المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مسائل وفوائد جاء في "المدونة" (1/ 193) للإمام مالك رواية الإمام - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ٣

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالثفي: صلاة الجمعة وما يتعلق بها

- ‌العرض الإجمالي

- ‌الفقرة الأولى: في فضل يوم الجمعة وفي بعض خصائصه

- ‌ الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وما فيه من عظائم الأمور:

- ‌ساعة الإجابة يوم الجمعة:

- ‌الفقرة الثانيةفي وجوب صلاة الجمعة على المكلفين بها إلا لعذر، وفي الترهيب من تركها وفيبعض آدابها

- ‌وجوب صلاة الجمعة والترهيب من تركها لغير عذر:

- ‌ الترغيب في صلاة الجمعة:

- ‌بعض آداب يوم الجمعة:

- ‌التبكير إلى الصلاة

- ‌ الاغتسال للصلاة ومس الطيب ولبس أحسن الثياب والإنصات وعدم تخطي الرقاب:

- ‌ اتخاذ لباس خاص للجمعة:

- ‌ متى تدرك الجمعة:

- ‌ من نعس في صلاة الجمعة فليتحول من مكانه:

- ‌ إذا اجتمع العيد والجمعة لا تسقط الجمعة به:

- ‌ أعذار ترك الجمعة والسفر يوم الجمعة:

- ‌الفقرة الثالثة: وقت الجمعة ونداؤها وخطبتها وآدابها

- ‌ وقت صلاة الجمعة:

- ‌ مشروعية الأذان الثالث وهو الأول الآن:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة:

- ‌ القيام في الخطبة:

- ‌ قصر الخطبة وإطالة الصلاة:

- ‌ التشهد والحمدلة في الخطبة:

- ‌ الخطيب لا يرفع يديه بالدعاء:

- ‌ استقبال الناس الخطيب:

- ‌ استحباب الدنو من الإمام:

- ‌ التحدث أثناء الأذان والإمام على المنبر:

- ‌ الإنصات للخطبة:

- ‌ الصلاة والإمام يخطب:

- ‌ قطع الخطبة للحاجة:

- ‌ النهي عن تخطي الرقاب:

- ‌ النهي عن أن يقيم الرجل الرجل من مقعده:

- ‌ النهي عن الاحتباء:

- ‌ النهي عن الحلق:

- ‌القراءة في صلاة الجمعة:

- ‌الفقرة الرابعة: راتبة الجمعة

- ‌تحقيق في سنة الجمعة القبلية:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب السادسفي صلوات الليل والنهار في الأحوال العادية عدا الصلوات الخمسوفيه مقدمة وعرض إجمالي وفقرات ومسائل وفوائد

- ‌العرض الإجمالي

- ‌الفقرة الأولىفي أحاديث ومسائل متنوعة تتحدث عن النوافل

- ‌ الصلاة في البيوت:

- ‌ الاقتصاد والمداومة في العبادة:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النافلة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي رواتب الصلوات الخمس

- ‌ نصوص جامعة:

- ‌ راتبة الفجر:

- ‌ ما يقرأ في راتبة الفجر:

- ‌ الاضطجاع بعد راتبة الفجر:

- ‌ قضاء راتبة الفجر وحكم صلاتها إذا افتتحت الصلاة:

- ‌فائدة:

- ‌ راتبة الظهر والعصر:

- ‌ راتبة المغرب والعشاء:

- ‌الفقرة الثالثة:في الوتر

- ‌ مشروعية الوتر:

- ‌ وقت صلاة الوتر:

- ‌ متى يوتر:

- ‌ قضاء الوتر:

- ‌ عدد ركعات الوتر:

- ‌ القنوت في الوتر:

- ‌ هل ينقض الوتر:

- ‌ الصلاة بعد الوتر:

- ‌ هل يسلم بعد ركعتي الوتر:

- ‌ صلاة الوتر على الراحلة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الرابعةفي:الضحى

- ‌الفقرة الخامسة:في قيام الليل

- ‌ فضل قيام الليل والترغيب فيه:

- ‌ من غلب عن صلاة الليل:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل

- ‌ما يقول إذا قام يتهجد من الليل:

- ‌ الصلاة في الليل لرفع الفتن:

- ‌ الاقتصاد في القيام:

