الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الأولى
صلاة التراويح وقيام رمضان وتهجده
2034 -
* روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان، من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة، فيقول:"من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر.
في رواية (1) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لرمضان: "من قامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".
في رواية (2) قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".
قال النووي (6/ 39 - 40):
قوله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً" معنى إيماناً: تصديقاً بأنه حق مقتصده فضيلته ومعنى احتساباً: أن يريد الله تعالى وحده لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص والمراد بقيام رمضان صلاة التراويح واتفق العلماء على استحبابها واختلفوا في أن الأفضل صلاتها منفرداً في بيته أم في جماعة في المسجد فقال الشافعي وجمهور أصحابه وأبو حنيفة وأحمد وبعض المالكية وغيرهم: الأفضل صلاتها جماعة كما فعله عمر بن الخطاب والصحابة رضي الله عنهم واستمر عمل المسلمين عليه لأنه من الشعائر الظاهرة فأشبه صلاة العيد. وقال مالك وأبو يوسف وبعض الشافعية وغيرهم: الأفضل فرادى في البيت لقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". قوله صلى الله عليه وسلم: "غفر له
2034 - البخاري (4/ 250) 31 - كتاب صلاة التراويح، 1 - باب فضل من قام رمضان. وفي موضع آخر في البخاري (1/ 92) 2 - كتاب الإيمان، 27 - باب تطوع قيام رمضان من الإيمان.
مسلم (1/ 523) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 25 - باب الترغيب في قيام رمضان.
(1)
البخاري (4/ 250) 31 - كتاب صلاة التراويح، 1 - باب فضل من قام رمضان.
(2)
البخاري (4/ 255) 32 - كتاب فضل ليلة القدر، 1 - باب فضل ليلة القدر.
ما تقدم من ذنبه": المعروف عند الفقهاء أن هذا مختص بغفران الصغائر دون الكبائر قال بعضهم: ويجوز أن يخفق من الكبائر ما لم يصادف صغيرة.
قوله: (من غير أن يأمرهم بعزيمة) معناه: لا يأمرهم أمر إيجاب وتحتيم بل أمر ندب وترغيب ثم فسره بقوله: فيقول: "من قام رمضان" وهذه الصيغة تقتضي الترغيب والندب دون الإيجاب واجتمعت الأمة على أن قيام رمضان ليس بواجب بل هو مندوب. قوله: (فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر) معناه استمر الأمر هذه المدة على أن كل واحد يقوم رمضان في بيته منفرداً حتى انقضى صدر من خلافة عمر ثم جمعهم عمر على أبي بن كعب فصلى بهم جماعة واستمر العمل على فعلها جماعة، وقد جاءت هذه الزيادة في صحيح البخاري في كتاب الصيام. اهـ.
2035 -
* روى النسائي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان، ففضله على الشهور، فقال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
وفي أخرى (1) - فذكر مثله- وقال: "من صامه وقامه إيماناً واحتساباً".
وفي أخرى (2) قال: "إن الله فرض صيام رمضان، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
2036 -
* روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيى الليل، وأيقظ أهله، وجد، وشد المئزر".
2035 - النسائي (4/ 158) 22 - كتاب الصيام، 40 - ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير والنضر بن شيبان فيه وهذا الحديث أخرجه النسائي وقال: هذا خطأ، والصواب أنه عن أبي هريرة، وهذا الحديث حسن بشواهده.
(1)
النسائي (4/ 158) نفس الموضع السابق.
(2)
النسائي (4/ 158) نفس الموضع السابق.
2036 -
البخاري (4/ 269) 32 - كتاب فضل ليلة القدر، 5 - باب العمل في العشر الأواخر من رمضان.
مسلم (2/ 832) 14 - كتاب الاعتكاف، 3 - باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان.
أبو داود (2/ 50) كتاب الصلاة، 29 - باب تفريع أبواب شهر رمضان، باب في قيام شهر رمضان.
النسائي (3/ 217، 218) 20 - كتاب قيام الليل وتطوع النهار، 17 - الاختلاف على عائشة في إحياء الليل.
(شد المئزر) شد المئزر: كناية عن اجتناب النساء، أو عن الجد والاجتهاد في العمل.
ولمسلم (1) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره.
قال النووي (8/ 71): (ففي هذا الحديث أنه يستحب أن يزاد من العبادات في العشر الأواخر من رمضان واستحباب إحياء لياليه بالعبادات).
2037 -
* روى الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان".
2038 -
* روى الشيخان عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة بخصفة أو حصير- قال عفان: في المسجد، وقال عبد الأعلى: في رمضان- فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيها، قال: فتتبع إليه رجال، وجاؤوا يصلون بصلاته، قال: ثم جاؤوا ليلة، فحضروا، وأبطأ برسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم، وحصبوا الباب، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً، فقال لهم:"ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيُكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة".
وفي حديث عفان "ولو كتب عليكم ما قمتم به"، وفيه "فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".
(1) مسلم (2/ 832) 14 - كتاب الاعتكاف، 3 - باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان.
2037 -
الترمذي (3/ 161) 6 - كتاب الصوم، 73 - باب منه. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
2038 -
البخاري (2/ 214، 215) 10 - كتاب الأذان، 81 - باب صلاة الليل وهذا الحديث له موضع آخر في البخاري (10/ 517) 78 - كتاب الأدب، 75 - باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله تعالى.
مسلم (1/ 539) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 29 - باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد. أبو داود (2/ 69) كتاب الصلاة، 11 - باب في فضل التطوع في البيت.
(احتجر) الحجرة: الناحية المنفردة، والاحتجار: الانفراد والتنحي عن القوم، وقوله:"حجيرة" تصغير: حجرة.
(بخصفة) الخصفة: نوع من الحصر، وأصل الخصف: الجمع والضم، وقيل: الخصف: ثياب غلاظ، ولعلها شبهت بالخصف لخشونتها، فسميت به.
(وحصبوا) الحصب: الرمي بالحجارة.
وفي رواية (1) النسائي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة في المسجد من حصير، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة في المسجد من حصير، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ليالي، فاجتمع إليه ناس، ثم فقدوا صوته ليلة، فظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج، فلم يخرج، فلما خرج للصبح قال: "ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم، حتى خشيت أن يُكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".
قال التهانوي: (في الحديث دلالة على كون النوافل في البيت أفضل منها في المسجد وعلى كون الجماعة مختصة بالمكتوبة، وأما النوافل فالأصل فيها الإخفاء) وقال: (ومقتضى هذا الدليل أن تكره الجماعة في النفل والوتر مطلقاً إلا أنا قيدناه بالتداعي وهو أن يدعو بعضهم بعضاً، وفسره الفقهاء بالكثرة لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم التنفل بالجماعة أحياناً من غير تداع منه).
ثم قال: (وتفسير التداعي بالاهتمام والمواظبة أولى من تفسيرها بالعدد والكثرة كما لا يخفى. واستثنى العلماء صلاة التطوع في ليالي رمضان جماعة لما سيرد من الأدلة).
قال في الخلاصة: (ولا يصلى التطوع بجماعة إلا في رمضان) ا. هـ (إعلاء السنن 7/ 77 - 81).
لكن ذكر النووي (6/ 41) استدلالاً بالحديث التالي جواز النافلة جماعة وقال:
ولكن الاختيار فيها الانفراد إلا في نوافل مخصوصة وهي العيد والكسوف والاستسقاء، وكذا التراويح عند الجمهور. ا. هـ.
وجاء في رد المحتار على الدر المختار أثناء حديثه عن الجماعة في التطوع والوتر:
ويمكن أن يقال: الظاهر أن الجماعة فيه- أي في الوتر- غير مستحبة، ثم إن كان
(1) النسائي (3/ 198) 20 - كتاب قيام الليل وتطوع النهار، 1 - باب الحث على الصلاة في البيوت والفضل في ذلك.
