الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث ". وقال الذهبى: " منكر الحديث ". وفى " التقريب ": " ضعيف ".
وبقية رجال الإسناد موثقون.
(1126) - (حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ماء زمزم لما شرب له ، إن شربته تستشفى به شفاك الله ، وإن شربته يشبعك أشبعك الله به ، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله ، وهى هزمة جبريل وسقيا [الله] إسماعيل
" رواه الدارقطنى (ص 267) .
* باطل موضوع.
أخرجه الدارقطنى فى " سننه "(284) : حدثنا عمر بن الحسن بن على حدثنا محمد ابن هشام بن عيسى (!) المروزى حدثنا محمد بن حبيب الجارودى: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل:
الأولى: محمد بن حبيب الجارودى غمزه الحاكم كما يأتى ، وفى " تاريخ بغداد " (2/277) :" محمد بن حبيب الجارودى ، بصرى قدم بغداد ، وحدث بها عن عبد العزيز بن أبى حازم ، روى عنه أحمد بن على الخزاز والحسن بن عليل العنزى وعبد الله بن محمد البغوى وكان صدوقا ".
قال الحافظ فى " اللسان ": " فيحتمل أن يكون هو هذا ، وجزم أبو الحسن القطان بأنه هو ، وتبعه على ذلك ابن دقيق العيد والدمياطى ".
قلت: وقد تناقض فيه الذهبى ، فقال فى ترجمته:" غمزه الحاكم النيسابورى ، وأتى بخبر باطل ، اتهم بسنده " يعنى هذا الحديث.
وقال مرة: " موثق ". وأخرى " ثقة "، ومرة:" صدوق " كما يأتى النقل عنه.
والحق أنه صدوق كما قال الخطيب ومن تابعه إلا أنه أخطأ فى هذا الحديث فرفعه وأسنده عن ابن عباس ، والصواب فيه موقوف على مجاهد ، قال الحافظ فى آخر ترجمته:" فهذا أخطأ الجارودى [فى] وصله ، وإنما رواه ابن عيينة موقوفا على مجاهد ، كذلك حدث عنه حفاظ أصحابه ، كالحميدى وابن أبى عمر وسعيد بن منصور وغيرهم.
وقال فى " التلخيص "(ص 222) : " قلت: والجارودى صدوق ، إلا أن روايته شاذة ، فقد رواه حفاظ أصحاب ابن عيينة كالحميدى وابن أبى عمر وغيرهما عن ابن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد قوله.
ومما يقوى رواية ابن عيينة ما أخرجه الدينورى فى " المجالسة " من طريق الحميدى قال: كنا عند ابن عيينة فجاء رجال فقال: يا أبا محمد الحديث الذى حدثتنا عن ماء زمزم صحيح؟ قال: نعم ، قال: فإنى شربته الآن لتحدثنى مائة حديث ، فقال: اجلس ، فحدثه مائة حديث ".
قلت: الدينورى واسمه أحمد بن مروان ذكر الحافظ فى " اللسان " عن الدارقطنى أنه كان يضع الحديث. فلا يوثق بخبره.
الثانية: محمد بن هشام بن عيسى. كذا وقع فى المطبوعة من " الدارقطنى " وفى " الميزان " فى موضع ، و" اللسان " فى موضع آخر نقلا عن الدارقطنى " ابن على " ، ولم يترجم له الذهبى فى " الميزان " وكأنه لأنه ثقة عنده كما يأتى ، واستدركه الحافظ فقال:" قال ابن القطان: لا يعرف حاله ، وكلام الحاكم يقتضى أنه ثقة عنده ، فإنه قال عقب حديثه: " صحيح الإسناد إن سلم من الجارودى ". قلت: وقد قال الزكى المنذرى مثلما قال ابن القطان ، وسبق فى ترجمة عمر بن الحسن الأشنانى قول الذهبى: إن محمد بن هشام هذا موثق. قال: وهو ابن أبى
الدميك ".
قلت: وتبع ابن القطان الحافظ ابن الملقن فقال فى " الخلاصة "(112/1) عقب قول الحاكم المذكور: " سلم منه ، فإنه صدوق ، لكن الراوى عنه مجهول ".
