناس، فاعتبر النصاب في كل جنس منها منفرداً كالثمار أيضاً والمواشي. لكن يلاحظ أن أبا حنيفة يوجب الزكاة في كل ما أخرجت الأرض، ولا يشترط النصاب، فلا تثور مشكلة الضم لديه.
وقال المالكية والقاضي من الحنابلة: إن الحنطة تضم إلى الشعير، وتضم القطنيات بعضها إلى بعض؛ لأن هذا كله مقتات، فيضم بعضه إلى بعض كأنواع الحنطة.
(1) المغني: 730/ 2. وتفصيل هذه الآراء كما يأتي:
قال المالكية (1): تضم القطاني السبعة (الحمص والفول واللوبيا والعدس والترمس والجُلْبان والبسيلة) لبعضها بعضاً؛ لأنها جنس واحد في الزكاة، فإذا اجتمع من جميعها أو من اثنين منها ما فيه الزكاة، زكاه، وأخرج من كل صنف منها ما ينوبه. والقمح والشعير والسلت صنف واحد، فتضم لبعضها.
ويجزئ إخراج الأعلى من الأدنى لا عكسه، كقمح وسلت وشعير؛ لأن الثلاثة جنس واحد. ولا يضم شيء منها لعلس (حب طويل يشبه البُرّ باليمن)؛ لأنه جنس منفرد، ولا يضم شيء منها لذرة ولا دخن ولا أرز؛ لأن كل واحد منها جنس على حدة، فلا يضم واحد منها لآخر، بل يعتبر كل واحد منها جنساً على حدة.
وذوات الزيوت الأربع: وهي الزيتون والسِّمسِم، وبذر الفُجل الأحمر، والقرطم: أجناس، لا يضم بعضها إلى بعض.
وتضم أنواع الجنس الواحد لبعضها، فالزبيب بأصنافه جنس واحد، ولا يضم هو لغيره، والتمر بأصنافه جنس واحد، والقمح بأصنافه الجيد منها والرديء جنس واحد.
وقال الشافعية (2): لا يكمل جنس بجنس، ويضم النوع إلى النوع، ويخرج من كل من النوعين بقسطه، لعدم المشقة فيه بخلاف المواشي، فإن الأصح أن المزكي يخرج نوعاً منها، بشرط اعتبار القيمة والتوزيع، ولا يؤخذ البعض من هذا والبعض من هذا،
(1) الشرح الصغير: 613/ 1 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص106، الشرح الكبير: 449/ 1 ومابعدها.
(2)
المجموع: 5/ 344، المهذب: 157/ 1، مغني المحتاج: 384/ 1.
لما فيه من المشقة، فإن عسر إخراج جزء من كل نوع لكثرة الأنواع وقلة الحاصل من كل نوع، أخرج الوسط منها، لا أعلاها ولا أدناها، رعاية للجانبين.
ويضم العلس إلى الحنطة؛ لأنه نوع منها، وهو قوت صنعاء اليمن. والسُلْت جنس مستقل، فلا يضم إلى غيره كالشعير.
ولا يضم ثمرة عام وزرعه إلى آخر، ويضم ثمر العام بعضه إلى بعض، وإن اختلف وقت إدراكه، لاختلاف أنواعه وبلاده حرارة أو برودة. والأظهر في الضم وقوع حصاديهما في سنة.
وقال ابن قدامة من الحنابلة (1): الصحيح عند القاضي أبي يعلى من الروايات الثلاث عن أحمد: أن الحنطة تضم إلى الشعير، وتضم القطنيات بعضها إلى بعض، وكذلك يضم الذهب والفضة. وتضم أنواع الجنس من حبوب أو ثمار من عام واحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب، كأنواع الماشية والنقدين.
فالسلت نوع من الشعير، فيضم إليه، والعلس: نوع من الحنطة، فيضم إليها.
ويضم زرع العام الواحد، وثمرة العام الواحد إلى بعض، في تكميل النصاب، سواء اتفق وقت زرعه وإدراكه أو اختلف، وسواء اتفق وقت ظهور الثمرة وإدراكها أو اختلف.
وقال البُهوتي في كشاف القناع: تضم أنواع الجنس الواحد من حبوب وثمار من عام واحد، ولا يضم جنس إلى آخركبُر إلى شعير، أو د ُخن أو ذرة أو عدس
(1) المغني:730/ 2 ومابعدها، كشاف القناع: 241/ 2 ومابعدها.