الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس جيدًا لأمرين:
الأول: استبداده به من غير عزو.
الثاني: ما قاله الخطيب لقائل أَنْ يقول: لم يصرح إمام من أئمة هذا الشأن بعدم سماعه منه، ولا هو صرَّح بذلك، ولو قاله لقبل منه، إِنَّمَا قاله استنباطًا من حديث واحد روى عنه بدخول واسطة بينهما.
وهذا رواه الأوزاعي، من عند الطبراني، ثنا أسيد، عن خالد بن دريك، عن ابن محيريز قال: قلت لأبي جمعة. فذكر قوله: "قلنا: يَا رَسُولَ اللَّه؛ أَحَدٌ خَيْرٌ مِنَّا أَسْلَمْنَا وَجَاهَدْنَا مَعَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَوْمٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي"
(1)
.
وذلك غير قادح في اتصال ما بينهما؛ لأن الإنسان يسمع من شيخه أحاديث ولم يسمع منه شيئًا خاصًّا فلا قدح، إِنَّما يدل على ثِقة ذلك الرجل وتحريه الصدق.
وفي كلامه إشعار أَنَّ البخاري تفرَّد به، وليس كذلك لما بيَّنَّاه، على أن هذا الحديث المستدل به قد اختلف فيه على الأوزاعي:
فرواه عنه عقبة بن علقمة عند ابن عساكر عن أسيد، قال: قال رجل لأبي جمعة، الحديث. فهذا يدلك على أن الأوزاعي رحمه الله مع جلالته لم يضبط هذا عن أسيد.
ولهذا قال أبو نصر بن ماكولا: يروي حديثًا يختلف فيه.
وقد وهم الأوزاعي فيه وهمًا آخر بيَّنه ابن عساكر، وهو قوله: روى عن أبي واقد الليثي صالح بن محمد قال أبو القاسم قوله ابن محمد وهم. وأيضًا - فلا ينكر له منه سماع بجواره معه بالرملة قصبة فلسطين؛ لإدراكه إيَّاه، تُوفي ابن محيريز في سنة مائة، وأسيد سنة أربع وأربعين ومائة عن سن عالية، فما المانع من سماعه منه على رأي جمهور المحدثين الذين لا يشترطون ثبوت اللقاء من خارج، وهو الصواب الذي رجَّحه مسلم وغيره، وكادوا أن يدعوا فيه الإجماع، واللَّه الموفق.
552 - (بخ د ق) أسيد بن علي بن عبيد الساعدي، مولى أبي أسيد
(2)
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 8257، ورقم 2960. وأخرجه أيضًا: الطيالسي ص 294، ورقم 2219، وأحمد 3/ 56، ورقم 11549، وأبو يعلى 2/ 481، ورقم 1311. والبزار كما في كشف الأستار 1/ 261، ورقم 536. قال الهيثمي 2/ 120: فيه على بن زيد وهو مختلف في الاحتجاج به وبقية رجاله رجال الصحيح.
(2)
انظر: التاريخ الكبير للبخاري 2/ 13، والثقات 6/ 72، والجرح والتعديل 2/ 316، وتهذيب الكمال للمزي 3/ 243، وتهذيب التهذيب لابن حجر 1/ 302.
وقيل من ولده، والأول أكثر، وهو أسيد بن أبي أسيد. كذا قاله المزي، وذكر عن ابن ماكولا أن البخاري جعلهما رجلين، قال: وهما واحد. انتهى.
أما التفرقة فعليها أبو موسى المديني إذ ذكر أسيد بن أبي أسد في الصحابة، وأبو حاتم البستي حين ذكرهما في "الثقات"، فذكر أسيد بن أبي أسيد في التابعين، وقال: تُوفي في خلافة أبي جعفر. فهو يشبه أن يكون هذا غير ابن أبي أسيد المذكور عند ابن سعد؛ لأن هذا من التابعين، وذلك ليس تابعيًّا وإن كان قد شاركه في الوفاة، وقد ذكرنا أنه البراد، واللَّه أعلم.
وذكر أبو حاتم -أيضًا- أسيد بن علي في أتباع التابعين، وأقرَّ البخاري على التفرقة: أبو حاتم وأبو زرعة، وأنكرا عليه في أسيد بن علي رواية موسى بن يعقوب عنه التي ذكرها المزي، قالا: إنما روى عنه ابن الغسيل، وأما ابن الكلبي فإنه ذكر لأبى أسيد ولدين: أسيد بن أبي أسيد الأكبر، وأسيد بن أبي أسيد الأصغر.
وأما الحديث الذي ذكره المزي من طريق أسيد هذا، عن أبيه، عن أبي أسيد جاء رجل من الأنصار فقال:"يَا رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ هَلْ أَبَرُّ والِدَيَّ بِشَيْءٍ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟ . . . "
(1)
الحديث.
فزعم الخطيب في "فوائد أبي القاسم علي بن إبراهيم النسيب" أنه رواه عن ابن الغسيل: محمد بن عبد الواهب البغدادي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ويحيى بن عبد الحميد الحماني. ورواه عن ابن عبد الواهب: أبو القاسم البغوي. واختلف عليه.
فرواه عنه: عيسى بن علي بن داود بن الجراح، بفتح الألف، قال الخطيب: وكذا كان في أصله -يعني- البغوي، ورواه الدارقطني عن البغوي فقال: عن أبي أسيد بضم الألف وهو الصواب.
وكذلك رواه: عبد اللَّه بن إدريس، وأبو نعيم، ويحيى بن عبد الحميد، وإبراهيم بن أبي الوزير عن ابن الغَسِيل، مثل رواية الدارقطني لم يختلفوا فيه أنه عن أسيد بن علي بفتح الألف، وعن أبي أسيد بضمها، وروى عن موسى بن يعقوب، عن أسيد بن علي بضم الألف.
ورواه الهيثم بن عدي عن ابن الغَسِيل فقال: عن علي بن أسيد قلب اسمه، والقولان جميعًا خطأ والصواب قول الجماعة.
(1)
أخرجه أحمد (3/ 497، ورقم 16103)، وابن عساكر (62/ 399).