الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن ابن عباس يخالف الجمهور الذين ذهبوا إلى نسخ الآية وانتصر لهم الحافظ ابن حجر فى " الفتح " فقال (8/136) تعليقا على رواية البخارى عن ابن عمر أنه قرأ (فدية طعام مسكين)، قال: " هو صريح فى دعوى النسخ ، ورجحه ابن المنذر من جهة قوله:(وأن تصوموا خير لكم) قال: لأنها لو كانت فى الشيخ الكبير الذى لا يطيق الصيام ، لم يناسب أن
يقال له (وأن تصوموا خير لكم) مع أنه لا يطيق الصيام ".
قلت: وهذه حجة قاطعة فيما ذكر ، وهو يشير بذلك إلى الرد على ابن عباس ، ومثله لا يخفى عليه مثلها ، ولكن القوم نظروا إلى ظاهر الرواية المتقدمة عن ابن عباس عند البخارى الصريحة فى نفى النسخ ، ولم يتأملوا فى الرواية الأخرى الصريحة فى النسخ ، ثم لم يحاولوا التوفيق بينهما ، وقد فعلنا ذلك بما سبق تفصيله ، وخلاصته: أن يحمل النفى على نفى نسخ الحكم لا الآية ، والحكم مأخوذ من السنة ، ويحمل النسخ عليها ، وبذلك يتبين أن ابن عباس رضى الله عنه ليس مخالفا للجمهور.
وهذا الجمع مما لم أقف عليه فى كتاب ، فإن كان صوابا ، فمن الله ، وإن كان خطأ فمن نفسى ، وأستغفر الله من كل ما لا يرضيه.
(913) - (والحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا
". رواه أبو داود (ص 218) .
* صحيح.
وتقدم بتمامه مع تخريجه فى تخريج الذى قبله.
(914) - (لحديث حفصة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له
" رواه أبو داود (ص 219) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2454) عن [1] ابن خزيمة (1933) والدارقطنى أيضا (ص 234) والطحاوى (1/325) والبيهقى (4/202) والخطيب فى " تاريخ بغداد "(3/92) من طرق عن عبد الله بن وهب:
حدثنى ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبى بكر بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة زوج النبى صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له ".
هذا هو لفظ أبى داود وسائر من ذكرنا إلا أن الطحاوى قال: " يبيت " بدل " يجمع ". والباقى مثله سواء.
وأخرجه الإمام أحمد (2/287) من طريق حسن بن موسى قال: حدثنا ابن لهيعة حدثنا عبد الله بن أبى بكر به.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة ، لكنه فى رواية الجماعة مقرون بيحيى بن أيوب.
ثم هو صحيح الحديث إذا رواه عنه أحد العبادلة الثلاثة عبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن يزيد المقرى ، وعبد الله بن وهب ، وهذا من روايته عنه عند الجماعة كما رأيت ، فهى متابعة قوية ليحيى.
وقد أخرجه النسائى (1/320) والترمذى (1/141) والبيهقى من طرق أخرى عن يحيى وحده.
وقال الترمذى: " لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، وقد روى عن نافع ابن عمر قوله وهو أصح ، وهكذا أيضا روى هذا الحديث عن الزهرى موقوفا ، ولا نعلم أحداً رفعه إلا يحيى بن أيوب ".
قلت: وفى قوله الأخير نظر ، فقد رفعه ابن لهيعة أيضا كما سبق ، ورفعه آخرون فقال أبو داود:" رواه الليث وإسحاق بن حازم أيضا جميعا عن عبد الله بن أبى بكر مثله ، ووقف [1] على حفصة معمر والزبيدى وابن عيينة ويونس الأيلى كلهم عن الزهرى ".
وأقول: أما رواية الليث ، فليست عن عبد الله بن أبى بكر مباشرة ، بل بواسطة يحيى بن أيوب فروايته إنما هى متابعة لابن وهب لا ليحيى كما أوهم أبو
داود.
كذلك أخرجه النسائى والدارمى (2/6 ـ 7) والطحاوى عن الليث عن يحيى به. إلا أن الدارمى لم يذكر فى إسناده ابن شهاب ، وهو رواية للنسائى.
وأما رواية إسحاق بن حازم فهى عن عبد الله بن أبى بكر عن سالم لم يذكر فيه أيضا الزهرى.
أخرجه ابن أبى شيبة (2/155/2) وعنه ابن ماجه (1700) والدارقطنى والخطابى فى " غريب الحديث "(ق 39/1) بلفظ: " لا صيام لمن لم يفرضه من الليل ".
قلت: وهذا سند صحيح أيضا ، فإن إسحاق بن حازم ثقة اتفاقا ، وروايته تدل على أن لرواية الليث عن يحيى بإسقاط ابن شهاب أصلا ، كما أن اثباته صحيح عنه.
وتوجيه ذلك أن عبد الله بن أبى بكر كان قد أدرك سالما وروى كما قال ابن أبى حاتم فى " العلل "(1/225) عن أبيه ، فإذا قد صحت الرواية عنه بالوجهين فمعنى ذلك أن عبد الله بن أبى بكر رواه أولا عن ابن شهاب عن سالم ، ثم رواه عن سالم مباشرة ، فكان يحدث تارة بهذا ، وتارة بهذا وكل صحيح. ولا يستكثر هذا على عبد الله بن أبى بكر ، فقد كان من الثقات الأثبات ، وقال الدارقطنى عقب
هذا الحديث: " رفعه عبد الله بن أبى بكر عن الزهرى ، وهو من الثقات الرفعاء "
وقال البيهقى: " وهذا حديث قد اختلف على الزهرى فى إسناده ، وفى رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، وعبد الله بن أبى بكر أقام إسناده ورفعه ، وهو من الثقات الأثبات ".
قلت: ثم إنه لم يتفرد بذلك بل تابعه ابن جريج عن ابن شهاب به ، ولفظه: مثل لفظ الكتاب تماما.
أخرجه النسائى (1/320) ومن طريق [1] ابن حزم فى " المحلى "(6/162) والبيهقى (4/202) من طرق عن عبد الرزاق أنبأ ابن جريج به.
وقال ابن حزم: " وهذا إسناد صحيح ، ولا يضر إسناد ابن جريج له أن أوقفه معمر ومالك وعبيد الله ويونس وابن عيينة ، فابن جريج لا يتأخر عن أحد من هؤلاء فى الثقة والحفظ ، والزهرى واسع الرواية ، فمرة يرويه عن سالم عن أبيه ، ومرة عن حمزة عن أبيه وكلاهما ثقة ، وابن عمر كذلك: مرة رواه مسندا ، ومرة روى أن حفصة أفتت به ، ومرة أفتى هو به ، وكل هذا قوة للخبر ".قلت: وهذا توجيه قوى للاختلاف الذى أعل بعضهم هذا الحديث به ، وابن جريج هو كما قال ابن حزم فى الثقة والضبط ، غير أنه موصوف بالتدليس كما صرح بذلك الدارقطنى وغيره ، والظاهر أن ابن حزم لا علم عنده بذلك وإلا لم يحتج بابن جريج أصلا ، فإن من مذهبه أن المدلس لا يحتج بحديثه ، ولو صرح بالتحديث ، خلافا لجمهور العلماء الذين يقبلون حديثه إذا صرح بسماعه ، لكن ابن
جريج لم يذكر سماعه فى هذا الحديث ، فإن كان تلقاه عن الزهرى مباشرة فهو متابع قوى لعبد الله بن أبى بكر ، وإلا فالعمدة فيه على الثانى منهما.
وقد وجدت له طريقا أخرى عن ابن شهاب بإسناد آخر له عن ابن عمر به.
رواه رشدين عن عقيل وقرة عن ابن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن حفصة زوج النبى صلى الله عليه وسلم مرفوعا بلفظ: " لا صيام لمن لا يوجب الصيام من الليل ".
أخرجه ابن عدى فى " الكامل "(ص 273/1) .
وهذا سند ضعيف ، رشدين هو ابن سعد المصرى وهو ضعيف ، رجح عليه أبو حاتم ابن لهيعة ، وقال ابن يونس:" كان صالحا فى دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط فى الحديث " كما فى " التقريب ".
قلت: وهذا من تخاليطه ، فقد رواه يونس ومعمر وسفيان عن ابن شهاب به موقوفا على حفصة.
أخرجه عنهم النسائى (1/320 ، 320 ـ 321) والطحاوى عن سفيان فقط.
وكذلك رواه نافع عن عبد الله بن عمر موقوفاً عليه كما سبقت الإشارة إليه فى كلام بن حزم ولفظه: " كان يقول: لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل السفر [1] ".
أخرجه مالك (1/288/5) وعنه النسائى (1/321) وأخرجه هو والطحاوى (1/326) من طريقين آخرين عن نافع به.
وله شاهد مرفوع من حديث عائشة بلفظ الكتاب غير أنه قال: " قبل طلوع الفجر " بدل " من الليل ".
أخرجه الدراقطنى (234) ومن {؟} البيهقى (4/203) عن عبد الله بن عباد حدثنا المفضل بن فضالة حدثنى يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عنها وقال الدارقطنى وأقره البيهقى: " تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بهذ الإسناد ، وكلهم ثقات ".
قلت: وهذا وإن كان ليس صريحا فى دخول عبد الله بن عباد فى التوثيق فلا شك أنه ظاهر فى ذلك ، ولذلك فقد تعقبوه ، فقال ابن التركمانى فى " الجوهر النقى ":" قلت: كيف يكون كذلك وفى " كتاب الضعفاء " للذهبى: عبد الله بن عباد البصرى ثم المصرى ، عن المفضل بن فضالة ، واهٍ.
وقال ابن حبان: روى عنه أبو الزنباع روح نسخة موضوعة (1) ".
وقال الزيعلى فى " نصب الراية "(2/434 ـ 435) بعد أن ذكر التوثيق:
(1) قول ابن حبان ، هذا ليس فى " الضعفاء " هو من نقل التركمانى عن ابن حبان.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]