الثالثة: عمر بن الحسن بن على ، وهو الأشنانى أبو الحسين القاضى ، قال الذهبى فى " الميزان ": " صاحب بلايا ، فمن ذلك ، حدثنا عمر بن الحسن بن على حدثنا محمد بن هشام المروزى وهو ابن الدميك موثق حدثنا محمد بن حبيب الجارودى
…
قلت: وذكر الحديث ثم قال عقبه: " وابن حبيب صدوق ، فآفة هذا هو عمر ، ولقد أثم الدارقطنى بسكوته عنه فإنه بهذا الإسناد باطل ، ما رواه ابن عيينة قط ، بل المعروف حديث عبد الله بن المؤمل عن أبى الزبير عن جابر مختصرا ".
وتعقبه الحافظ بقوله: " والذى يغلب على الظن أن المؤلف هو الذى أثم بتأثيمه الدارقطنى ، فإن الأشنانى لم ينفرد بهذا ، تابعه عليه فى " مستدركه " الحاكم ، ولقد عجبت من قول المؤلف: ما رواه ابن عيينة قط ، مع أنه رواه عنه الحميدى وغيره من حفاظ أصحابه إلا أنهم أوقفوه على مجاهد ، لم يذكروا ابن عباس فيه ، فغايته أن يكون محمد بن حبيب وهم فى رفعه ".
وأقول: لم يأثم الدارقطنى ولاالذهبى إن شاء الله تعالى ، لأن كلا منهما ذهب إلى ما أداه إليه اجتهاده ، وإن كنا نستنكر من الذهبى إطلاق هذه العبارة فى الإمام الدارقطنى.
وأما تعجب الحافظ من الذهبى ، فلست أراه فى محله ، لأن الذى أورده عليه من رواية الحميدى ، غير وارد لأنه مقطوع ، وإنكار الذهبى منصب على الحديث المرفوع الموصول ، فهو الذى نفاه بقوله " ما رواه ابن عيينة قط ". ونفيه
هذا لا يزال قائما ، كما يدل عليه هذا البحث الدقيق.
وأما قوله: " تابعه عليه فى " مستدركه " الحاكم " فوهم ، ولعل فى العبارة سقطا فإن الذى تابعه إنما هو شيخ الحاكم ، فقد قال فى " المستدرك " (1/373) : حدثنا على بن حمشاد العدل حدثنا أبو عبد الله بن هشام المروزى به دون قله: " وهى هزمة جبريل ، وسقيا الله إسماعيل ". وزاد: " قال: وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم أسألك علما نافعا ، ورزقا واسعا ، وشفاء من كل داء ".
وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد ، إن سلم من الجارودى ".
قلت: ووافقه الذهبى ، وذلك من وهمه وتناقضه ، فقد سبق عنه أنه قال فى الجارودى هذا ":" أتى بخبر باطل ". وقد عرفت مما تقدم ذكره أن قوله هذا هو الصواب وأنه أخطأ فى رفعه ووصله.
ثم إن الحافظ قد ذكر فى ترجمة الأشنانى هذا عن الحاكم أنه كان يكذب ، وعنه أنه قال: قلت للدارقطنى: سألت أبا على الحافظ عنه ، فذكر أنه ثقة ، فقال: بئس ما قال شيخنا أبو على!
وقال الذهبى فى " الرد على ابن القطان "(بعد أن ساق الحديث من طريق الدارقطنى (19/1 ـ 2) : " قلت: هؤلاء ثقات ، سوى عمر الأشنانى ، أنا أتهمه بوضع حديث أسلمت وتحتى أختان ".
وجملة القول: إن الحديث بالزيادة التى عند الدارقطنى موضوع. لتفرد هذا الأشنانى به ، وهو بدونها باطل لخطأ الجارودى فى رفعه ، والصواب وقفه على مجاهد ، ولئن قيل إنه لا يقال من قبل الرأى فهو فى حكم المرفوع ، فإن سلم هذا ، فهو فى حكم المرسل ، وهو ضعيف ، والله أعلم.