أحياناً كان مباحاً غير مكروه وإن كان على سبيل المواظبة كان بدعة مكروهة لأنه خلاف المتوارث. ا. هـ.
قال التهانوي: ويؤيده ما في البدائع: (إن الجماعة في التطوع ليست بسنة إلا في قيام رمضان) فإن نفي السنية لا يستلزم الكراهة. ا. هـ.
2039 -
* روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم، وذلك في رمضان".
وفي رواية (1) قالت: كان الناس يصلون في المسجد في رمضان أوزعاً، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت له حصيراً، فصلى عليه
…
بهذه القصة، قالت فيه: قال: تعني النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس، أما والله ما بت ليلتي هذه بحمد الله غافلاً، ولا خفي علي مكانكم".
وفي رواية البخاري (2) ومسلم (3)"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج، فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى خرج لصلاة الفجر، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، ثم تشهد فقال: "أما بعد، فإنه لم يخف علي شأنكم الليلة، ولكني خشيت
2039 - أبو داود (2/ 49) كتاب الصلاة- باب تفريع أبواب شهر رمضان.
(1)
أبو داود (2/ 50) نفس الموضع السابق.
(2)
البخاري (2/ 403) 11 - كتاب الجمعة، 29 - باب من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد.
(3)
مسلم (1/ 524) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها، 25 - باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح.
(أوزاعاً): الأواع: الفرق والجماعات، يقال فيها: أوزاع من الناس، أي جماعات. وهو من التوزيع: التفريق.
أن تفرض عليكم صلاة الليل، فتعجزوا عنها".
وفي رواية (1) بنحوه ومعناه مختصراً، قال:"وذلك في رمضان".
زاد في أخرى (2)"فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك".
2040 -
* روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم، فقام ناس يصلون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية يصلي، فقام ناس يصلون بصلاته، فصنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثاً، حتى إذا كان بعد ذلك جلس النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخرج، فلما أصبح ذكر ذلك له الناس، فقال: "إني خفت أن تكتب عليكم صلاة الليل". قال: قالت: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرته والناس يأتمون به من وراء الحجرة".
بعد أن ناقش ابن حجر رحمه الله أسباب الخشية من أن تفرض الصلاة في الليل، قال (3/ 14):
(
…
لأن الخشية المذكورة أمنت بعد النبي صلى الله عليه وسلم لذلك جمعهم عمر بن الخطاب على أبي بن كعب). ا. هـ.
قال السيوطي في شرحه على سنن النسائي (3/ 202 - 203):
قال المحب الطبري: يحتمل أن يكون الله أوحى إليه أنك إن واظبت على هذه الصلاة معهم افترضتها عليهم، فأحب التخفيف عنهم بترك المواظبة، قال: ويحتمل أن يكون ذلك وقع في نفسه ما اتفق في بعض القرب التي داوم عليها فافترضت. وسئل الشيخ عز الدين بن عبد
(1) مسلم (1/ 524) نفس الموضع السابق.
(2)
مسلم (1/ 523) نفس الموضع السابق.
2040 -
البخاري (2/ 213، 214) 10 - كتاب الأذان، 80 - باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة.
أبو داود (1/ 293) كتاب الصلاة، 242 - باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار وقد أخرج أبو داود هذا الحديث مختصراً.
السلام عن هذا الحديث أنه يدل على أن المداومة على ما ليس بواجب تصيره واجباً، والمداومة لم تعهد في الشرع مغيرة لأحكام الأفعال، فكيف خشي عليه الصلاة والسلام أن يغير بالمداومة حكم القيام؟ فأجاب بأنه صلى الله عليه وسلم منه تتلقى الأحكام والأسباب فإن أخبر أن ههنا مناسبة اعتقدنا ذلك واقتصرنا بهذا الحكم على مورده.
2041 -
* روى النسائي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: "قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين، حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح، وكانوا يسمونه السحور".
