المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ إذا اجتمع العيد والجمعة لا تسقط الجمعة به: - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ٣

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالثفي: صلاة الجمعة وما يتعلق بها

- ‌العرض الإجمالي

- ‌الفقرة الأولى: في فضل يوم الجمعة وفي بعض خصائصه

- ‌ الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وما فيه من عظائم الأمور:

- ‌ساعة الإجابة يوم الجمعة:

- ‌الفقرة الثانيةفي وجوب صلاة الجمعة على المكلفين بها إلا لعذر، وفي الترهيب من تركها وفيبعض آدابها

- ‌وجوب صلاة الجمعة والترهيب من تركها لغير عذر:

- ‌ الترغيب في صلاة الجمعة:

- ‌بعض آداب يوم الجمعة:

- ‌التبكير إلى الصلاة

- ‌ الاغتسال للصلاة ومس الطيب ولبس أحسن الثياب والإنصات وعدم تخطي الرقاب:

- ‌ اتخاذ لباس خاص للجمعة:

- ‌ متى تدرك الجمعة:

- ‌ من نعس في صلاة الجمعة فليتحول من مكانه:

- ‌ إذا اجتمع العيد والجمعة لا تسقط الجمعة به:

- ‌ أعذار ترك الجمعة والسفر يوم الجمعة:

- ‌الفقرة الثالثة: وقت الجمعة ونداؤها وخطبتها وآدابها

- ‌ وقت صلاة الجمعة:

- ‌ مشروعية الأذان الثالث وهو الأول الآن:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة:

- ‌ القيام في الخطبة:

- ‌ قصر الخطبة وإطالة الصلاة:

- ‌ التشهد والحمدلة في الخطبة:

- ‌ الخطيب لا يرفع يديه بالدعاء:

- ‌ استقبال الناس الخطيب:

- ‌ استحباب الدنو من الإمام:

- ‌ التحدث أثناء الأذان والإمام على المنبر:

- ‌ الإنصات للخطبة:

- ‌ الصلاة والإمام يخطب:

- ‌ قطع الخطبة للحاجة:

- ‌ النهي عن تخطي الرقاب:

- ‌ النهي عن أن يقيم الرجل الرجل من مقعده:

- ‌ النهي عن الاحتباء:

- ‌ النهي عن الحلق:

- ‌القراءة في صلاة الجمعة:

- ‌الفقرة الرابعة: راتبة الجمعة

- ‌تحقيق في سنة الجمعة القبلية:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب السادسفي صلوات الليل والنهار في الأحوال العادية عدا الصلوات الخمسوفيه مقدمة وعرض إجمالي وفقرات ومسائل وفوائد

- ‌العرض الإجمالي

- ‌الفقرة الأولىفي أحاديث ومسائل متنوعة تتحدث عن النوافل

- ‌ الصلاة في البيوت:

- ‌ الاقتصاد والمداومة في العبادة:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النافلة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي رواتب الصلوات الخمس

- ‌ نصوص جامعة:

- ‌ راتبة الفجر:

- ‌ ما يقرأ في راتبة الفجر:

- ‌ الاضطجاع بعد راتبة الفجر:

- ‌ قضاء راتبة الفجر وحكم صلاتها إذا افتتحت الصلاة:

- ‌فائدة:

- ‌ راتبة الظهر والعصر:

- ‌ راتبة المغرب والعشاء:

- ‌الفقرة الثالثة:في الوتر

- ‌ مشروعية الوتر:

- ‌ وقت صلاة الوتر:

- ‌ متى يوتر:

- ‌ قضاء الوتر:

- ‌ عدد ركعات الوتر:

- ‌ القنوت في الوتر:

- ‌ هل ينقض الوتر:

- ‌ الصلاة بعد الوتر:

- ‌ هل يسلم بعد ركعتي الوتر:

- ‌ صلاة الوتر على الراحلة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الرابعةفي:الضحى

- ‌الفقرة الخامسة:في قيام الليل

- ‌ فضل قيام الليل والترغيب فيه:

