الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" إسناده حسن ".
كذا قال ، وعمران بن ظبيان قال الحافظ نفسه فى " التقريب ":" ضعيف ".
(960) - (حديث: " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم
" حسنه الترمذى (ص 230) .
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2421) والترمذى (1/143) والدارمى (2/19) وابن ماجه (1726) والطحاوى (1/339) وابن خزيمة فى " صحيحه "(2164) والحاكم (1/435) والبيهقى (4/302) وأحمد (6/368) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة "(ق 114/1) ، عن سفيان بن حبيب والوليد بن مسلم وأبى عاصم ، بعضهم عن هذا وبعضهم عن هذا وهذا ، والضياء أيضا فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 34/1) عن يحيى بن نصر كلهم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر السلمى عن أخته الصماء أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وزاد: " وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة ، أو عود شجرة فليمضغه"
وقال الترمذى: " حديث حسن ، ومعنى كراهيته فى هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام ، لأن اليهود تعظم يوم السبت ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى ".
قلت: وهو كما قال ، وأقره الذهبى ، ونقل ابن المللقن فى " الخلاصة " (ق 103/1) عن الحاكم أنه قال:" صحيح على شرط الشيخين " وهو سهو قطعا ، فإن السند يأباه لأن ثورا ليس من رجال مسلم ، وصححه ابن السكن أيضا كما فى " التلخيص "(2/216) .
وقد أعل بالاختلاف فى سنده على ثور على وجوه:
الأول: ما تقدم.
الثانى: عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر مرفوعاً ليس فيه " عن أخته الصماء ".
رواه عيسى بن يونس عنه وتابعه عتبة بن السكن عنه.
أخرجه ابن ماجه وعبد بن حميد فى " المنتخب من المسند "(ق 60/1) والضياء فى " المختارة "(106/2 و107/1) عن عيسى ، وتمام فى " الفوائد "(109/1) عن عتبة.
الثالث: عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر عن أمه ، بدل " أخته ".
رواه أبو بكر عبد الله بن يزيد المقرى سمعت ثور بن يزيد به.
أخرجه تمام أيضا.
الرابع ، وقيل عن عبد الله بن بسر عن الصماء عن عائشة.
ذكره الحافظ فى " التلخيص "(200) وقال: " قال النسائى: حديث مضطرب ".
وأقول: الاضطراب عند أهل العلم على نوعين:
أحدهما: الذى يأتى على وجوه مختلفة متساوية القوة ، لا يمكن بسبب التساوى ترجيح وجه على وجه.
والآخر: وهو ما كانت وجوه الاضطراب فيه متباينة بحيث يمكن الترجيح بينها.
فالنوع الأول هو الذى يعل به الحديث.
وأما الآخر ، فينظر للراجح من تلك الوجوه ثم يحكم عليه بما يستحقه من نقد.
وحديثنا من هذا النوع ، فإن الوجه الأول اتفق عليه ثلاثة من الثقات ، والثانى اتفق عليه اثنان أحدهما وهو عتبة بن السكن متروك الحديث كما قال الدارقطنى فلا قيمة لمتابعته. والوجه الثالث ، تفرد به عبد الله بن يزيد المقرى وهو ثقة ولكن أشكل على أننى وجدته بخطى مكنياً بأبى بكر ، وهو إنما يكنى
بأبى عبد الرحمن وهو من شيوخ أحمد.
والوجه الرابع لم أقف على إسناده.
ولا يشك باحث أن الوجه الأول الذى اتفق عليه الثقات الثلاثة هو الراجح من بين تلك الوجوه ، وسائرها شاذة لا يلتفت إليها.
على أن الحافظ حاول التوفيق بين هذه الوجوه المختلفة فقال عقب قول النسائى " هذا حديث مضطرب ": " قلت: ويحتمل أن يكون عبد الله عن أبيه ، وعن أخته ، وعند أخته بواسطته وهذه طريقة من صححه ، ورجح عبد الحق الرواية الأولى وتبع فى ذلك الدارقطنى ".
قلت: وما رجحه هذا الإمام هو الصواب إن شاء الله تعالى لما ذكرنا ، إلا أن الحافظ تعقبه بقوله:" لكن هذا التلون فى الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن راويه ، وينبىء بقلة ضبطه ، إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه ، وليس الأمر هنا كذا ، بل اختلف فيه أيضا على الراوى عن عبد الله بن بسر أيضا ".
