المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الصلاة في كسوف الشمس وكيفيتها والتعوذ من عذاب القبر: - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ٣

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالثفي: صلاة الجمعة وما يتعلق بها

- ‌العرض الإجمالي

- ‌الفقرة الأولى: في فضل يوم الجمعة وفي بعض خصائصه

- ‌ الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وما فيه من عظائم الأمور:

- ‌ساعة الإجابة يوم الجمعة:

- ‌الفقرة الثانيةفي وجوب صلاة الجمعة على المكلفين بها إلا لعذر، وفي الترهيب من تركها وفيبعض آدابها

- ‌وجوب صلاة الجمعة والترهيب من تركها لغير عذر:

- ‌ الترغيب في صلاة الجمعة:

- ‌بعض آداب يوم الجمعة:

- ‌التبكير إلى الصلاة

- ‌ الاغتسال للصلاة ومس الطيب ولبس أحسن الثياب والإنصات وعدم تخطي الرقاب:

- ‌ اتخاذ لباس خاص للجمعة:

- ‌ متى تدرك الجمعة:

- ‌ من نعس في صلاة الجمعة فليتحول من مكانه:

- ‌ إذا اجتمع العيد والجمعة لا تسقط الجمعة به:

- ‌ أعذار ترك الجمعة والسفر يوم الجمعة:

- ‌الفقرة الثالثة: وقت الجمعة ونداؤها وخطبتها وآدابها

- ‌ وقت صلاة الجمعة:

- ‌ مشروعية الأذان الثالث وهو الأول الآن:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة:

- ‌ القيام في الخطبة:

- ‌ قصر الخطبة وإطالة الصلاة:

- ‌ التشهد والحمدلة في الخطبة:

- ‌ الخطيب لا يرفع يديه بالدعاء:

- ‌ استقبال الناس الخطيب:

- ‌ استحباب الدنو من الإمام:

- ‌ التحدث أثناء الأذان والإمام على المنبر:

- ‌ الإنصات للخطبة:

- ‌ الصلاة والإمام يخطب:

- ‌ قطع الخطبة للحاجة:

- ‌ النهي عن تخطي الرقاب:

- ‌ النهي عن أن يقيم الرجل الرجل من مقعده:

- ‌ النهي عن الاحتباء:

- ‌ النهي عن الحلق:

- ‌القراءة في صلاة الجمعة:

- ‌الفقرة الرابعة: راتبة الجمعة

- ‌تحقيق في سنة الجمعة القبلية:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب السادسفي صلوات الليل والنهار في الأحوال العادية عدا الصلوات الخمسوفيه مقدمة وعرض إجمالي وفقرات ومسائل وفوائد

- ‌العرض الإجمالي

- ‌الفقرة الأولىفي أحاديث ومسائل متنوعة تتحدث عن النوافل

- ‌ الصلاة في البيوت:

- ‌ الاقتصاد والمداومة في العبادة:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النافلة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي رواتب الصلوات الخمس

- ‌ نصوص جامعة:

- ‌ راتبة الفجر:

- ‌ ما يقرأ في راتبة الفجر:

- ‌ الاضطجاع بعد راتبة الفجر:

- ‌ قضاء راتبة الفجر وحكم صلاتها إذا افتتحت الصلاة:

- ‌فائدة:

- ‌ راتبة الظهر والعصر:

- ‌ راتبة المغرب والعشاء:

- ‌الفقرة الثالثة:في الوتر

- ‌ مشروعية الوتر:

- ‌ وقت صلاة الوتر:

- ‌ متى يوتر:

- ‌ قضاء الوتر:

- ‌ عدد ركعات الوتر:

- ‌ القنوت في الوتر:

- ‌ هل ينقض الوتر:

- ‌ الصلاة بعد الوتر:

- ‌ هل يسلم بعد ركعتي الوتر:

- ‌ صلاة الوتر على الراحلة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الرابعةفي:الضحى

- ‌الفقرة الخامسة:في قيام الليل

- ‌ فضل قيام الليل والترغيب فيه:

- ‌ من غلب عن صلاة الليل:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل

- ‌ما يقول إذا قام يتهجد من الليل:

- ‌ الصلاة في الليل لرفع الفتن:

- ‌ الاقتصاد في القيام:

- ‌الفقرة السادسة:في نوافل تتكرر يومياً ولها سبب

- ‌ تحية المسجد:

- ‌ سنة الوضوء:

- ‌ صلاة دخول المنزل والخروج منه:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة السابعة:في النفل المطلق

- ‌الفقرة الثامنة:في صلاة التسابيح

- ‌الباب السابعفي الصلوات السنوية

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىصلاة التراويح وقيام رمضان وتهجده

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي صلاة العيدينعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاتي العيدين

- ‌ تشريع يومي العيد وفضلهما:

- ‌ وقت صلاة العيدين:

- ‌ صلاة العيد من غير أذان ولا إقامة

- ‌ عدد ركعات صلاة العيد:

- ‌ تكبيرات صلاة العيد:

- ‌ القراءة في صلاة العيد:

- ‌ الخطبة وبعض آدابها وموقعها:

- ‌ حكم الاستماع لخطبة العيد:

- ‌ إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة مفارقات الرجال:

- ‌ الخطبة على الراحلة واتخاذ عصاً:

- ‌ نصب الحربة للإمام يوم العيد:

- ‌ حكم التنفل قبل وبعد صلاة العيد:

- ‌ اجتماع العيد والجمعة:

- ‌ قضاء صلاة العيد وصلاتها في اليوم الثاني لعذر

- ‌ الصلاة لمن فاته العيد

- ‌ النحر يوم الأضحى:

- ‌ الرخصة في اللعب واللهو يوم العيد:

- ‌الباب الثامنفي الصلوات في الأحوال العارضة

- ‌المقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي صلاة المسافرعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة المسافر

- ‌ مسافة القصر:

- ‌ وجوب القصر في السفر:

- ‌ مدة السفر التي يصح معها القصر

- ‌ القصر لمن لم ينو الإقامة وإن طال مكثه:

- ‌ قصر الصلاة في السفر من غير خوف:

- ‌ رخصة الإتمام في السفر:

- ‌ التطوع في السفر:

- ‌ صلاة النفل على الراحلة في السفر:

- ‌الصلاة على الراحلة في السفر لعذر:

- ‌ صلاة المقيم خلف المسافر:

- ‌ الصلاة لمن يريد السفر والقادم منه:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي صلاة المريضعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة المريض

- ‌الفقرة الثالثةفي صلاة الخوف

- ‌مقدمة

- ‌عرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة الخوف

- ‌فائدة:

- ‌وصل: في ما حدث من جمع الصلواتيوم الخندق وقريظة وما يمكن أن يبنى عليه

- ‌أولاً: حادثة الخندق:

- ‌ثانياً: حادثة بني قريظة:

- ‌تعليقات:

- ‌الباب التاسعصلاة المناسبات

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىفيصلاة الاستخارة

- ‌تقديم:

- ‌الفقرة الثانيةفي:‌‌ صلاة الحاجة، وصلاة التوبة، وصلاة من قدم للقتل

- ‌ صلاة الحاجة

- ‌صلاة التوبة:

- ‌الصلاة ركعتين لمن قدم للقتل:

- ‌الفقرة الثالثةصلاة الاستسقاءالعرض الإجمالي

- ‌ الدعاء والصلاة وقلب الرداء في الاستسقاء:

- ‌ من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء والاستسقاء في صلاة الجمعة:

- ‌ إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط:

- ‌ رفع الأيدي بدعاء الاستسقاء:

- ‌ ما يقوله في دعاء الاستسقاء:

- ‌ ما يقول إذا رأى المطر:

- ‌ الإصابة من مطر السماء:

- ‌ تحريم الاستمطار بالأنواء والتحذير من الشرك بالله:

- ‌ التوسل بالصالحين:

- ‌الفقرة الرابعةفيالكسوف والخسوف

- ‌مقدمة وعرض إجمالي:

- ‌ الصلاة في كسوف الشمس وكيفيتها والتعوذ من عذاب القبر:

- ‌ الشمس والقمر آيتان لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته:

- ‌ما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر الجنة والنار في صلاة الخسوف:

- ‌ صلاة الرجال مع النساء في الكسوف:

- ‌ إطالة القيام والركوع والسجود في الكسوف والركعة الأولى في الكسوف أطول:

- ‌ الفزع إلى الدعاء والذكر والاستغفار عند كسوف الشمس:

- ‌الفقرة الخامسةفيصلاة الجنازة وأحكام الشهداء

- ‌مقدمة وعرض إجمالي:

- ‌وخلاصة الأمر هي ما يلي:

- ‌ أجر من صلى على جنازة وتبعها:

- ‌ الصلاة على الغائب:

- ‌ التكبيرات في صلاة الجنازة:

- ‌ ما يقرأ في صلاة الجنازة والدعاء للميت:

- ‌ الصلاة على الصغير:

- ‌ تقديم الرجال على النساء في صلاة الجنازة:

- ‌ وقت الصلاة على الجنازة:

- ‌الصلاة على الجنازة في المسجد:

- ‌ الصلاة على القبر:

- ‌ الصلاة على من عليه حق للعباد:

- ‌ الصلاة على من قتل نفسه:

- ‌ فضل كثرة المصلين على الجنازة:

- ‌ النهي عن الصلاة على الجنائز بين القبور:

- ‌ لا صلاة على منافق علم نفاقه:

- ‌ الأولى بالصلاة على الجنازة:

- ‌ التسليم في الجنازة:

- ‌وصل في أحكام الشهداء

- ‌الباب العاشرفي السجدات

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي سجود السهوعرض إجمالي

- ‌ ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة:

- ‌ السهو إذا صلى خمساً:

- ‌ السجود للشك:

- ‌ التشهد في سجود السهو:

- ‌ إعلام الإمام بالسهو:

- ‌الفقرة الثانيةفي سجود التلاوةعرض إجمالي:

- ‌ في مؤكدات سجود التلاوة:

- ‌في كونها سنة:

- ‌ سجدة الحج:

- ‌ سجدة (ص):

- ‌ سجدة النجم:

- ‌ سجدة سورة الانشقاق والعلق

- ‌ إجزاء الركوع مباشرة عن سجود

- ‌ ما يقول في سجوده:

- ‌الفقرة الثالثةفيسجود الشكرعرض إجمالي

- ‌خاتمة وجسر

الفصل: ‌ الصلاة في كسوف الشمس وكيفيتها والتعوذ من عذاب القبر:

-‌

‌ الصلاة في كسوف الشمس وكيفيتها والتعوذ من عذاب القبر:

2217 -

* روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى بالناس، فأطال القراءة ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه، فأطال القراءة- وهي دون قراءته الأولى- ثم ركع فأطال الركوع، دون ركوعه الأول، ثم رفع رأسه، فسجد سجدتين، ثم قام فصنع في الركعة الثانية مثل ذلك، ثم قام فقال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله يريهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة".

وفي أخرى (1) نحوه، إلا أنه قال: "فسلم وقد تجلت الشمس، فخطب الناس

" ثم ذكر الحديث.

وفي أخرى (2) قال: "خسفت الشمس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى المسجد، فصف الناس وراءه، فكبَّر

" وذكر نحوه، إلا أنه قال: ثم قال: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم سجد" وفيه "وانجلت الشمس قبل أن ينصرف" ثم وصل به حديثاً عن كثير بن عباس عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات، ثم قال الزهري: فقلت لعروة: إن أخاك يوم كسفت الشمس بالمدينة- لم يزد على ركعتين مثل الصبح، قال: أجل، لأنه أخطأ السُّنة".

وفي أخرى (3): "أنه صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الخسوف بقراءته، فإذا فرغ من قراءته كبَّر

2217 - البخاري (2/ 545) 16 - كتاب الكسوف، 13 - باب لا تنكسف الشمس لموت أحد أو لحياته.

مسلم (2/ 618) 10 - كتاب الكسوف، 1 - باب صلاة الكسوف.

(1)

البخاري (2/ 535) 16 - كتاب الكسوف، 5 - باب هل يقول كسفت الشمس أو خسفت.

(2)

البخاري (2/ 533، 534) 16 - كتاب الكسوف، 4 - خطبة الإمام في الكسوف.

(3)

البخاري (2/ 549) 16 - كتاب الكسوف، 19 - باب الجهر بالقراءة في الكسوف.

(كسفت) يقال: كسفت الشمس بالفتح، وكسفها الله، يتعدى فعله ولا يتعدى، وكذلك: كسف القمر، والأولى أن يقال: خسف القمر، وقد جاء في الحديث "كسفت الشمس وخسفت" و"كسف القمر وخسف".

(فافزعوا) فزعت إلى الشيء: لجأت إليه، يقال: فزعت إلى الشيء: لجأت إليه، يقال: فزعت إلى فلان فأفزعني، أي: لجأت غليه فألجأني، واستعنت به فأعانني.

ص: 1461

فركع، وإذا رفع من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يعاود القراءة في صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات".

قال: وقال الأوزاعي وغيره عن الزهري عن عروة عن عائشة: "خسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث منادياً: الصلاة جامعة، فقام فصلى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات".

قال البخاري: تابعه سليمان بن كثير وسفيان بن حسين عن الزهري في الجهر.

وفي رواية (1): وقال أيضاً "فصلوا حتى يفرَّج عنكم"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم به، حتى لقد رأيتني أريد أن آخذ قطفاً من الجنة حين رأيتموني جعلت أقدم- وفي رواية أتقدم- ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً، حين رأيتموني تأخرت، ورأيت فيها ابن لحي، وهو الذي سيب السوائب".

وفي أخرى (2) قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام. ثم ذكر الأربع ركعات، وإطالته فيها، وأن القيام والركوع في كل منها دون ما قبله. وفيه

ثم انصرف وقد انجلت الشمس، فخطب الناس، وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا، وصلوا وتصدقوا"، ثم قال:"يا أمَّة محمد، والله ما من أحد أغير من الله: أن يزني عبده، أو تزني أمته، يا أمَّة محمد، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً".

زاد في رواية (3)"ألا هل بلغت؟ ".

(1) مسلم (2/ 619) 10 - كتاب الكسوف، 1 - باب صلاة الكسوف.

(2)

البخاري (2/ 529) 16 - كتاب الكسوف، 2 - باب الصدقة في الكسوف.

(3)

مسلم (2/ 618) 10 - كتاب الكسوف، 1 - باب صلاة الكسوف.

(قطفاً) القطف: العنقود، اسم لكل ما يقطف من الفواكه ونحوها.

(يحطم) الحطم: الكسر والدوس.

(سيب) السوائب: جمع سائبة، وهي الناقة التي كانوا يسيبونها من إبلهم، فلا تركب ولا تحلب ولا يؤكل لحمها.

ص: 1462

وفي أخرى (1)"ثم رفع يديه فقال: اللهم هل بلغت؟ ".

وفي أخرى (2) قالت: "إن يهودية جاءت تسألها؟ فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيعذب الناس في قبورهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عائذاً بالله من ذلك"، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركباً، فخسفت الشمس، فرجع ضحى، فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهراني الحجر، ثم قام يصلي، وقام الناس وراءه .. ثم ذكر نحو ما تقدم في عدد الركوع، وطول القيام، وأن ما بعد كل من ذلك دون ما قبله

وقال في آخره: ثم انصرف، فقال ما شاء الله أن يقول، ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر".

وفي أخرى (3) نحوه، وفي آخره فقال "إني قد رأيتكم تفتنون في القبور كفتنة الدجال، قالت عمرة: فسمعت عائشة تقول: فكنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يتعوذ من عذاب النار وعذاب القبر".

ولمسلم (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ست ركعات وأربع سجدات. وفي أخرى (5)"أن الشمس انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام قياماً شديداً، يقوم قائماً، ثم يركع، ثم يقوم، ثم يركع ركعتين في ثلاث ركعات وأربع سجدات، فانصرف وقد تجلت الشمس، وكان إذا ركع قال: الله أكبر، ثم يركع، وإذا رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده، فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم كسوفاً، فاذكروا الله حتى ينجليا".

(1) مسلم (2/ 619) نفس الموضع السابق.

(2)

البخاري (2/ 538) 16 - كتاب الكسوف، 7 - باب التعوذ من عذاب القبر في الكسوف.

(3)

مسلم (2/ 621، 622) 10 - كتاب الكسوف، 2 - باب ذكر عذاب القبر في صلاة الخسوف.

(4)

مسلم (2/ 621) 10 - كتاب الكسوف، 1 - باب صلاة الكسوف.

(5)

مسلم (2/ 620، 621) 10 - كتاب الكسوف، 1 - باب صلاة الكسوف.

(عائذ) العائذ: اللاجئ، عذت بفلان: أي لجأت إليه.

(ظهراني الحجر) الحجر: جمع حجرة، يريد بها منازل نسائه. وظهرانيها- بفتح النون- أي: بينها.

(تفتنون في القبور) الفتنة: الاختبار والامتحان. والمراد بفتنة القبور: مساءلة منكر ونكير.

ص: 1463

أقول: استدل الشافعي وأحمد بهذه الرواية على مشروعية الخطبة بعد صلاة الكسوف وذهب الحنفية والمالكية إلى أن هذا التذكير كان عارضاً لتصحيح الاعتقاد فلا تسن خطبة للكسوف. وقد أخرج أبو داود (1) رواية ذكر فيها: "ثلاث ركعات، يركع الثالثة ثم يسجد، حتى إن رجالاً يومئذ ليغشى عليهم مما قام بهم، حتى إن سجال الماء لتصب عليهم، يقول إذا ركع: الله أكبر

وذكر الحديث" وقال في آخره: "يخوِّف بهما عباده، فإذا كسفا فافزعوا إلى الصلاة".