- ‌الفقرة السادسة:في نوافل تتكرر يومياً ولها سبب

- ‌ تحية المسجد:

- ‌ سنة الوضوء:

- ‌ صلاة دخول المنزل والخروج منه:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة السابعة:في النفل المطلق

- ‌الفقرة الثامنة:في صلاة التسابيح

- ‌الباب السابعفي الصلوات السنوية

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىصلاة التراويح وقيام رمضان وتهجده

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي صلاة العيدينعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاتي العيدين

- ‌ تشريع يومي العيد وفضلهما:

- ‌ وقت صلاة العيدين:

- ‌ صلاة العيد من غير أذان ولا إقامة

- ‌ عدد ركعات صلاة العيد:

- ‌ تكبيرات صلاة العيد:

- ‌ القراءة في صلاة العيد:

- ‌ الخطبة وبعض آدابها وموقعها:

- ‌ حكم الاستماع لخطبة العيد:

- ‌ إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة مفارقات الرجال:

- ‌ الخطبة على الراحلة واتخاذ عصاً:

- ‌ نصب الحربة للإمام يوم العيد:

- ‌ حكم التنفل قبل وبعد صلاة العيد:

- ‌ اجتماع العيد والجمعة:

- ‌ قضاء صلاة العيد وصلاتها في اليوم الثاني لعذر

- ‌ الصلاة لمن فاته العيد

- ‌ النحر يوم الأضحى:

- ‌ الرخصة في اللعب واللهو يوم العيد:

- ‌الباب الثامنفي الصلوات في الأحوال العارضة

- ‌المقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي صلاة المسافرعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة المسافر

- ‌ مسافة القصر:

- ‌ وجوب القصر في السفر:

- ‌ مدة السفر التي يصح معها القصر

- ‌ القصر لمن لم ينو الإقامة وإن طال مكثه:

- ‌ قصر الصلاة في السفر من غير خوف:

- ‌ رخصة الإتمام في السفر:

- ‌ التطوع في السفر:

- ‌ صلاة النفل على الراحلة في السفر:

- ‌الصلاة على الراحلة في السفر لعذر:

- ‌ صلاة المقيم خلف المسافر:

- ‌ الصلاة لمن يريد السفر والقادم منه:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي صلاة المريضعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة المريض

- ‌الفقرة الثالثةفي صلاة الخوف

- ‌مقدمة

- ‌عرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة الخوف

- ‌فائدة:

- ‌وصل: في ما حدث من جمع الصلواتيوم الخندق وقريظة وما يمكن أن يبنى عليه

- ‌أولاً: حادثة الخندق:

- ‌ثانياً: حادثة بني قريظة:

- ‌تعليقات:

- ‌الباب التاسعصلاة المناسبات

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىفيصلاة الاستخارة

- ‌تقديم:

- ‌الفقرة الثانيةفي:‌‌ صلاة الحاجة، وصلاة التوبة، وصلاة من قدم للقتل

- ‌ صلاة الحاجة

- ‌صلاة التوبة:

- ‌الصلاة ركعتين لمن قدم للقتل:

- ‌الفقرة الثالثةصلاة الاستسقاءالعرض الإجمالي

- ‌ الدعاء والصلاة وقلب الرداء في الاستسقاء:

- ‌ من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء والاستسقاء في صلاة الجمعة:

- ‌ إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط:

- ‌ رفع الأيدي بدعاء الاستسقاء:

- ‌ ما يقوله في دعاء الاستسقاء:

- ‌ ما يقول إذا رأى المطر:

- ‌ الإصابة من مطر السماء:

- ‌ تحريم الاستمطار بالأنواء والتحذير من الشرك بالله:

- ‌ التوسل بالصالحين:

- ‌الفقرة الرابعةفيالكسوف والخسوف

- ‌مقدمة وعرض إجمالي:

- ‌ الصلاة في كسوف الشمس وكيفيتها والتعوذ من عذاب القبر:

- ‌ الشمس والقمر آيتان لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته:

- ‌ما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر الجنة والنار في صلاة الخسوف:

- ‌ صلاة الرجال مع النساء في الكسوف:

- ‌ إطالة القيام والركوع والسجود في الكسوف والركعة الأولى في الكسوف أطول:

- ‌ الفزع إلى الدعاء والذكر والاستغفار عند كسوف الشمس:

- ‌الفقرة الخامسةفيصلاة الجنازة وأحكام الشهداء

- ‌مقدمة وعرض إجمالي:

- ‌وخلاصة الأمر هي ما يلي:

- ‌ أجر من صلى على جنازة وتبعها:

- ‌ الصلاة على الغائب:

- ‌ التكبيرات في صلاة الجنازة:

- ‌ ما يقرأ في صلاة الجنازة والدعاء للميت:

- ‌ الصلاة على الصغير:

- ‌ تقديم الرجال على النساء في صلاة الجنازة:

- ‌ وقت الصلاة على الجنازة:

- ‌الصلاة على الجنازة في المسجد:

- ‌ الصلاة على القبر:

- ‌ الصلاة على من عليه حق للعباد:

- ‌ الصلاة على من قتل نفسه:

- ‌ فضل كثرة المصلين على الجنازة:

- ‌ النهي عن الصلاة على الجنائز بين القبور:

- ‌ لا صلاة على منافق علم نفاقه:

- ‌ الأولى بالصلاة على الجنازة:

- ‌ التسليم في الجنازة:

- ‌وصل في أحكام الشهداء

- ‌الباب العاشرفي السجدات

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي سجود السهوعرض إجمالي

- ‌ ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة:

- ‌ السهو إذا صلى خمساً:

- ‌ السجود للشك:

- ‌ التشهد في سجود السهو:

- ‌ إعلام الإمام بالسهو:

- ‌الفقرة الثانيةفي سجود التلاوةعرض إجمالي:

- ‌ في مؤكدات سجود التلاوة:

- ‌في كونها سنة:

- ‌ سجدة الحج:

- ‌ سجدة (ص):

- ‌ سجدة النجم:

- ‌ سجدة سورة الانشقاق والعلق

- ‌ إجزاء الركوع مباشرة عن سجود

- ‌ ما يقول في سجوده:

- ‌الفقرة الثالثةفيسجود الشكرعرض إجمالي

- ‌خاتمة وجسر

الفصل: ‌ ‌مسائل وفوائد جاء في "المدونة" (1/ 193) للإمام مالك رواية الإمام

‌مسائل وفوائد

جاء في "المدونة"(1/ 193) للإمام مالك رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن القاسم: قال مالك: بعث إلى الأمير، وأراد أن ينقص من قيام رمضان الذي كان يقوم الناس بالمدينة- قال ابن القاسم: وهو تسعة وثلاثون ركعة بالوتر، ست وثلاثون ركعة، والوتر ثلاث- قال مالك: فنهيته أن ينقص من ذلك شيئاً، وقلت له: هذا ما أدركت الناس عليه، وهذا الأمر القديم الذي لم يزل الناس عليه.

أقول: الظاهر أن المراد بالقيام هنا مجموع صلاة التراويح والتهجد والوتر بآن واحد، وقد مرت معنا روايات تذكر أن أهل المدينة توارثوا صلاة التراويح عشرين ركعة، ولكن الظاهر أنهم حافظوا على العشرين وأحيوا سنة التهجد بعد النوم، فكان مجموع قيامهم ما ذكر في المدونة، وعلى ذلك نحمل كل رأي يزيد عن العشرين ركعة في قيام رمضان جماعة، لأن الذي استقرت عليه فتاوى المذاهب الأربعة كما سنرى هو أن صلاة التراويح عشرون ركعة وعليه العمل في مساجد المسلمين.

- جاء في فتاوى ابن تيمية رحمه الله (2/ 401) أن قيام رمضان لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عدداً معيناً، بل كان هو صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان، ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يطيل الركعات، فلما جمعهم عمر على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة ثم يوتر بثلاث، وكان يخفف القراءة بقدر ما زاد من الركعات لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة، ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة ويوترون بثلاث، وآخرون قاموا بست وثلاثين، وأوتروا بثلاث، وهذا كله سائغ، فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه، فقد أحسن، والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام، فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه، فالقيام بعشرين هو الأفضل، وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين، فإنه وسط بين العشر وبين الأربعين، وإن قام بأربعين وغيرها، جاز ذلك، ولا يكره شيء من ذلك،

ص: 1312

وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة، كأحمد وغيره، ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه، ولا ينقص منه، فقد أخطأ.

- لقد ذكرنا أن الذي استقرت عليه الفتوى في المذاهب الأربعة واستقر عليه العمل أن تصلى التراويح عشرين ركعة في رمضان وأن يوتر بعدها بثلاث جماعة لمن ليس في نيته أن يتهجد، فيوتر بعد تهجده، وها نحن نستخلص لك مع شيء من التصرف الذي لا يخل بالمعنى فتاوي المذاهب الأربعة في صلاة التراويح مع مقدمة تمهد لهذا الموضوع.

- روى الطحاوي بسند لا بأس به عن مجاهد، قال:"قال رجل لابن عمر رضي الله عنه: أصلي خلف الإمام في رمضان، فقال: أتقرأ القرآن؟ قال: نعم! قال: في بيتك". ا. هـ (1 - 207). وفي "المغني" للحافظ ابن قدامة: والمختار عند أبي عبد الله (أحمد) فعلها في الجماعة، وإن كان رجل يقتدى به فصلاها في بيته مخافة أن يقتدي الناس به، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:"اقتدوا بالخلفاء"، وقد جاء عن عمر أنه كان يصلي في الجماعة، وبهذا قال المزني، وابن عبد الحكم، وجماعة من أصحاب أبي حنيفة. قال أحمد: كان جابر، وعلي وعبد الله، يصلونها في جماعة، قال الطحاوي: كل من اختار التفرد ينبغي أن يكون ذلك على أن لا يقطع معه القيام في المساجد، فأما التفرد الذي يقطع معه القيام في المساجد فلا، ويروى نحو هذا عن الليث بن سعد. وقال مالك والشافعي: قيام رمضان لمن قوي في البيت أحب إلينا، لما روى زيد بن ثابت في قصة صلاة الناس بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض ليالي رمضان، ثم جاؤوا ليلة فأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ولم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً، فقال:"ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة". رواه مسلم. ولنا إجماع الصحابة على ذلك، وجمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأهله في حديث أبي ذر، (رواه الترمذي وصححه وقد تقدم في المتن) وقوله:"إن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف كتب لهم قيام تلك الليلة"، عام وهذا خاص في قيام رمضان، فيقدم على عموم ما احتجوا به، وقول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لهم معلل بخشية فرضه عليهم، ولذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 1313

القيام بهم معلاً بذلك أيضاً. وقد أمن أن يفعل بعده. أ. هـ (الإعلاء السنن 7/ 62).

أقول: صلى الرسول صلى الله عليه وسلم ببعض أصحابه جماعة في رمضان أياماً ثم خشي أن تفرض صلاة القيام في رمضان جماعة على المسلمين لرغبتهم وحرصهم، وهو يعلم من سنة الله ما لا نعلم فيعلم من سنة الله أن عباده إذا شددوا على أنفسهم شدد الله عليهم، ولذلك فقد ترك الخروج حتى لا تفرض صلاة قيام الليل في رمضان على المسلمين جماعة في المسجد، إلا أن المسلمين فهموا من عدم النهي عن صلاة الجماعة في قيام رمضان جوازها، فكانوا يصلونها جماعات متفرقة، وبقي الأمر على ذلك حتى عهد عمر رضي الله عنه، فرأى عمر بثاقب بصره أن العلة التي جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتابع إمامة الناس في قيام رمضان وهي الخشية من الفرضية قد انتهت بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي، فجمع الناس على إمام واحد وعلى عدد من الركعات محدد، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة الجمع أو العدد، فكان ذلك إجماعاً منهم على جواز ما فعل، وإذ كان بإجماع أهل السنة والجماعة من الخلفاء الراشدين وإذا كانت النصوص تخصه بمزيد شهادة على أن الله أجرى الحق على لسانه، وقد اعتبر علماء المسلمين أن الاقتداء بما فعل على سلامة القلب من الزيغ واعتبروا أن من لا يرى جواز ما فعل مبتدع، فالأصل أن يرى المسلم جواز صلاة التراويح بالعدد الذي جمع عمر المسلمين عليه وهو عشرون ركعة والأصل أن تصلى التراويح في المساجد عشرين ركعة والمسلم بالخيار أن يصلي ما شاء منها مع الإمام، فلو صلى ركعتين أو أكثر أو لو لم يصل شيئاً- على ألا تعطل التراويح في أي مسجد- فلا حرج عليه، ولو صلاها كلها وأخر الوتر وذهب إلى بيته وصلى ما شاء فلا حرج عليه، المهم ألا ينكر على من فعلها فيخالف بذلك إجماعاً ويدخل في دائرة البدعة والمبتدعة الذين يسيئون لأنفسهم ولغيرهم، ويضلون أنفسهم ويضلون غيرهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ولنا عودة على قيام رمضان وصلاة التراويح إن شاء الله تعالى في جزء الصوم، أما ههنا فنكتفي بذكر أقوال المذاهب الأربعة في هذا الشأن.

قال الحنفية: التراويح سنة مؤكدة للرجال والنساء، ويسن فيها الجماعة، ووقتها في رمضان بعد صلاة العشاء إلى الفجر قبل الوتر وبعده، وتصلى في أي جزء من الليل ويستحب ألا تؤخر عن نصف الليل، ولا تقضى عندهم إذا فاتت، ومن أراد أن يعوض عما فاته فإنه يصلي بعد ارتفاع الشمس نفلاً مطلقاً، والجماعة فيها في المسجد سنة على الكفاية،

ص: 1314

فلو تركها أهل مسجد أثموا، وتؤدى أيضاً فرادى أو جماعة في البيوت، وإذا كان عند المسلمين همة فالأفضل أن يختم فيها القرآن مرة في شهر رمضان وإلا روعي حال المصلين، فيصلي بهم الإمام بقدر طاقتهم، على أن تؤدى أركان الصلاة وواجباتها وسننها وآدابها كاملة، وعدد ركعاتها عشرون ركعة، تؤدى ركعتين ركعتين بعشر تسليمات ثم يوتر بعدها بجماعة وقراءة جهرية وقنوت سري قبل الركوع في الركعة الثالثة، ويراعي الإمام حال المأمومين فيجلس بعد كل أربع ركعات جلسة خفيفة يستريح بها الناس قليلاً، فمن أراد أن يشرب مثلاً يتاح له ذلك، وقد جرت عادة الناس في كثير من مساجد المسلمين أن يقرؤوا في كل جلسة استراحة بعد كل أربع ركعات سورة الإخلاص ثلاث مرات يقرؤها ثلاثة كل يقرؤها مرة واحدة وذلك يفعلونه تعويضاً عن إطالة القراءة في الصلاة، ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى.

انظر: (اللباب 1/ 122)، و (الدار المختار، حاشية ابن عابدين 1/ 472 - 475).

وقال المالكية: التراويح عشرون ركعة وهي سنة مؤكدة يسلم في نهاية كل ركعتين، ومن صلاها في بيته منفرداً فله أجره على ألا تعطل المساجد، ويندب لمن هم محل القدوة أن يصلوها في المساجد، وإذا كان عند القوم همة فإنه يندب للإمام أن يختم بهم القرآن ختمة فيها، ثم بعد العشرين ركعة تصلى الوتر. (انظر الشرح الصغير 1/ 404 - 405).

وقال الشافعية: صلاة التراويح عشرون ركعة بعشر تسليمات، ثم يصلى الوتر بعدها جماعة. (انظر المهذب 1/ 84).

وقال الحنابلة: صلاة التراويح عشرون ركعة بعشر تسليمات يوتر بعدها إن لم يكن له تهجد، ولا يكره الدعاء بعدها لقوله تعالى:(فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب)(1) ومن كان له تهجد جاز له أن يصليه جماعة، لذلك فإن أهل الحرمين يتهجدون بعد النصف الأخير من رمضان جماعة ويقرؤون في تهجدهم كل يوم جزئين من القرآن فيختمون القرآن مرتين، مرة في التراويح ومرة في التهجد، ونقل الحنابلة عن أهل

(1) الشرح: 7، 8.

ص: 1315

مكة قديماً أنهم كانوا يطوفون بعد كل أربع ركعات حول الكعبة سبع مرات ولم يذكروا ذلك في معرض الإنكار، وقد نقل الحنابلة الإجماع على أن صلاة التراويح عشرون ركعة. (انظر المغني 2/ 165 - 170)، (الفقه الإسلامي 2/ 72).

فها أنت ترى أن المذاهب الأربعة والمسلمين جميعاً مجمعون على أن صلاة التراويح عشرون ركعة وسيأتيك في جزء الصوم مزيد بيان.

ص: 1316