الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" من زارنى بعد موتى فكأنما زارنى فى حياتى ، ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة ".
وهذا إسناد مجهول أيضا ، وأبو عون إن كان هو محمد بن عبيد الله بن سعيد الثقفى فهو ثقة ولكنه ممن لم يدركه وكيع ، فإن هذه ولد بعد وفاة أبى عون بإحدى عشرة سنة! فالظاهر أنه " ابن عون " ، ويؤيده أنه وقع هكذا فى رواية السبكى للحديث فى " الشفاء " من غير طريق الدارقطنى ، وابن عون اسمه عبد الله وهو ثقة فقيه ، وعليه فالسند إلى هارون أبى قزعة صحيح فهو علة الحديث وهو مجهول ، ويقال فيه هارون بن قزعة كما تقدم ، أو شيخه الذى لم يسم ، وقد أطال الكلام على هذا الإسناد العلامة ابن عبد الهادى فى " الصارم المنكى "(99 ـ 102) ، وقد ذكرنا لك خلاصته.
وقد روى الحديث عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " من زارنى فى مماتى ، كان كمن زارنى فى حياتى ، ومن زارنى حتى ينتهى إلى قبرى كنت له شهيدا يوم القيامة ، أو قال شفيعا ".
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء "(355) عن فضالة بن سعيد بن زميل المأربى ، حدثنا محمد بن يحيى المأربى عن ابن جريج عن عطاء عنه. وقال:" فضالة حديثه غير محفوظ ، ولا يعرف إلا به ، ويروى بغير هذا الإسناد ، ومن طريق أيضا فيه لين ".
وقال الذهبى فى " الميزان ": " هذا موضوع على ابن جريج ، ويروى فى هذا شىء من مثل هذا ".
وأقره الحافظ فى " اللسان "، لكن وقع فيه:" ويروى فى هذا ، شىء أمثل من هذا. انتهى ".
ولا يخفى الفرق بين العبارتين.
(1128) - (عن ابن عمر مرفوعا: " من حج فزار قبرى بعد
وفاتى فكأنما زارنى فى حياتى ". وفى رواية: " من زار قبرى وجبت له شفاعتى ". رواه الدارقطنى بإسناد ضعيف (ص 268) .
* منكر.
وله عن ابن عمر طريقان:
الأولى: عن حفص بن أبى داود عن ليث بن أبى سليم عن مجاهد عنه به بالرواية الأولى.
أخرجه الدارقطنى (279) وكذا البيهقى (5/246) وغيرهما.
وقال البيهقى: " تفرد به حفص وهو ضعيف ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا من أجل ليث وحفص ، وقد ذكرت بعض أقوال الأئمة فيهما ، ومن أخرج حديثهما سوى من ذكرنا فى " سلسلة الأحاديث الضعيفة "(رقم 47) ، ونقلت فيه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث وحكمه عليه بالوضع من حيث معناه ، فراجعه فإنه مهم.
والأخرى: عن موسى بن هلال العبدى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه بالرواية الأخرى.
أخرجه الدارقطنى (280) وعنه ابن النجار فى " تاريخ المدينة "(397) وكذا الخلعى فى " الفوائد "(ق 111/2) والعقيلى فى " الضعفاء "(410) من طريقين عن موسى به.
ورواه الدولابى فى " الكنى "(2/64) عن موسى بن هلال إلا أنه قال: حدثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن أخو عبيد الله عن نافع به.
وكذا رواه ابن عدى فى " الكامل "(385/2) ، أخرجاه من طريقين أخريين عنه.
وقال ابن عدى بعد أن أشار إلى الرواية الأولى:
" وعبد الله أصح ، ولموسى غير هذا ، وأرجو أنه لا بأس به ".
ورواه البيهقى فى " شعب الإيمان " كما فى " الصارم "(12) من طريق ابن
عدى ثم قال: " وقيل: عن موسى بن هلال العبدى عن عبيد الله بن عمر ، وسواء قال: عبيد الله أو عبد الله ، فهو منكر عن نافع عن ابن عمر ، لم يأت به غيره ".
