الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصحيح أنه لا يجب التتابع بلا شرط، وأنه لو نذر يوماً لم يجز تفريق ساعاته، وأنه لو عين مدة كأسبوع وتعرض للتتابع فيها لفظاً وفاتته، لزمه التتابع في القضاء، وإن لم يتعرض للتتابع لم يلزمه في القضاء جزماً؛ لأن التتابع فيه لم يقع مقصوداً، بل لضرورة تعين الوقت، فأشبه التتابع في شهر رمضان.
ولو قال: لله علي أن أعتكف العشر الأخير من رمضان، دخلت لياليه، حتى الليلة الأولى، ويجزئه وإن نقص الشهر، لأن هذا الاسم يقع على ما بعد العشرين إلى آخر الشهر، بخلاف قوله: عشرة أيام من آخر الشهر، وكان ناقصاً لا يجزئه؛ لأنه جرَّد القصد إليها، فيلزمه أن يعتكف بعده يوماً.
ولو نذر اعتكاف يوم معين ففاته فقضاه ليلاً، أجزأه. ولو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد فقدم ليلاً، فالمعتمد أن يقضي يوماً كاملاً، وذلك إذا قدم حياً مختاراً، فلو قدم فيه ميتاً أو قدم مكرهاً، فلا شيء عليه.
المبحث الثالث ـ شروط الاعتكاف
يشترط لصحة الاعتكاف ما يلي (1):
1ً - الإسلام: فلا يصح الاعتكاف من الكافر؛ لأنه من فروع الإيمان.
2ً - العقل أو التمييز: فلا يصح من مجنون ونحوه، ولا من صبي غير مميز؛ لأنه ليس من أهل العبادات، فلم يصح منه الاعتكاف كالكافر، ويصح اعتكاف الصبي المميز.
(1) الدر المختار: 177/ 2 - 179، فتح القدير: 106/ 2 ومابعدها، مراقي الفلاح: ص119، القوانين الفقهية: ص125، الشرح الصغير: 725/ 1 ومابعدها، المهذب: 190/ 1 - 192، مغني المحتاج: 453/ 1 ومابعدها، المغني: 184/ 3 - 186، كشاف القناع: 406/ 2 - 409.
3ً - كونه في المسجد: فلا يصح في البيوت، كما تقدم، إلا أن الحنفية أجازوا للمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها: وهو محل عينته للصلاة فيه.
4ً - النية اتفاقاً: فلا يصح الاعتكاف إلا بالنية، للحديث المتقدم:«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» ولأنه عبادة محضة، فلم تصح من غير نية كالصوم والصلاة وسائر العبادات. وأضاف الشافعية: إن كان الاعتكاف فرضاً، لزمه تعيين النية للفرض، لتميزه عن التطوع.
5ً - الصوم: شرط مطلقاً عند المالكية، وشرط عند الحنفية في الاعتكاف المنذور فقط دون غيره من التطوع، وليس بشرط عند الشافعية والحنابلة فيصح بلا صوم، إلا أن ينذره مع الاعتكاف، ويصح عند الجمهور غير المالكية اعتكاف الليل وحده إذا لم يكن منذوراً.
ودليل المشترطين حديث: «لا اعتكاف إلا بصوم» (1).
ودليل غير المشترطين حديث عمر أنه قال: «يا رسول الله، إني نذرت أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة، فقال له: أوف بنذرك» (2) وفي رواية أنه جعل على نفسه أن يعتكف يوماً .. الخ فلم يشترط له الصيام، ولصحة اعتكاف الليل، لأنه لاصيام فيه، ولحديث ابن عباس:«ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه» (3).
6ً - الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس: شرط عند الجمهور، إلا أن الخلو
(1) رواه الدارقطني والبيهقي عن عائشة، إلا أنه ضعيف (نصب الراية: 486/ 2).
(2)
رواه البخاري ومسلم، والدارقطني عن ابن عمر عن عمر (نصب الراية: 488/ 2).
(3)
رواه الدارقطني عن ابن عباس، ورجح الدارقطني والبيهقي وقفه، وأخرجه الحاكم مرفوعاً، وقال: صحيح الإسناد (نيل الأوطار: 268/ 4).وهو المنذور؛ لأن الصوم شرط لصحته، ولا يصح الصوم من الحائض والنفساء.