الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
السوابق التاريخية في العهود الإسلامية لاستخدام هذا المصرف في غير المكاتبين.
4 -
من مصارف «في الرقاب» في هذا الزمان «فكاك الأسرى» وتفصيل المذاهب الفقهية في سهم «في الرقاب» .
5 -
التطبيق الأصلي لهذا المصرف في إعانة المكاتب لتحرير نفسه من الرق.
6 -
هل تعطى الشعوب الإسلامية التي تئن تحت وطأة الحكومات الكافرة لتحرير نفسها من الاحتلال الذي تخضع له؟
1 - معنى في الرقاب:
إن ظاهر الكلمة وإطلاقها يقتضي تعميم المعنى بحيث يشمل تحرير الأنفس البشرية وعتقها وتخليصها من قيد العبودية للبشر، وفك الرقاب من الكتابة أو الرق أو الأسر، كما ذكر الزمخشري في الكشاف (1).وقال الزجاج في قوله تعالى:«وفي الرقاب» : وفيه محذوف، والتقدير: وفي فك الرقاب (2).
وإنما عبر الله تعالى في الأصناف الأربعة الأولى باللام: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم} [التوبة:60/ 9] وفي الأصناف الأربعة الأخيرة بـ «في» : {وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل} [التوبة:60/ 9] للإيذان بأن الأربعة الأخيرة أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره؛ لأن «في» كما جاء في الكشاف للوعاء، فنبّه على
(1) الكشاف: 198/ 2، طبع طهران.
(2)
تفسير الرازي: 114/ 16، ط دار الفكر في بيروت ....
أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات، ويجعلوا مظنّة لها ومصبّاً (1). وكذلك في فك الغارمين من الغرم تخليص لهم وإنقاذ، وهكذا الشأن في مصرف:«في سبيل الله» إنقاذ جماعي للأمة بالجهاد، وكذا «ابن السبيل» ننقذه من أزمة وقوعه في الإفلاس، وانقطاعه في أثناء السفر إلى بلده.
وقال البجيرمي الشافعي: أضاف الله تعالى في الآية الكريمة الصدقات إلى الأصناف الأربعة بلام الملك، وإلى الأربعة الأخيرة بـ «في» الظرفية للإشعار بإطلاق الملك في الأربعة الأولى، وتقييده في الأربعة الأخيرة، حتى إذا لم يحصل الصرف في مصارفها، استرجع، بخلافه في الأولى (2).
وقال الرازي في تفسيره: ولما ذكر الله تعالى الرقاب أبدل بحرف اللام حرف «في» فقال: «وفي الرقاب» فلا بد لهذا الفرق من فائدة، وتلك الفائدة هي أن تلك الأصناف الأربعة المتقدمة يدفع إليهم نصيبهم من الصدقات حتى يتصرفوا فيها كما شاؤوا، وأما «في الرقاب» فيوضع نصيبهم في تخليص رقبتهم عن الرق، ولا يدفع إليهم، ولا يمكنوا من التصرف في ذلك النصيب كيف شاؤوا، بل يوضع «في الرقاب» بأن يؤدى عنهم. وكذا القول في الغارمين يصرف المال في قضاء ديونهم، وفي الغزاة يصرف المال إلى إعداد ما يحتاجون إليه في الغزو، وابن السبيل كذلك. والحاصل: أن في الأصناف الأربعة الأولى يصرف المال إليهم حتى يتصرفوا فيه كما شاؤوا، وفي الأربعة الأخيرة لا يصرف المال إليهم، بل يصرف إلى جهات الحاجات المعتبرة في الصفات التي لأجلها استحقوا سهم الزكاة (3) أي أنه لا يشترط التمليك.
(1) الكشاف، المرجع والمكان السابق.
(2)
بجيرمي علي الخطيب: 313/ 2، ط دار المعرفة في بيروت.
(3)
التفسير الكبير: 115/ 16، المجلد 8.
وأكثر العلماء على أن المراد بقوله تعالى: {وفي الرقاب} [التوبة:60/ 9] المكاتبون (1) المسلمون الذين لا يجدون وفاء ما يؤدون، ولو مع توافر القدرة والقوة والكسب، لأنه لا يمكن الدفع إلى الشخص الذي يراد فك رقبته إلا إذا كان مكاتباً، ولو اشتري بالسهم عبيد، لم يكن الدفع إليهم وإنما هو دفع إلى سادتهم، ولم يتحقق التمليك المطلوب في أداء الزكاة، ويؤكده تعالى:{وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} [النور:33/ 24] وفسر ابن عباس «في الرقاب» بأنهم المكاتبون.
ويرى الإمامان مالك وأحمد وغيرهما أنه يشترى بسهم «في الرقاب» رقيق، فيتعين، لأن كل موضع ذكرت فيه الرقبة، يراد بها عتقها. والعتق والتحرير لا يتصور إلا في القن (العبد الخالص العبودية) كما في الكفارات.
وشرط إعطاء المكاتب: هو كونه مسلماً محتاجاً، كما تقدم بيانه.
وتخصيص سهم للرقاب في الزكاة دليل واضح على تشوف وتعطش الإسلام إلى التحرير والحرية أو فك الرقاب من قيد العبودية؛ ومن حكمة الله تعالى أنه نص في القرآن على التحرير أو العتق، ولم ينص على الاسترقاق، لأن الإسلام أول من نادى بتخليص العالم من ظاهرة الرق بفتح منافذ العتق والترغيب فيه؛ لأن الإنسان خلق حراً، فإذا طرأ في الماضي بعض الأحوال العارضة التي تقتضي المصلحة العامة فيها أن يكون الأسير رقيقاً، جاز الرق على سبيل المعاملة بالمثل مع الأعداء، إذ لا يعقل ألا يسترق المسلمون أحياناً بعض الأسرى، والأعداء يسترقون أسرى المسلمين.
(1) المكاتب: هو العبد الذي كاتبه سيده على أقساط معينة، فإذا وفّاها صار حراً. والكتابة مندوبة لتحرير العبيد وإعتاقهم لقوله تعالى:{فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً} [النور:33/ 24] أي من أجل تحرير الرقاب.