الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من هذا الوجه ، فلا يضره بعد ذلك انقطاعه من طريق عائشة ، وإنما العلة رواية أبى الزبير إياه بالعنعنة ، وهو معروف بالتدليس ، فلا يحتج من حديثه إلا بما صرح فيه بالتحديث حتى فى روايته عن جابر ، ولذلك قال الذهبى فى ترجمته من " الميزان ":
وفى " صحيح مسلم " عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر ، ولا هى من طريق الليث عنه ، ففى القلب منها شىء ".
ومن هنا تعلم أن قول الترمذى فى هذا الحديث: " حسن صحيح " غير مسلم.
ولا يشد من عضده ما رواه عمر بن قيس عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن عائشة أيضا: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أذن لأصحابه فزاروا البيت يوم النحر ظهيرة وزار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نسائه ليلا ".
أخرجه البيهقى: فإن سنده ضعيف جدا من أجل عمر بن قيس هذا وهو المعروف بـ (سندل) فإنه متروك. ولا ينفعه أنه تابعه محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم به نحوه ، فإنه مدلس وقد عنعنه أيضا كما سيأتى برقم (1082) .
(1071) - (قول عائشة: " طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف المسلمون ـ تعنى: بين الصفا والمروة ـ فكانت سنة فلعمرى ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة
" رواه مسلم (ص 259) .
* صحيح.
أخرجه مسلم (4/68 ـ 69) وابن ماجه (2986) وكذا أبو نعيم فى " المستخرج "(20/162/1 ـ 2) ثلاثتهم من طريق أبى بكر بن أبى شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام بن عروة: أخبرنى أبى قال: قلت لعائشة: ما أرى على جناحا أن لا أتطوف بين الصفا والمروة ، قالت: لم؟ قلت: لأن الله عز وجل يقول: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الآية ،
فقالت: لو كان كما تقول لكان: " فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما " ، إنما أنزل هذا فى أناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا ، هلوا لمناة فى الجاهلية ، فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة ، فلما قدموا مع النبى صلى الله عليه وسلم للحج ، ذكروا ذلك له فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فلعمرى ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة ".
وتابعه مالك فى " الموطأ "(1/373/129) وعنه البخارى (1/448 و3/200) وأبو داود (1901) والبيهقى (5/96) كلهم عن مالك به دون قوله " فلعمرى
…
". وزاد: " وكانت مناة حذو قديد ".
ثم أخرجه مسلم وأبو نعيم والبيهقى من طريق أبى معاوية عن هشام بن عروة به إلا أنه قال: " وهل تدرى فيما كان ذاك؟ إنما كان ذاك أن الأنصار كانوا يهلون فى الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال لهما (إساف) و (نائلة) ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة ، ثم يحلقون ، فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذى كانوا يصنعون فى الجاهلية ، قالت: فأنزل الله
…
".
قال البيهقى: " كذا قال أبو معاوية عن هشام: أن الآية نزلت فى الذين كانوا يطوفون بين الصفا والمروة فى الجاهلية ، خلافا لما رواه أبو أسامة عن هشام نحو رواية مالك ، فى أنها نزلت فيمن لا يطوف بينهما ، ويحتمل أن يكون كلاهما صحيحا ".
يعنى أن بعضهم كان يطوف ، وبعضهم لا يطوف ، وسيأتى ما يشهد لهذا من رواية الزهرى عن عروة.
ورواه سفيان قال: سمعت الزهرى يحدث عن عروة قال: قلت لعائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم: ما أرى على أحد لم يطف بين الصفا والمروة شيئا ، وما
أبالى أن لا أطوف بينهما ، قالت: بئس ما قلت يا ابن أختى ، طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطاف المسلمون ، فكانت سنة ، وإنما كان من أهل لمناة الطاغية التى بـ (المشلل) لا يطوفون بين الصفا والمروة ، فلما كان الإسلام ، سألنا النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأنزل الله عز وجل (إن الصفا
…
الآية) ولو كانت كما تقول ، لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما.
قال الزهرى: فذكرت ذلك لأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فأعجبه ذلك وقال: إن هذا العلم ، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون: إنما كان من لا يطوف بين الصفا والمروة من العرب يقولون إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية ، وقال آخرون من الأنصار إنما أمرنا بالطواف بالبيت ، ولم نؤمر به بين الصفا والمروة ، فانزل الله عز وجل:(إن الصفا والمروة من شعائر الله) ، قال أبو بكر بن عبد الرحمن فأراها قد نزلت فى هؤلاء ، وهؤلاء ".
أخرجه البخارى (3/340) ومسلم وأبو نعيم والترمذى (1/160) وقال: " حديث حسن صحيح ".
قلت: ففى قوله " إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية " ما يدل على أنهم كانوا يطوفون بينهما فى الجاهلية. فهى تؤيد رواية أبى معاوية المتقدمة عن هشام بن عروة عن أبيه.
وقد رواه شعيب عن الزهرى عن عروة به وزاد بعد قوله: " فأنزل الله (إن الصفا
…
) ".
" قالت عائشة رضى الله عنها: وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما ، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما ".
(قال الزهرى) : " ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن ، فقال: إن هذا لعلم ما كنت سمعته ، ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون: أن الناس ـ إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل لمناة ـ كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة ، فلما ذكر الله