الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الثانية
في سجود التلاوة
عرض إجمالي:
هناك آيات في القرآن الكريم إذا قرأها المكلف أو سمعها يشرع له السجود بسبب ذلك على خلاف بين الفقهاء في بعض هذه الآيات وعلى خلاف في درجة المشروعية هل هي الوجوب أو ضمن ذلك، وعلى خلاف في بعض التفصيلات سنراها، وعدد السجدات عند المالكية في المشهور: إحدى عشرة، منها عشرة بالإجماع وهي: في سورة الأعراف الآية (206)، والرعد (15)، والنحل (49)، والإسراء (107)، ومريم (58)، وفي أول الحج (18)، وفي الفرقان (60)، وفي النمل (25)، وفي ألم السجدة (15)، وفي فصلت (38)، وفي ص (24).
واتفق الحنفية مع المالكية على سجدة "ص" وهي عندهم أربع عشرة، بإضافة ثلاث أخرى: في سورة النجم (62)، وإذا السماء انشقت (21)، واقرأ باسم ربك الذي خلق (19)، أما سجدة الحج الثانية فإنها للأمر بالصلاة بدليل اقترانها بالركوع، والأحاديث الواردة بتفضيل سورة الحج بسجدتين فيها راويان ضعيفان.
وقال الشافعية والحنابلة: السجدات أربع عشرة، منها سجدتان في سورة الحج، في أولها وآخرها (77)، أما سجدة ص فهي سجدة شكر تستحب في غير الصلاة، وتحرم في الصلاة على الأصح وتبطلها.
وقد ثبتت مشروعية سجود التلاوة بالقرآن والسنة والإجماع، وسنرى نصوص السنة التي تتحدث عن ذلك، وأما القرآن فلقد قال تعالى:(وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون)(1).
وسجدة التلاوة واجبة على التراخي على القارئ والسامع عند الحنفية، سنة عند بقية
(1) الانشقاق: 21.
الفقهاء، وقال المالكية والحنابلة: إن السامع غير القاصد للسماع ليس مطالباً بها ولو على وجه الاستحباب، وعند الحنفية تجب على الفور إذا تليت في الصلاة، وإذا لم يسجد لها في الصلاة فإنها لا تقضى خارج الصلاة، فإن أنهى قراءته بآية السجدة فركع مباشرة بنية أدائها في الركوع أجزأت عنه فإن لم ينوها في ركوعه وسجد بعد ذلك مباشرة أجزأت عنه نوى أو لم ينو وإذا ركع أو سجد بعد آيتين من آية سجدة التلاوة فالحكم كذلك.
أما إذا قرأ ثلاث آيات فأكثر فيجب أن يسجد لها سجوداً مستقلاً، وإذا سجد لها سجوداً مستقلاً بعد قراءتها مباشرة أو بعد قراءة ثلاث آيات فأكثر فالمستحب له بعد قيامه من السجود أن يقرأ شيئاً من القرآن ويجب على المأموم أن يتابع إمامه في سجود التلاوة، والجمهور على أن تخلف المقتدي عن متابعة الإمام في سجدة التلاوة يبطل صلاته وكذلك إذا سجد المأموم دون إمامه، ولا يسجد المأموم لقراءة نفسه فإن فعل بطلت صلاته. ويشترط لوجوب سجدة التلاوة عند الحنفية أن يقرأها، أو يسمعها ممن تجب عليه الصلاة واتفق الفقهاء على أنه يشترط لصحة سجدة التلاوة الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة والنية ولا يشترط لها عند الحنفية التحريمة ولا السلام، فهي عندهم سجدة بين تكبيرتين، سواء أداها الإنسان قائماً أو قاعداً ولا تعتبر التكبيرة الأولى تكبيرة إحرام وتجب السجدة على التراخي على خطيب الجمعة والعيدين والسامعين، ويكره للإمام الإتيان بها فوق المنبر فينزل إن شاء أن يؤديها على الفور فيسجد ويسجد الناس معه والمالكية كالحنفية في أن سجدة التلاوة لا إحرام فيها ولا تسليم، ويشترط عند الشافعية مع النية تكبيرة الإحرام على الصحيح ويشترط السلام أيضاً في الأظهر بعد القعود كالصلاة ولا يشترط التشهد في الأصح.
وقال الفقهاء: يبطل سجدة التلاوة كل ما يبطل الصلاة إلا أن الحنفية قالوا لا تفسدها محاذاة المرأة الرجل وإن نوى إمامتها، وصفة السجود عند الحنفية أن يكبر للسجود دون رفع يديه ويسجد بين كفيه ثم يكبر للرفع وكل من هاتين التكبيرتين سنة ويرفع رأسه ولا يقرأ التشهد ولا يسلم، ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة وإذا كانت سجدة التلاوة خارج الصلاة يندب له على أن يزيد على ذلك ما ورد من مأثور، والمالكية كالحنفية، وعند الحنفية والمالكية يكبر القائم من قيام والجالس من جلوس، وقال الشافعية:
لا يسن له أن يرفع يديه عند التكبيرة لسجود التلاوة في الصلاة ويسن الرفع خارج الصلاة، ويقوم مقام سجود التلاوة لمن لم يرد فعلها، أن يقول أربع مرات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. ومن كلام الحنابلة: ويكره للإمام سجوده لقراءة سجدة في صلاة سرية لئلا يخلط على المأمومين فإن فعل خير المأموم بين المتابعة والترك والأولى المتابعة، وأركانها عند الحنابلة السجود والرفع منه والتسليمة الأولى أما التكبيرة للهوي والرفع من السجود والذكر في السجود فهو واجب والجلوس للتسليم مندوب والأفضل سجوده عن قيام ويرفع يديه مع تكبيرة السجود إن سجد في غير الصلاة. وتتكرر السجدة بتكرر التلاوة عند الجمهور، ولا تتكرر عند الحنفية إذا كانت لآية واحدة في مجلس واحد. وإذا تكررت التلاوة من القارئ في أكثر من مجلس فعليه تكرار السجود أما السامع الذي لم يغير مجلسه فعليه سجدة واحدة، وقال المالكية: إذا كرر المعلم أو المتعلم آية السجدة فيسن السجود لقراءتها أول مرة فقط، ويكره تحريماً عند الحنفية ترك آية سجدة وقراءة باقي السورة. ويستحسن عندهم إخفاء آية السجدة عن سامع غير متهيئ للسجود.
ولا يرى الحنفية والمالكية وغيرهم أن يداوم الإمام على قراءة سجدة ألم في فجر يوم الجمعة حتى لا يظن العامة فرضية ذلك، ومما نص عليه الحنابلة أنه لا يسجد سجدة التلاوة في الأوقات المنهي عنها التي لا يجوز فيها التطوع خلافاً للشافعية، ومما ذكره المالكية أن الإمام إذا كان يصلي صلاة سرية ومر بآية سجدة فإنه يجهر بها ليعرف من وراءه إذا سجد لها سبب السجود.
انظر: (اللباب: 1/ 102 - 104)، (الشرح الصغير: 1/ 416 - 422)، (والمهذب: 1/ 85 - 86)، (كشف القناع: 1/ 521 - 526)، (والفقه الإسلامي: 2/ 110 فما بعدها).
وإلى نصوص هذه الفقرة: