الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقرة الثانية
في صلاة المريض
عرض إجمالي
للمرض أنواع ولبعض أنواعه درجات، ومن مظاهر يسر الإسلام، ورفع الحرج فيه أن خفف بسبب المرض بعض التكاليف يظهر ذلك في دوائر كثيرة وتمر معنا أثناء عرض نصوص الكتاب والسنة أحكام كثيرة لها صلة بالتخفيف عن المريض، وكثيراً ما تمر في أبواب الفقه أحكام تتعلق بالمريض، وقد مرت معنا من قبل في جزء الصلاة كثير من الأحكام التي تتعلق بالمريض والمرض ففي أبحاث الطهارة مرت مخففات بسبب المرض، وفي أبحاث الجمعة والجماعة مرت مخففات بسبب المرض، وسيمر معنا في جزء الصوم وفي جزء الحج وفي جزء الجهاد وفي أجزاء أخرى من هذا الكتاب أحكام كثيرة خفف الله عز وجل بها عن المكلف بسبب المرض.
وقد خصصنا هذه الفقرة لصلاة المريض وها نحن نستخلص بعض أحكام صلاة المريض من كتب الفقه. لقد اتفق الفقهاء على أنه يسقط القيام في الفرض والنافلة للعاجز عنه. ولكن إذا قدر على بعض القراءة ولو آية قائماً لزمه بقدرها، ومن حالات العجز المسقطة للقيام:
حالة المداواة كمن يسيل جرحه إذا قام أو أثناء مداواة العين استلقاء، ومن الحالات المسقطة للقيام: حالة سلس البول فإن كان يسيل بوله لو قام، وإن قعد لم يسل صلى قاعداً ولا إعادة عليه.
ومن الحالات التي يسقط فيها القيام عند الحنابلة أن يصلي الإنسان خلف إمام حي عاجز.
ومن كلام الحنفية في صلاة المريض إذا عجز المريض عن القيام سقط عنه وصلى قاعداً كيف تيسر له، يركع ويسجد إن استطاع، فإن لم يستطع الركوع والسجود أو السجود فقط أومأ إيماء برأسه وجعل إيماءه للسجود أخفض من ركوعه، ولا يرفع إلى وجهه شيئاً مثل الكرسي والوسادة وأمثاله ليسجد عليه.
فإن لم يستطع القعود استلقى على ظهره وجعل رجليه إلى القبلة وأومأ بالركوع والسجود، وإن استلقى على جنبه ووجهه إلى القبلة وأومأ جاز، والاستلقاء أولى من الاضطجاع، والاضطجاع على الشق الأيمن أولى من الأيسر، وإذا عجز عن التوجه إلى القبلة سقط عنه التوجه على مذهب الإمام أبي حنيفة في كل الأحوال ولو وجد من يوجهه، وقال آخرون إن وجد من يوجهه نحو القبلة استعان بهم وصلى نحو القبلة، فإن لم يستطع الإيماء برأسه أخر الصلاة عند الحنفية ولا يومئ بعينه ولا بقلبه ولا بحاجبيه، وما دام يفهم مضمون الخطبة فإن الصلاة لا تسقط عنه ويجب عليه القضاء ولو كثرت الصلوات، ولكن ذكر الكاساني في البدائع كما ذكر غيره عدم لزوم القضاء إذا كثرت الصلوات فزادت عن صلاة يوم وليلة وعليه الفتوى.
وإن قدر المريض على القيام ولم يقدر على الركوع والسجود لم يلزمه القيام وجاز أن يصلي قاعداً يومئ برأسه إيماءً.
وإن صلى الصحيح بعض صلاته قائماً ثم مرض أتمها قاعداً يركع ويسجد أو يومئ إذا لم يستطع الركوع والسجود أو مستلقياً إذا لم يستطع القعود.
ومن صلى قاعداً يركع ويسجد لمرض ثم صح أتم صلاته قائماً، أما إذا كان يومئ إيماء ثم قدر على القيام والركوع والسجود بطلت صلاته واستأنف الصلاة من جديد.
(انظر الدر المختار وحاشية ابن عابدين 1/ 508 - 512).
ومن كلام المالكية في صلاة المريض:.
إذا لم يقدر المصلي على القيام استقلالاً لعجز أو لمشقة فادحة كدوخة في صلاة الفرض، جاز فيه الجلوس، ولا يجوز الاضطجاع إلا لعذر.
ويجوز أداء بعض الصلاة قائماً وبعضها جالساً باتفاق أهل المذهب.
ومن قدر على القيام في الفرض، ولكن خاف به ضرراً كالضرر المبيح للتيمم (وهو خوف حدوث مرض من نزلة أو إغماء أو زيادته لمتصف به، أو تأخر برء)، أو خاف
بالقيام خروج حدث كريح، استند ندباً لحائط أو على قضيب أو لحبل معلق بسقف البيت يمسكه عند قيامه، أو على شخص غير جنب أو حائض. فإن استند على جنب أو حائض أعاد بوقت ضروري.
وإن صلى جالساً مستقلاً عن غيره، مع القدرة على القيام مستنداً، صحت صلاته.
وإن تعذر القيام بحالتيه (مستقلاً أو مستنداً)، جلس وجوباً إن قدر، وإن لم يقدر جلس مستنداً.
وتربع ندباً للجلوس البديل عن القيام: وهو حالة تكبيرة الإحرام، والقراءة والركوع، ثم يغير جلسته في الجلوس بين السجدتين والتشهد.
وإن لم يقدر على الجلوس بحالتيه (مستقلاً أو مستنداً)، صلى على شق أيمن ندباً، فأيسر إن عجز عن الأيمن، ثم مستلقياً على ظهره ورجلاه للقبلة، فإن لم يقدر فعلى بطنه ورأسه للقبلة.
وإن كان بجبهته قروح، فسجد على أنفه، صحت صلاته، لأنه أتى بما في طاقته من الإيماء، علماً بأن حقيقة السجود: وضع الجبهة على الأرض.
إن لم يقدر المصلي على شيء من الأركان إلا على نية، بأن ينوي الدخول في الصلاة ويستحضرها، أو قدر على النية مع إيماء بطرف، وجبت الصلاة بما قدر عليه، وسقط عنه غير المقدور عليه. وإن قدر مع ذلك على "السلام" سلم.
ولا يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها بما قدر عليه، ما دام المكلف في عقله. (انظر الشرح الصغير 1/ 358 - 363) وقال الشافعية: إن لم يقدر على القيام في الفرض مع نصب عموده الفقري، وقف منحنياً، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور.
وإن عجز عن القيام أصلاً (بأن لحقته مشقة شديدة لا تحتمل في العادة كدوران رأس راكب السفينة)، قعد كيف شاء وقعوده مفترشاً كهيئة الجالس للتشهد الأول أفضل من تربعه في الأظهر، فإن لم يقدر على القعود: بأن نالته المشقة السابقة، اضطجع وجوباً على
جنبه، مستقبلاً القبلة بوجهه ومقدم بدنه. والجنب الأيمن أفضل للاضطجاع عليه من الأيسر، والأيسر بلا عذر مكروه.
فإن لم يقدر على الاضطجاع استلقى، ويرفع وجوباً رأسه بشيء كوسادة ليتوجه إلى القبلة بوجهه ومقدم بدنه.
ويركع ويسجد بقدر إمكانه، فيومئ برأسه للركوع والسجود، وإيماؤه للسجود أكثر، قدر إمكانه.
فإن لم يقدر، أومأ بطرفه (أي بصره) إلى أفعال الصلاة.
فإن لم يقدر، أجرى الأركان على قلبه، مع السنن، بأن يمثل نفسه قائماً وراكعاً، وهكذا؛ لأنه الممكن.
فإن اعتقل لسانه، أجرى القراءة وغيرها على قلبه كذلك.
ولا تسقط عنه الصلاة ما دام عقله ثابتاً، لوجود مناط التكليف.
ومتى قدر على مرتبة من المراتب السابقة في أثناء الصلاة، لزمه الإتيان بها.
وللقادر على القيام: أن يتنفل قاعداً، أو مضطجعاً في الأصح، لا مستلقياً، ويقعد للركوع والسجود ولا يومئ بهما إن اضطجع، لعدم وروده في السنة.
والخلاصة: أن المريض يصلي كيف أمكنه ولو مومياً ولا يعيد، والغريق والمحبوس يصليان موميين ويعيدان. انظر (المهذب 1/ 101)، (الفقه الإسلامي 1/ 642).
وقال الحنابلة: إن لم يستطع المريض القيم أو شق عليه مشقة شديدة لضرر من زيادة مرض، أو تأخر برء ونحوه، فإنه يصلي قاعداً، متربعاً ندباً كمتنفل وكيف قعد جاز كالمتنفل، ويثني رجليه في ركوع وسجود، كمتنفل. انظر (المغني 2/ 143 - 149).
والخلاصة: أن أقصى حالات التيسير للمريض هو الإيماء بالرأس عند الحنفية، والإيماء بالطرف (البصر أو العين) أو مجرد النية عند المالكية، وإجراء الأركان على القلب عند الشافعية والحنابلة.
واتفق الكل على أنه لا تسقط الصلاة عن المرء ما دام في عقله.
انظر (الفقه الإسلامي 1/ 644 - 645).
وهذه نصوص تتعلق بصلاة المريض: