الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الأولى
في
صلاة الاستخارة
تقديم:
شرع للمسلم أن يتبع الأمر ويترك النهي، وفي الأمور المباحة التي تتردد المصلحة فيها حاضراً أو مستقبلاً أن يستخير وأن يستشير، فالاستخارة لله والاستشارة لأهل الله ممن اجتمع لهم إمامة ومعرفة وخبرة في الأمور التي يستشارون بها، تجعلان المسلم أقرب إلى الإصابة وأجدر بالصواب فهو بالاستخارة يعرض نفسه لرحمات الله ومعونته، وبالاستشارة تجتمع له قوة إلى قوة في الرأي.
والاستخارة شرعت بالسنة النبوية، وهي البديل المحكم لما كان عليه أهل الجاهلية من تطيير الطيور فإذا تيامنت أقدموا وإذا تياسرت أحجموا، كما أنها البديل المحكم لما يفعله الجهلة، إذ يستأنسون للإقدام والإحجام بأعمال غير معقولة ولا مشروعة، فشرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستخارة. وأي شيء أعظم من أن تلقي أمرك لله وتطلب من الله أن يختار لك.
والاستخارة صلاة ركعتين فدعاء كما سنرى، ثم بعد ذلك ينتظر المسلم ما ينشرح له صدره، فالعبرة في الاستخارة لانشراح الصدر والتيسير.
وقد يحس الإنسان بالانشراح بعد الاستخارة مباشرة، وقد يرى بعد الاستخارة رؤيا يستأنس بها عن المراد. ففي الحديث الثابت:"ذهبت النبوة وبقيت المبشرات، الرؤيا الصالحة للرجل الصالح يراها أو ترى له".
وإذا لم يتبين للإنسان شيء من الاستخارة الأولى يكرر الاستخارة، وقد استحب بعض الفقهاء تكرارها إلى سبع، وبنوا ذلك على رواية ذكرها ابن السني، ثم إن السبعة عدد مبارك فالسموات سبع، والأرضون سبع والطواف سبع ورمي الجمار سبع وأيام الأسبوع
سبعة، ثم إن السبعة تعبر عن الكثرة عند العرب فمن كرر الاستخارة سبعاً فقد أتى بالكثير الطيب.
عرف الحنفية الاستخارة بأنها طلب ما فيه الخير، وذكروا أنها تكون في الأمور المباحة التي لا يعرف وجه الصواب فيها وهي: ركعتان يدعو بعدهما بالدعاء المأثور كما سنراه، ويستحب افتتاح هذا الدعاء وختمه بالحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقرأ في الركعة الأولى {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية (الإخلاص) بعد الفاتحة في الركعتين.
ونص على قراءة هاتين السورتين في صلاة الاستخارة المالكية والشافعية وهي مندوبة في المذاهب الأربعة قال الحنفية ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء.
وإليك هذين النصين في صلاة الاستخارة:
2184 -
* روى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: "إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال: عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال: في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني، واصرفني عنه، وقادر لي الخير حيث كان، ثم رضني به". قال:
2184 - البخاري (3/ 48) 19 - كتاب التهجد، 25 - باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى.
أبو داود (2/ 89، 90) كتاب الصلاة، باب في الاستخارة.
الترمذي (2/ 345، 346) أبواب الصلاة، 349 - باب ما جاء في صلاة الاستخارة.
النسائي (6/ 80) 26 - كتاب النكاح، 27 - كيف الاستخارة.
(الاستخارة) في الأمور: طلب الخيرة فيها، واستعلام ما عند الله تعالى فيها.
(أستقدرك) لكذا، أي: أطلب منك أن تقدرني عليه.
(فاقدره لي) قدرت الشيء أقدره: أي قدرته وهيأته، وليلة القدر: هي الليلة التي تقدر فيها الأرزاق.
"ويسمي حاجته".
2185 -
* روى أبو يعلى عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد أحدكم أمراً فليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كان كذا وكذا في الذي يريد خيراً لي في ديني ومعيشتي وعاقبة أمري وإلا فاصرفه عني واصرفني عنه ثم قدر لي الخير أينما كان لا حول ولا قوة إلا بالله".
2185 - أبو يعلى (2/ 497) إسناده حسن.
مجمع الزوائد (2/ 281) قال الهيثمي: رواه أبو يعلى، ورجاله موثقون ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه.
ابن حبان (2/ 122) ذكر الأمر بالاستخارة إذا أراد المرء أمراً قبل الدخول عليه وفي الباب عن أبي هريرة وأبي أيوب، انظر موارد الظمآن 685 - 686.