قال ابن عبد الهادى: " والصحيح أنه عبد الله المكبر كما ذكره ابن عدى ، وغيره ".
قلت: ورواية الدولابى صريحة فى ذلك ، قال الحافظ عقبها فى " اللسان ":" فهذا قاطع للنزاع من أنه عن المكبر ، لا عن المصغر ، فإن المكبر هو الذى يكنى أبا عبد الرحمن ، وقد أخرج الدولابى هذا الحديث فى من يكنى أبا عبد الرحمن ".
قلت: وأنا أخشى أن يكون هذا الاختلاف من موسى بن هلال نفسه وليس من الرواة عنه ، لأن الطرق بالروايتين عنه متقابلة ، فمن الصعب والحالة هذه ترجيح وجه على الآخر من وجهى الاختلاف عليه ، فالاضطراب منه نفسه فإنه ليس بالمشهور ، فقد عرفت آنفا قول ابن عدى فيه " أرجو أنه لا بأس به " وخالفه الآخرون ، فقال أبو حاتم والدارقطنى:" مجهول ".
وقال العقيلى عقب الحديث: " لا يصح ، ولا يتابع عليه ".
وقال ابن القطان: " الحق أنه لم تثبت عدالته ".
قلت: واضطرابه فى إسناد هذا الحديث مما يدل عندى على ضعفه. والله أعلم.
ثم رأيت ابن عبد الهادى قد مال أخيرا إلى هذا الذى ذكرناه من اضطراب موسى فيه فقال (18) مرجحا أن الصواب قوله " عبد الله بن عمر ": " وكان موسى بن هلال حدث به مرة عن عبيد الله فأخطأ ، لأنه ليس من أهل الحديث ، ولا من المشهورين بنقله ، وهو لم يدرك عبيد الله ، ولا لحقه ،
فإن بعض الرواة عنه لا يروى عن رجل عن عبيد الله ، وإنما يروى عن رجل عن آخر عن عبيد الله فإن عبيد الله متقدم الوفاة كما ذكرنا ذلك فيما تقدم بخلاف عبد الله ، فإنه عاش دهرا بعد أخيه عبد الله. وكأن موسى بن هلال لم يكن يميز بين عبد الله وعبيد الله ولا يعرف أنهما رجلان ، فإنه لم يكن من أهل العلم ولا ممن يعتمد عليه فى ضبط باب من أبوابه ".
وقد جزم الإمام ابن خزيمة بأن قول موسى فى بعض الروايات عنه " عبيد الله بن عمر " مصغرا خطأ منه فقال بعد أن ساق الحديث فى " صحيحه ": " إن ثبت الخبر ، فإن فى القلب منه ". ثم ساق إسناده به ثم قال: " أنا أبرأ من عهدة هذا الخبر ، لأن عبيد الله بن عمر أجل وأحفظ من أن يروى مثل هذا المنكر ، فإن كان موسى بن هلال لم يغلط فيمن فوق أحد العمرين فيشبه أن يكون هذا من حديث عبد الله بن عمر ، فأما من حديث عبيد الله بن عمر فإنى لا أشك أنه ليس من حديثه ".
ذكره الحافظ فى " اللسان " وقد وقع فيه بعض الأخطاء صححناها بقدر الإمكان ، ثم قال:" وعبد الله بن عمر العمرى بالتكبير ضعيف الحديث ، وأخوه عبيد الله بن عمر بالتصغير ثقة حافظ جليل ، ومع ما تقدم من عبارة ابن خزيمة وكشفه عن علة هذا الخبر لا يحسن أن يقال: أخرجه ابن خزيمة فى " صحيحه " إلا مع البيان ".
قلت: ولذلك فقد تأدب الحافظ السخاوى بتوجيه شيخه هذا فقال فى " المقاصد الحسنة "(1125) : " وهو فى " صحيح ابن خزيمة " وأشار إلى تضعيفه "(1) .
(1) وأخل بذلك ابن الملقن فقال (112/1) : " سكت عنه عبد الحق ، وتعقبه ابن القطان ، لكن أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه "!.