2042 -
* روى الترمذي عن جبير بن نفير، عن أبي ذر، قال:"صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصل به حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام به في الخامسة حتى ذهب شطر الليل فقلت: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال: "إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلث من الشهر وصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح قلت له وما الفلاح؟ قال: السحور.
قال التهانوي (7/ 59): دلالته على ثبوت التراويح بالجماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرة، وفيه أيضاً: أنه صلاها بجماعة بالتداعي لما فيه أنه دعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، وهذا دليل من قال بسنية الجماعة لها مع مواظبة الصحابة على أدائها في جماعة، ولم يرو صريحاً أنه صلى الله عليه وسلم تهجد في هذه الليالي مستقلاً أم لا، وهل كانتا صلاتين أو صلاة واحدة؟ لكن الظاهر تغاير التراويح والتهجد، كما يدل عليه تغاير عنواني أحاديث الترغيب في قيام الليل، وفي قيام رمضان. وكذلك يدل عليه افتراض صوم رمضان بالمدينة بآية البقرة، وقد شرع التهجد قبل ذلك بمكة حين نزلت سورة المزمل، فدل ظاهراً على تغايرهما.
2041 - النسائي (3/ 203) 20 - كتاب قيام الليل وتطوع النهار، 4 - باب قيام شهر رمضان وإسناده صحيح.
2042 -
الترمذي (3/ 169) 6 - كتاب الصوم، 81 - باب ما جاء في قيام شهر رمضان وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ولكن يعكر عليه ما رواه البخاري في باب فضل من قام رمضان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه سأل عائشة رضي الله عنها كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة". الحديث، وفي "فتح الباري" (3/ 217): ذكر النووي أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح، يعني أنه يحصل بها المطلوب من القيام، لا أن قيام رمضان لا يكون إلا بها، وأعرب الكرماني فقال: اتفقوا على أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح. ا. هـ.
ثم قال التهانوي: قال بعض الناس: فالصحيح عندي عدم التغابر إلا أن التهجد في رمضان آكد، فافهم وتأمل، وحمل الحديث على التهجد فقط في رمضان بعيد. ا. هـ.
أقول: حمل التهانوي حديث عائشة على تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك لا يتنافى مع كونه صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل أكثر من إحدى عشرة ركعة، واستدل على ذلك ببعض الروايات الضعيفة التي حسنها لغيرها. انظر (الإعلاء 7/ 69 - 73).
2043 -
* روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه، وجاء رجل فقام أيضاً، حتى كنا رهطاً، فلما أحس النبي صلى الله عليه وسلم أنا خلفه جعل يتجوز في الصلاة، ثم دخل رحله، فصلى صلاة لا يصليها عندنا. قال: فقلنا له حين أصبحنا: فطنت لنا الليلة؟ قال: نعم، ذاك الذي حملني على ما صنعت، قال: فأخذ يواصل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في آخر الشهر، فأخذ رجال من أصحابه يواصلون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بال رجال يواصلون؟ إنكم لستم مثلي، أما والله لو تمادى بي الشهر لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم".
2044 -
* روى البيهقي عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي رضي الله عنه، قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في رمضان، فرأى ناساً في ناحية المسجد يصلون، فقال:
2043 - مسلم (2/ 775، 776) 13 - كتاب الصيام، 11 - باب النهي عن الوصال في الصوم.
ابن خزيمة (3/ 280) 135 - باب تسمية الوصال بتعمق في الدين وإسناده صحيح.
(المتعمقون): المتعمق: المبالغ في الأمر، المتشدد فيه، الذي يطلب أقصاه.
2044 -
سنن البيهقي (2/ 495) كتاب الصلاة، باب من زعم أنها بالجماعة لمن لا يكون حافظاً للقرآن. وهذا الحديث إسناده جيد كذا في آثار السنن.
"ما يصنع هؤلاء؟ " قال قائل: يا رسول الله: هؤلاء ناس ليس معهم القرآن وأبي بن كعب يقرأ وهم معه يصلون بصلاته، قال:"قد أحسنوا وقد أصابوا" ولم يكره ذلك لهم.
قال التهانوي: دلالته على تقرير التراويح بالجماعة من النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرة، فكان سنة التقرير والرضا.
2045 -
* روى مالك عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم، فجمعهم على أُبي بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون- يريد: آخر الليل- وكان الناس يقومون أوله.
قال ابن الأثير: وأما قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه" فإنه يريد بها صلاة التراويح، فإنه في حيز المدح، لأنه فعل من أفعال الخير، وحرص على الجماعة المندوب إليها، وإن كانت لم تكن في عهد أبي بكر رضي الله عنه، فقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قطعها إشفاقاً من أن تفرض على أمته، وكان عمر ممن نبه عليها وسنها على الدوام، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، وقد قال في آخر الحديث:"والتي تنامون عنها أفضل". تنبيهاً منه على أن صلاة آخر الليل أفضل، قال: وقد أخذ بذلك أهل مكة، فإنهم يصلون التراويح بعد أن يناموا.
2046 -
* روى ابن خزيمة عن عروة بن الزبير: أن عبد الرحمن بن عبد القاري- وكان في عهد عمر بن الخطاب مع عبد الله بن الأرقم على بيت المال- أن مر خرج ليلة في رمضان فخرج معه عبد الرحمن بن عبد القاري فطاف بالمسجد وأهل المسجد أوزاع متفرقون،
2045 - الموطأ (1/ 114، 115) 6 - كتاب الصلاة في رمضان، 2 - باب ما جاء في قيام رمضان.
البخاري (4/ 250) 31 - كتاب صلاة التراويح، 1 - باب فضل من قام رمضان.
(أمثل) هذا أمثل من كذا، أي: أفضل وأدنى إلى الخير، وأماثل الناس: خيارهم.
2046 -
ابن خزيمة (2/ 155، 156) 448 - باب ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أوتر هذه الليلة التي بات ابن عباس فيها عنده بعد طلوع الفجر وإسناده صحيح.
يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: والله إني أظن لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم عمر على ذلك، وأمر أُبي بن كعب أن يقوم لهم في رمضان. فخرج عمر عليهم والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعم البدعة هي، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون- يريد آخر الليل- فكان الناس يقومون أوله، وكانوا يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، والق عليهم رجزك وعذابك إله الحق، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير ثم يستغفر للمؤمنين، قال: وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي، واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته: اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك ربنا، ونخاف عذابك الجد، إن عذابك لمن عاديت ملحق، ثم يكبر ويهوي ساجداً".
أقول: إن أهل الحرمين في عصرنا يصلون التراويح عشرين ركعة بعد فريضة العشاء وراتبتها مباشرة، ويصلون بعدها الوتر ويقرؤون في التراويح جزءاً من القرآن في كل ليلة، وبعد النصف من رمضان يصلون التهجد بعد منتصف الليل فيقرؤون في تهجدهم كل ليلة جزئين من القرآن. وظاهر من النصين اللذين مرا معنا أن أهل الحرمين يراعون ما جاء فيهما من الإشارة إلى التهجد في النص الأول، ومن ذك النصف في النص الثاني، وفي النص الثاني إشارة إلى صيغة القنوت التي كانوا يقنتون بها في الوتر وهي قريبة من الصيغة التي يقنت بها الحنفية والمالكية في الوتر، وقد علق البغوي في شرح السنة على حديث عبد الرحمن بن عبد القاري بما يلي:
قوله: (أوزاع) أي: جماعات متفرقة لا واحد لها من لفظها، يقال: وزعت الشيء بينهم، أي: فرقته وقسمته.
وقوله: (نعمت البدعة هذه) إنما دعاه بدعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها، ولا كانت في زمن أبي بكر، وأثنى عليها بقوله:(نعم) ليدل على فضلها، ولئلا يمنع هذا اللقب من فعلها، ويقال:(نعم) كلمة تجمع المحاسن كلها، (وبئس) كلمة تجمع المساوئ كلها.
وقيام شهر رمضان جماعة سُنة غير بدعة، لقوله صلى الله عليه وسلم "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين"[جزء من حديث رواه أصحاب السنن عن أبي نجيح بسند صحيح]. اهـ.
قال ابن حجر في (الفتح 4/ 253): والبدعة أصلها: ما أحدث على غير مثال سابق وتطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة، والتحقيق: أنها إن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة وإن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة وإلا فهي من قسم المباح وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة. اهـ.
2047 -
* روى مالك عن يزيد بن رومان قال: "كان الناس يقومون في زمن عمر في رمضان بثلاث وعشرين ركعة".
2047 - الموطأ (1/ 115) 6 - كتاب الصلاة في رمضان، 2 - باب ما جاء في قيام رمضان.
قال محقق الجامع: وفي سنده انقطاع، فإن يزيد بن رومان لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أقول: لكن جاء الحديث من طريق آخر موصول صحيح، رواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 469) عن السائب بن يزيد قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة، قال: وكانوا يقرؤون بالمئين، وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه من شدة القيام، وإسناده صحيح، صححه غير واحد من العلماء، منهم الإمام النووي في (المجموع 4/ 32) قال: واحتج أصحابنا- يعني الشافعية- بما رواه البيهقي وغيره بالإسناد الصحيح عن السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه
…
فذكره، وفي الباب عن ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر المروزي وغيرهما آثار عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون عشرين ركعة، ومن ضعف حديث العشرين فما أصاب وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (فتاواه 2/ 401): قيام رمضان لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عدداً معيناً، بل كان هو صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يطيل الركعات، فلما جمعهم عمر على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة ثم يوتر بثلاث، وكان يخف القراءة بقدر ما زاد من الركعات، لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة، ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة، ويوترون بثلاث، وآخرون قاموا بست وثلاثين وأوتروا بثلاث، وهذا كله سائغ، فكيفهما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن، والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام، فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه، فالقيام بعشرين هو الأفضل، وهو الذي يعمل به
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أكثر المسلمين، فإنه وسط بين العشرين وبين الأربعين، وإن كان بأربعين وغيرها جاز ذلك، ولا يكره شيء من ذلك، وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره، ومن ظن أن قيام رمضان في عدد موقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزداد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ. اهـ وانظر (فتح الباري) للحافظ بن حجر (4/ 253 - 254).
وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على حديث يزيد بن رومان في شرح السنة (4/ 120 - 122) ما يلي:
هو في الموطأ: (1/ 115) في الصلاة في رمضان، باب ما جاء في قيام رمضان ويزيد بن رومان لم يدرك عمر، فهو منقطع، لكن الحديث ورد من طريق آخر موصول صحيح، فقد قال البيهقي في (السنن 2/ 496): أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن فنجويه الدينوري بالدامغان، ثنا أحمد بن محمد بن إسحاق السني، أنبأ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، ثنا علي بن الجعد، أنبأ ابن أبي ذئب، وعن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة، قال: وكانوا يقرؤون بالمئين، وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه من شدة القيام. وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم عدول ثقات، أما أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن فنجويه، فهو من كبار المحدثين في زمانه، لا يسأل عن مثله، ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة تمام بن أبي الحسين الرازي، وأما أحمد بن محمد بن إسحاق المعروف بابن السني، وهو صاحب كتاب عمل اليوم والليلة. وراوي سنن النسائي وصفه الذهبي بقوله: كان ديناً خيراً صدوقاً، وأما عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، فهو ثقة ثبت فهم عارف، سئل الدارقطني عنه فقال: ثقة إمام جبل أقل المشايخ خطأ، وعلي بن الجعد، هو أحد شيوخ البخاري، ذكره الحافظ في التقريب، وقال: ثقة ثبت، وإما ابن أبي ذئب، فثقة فقيه فاضل، وأما يزيد بن خصيفة، فهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة بن عبد الله بن يزيد الكندي المدني، وقد ينسب لجده، وثقه أحمد، وأبو حاتم، والنسائي، وابن سعد، وابن حبان، وابن عبد البر، وقال ابن معين: ثقة حجة، وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديثه، وقول أحمد فيه في إحدى روايتيه فيما رواه عنه أبو داود: منكر الحديث، لا يراد منه التضعيف والقدح، وإنما يقصد به أن ينفرد عن أقرانه بأحاديث، وأما السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي، فهو صحابي صغير حج به حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة، أخرج له الجماعة، وقد صحح إسناد هذا الأثر غير واحد من الحفاظ، منهم الإمام النووي في "الخلاصة" و"المجموع"، وابن العراقي في "طرح التثريب"، والسيوطي في "المصابيح" وغيرهم، ولا نعلم أن أحداً من أئمة أهل العلم من المتقدمين قد ضعفه، وما ادعاه بعض المعاصرين من أن الشافعي قد ضعفه مستدلاً بتصديره إياه بـ "روي" فوهم، لأن الشافعي رحمه الله قد أخذ به، واستحبه، وهو لا يأخذ بالحديث الضعيف، والمتقدمون كالشافعي
2048 -
* روى مالك عن السائب بن يزيد قال: أمر عمر أبي بن كعب وتميماً الداري: أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.
قال الشيخ شعيب في شرح السنة (1/ 120).
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 115) في الصلاة في رمضان: باب ما جاء في قيام رمضان، وإسناده صحيح، وقال الحافظ في الفتح (4/ 253): ورواه الرزاق من وجه آخر عن محمد بن يوسف، فقال: إحدى وعشرين.
أقول: ومحمد بن يوسف بن عبد الله الكندي المدني، ثقة ثبت، كذا في التقريب.
ومن كلام البغوي في شرح السنة: اختلف أهل العلم في قيام شهر رمضان، فذكر حديث السائب بن يزيد وحديث يزيد بن رومان ثم قال: ورأى بعضهم أن يصلي إحدى
= وأضرابه لا يتقيدون بهذا المصطلح الذي تعارف عليه بعض المتأخرين، كالمنذري، والنووي، فهم يوردون الحديث الصحيح بصيغة التمريض في كتبهم، يفعلون ذلك دوماً للاختصار، وكم من حديث ذكره المصنف رحمه الله بصيغة التمريض، وهو حديث صحيح مخرج في "الصحيحين" أو أحدهما، وفي الباب عند أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر رجلاً يصلي بهم عشرين ركعة، وإسناده مرسل قوي، وعنده أيضاً: عن نافع عن ابن عمر قال: كان ابن أبي مليكة يصلي بنا في رمضان عشرين ركعة، وإسناده صحيح، وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة التابعي الثقة الفقيه المدني أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وروى البيهقي عن أبي الخصيب قال: كان يؤمنا سويد بن غفلة في رمضان، فيصلي خمس ترويحات عشرين ركعة، وأبو الخصيب لا يعرف، وسويد بن غفلة مخضرم من كبار التابعين قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مسلماً في حياته، ثم نزل الكوفة، ومات سنة ثمانين، وله مائة وثلاثون سنة. وفي قيام الليل ص (91، 92) لمحمد بن نصر المروزي آثار عن الصحابة والتابعين، وأتباع التابعين أنهم كانوا يصلون عشرين ركعة، وبعضهم يزيد على ذلك. ا. هـ.
2048 -
الموطأ (1/ 115) 6 - كتاب الصلاة في رمضان، 2 - باب ما جاء في قيام رمضان وإسناده صحيح.
(فروع الفجر) يريد: قبيله بقريب، وفرع كل شيء: أعلاه.
وأربعين ركعة مع الوتر، وهو قول أهل المدينة، والعمل على هذا عندهم، وهو اختيار إسحاق وأما أكثر أهل العلم، فعلى عشرين ركعة يروى ذلك عن عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأصحاب الرأي، قال الشافعي: وهكذا أدركت ببلدنا بمكة يصلون عشرين ركعة.
