الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان يقصر في السفر ويتم، ويفطر ويصوم. وقال: إسناده صحيح، كما في "المنتقى" مع "النيل". قلت: أي التهانوي لا حجة فيه أصلاً، فإن الحافظ ضبط لفظ تتم وتصوم بالمثناة من فوق ومعناه أن عائشة كانت تتم دون رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في "التلخيص الحبير".
قال الحافظ: وقد استنكره أحمد وصحته بعيدة، (أي مع كون لفظ تتم وتصوم بالمثناة من فوق) فإن عائشة كانت تتم، وذكره عروة أنها تأولت ما تأولت ما تأول عثمان كما في الصحيح، فلو كان عندها عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية لم يقل عروة عنها أنها تأولت، وقد ثبت في الصحيحين خلاف ذلك ا. هـ.
وقال النووي في شرح مسلم له: واحتج الشافعي وموافقوه بالأحاديث المشهورة في صحيح مسلم وغيره أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم القاصر، ومنهم المتم، ومنهم الصائم، ومنهم المفطر، لا يعيب بعضهم على بعض، وبأن عثمان كان يتم، وكذلك عائشة وغيرها، وهو ظاهر قول الله عز وجل:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} ، وهذا يقتضي رفع الجناح والإباحة ا. هـ.
وأجاب الشوكاني عن الأول: بأنا لم نجد في صحيح مسلم قوله: فمنهم القاصر ومنهم المتم، وليس فيه إلا أحاديث الصوم والإفطار، وإذا ثبت ذلك فليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وقررهم عليه، إلى أن قال: وقد لاح من مجموع ما ذكرنا رجحان القول بالوجوب (أي وجوب القصر) وأما دعوى أن التمام أفضل فمدفوعة بملازمته صلى الله عليه وسلم للقصر في جميع أسفاره، وعدم صدور التمام عنه كما تقدم، ويبعد أن يلازم النبي صلى الله عليه وسلم طول عمره المفضول ويدع الأفضل ا. هـ.
-
التطوع في السفر:
2135 -
* روى الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم، فلم أره يسبح في السفر، وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ
2135 - البخاري (2/ 577) 18 - كتاب تقصير الصلاة، 11 - باب من لم يتطوع في السفر دبر الصلاة وقبلها.
مسلم (1/ 480) 6 - كتاب صلاة المسافرين، 1 - باب صلاة المسافرين وقصرها.
حَسَنَةٌ} (1). وفي رواية (2) يزيد بن زريع قال: مرضت، فجاء ابن عمر يعودني، فسألته عن السبحة في السفر؟ فقال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيته يسبح، ولو كنت مسبحاً لأتممت، وللبخاري (3) عن عاصم أنه سمع ابن عمر يقول: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك". ولمسلم (4) عن عاصم قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم بمنى صلاة المسافر، وأبو بكر وعمر وعثمان ثماني سنين، أو قال: ست سنين، قال حفص: وكان ابن عمر يصلي بمنى ركعتين، ثم يأتي فراشه، فقلت لابن عمر: لو صليت بعد هذا ركعتين؟ قال: لو فعلت لأتممت الصلاة؛ وله في أخرى (5) عنه قال: "صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال: فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه، حتى جاء رحله وجلس، وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى، فرأى أناساً قياماً، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت يسبحون، قال: لو كنت مسبحاً لأتممت صلاتي، يا ابن أخي، إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر، فلم يزد على ركعتين، حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عمر، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .
وفي رواية الترمذي (6) قال: "سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، كانوا يصلون الظهر والعصر ركعتين ركعتين، لا يصلون قبلها ولا بعدها، وقال ابن عمر: لو كنت مصلياً قبلها أو بعدها لأتممتها.
وفي رواية الموطأ (7): أن عبد الله بن عمر لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر
(1) الأحزاب: 21.
(2)
مسلم نفس الموضع السابق.
(3)
البخاري (1/ 577) نفس الموضع السابق.
(4)
مسلم (1/ 483) 6 - كتاب صلاة المسافرين، 2 - باب قصر الصلاة بمنى.
(5)
مسلم (1/ 479) 6 - كتاب صلاة المسافرين، 1 - باب صلاة المسافرين وقصرها.
(6)
الترمذي (2/ 428) أبواب الصلاة، 391 - ما جاء في التقصير في السفر.
(7)
الموطأ (1/ 150) 9 - كتاب قصر الصلاة في السفر، 7 - باب صلاة النافلة في السفر بالنهار والليل
…
إلخ.
شيئاً قبلها ولا بعدها، إلا من جوف الليل، فإنه كان يصلي على الأرض، وعلى راحلته حيث توجهت".
أقول: هذه الروايات أصل لمن ذهب أنه لا تصلى مع الفرائض رواتبها في السفر، فيصلي من أراد النفل المطلق ما شاء، والحنفية يرون للمسافر أن يصلي الرواتب في حال الأمن والقرار ولا يصليها حال السير والخوف والفرار، قال محقق الجامع: وفي الباب أحاديث يدل مجموعها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي السنن أو بعضها في السفر أحياناً، أقول: منها:.
2136 -
* روى الترمذي عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفراً، فما رأيته ترك الركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر.
2137 -
* روى الترمذي عن: ابن عمر رضي الله عنه، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر، فصليت معه في الحضر الظهر أربعاً وبعدها ركعتين، وصليت معه في الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، والعصر ركعتين. ولم يصل بعدها شيئاً، والمغرب في الحضر والسفر سواء ثلاث ركعات، لا ينقص في حضر ولا سفر وهي وتر النهار، وبعدها ركعتين.
قال الترمذي: ثم اختلف أهل العلم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتطوع الرجل في السفر، وبه يقول أحمد وإسحاق، ولم ير طائفة من أهل العلم أن يصلي قبلها ولا بعدها، ومعنى من لم يتطوع في السفر قبول الرخصة، ومن تطوع فله في ذلك فضل كثير، وهو قول أكثر أهل العلم يختارون التطوع في السفر ا. هـ. وفي "رد المحتار": وقيل الأفضل الترك ترخيصاً، وقيل: الفعل تقرباً، وقال الهندواني: الفعل
2136 - الترمذي (2/ 435) أبواب الصلاة، 393 - باب ما جاء في التطوع في السفر، وحكي عن البخاري أنه رآه حسناً.
2137 -
الترمذي (2/ 437، 438) نفس الموضع السابق.
وأخرجه الطحاوي بسند حسن، وزاد فيه:(وصلى العشاء ركعتين وبعدها ركعتين) وحمل حديث ابن عمر لو كنت مصلياً قبلها أو بعدها لأتممتها على حالة العجالة والسير.