قلت: فى هذا الكلام ما يمكن مناقشته:
أولا: إن التلون الذى أشار إلى أنه يوهن راويه ، هو الاضطراب الذى يعل به الحديث ويكون منبعه من الراوى نفسه ، وحديثنا ليس كذلك.
ثانيا: إن الاختلاف فيه قد عرفت أن مداره على ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر الصحابى. وثور بن زيد [1] قال الحافظ نفسه فى " التقريب ": " ثقة ثبت " واحتج به البخارى كما سبق فهل هو الراوى الواهى أم خالد بن معدان وقد احتج به الشيخان ، وقال فى " التقريب ":" ثقة عابد "؟ ! أم الصحابى نفسه؟ !
ولذلك فنحن نقطع أن التلون المذكور ليس من واحد من هؤلاء ، وإنما ممن دونهم.
ثالثا: إن الاختلاف الآخر الذى أشار إليه الحافظ لا قيمة له تذكر ، لأنه من طريق الفضيل بن فضالة أن خالد بن معدان حدثه أن عبد الله بن بسر حدثه أنه سمع أباه بسرا يقول: فذكره. وقال: وقال عبد الله بن بسر: إن شككتم فسلوا أختى ، قال: فمشى إليها خالد بن معدان ، فسألها عما ذكر عبد الله ، فحدثته ذلك.
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير "(1/59/2) .
قلت: لا قيمة تذكر لهذه المخالفة ، لأن الفضيل بن فضالة ، لا يقرن فى الثقة والضبط بثور بن يزيد ، لأنه ليس بالمشهور ، حتى أنه لم يوثقه أحد من المعروفين غير ابن حبان. وهو معروف بالتساهل فى التوثيق.
والحق يقال: لو صح حديثه هذا ، لكان جامعاً لوجوه الاختلاف ومصححاً لجميعها ، ولكنه لم يصح ، فلابد من الترجيح وقد عرفت أن الوجه الأول هو الراجح.
وقد جاء ما يؤيده فروى الليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن ابن عبد الله بن بسر عن أبيه عن عمته الصماء به.
أخرجه البيهقى. ولكنى لم أعرف ابن عبد الله بن بسر هذا (1) ، وقد تبادر إلى ذهنى أن قول عبد الله بن بسر " عن عمته " يعنى عمته هو ، وليس عمة أبيه.
وإن كان يحتمل العكس ، فإن كان كما تبادر إلى فهو شاهد لا بأس به ، وإن كان الآخر لم يضر لضعفه.
ثم وجدت لثور بن يزيد متابعا جيدا ، فقال الإمام أحمد (6/368 ـ 369) : حدثنا الحكم بن نافع قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدى عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء به.
قلت: وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات ، فإن إسماعيل بن عياش ثقة فى روايته عن الشاميين وهذه منها.
(1) ثم رأيته عند ابن خزيمة (2165) من هذا الوجه دون لفظة (ابن) ، فلعله الصواب.
فهذا يؤيد الوجه الأول تأييدا قويا ، ويبطل إعلال الحديث بالاضطراب إبطالا بيناً ، لأنه لو سلمنا أنه اضطراب معل للحديث فهذا الطريق لا مدخل للاضطراب فيه والحمد لله على توفيقه ، وحفظه لحديث نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء ما يؤيد الوجه الثانى من وجه الاضطراب ، فقال يحيى بن حسان ، سمعت عبد الله بن بسر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكره مختصرا دون الزيادة.
أخرجه أحمد (4/189) والضياء فى " المختارة "(141/1) .
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات ، ويحيى بن حسان هو البكرى الفلسطينى. وتابعه حسان بن نوح قال: سمعت عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ترون يدى هذه؟ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعته يقول: فذكره بتمامه.
أخرجه الدولابى فى " الكنى "(2/118) وابن حبان فى " صحيحه "(940) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق "(9/4/1) والضياء فى " المختارة "(106/1 ـ 2) .
ورواه أحمد فى " المسند "(4/189) من هذا الوجه ولكن لم يقل: " سمعته "، وإنما قال: " ونهى عن صيام
…
". وهو رواية للضياء ، أخرجوه من طريق مبشر بن إسماعيل وعلى بن عياش وكلاهما عن حسان به.
وخالفهما أبو المغيرة أخبرنا حسان بن نوح قال: سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
أخرجه الرويانى فى " مسنده "(30/224/2) : أخبرنا سلمة أخبرنا أبو المغيرة.
قلت: وهذا سند صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير حسان بن نوح وثقه العجلى وابن حبان وروى عنه جماعة من الثقات وقال الحافظ فى " التقريب ":" ثقة ".
قلت: فإما أن يقال: إن حسانا له إسنادان فى هذا الحديث أحدهما عن عبد الله بن بسر ، والآخر عن أبى أمامة ، فكان يحدث تارة بهذا ، وتارة بهذا ، فسمعه منه مبشر بن إسماعيل وعلى بن عياش منه بالسند الأول ، وسمعه أبو المغيرة ـ واسمه عبد القدوس بن الحجاج الخولانى ـ منه بالسند الآخر ، وكل ثقة حافظ لما حدث به.
وإما أن يقال: خالف أبو المغيرة الثقتين ، فروايته شاذة ، وهذا أمر صعب لا يطمئن له القلب ، لما فيه من تخطئه الثقة بدون حجة قوية.
فإن قيل: فقد تبين من رواية يحيى بن حسان وحسان بن نوح أن عبد الله بن بسر قد سمع الحديث منه صلى الله عليه وسلم ، وهذا معناه تصحيح للوجه الثانى أيضا من وجوه الاضطراب المتقدمة ، وقد رجحت الوجه الأول عليها فيما سبق ، وحكمت عليها بالشذوذ ، فكيف التوفيق بين هذا التصحيح وذاك الترجيح؟
والجواب: إن حكمنا على بقية الوجوه بالشذوذ إنما كان باعتبار تلك الطرق المختلفة على ثور بن يزيد ، فهو بهذا الاعتبار لا يزال قائما. ولكننا لما وجدنا الطريقين الآخرين عن عبد الله بن بسر يوافقان الطريق المرجوحة بذاك الاعتبار ، وهما مما لا مدخل لهما فى ذلك الاختلاف ، عرفنا منهما صحة الوجه الثانى من الطرق المختلفة.
بعبارة أخرى أقول: إن الاضطراب المذكور وترجيح أحد وجوهه إنما هو باعتبار طريق ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ابن بسر ، لا باعتبار الطريقين المشار إليهما بل ولا باعتبار طريق لقمان بن عامر عن خالد بن معدان ، فإنها خالية من الاضطراب أيضا ، وهى عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء ، وهى من المرجحات للوجه الأول ، وبعد ثبوت الطريقين المذكورين ، يتبين أن الوجه الثانى ثابت أيضا عن ابن بسر عن النبى صلى الله عليه وسلم بإسقاط أخته من الوسط. والتوفيق بينهما حينئذ مما لابد منه وهو سهل إن شاء الله تعالى ، وذلك بأن يقال: إن عبد الله بن بسر رضى الله عنه سمع الحديث أولا من أخته الصماء ، ثم سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم مباشرة ، فرواه خالد بن معدان عنه على الوجه الأول ، ورواه يحيى وحسان عنه على الوجه
الآخر ، وكل حافظ ثقة ضابط لما روى.
ومما سبق يتبين لمن تتبع تحقيقنا هذا أن للحديث عن عبد الله بن بسر ثلاثة طرق صحيحة ، لا يشك من وقف عليها على هذا التحرير الذى أوردنا أن الحديث ثابت صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن الإسراف فى حقه ، والطعن بدون حق فى رواته ما رووا بالإسناد الصحيح عن الزهرى أنه سئل عنه؟ فقال:" ذاك حديث حمصى "!
وعلق عليه الطحاوى بقوله: " فلم يعده الزهرى حديثاً يقال به ، وضعفه "!
وأبعد منه عن الصواب ، وأغرق فى الإسراف ما نقلوه عن الإمام مالك أنه قال:" هذا كذب "!
وعزاه الحافظ فى " التلخيص "(200) لقول أبى داود فى " السنن " عن مالك.
ولم أره فى " السنن " فلعله فى بعض النسخ (1) أو الروايات منه. وقال ابن الملقن فى " خلاصة البدر المنير " بعد أن ذكر قول مالك هذا (103/1) : " قال النووى لا يقبل هذا منه ، وقد صححه الأئمة ".
والذى فى " السنن " عقب الحديث: " قال أبو داود: وهذا حديث منسوخ ".
قلت: ولعل دليل النسخ عنده حديث كريب مولى ابن عباس: " أن ابن عباس وناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثونى إلى أم سلمة أسألها: أى الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لصيامها؟ قالت: يوم السبت والأحد ، فرجعت إليهم فأخبرتهم ، فكأنهم أنكروا ذلك ، فقاموا بأجمعهم إليها
(2) هو فى النسخة التازية آخر الباب.