ولم يقض أحمد فيه بشيء.
واختار ابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، الصلاة مع الإمام في شهر رمضان، واختار الشافعي أن يصلي وحده إذا كان قارئاً.
ولعل أهل الحرمين الآن يجمعون عملياً بين الروايتين بفعلهم وهناك اتجاهات أخرى في الجمع بين الروايتين، قال ابن حجر (4/ 253):(الجمع) ممكن باختلاف الأحوال ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها فحيث يطيل القراءة تقل الركعات وبالعكس.
أقول: والذي يظهر لي أن الجمع بين روايتي السائب بن يزيد ورواية يزيد بن رومان أن رواية السائب بن يزيد في التهجد بدليل ذكره أنهم كانوا يصلون فيها إلى قُرَيب الفجر وأما رواية يزيد بن رومان فهي في التراويح.
قال التهانوي (7/ 73):
لا يقال: إن عمر رضي الله عنه لم يجمع الناس على عشرين ركعة حتماً، بل جمعهم على قيام رمضان موسعاً بين إحدى عشرة ركعة، وثلاث وعشرين ركعة، لما روى مالك، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد، أنه قال:"أمر عمر بن الخطاب أُبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة. وكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام" كذا في [آثار السنن (2/ 52)] لأن هذا أثر مضطرب المتن، اختلف فيه على محمد بن يوسف، فروى عنه مالك في الموطأ، ويحيى القطان عند ابن أبي شيبة، وعبد العزيز بن محمد عند سعيد بن منصور هكذا إحدى عشرة ركعة. ورواه محمد بن نصر في قيام الليل من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن
يوسف، فقال: ثلاث عشرة. ورواه عبد الرزاق من وجه آخر عن محمد بن يوسف، فقال: إحدى وعشرين. قاله الحافظ في [الفتح (4 - 219)]، وهذا اختلاف يسقط الاحتجاج بالأثر. قال ابن عبد البر: روى غير مالك في هذا الحديث إحدى وعشرين، وهو الصحيح، ولا أعلم أحداً قال فيه إحدى عشرة إلا مالكاً، إلى أن قال: الأغلب عندي أن قوله: "إحدى عشرة" وهم، كذا في "التعليق الحسن" نقلاً عن الزرقاني في [شرح الموطأ (2 - 52)].
قلت- أي التهانوي-: لم يهم فيه مالك لمتابعة اثنين له في ذلك عن محمد بن يوسف، بل الوهم عندي فيه من محمد بن يوسف، فإنه قال مرة:"إحدى وعشرين"، ومرة:"إحدى عشرة"، وتارة:"ثلاث عشرة". والجمع بينهما بالحمل على اختلاف الأحوال ونحوه كما قال الحافظ وغيره بعيد مستغنى عنه، فإن المخرج واحد، فكيف يصح حمله على اختلاف الأحوال؟ والمحفوظ ما رواه يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد، قال: كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة. كما ذكرناه في المتن. أخرجه البيهقي وسنده صحيح، وعزاه الحافظ في ["الفتح" (4 - 219)] إلى مالك أيضاً فإن له شواهد كثيرة صحيحة. ا. هـ.
2049 -
* روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر [بن محمد بن عمرو بن حزم] قال: سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة فوت السحور.
وفي أخرى "مخافة الفجر".
أقول: هذا كذلك محمول على التهجد.
2049 - الموطأ (1/ 116) 6 - كتاب الصلاة في رمضان، 2 - باب ما جاء في قيام رمضان، وإسناده صحيح.
2050 -
* روى مالك عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج سمع يقول: ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، قال: وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، فإذا قام بها في ثنتي عشرة ركعة رأى النسا أن قد خفف.
2050 - الموطأ (1/ 115) 6 - كتاب الصلاة في رمضان، 2 - باب ما جاء في قيام رمضان، وإسناده صحيح.