وله في أخرى (2) قال: كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فقام، فحزرت قراءته، فرأيت أنه قرأ سورة البقرة

وساق الحديث، ثم سجد سجدتين، ثم قام فأطال القراءة، فحزرت قراءته، فرأيت أنه قرأ سورة آل عمران .. " وساق الحديث من لفظ أبي داود.

أقول: في الروايات التي مرت معنا رأينا ثلاث صيغ لصلاة الكسوف، صيغة ابن الزبير: التي قال عنها أخوه عروة أنه أخطأ السنة أي صلاها كصلاة الفجر، وابن الزبير خليفة راشد فاجتهاده عندنا أقوى من اجتهاد أخيه، فعمله يدل على أن صلاة الكسوف تصلى كما تصلى صلاة الفجر بركوع واحد وسجدتين في كل ركعة وهو الذي أخذ به الحنفية.

والصيغة الثانية: أن يركع في كل ركعة مرتين، وأن يقرأ قبل الركوع الأول وقبل الركوع الثاني ثم يسجد سجدتين كالعادة.

والصيغة الثالثة: أن يركع ثلاث ركوعات في الركعة الواحدة ويقرأ ثلاث مرات في كل ركعة ثم يسجد سجودين. وقد رأينا أن الحنابلة يجيزون أن يركع في الركعة الواحدة خمس ركوعات، قبل كل ركوع قراءة، ويعتبرون كلاً سنة والأمر واسع، وقد لاحظنا من الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم خطب بعد صلاة الكسوف، والفقهاء على رأيين في هذا

(1) أبو داود (1/ 306) كتاب الصلاة، باب صلاة الكسوف.

(2)

أبو داود (1/ 309) كتاب الصلاة، باب القراءة في صلاة الكسوف.

(سجال) السجال: جمع سجل، وهو الدلو إذا كان فيه ماء، قل أو كثر، ولا يقال له وهو فارغ: سجل، ولفظه مذكر، والدلو مؤنثة، هكذا قال الجوهري. وقال الأزهري: السجل: أعظم ما يكون من الدلاء.

ص: 1464

الموضوع، فمنهم من اعتبر خطبته سنة دائمة ومنهم من اعتبرها خاصة بتلك الصلاة، ولاحظنا أن بعض الروايات تذكر رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم للجنة والنار وقد قربتا منه ولم يرهما أصحابه فدل ذلك على أن الجنة والنار مغيبتان عنا وإذا كانت الجنة فوق السماء السابعة الآن فهذا دليل على أن ما ذهبنا إليه من أن السماوات السبع والكرسي والعرش كلها من أمر الغيب.

ويمكننا إجمال فوائد الأحاديث بما يلي:

1 -

دل الحديث على مشروعية صلاة الكسوف وأن تؤدى بجماعة في المسجد، وقد اتفق العلماء على أنها سنة مؤكدة؛ لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم إياها، وجمعه الناس عليها، وهذه أمارات التأكيد.

2 -

دل حديث عائشة على أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان، وقد اتفقوا على عدد الركعات أنه اثنتان، لكن اختلفوا في عدد الركوع:

فذهب الحنفية إلى أنها تصلى بركوع واحد في كل ركعة.

وأجاب الحنفية عن أحاديث تعدد الركوع بأجوبة اختار منها الكمال بن الهمام، القول بالاضطراب، لأن الرواة اختلفوا، فتارة قالوا ركوعين، وتارة قالوا ثلاثة ركوعات، وتارة قالوا أربعة ركوعات، وقالوا غير ذلك. فوجب أن يصلي ما هو المعهود في الصلاة وهو ركعتان بركوع واحد للركعة. فرجعوا بهذه الدلالة العمل برواية الركوع الواحد.

وذهب المالكية والشافعية: إلى أنه يركع في كل ركعة ركوعين عملاً بحديث عائشة وغيرها، وقالوا إنه أصح الروايات وأشهرها فيعمل به، ويكون راجحاً على الروايات الأخرى. وهؤلاء سلكوا أيضاً طريق الترجيح بين الروايات.

أما الحنبلية فقالوا: الأفضل ما ورد في حديث عائشة، ولا مانع من الزيادة في الركوع عملاً بالروايات الأخرى. وهذا المسلك ذهب إلى الجمع بين الروايات والعمل بها جميعها.

ص: 1465