ومن أجل ذلك كله قال ابن القطان فى هذا الحديث: " لا يصح " وأنكر على عبد الحق سكوته عن تضعيفه ، وقال: أراه تسامح فيه لأنه من الحث والترغيب على عمل ".
وأنا أخالف ابن القطان فى هذا الذى ظنه من التسامح ، وأرى أن عبد الحق يذهب إلى أن الحديث ثابت عنده لأنه قال فى مقدمة كتابه " الأحكام الكبرى ":" وإن لم تكن فيه علة ، كان سكوتى عنه دليلا على صحته "!
وأيضا ، فقد أورد الحديث فى كتابه الآخر " مختصر أحكام الشريعة " المعروفة بـ (" الأحكام الكبرى ")[1]، وأورد الحديث فيه وقد نص فى مقدمتها قال: " فإنى جمعت فى هذا الكتاب متفرقا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وتخيرتها صحيحة الإسناد ، معروفة عند النقاد
…
" (1) .
فهذا وذاك يدلان على أن الحديث صحيح عنده ، نقول هذا بيانا للحقيقة ودفعا لسوء الظن بعبد الحق أن يسكت عن الحديث الضعيف ، وهو يراه ضعيفاً ، وإلا فالصواب الذى لا يرتاب فيه من أمعن النظر فيما سبق من البيان أن الحديث ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة.
ولا يقويه أنه روى من طريق أخرى فإنها شديدة الضعف جدا ، أخرجها البزار فى " مسنده " قال: حدثنا قتيبة حدثنا عبد الله بن إبراهيم: حدثنا عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن ابن عمر به.
قلت: وهذا إسناد هالك ، وفيه علتان:
" الأولى: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف جدا ، وهو صاحب
(1) قلت: ونحن فى صدد استنساخ الكتابين ، يقوم بنسخ الأول منهما ابنى عبد اللطيف وقد جاوز حتى الآن نصفه ، وبدأت بتحقيقه والتعليق عليه وبالآخر ابنى عبد الرزاق ، وفقهما الله لطاعته ، وأنعم عليهما بمزيد من توفيقه وهدايته.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
حديث توسل آدم بالنبى صلى الله عليهما وسلم ، وهو حديث موضوع كما بينته فى " سلسلة الأحاديث الضعيفة " رقم (25) .
والأخرى: عبد الله بن إبراهيم وهو الغفارى ، أورده الذهبى فى " الضعفاء " وقال:" متهم ، قال ابن عدى: ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " متروك ، ونسبه ابن حبان إلى الوضع ".
قلت: وبه أعله الهيثمى فقال فى " المجمع "(4/2) وتبعه الحافظ فى " التلخيص ":
" رواه البزار وفيه عبد الله بن إبراهيم الغفارى وهو ضعيف ".
قلت: وفيه قصور لا يخفى.
وقال الإمام النووى فى " المجموع شرح المهذب "(8/272) .
" رواه البزار والدارقطنى بإسنادين ضعيفين "(1) .
وقد روى من حديث أنس ، رواه ابن النجار فى " تاريخه المدينة " (ص 397) عن محمد بن مقاتل: حدثنا جعفر بن هارون ، حدثنا إسماعيل بن المهدى عن أنس مرفوعا به.
قلت: وهذا إسناد ساقط بمرة ، إسماعيل بن مهدى لم أعرفه ، وأظنه محرفا من " سمعان بن مهدى " ، فإن نسخة " التاريخ " المطبوعة سيئة جدا ، فقد جاء فى " الميزان ": " سمعان بن مهدى ، عن أنس بن مالك ، لا يكاد يعرف ، ألصقت به
(1) كذا فى نسختنا المطبوعة من " المجموع شرح المهذب "، ونقل عنه ابن عبد الهادى فى كتابه (ص 18 و32) والمناوى فى " الفيض " أنه قال:" ضعيف جدا ". وهذا أقرب إلى التحقيق ، فلعل لفظة " جدا " سقطت من الناسخ أو الطابع. والله أعلم.