الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يُبيِّن أنه مختَلَف فيه:
كقوله في ترجمة أحمد بن بديل أبو جعفر اليمامي، قاضي الكوفة. . . .: قال (س): لا بأس به. وليَّنه ابن عدي والدارقطني، وكان عابدًا، توفي (258 هـ).
وكقوله في ترجمة أحمد ابن أبي الطيب سليمان، المروزي البغدادي: وُثق، وضعَّفه أبو حاتم وَحْدَه.
وهناك رواة سكت عنهم:
كقوله في أحمد بن إسحاق السلمي، السرماري البخاري، من يضرب بشجاعته المثل: قتل ألْفًا من التُّرْك، سمع يعلى بن عبيد وطبقته. وعنه (خ)، وأهل بلده. توفي (242 هـ) اهـ.
وكقوله في ترجمة أحمد بن ثابت الجحدري: عن ابن عيينة، وغندر. وعنه (ق)، وابن خزيمة، وعدة.
وهذا الكتاب يعتبر أهم كتاب في الجرح والتعديل للإمام الذهبي، وهو معتدل فيه بشكل عام أكثر من كتبه الأخرى. والكتاب مطبوع وعليه حاشية قديمة. وقد قام بتحقيقه للعامة: محمد عوامة، بشكل ممتاز.
كتاب "تهذيب التهذيب" للحافظ ابن حجر العسقلاني (852 هجرية)
جاء الحافظ ابن حجر فعمل على اختصار وتهذيب كتاب "تهذيب الكمال" للمزي، في كتاب سماه "تهذيب التهذيب"، وقد كان اختصاره للكتاب وتهذيبه له على الوجه التالي:
الأول: اقتصر على ما يُفيد الجرح والتعديل.
لأن الحافظ المزيّ رحمه اللَّه تعالى، في "تهذيب الكمال" يُورد في الراوي كلامًا كثيرًا من التراجم المنقبية.
والتراجم منها تراجمُ معرفية تُمَيِّزُ الراوي من غيره، وهناك تراجم منقبية تذكر عبادة الراوي، وحُسن خلقه وتواضعه، وأدبه مع شيوخه ومع تلاميذه، وعبادته وصدقه، وتصدقه وجوده، وجهاده في سبيل اللَّه، إلى غير ذلك من هذه الأشياء التي تُبيِّن مناقب
الراوي؛ ولذلك قلنا ترجمة منقبية.
جاء الحافظ ابن حجر وهو يختصر الكتاب، رفع كل هذا ما يتعلق بأخلاق الراوي وعبادته، والقصص والحكايات التي داخل الترجمة، حذف هذا الكلام، وأبقى الكلام في الجرح والتعديل؛ لأنه المُعَوَّلُ عليه.
الثاني: حذف ما أطال الكتاب من الأحاديث التي يُخرِّجها المزي في مروياته العالية، وهو حوالي ثلث حجم الكتاب.
الثالث: حذف كثيرًا من شيوخ صاحب الترجمة وتلاميذه، الذين قصد المزيّ استيعابهم، واقتصر على الأشهر والأحفظ والمعروف منهم، إذا كان الراوي مُكْثرًا.
الرابع: لم يحذف شيئًا من التراجم القصيرة في الغالب.
الخامس: لم يرتب شيوخ وتلاميذ صاحب الترجمة على الحروف، وإنما رتبهم على التقدم في السِّنِّ، والحفظ، والإسناد، والقرابة، وما إلى ذلك.
فالحافظ ابن حجر لمَّا اختصر لم يرتب، لأنه لم يذكر إلا ستة أو سبعة من الشيوخ، فقراءتهم أمرٌ سهلٌ، فذكر الأحفظ، الأكثر ملازمة للراوي، الأقرب من حيث النسب، وغير ذلك من الاعتبارات.
السادس: حذف كلامًا كثيرًا أثناء بعض التراجم؛ لأنه لا يدلُّ على توثيق ولا تجريح.
السابع: زاد في الترجمة ما ظفر به من أقوال الأئمة في التجريح والتوثيق من خارج الكتاب، ولا سيما عن علماء المغرب والأندلس.
الثامن: أورد في بعض المواطن بعض كلام الأصل بالمعنى مع استيفاء المقاصد، وقد يزيد بعض الألفاظ اليسيرة للمصلحة.
التاسع: حذف كثيرًا من الخلاف في وفاة الرجل، إلا في مواضع تقتضي المصلحة عدمَ حذف ذلك.
العاشر: لم يحذف من تراجم "تهذيب الكمال" أحدًا.
الحادي عشر: زاد بعض التراجم التي رأى أنها على شرطه، وميَّز التراجم التي زادها على الأصل، بأن كتب اسم صاحب الترجمة، واسم أبيه بالأحمر.
الثاني عشر: زاد في أثناء بعض التراجم كلامًا ليس في الأصل، لكن صدَّره بقوله: قلت؛ فليتنبَّه القارئ إلى أنَّ جميعَ ما بعد كلمة (قلت)، فهو من زيادة الحافظ ابن حجر
إلى آخر الترجمة.
الثالث عشر: الْتَزمَ الرموز الذي ذكرها المزي، لكنه حذف منها ثلاثة، وهي:(مق)، و (سي)، و (ص). كما التزم إيراد التراجم في الكتاب على الترتيب ذاته الذي الْتَزَمه المزيّ في "تهذيبه".
الرابع عشر: حذف الفصول الثلاثة التي ذكرها المزيّ في أول كتابه، وهي ما يتعلَّق بشروط الأئمة الستة، والحثّ على الرواية عن الثقات، والترجمة النبوية؛ أي: السيرة النبوية.
الخامس عشر: زاد بعض الزيادات التي الْتَقَطَها من كتاب "تذهيب التهذيب" للذهبي، وكتاب "إكمال تهذيب الكمال" لعلاء الدين مغلطاي.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله، مبيِّنًا سبب تأليفه للكتاب وطريقته فيه: أما بعد، فإن كتاب "الكمال في أسماء الرجال" الذي أَلَّفَه الحافظ الكبير أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي، وهذَّبه الحافظ الشهير أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزي، من أجَلِّ المصنفات في معرفة حملة الآثار وَضْعًا، وأعظم المؤلفات في بصائر ذوي الألباب وقعًا.
ولا سيما "التهذيب"، فهو الذي وفَّق بين اسم الكتاب ومسمَّاه، وألَّف بين لفظه ومعناه، بيد أنه أطال وأطاب، ووجد مكان القول ذا سعة فقال وأصاب، ولكن قصرت الهِمَم عن تحصيله لطوله، فاقتصر بعض الناس على الكشف عن "الكاشف"، الذي اختصره منه الحافظ أبو عبد اللَّه الذهبي، ولما نظرت في هذه الكتب، وجدت تراجم "الكاشف" إنما هي كالعنوان، تتشوق النفوس إلى الاطِّلاع على ما وراءه.
ثم رأيت للذهبي كتابًا سماه "تذهيب التهذيب"، أطال فيه العبارة، ولم يعدُ ما في "التهذيب" غالبًا، وإن زاد، ففي بعض الأحايين وفيات بالظنِّ والتخمين، أو مناقب لبعض المترجمين، مع إهمال كثير من التوثيق والتجريح، الذين عليهما مدار التضعيف والتصحيح.
هذا وفي "التهذيب" عدد من الأسماء، لم يعرف الشيخ بشيء من أحوالهم، بل لا يزيد على قوله: روى عن فلان، روى عنه فلان، أخرج له فلان، وهذا لا يروي الغلَّة ولا يشفي العلَّة، فاسْتخَرْتُ اللَّه تعالى في اختصار "التهذيب" على طريقة، أرجو اللَّه أن تكون مستقيمة، وهو أنني أقتصر على ما يفيد الجرح والتعديل خاصَّة، وأحذف منه ما
أطال به الكتاب، من الأحاديث التي يُخرِّجها من مروياته العالية، من الموافقات والأبدال، وغير ذلك من أنواع العلو. فإن ذلك بالمعاجم والمشيخات أشبه منه بموضوع الكتاب، وإن كان لا يلحق المؤلف من ذلك عاب، حاشا وكَلا؛ بل هو واللَّه؛ العديم النظير، المطلع النحرير، لكن العمر يسير والزمان قصير، فحذفت هذا جملة، وهو نحو ثلث الكتاب.
ثم إن الشيخ رحمه الله، قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة، واستيعاب الرواة عنه، ورتَّب ذلك على حروف المعجم في كل ترجمة، وحصل من ذلك على الأكثر، لكنَّه شيء لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره، وسببه انتشار الروايات وكثرتها، وتشعبها وسعتها، فوجد المتعنِّت بذلك سبيلا إلى الاستدراك على الشيخ، بما لا فائدة فيه جليلة ولا طائلة، فإن أجلّ فائدة في ذلك هو في شيء واحد، وهو إذا اشتهر أن الرجل لم يرو عنه إلا واحد، فإذا ظفر المفيد له براوٍ آخر، أفاد رفع جهالة عيْن ذلك الرجل برواية راويين عنه، فتتبع مثل ذلك والتنقيب عليه مهمٌّ.
وأما إذا جئنا إلى مثل سفيان الثوري، وأبي داود الطيالسي، ومحمد بن إسماعيل، وأبي زرعة الرازي، ويعقوب بن سفيان، وغير هؤلاء، ممَّن زاد عدد شيوخهم على الألف، فأردنا استيعاب ذلك، تعذَّر علينا غاية التعذر، فإن اقتصرنا على الأكثر والأشهر، بَطُل ادِّعاء الاستيعاب، ولا سيما إذا نظرنا إلى ما روى لنا، عن من لا يدفع قوله أن يحيى بن سعيد الأنصاري راوي حديث الأعمال، حدَّث به عنه سبع مائة نفس، وهذه الحكاية ممكنة عقلا ونقلا، لكن لو أردنا أن نتبع من روى عن يحيى بن سعيد فضلا، عن من روى هذا الحديث الخاص عنه، لَمَا وجدنا هذا القدر، ولا ما يقاربه.
فاقتصرت من شيوخ الرجل ومن الرواة عنه، إذا كان مكثرًا على الأشهر والأحفظ والمعروف، فإن كانت الترجمة قصيرة، لم أحذف منها شيئًا في الغالب، وإن كانت متوسطة، اقتصرت على ذكر الشيوخ والرواة الذين عليهم رقم في الغالب، وإن كانت طويلة، اقتصرت على من عليه رقم الشيخين مع ذكر جماعة غيرهم، ولا أَعْدل من ذلك إلا لمصلحة، مثل أن يكون الرجل قد عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة، فإنني أذكر جميع شيوخه أو أكثرهم؛ كشعبة، ومالك، وغيرهما.
ولم أَلْتَزِم سياق الشيخ والرواة في الترجمة الواحدة على حروف المعجم؛ لأنه لزم من ذلك تقديم الصغير على الكبير، فأحرص على أن أذكر في أول الترجمة أكثر شيوخ