- ‌ من غلب عن صلاة الليل:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل

- ‌ما يقول إذا قام يتهجد من الليل:

- ‌ الصلاة في الليل لرفع الفتن:

- ‌ الاقتصاد في القيام:

- ‌الفقرة السادسة:في نوافل تتكرر يومياً ولها سبب

- ‌ تحية المسجد:

- ‌ سنة الوضوء:

- ‌ صلاة دخول المنزل والخروج منه:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة السابعة:في النفل المطلق

- ‌الفقرة الثامنة:في صلاة التسابيح

- ‌الباب السابعفي الصلوات السنوية

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىصلاة التراويح وقيام رمضان وتهجده

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي صلاة العيدينعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاتي العيدين

- ‌ تشريع يومي العيد وفضلهما:

- ‌ وقت صلاة العيدين:

- ‌ صلاة العيد من غير أذان ولا إقامة

- ‌ عدد ركعات صلاة العيد:

- ‌ تكبيرات صلاة العيد:

- ‌ القراءة في صلاة العيد:

- ‌ الخطبة وبعض آدابها وموقعها:

- ‌ حكم الاستماع لخطبة العيد:

- ‌ إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة مفارقات الرجال:

- ‌ الخطبة على الراحلة واتخاذ عصاً:

- ‌ نصب الحربة للإمام يوم العيد:

- ‌ حكم التنفل قبل وبعد صلاة العيد:

- ‌ اجتماع العيد والجمعة:

- ‌ قضاء صلاة العيد وصلاتها في اليوم الثاني لعذر

- ‌ الصلاة لمن فاته العيد

- ‌ النحر يوم الأضحى:

- ‌ الرخصة في اللعب واللهو يوم العيد:

- ‌الباب الثامنفي الصلوات في الأحوال العارضة

- ‌المقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي صلاة المسافرعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة المسافر

- ‌ مسافة القصر:

- ‌ وجوب القصر في السفر:

- ‌ مدة السفر التي يصح معها القصر

- ‌ القصر لمن لم ينو الإقامة وإن طال مكثه:

- ‌ قصر الصلاة في السفر من غير خوف:

- ‌ رخصة الإتمام في السفر:

- ‌ التطوع في السفر:

- ‌ صلاة النفل على الراحلة في السفر:

- ‌الصلاة على الراحلة في السفر لعذر:

- ‌ صلاة المقيم خلف المسافر:

- ‌ الصلاة لمن يريد السفر والقادم منه:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي صلاة المريضعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة المريض

- ‌الفقرة الثالثةفي صلاة الخوف

- ‌مقدمة

- ‌عرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة الخوف

- ‌فائدة:

- ‌وصل: في ما حدث من جمع الصلواتيوم الخندق وقريظة وما يمكن أن يبنى عليه

- ‌أولاً: حادثة الخندق:

- ‌ثانياً: حادثة بني قريظة:

- ‌تعليقات:

- ‌الباب التاسعصلاة المناسبات

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىفيصلاة الاستخارة

- ‌تقديم:

- ‌الفقرة الثانيةفي:‌‌ صلاة الحاجة، وصلاة التوبة، وصلاة من قدم للقتل

- ‌ صلاة الحاجة

- ‌صلاة التوبة:

- ‌الصلاة ركعتين لمن قدم للقتل:

- ‌الفقرة الثالثةصلاة الاستسقاءالعرض الإجمالي

- ‌ الدعاء والصلاة وقلب الرداء في الاستسقاء:

- ‌ من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء والاستسقاء في صلاة الجمعة:

- ‌ إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط:

- ‌ رفع الأيدي بدعاء الاستسقاء:

- ‌ ما يقوله في دعاء الاستسقاء:

- ‌ ما يقول إذا رأى المطر:

- ‌ الإصابة من مطر السماء:

- ‌ تحريم الاستمطار بالأنواء والتحذير من الشرك بالله:

- ‌ التوسل بالصالحين:

- ‌الفقرة الرابعةفيالكسوف والخسوف

- ‌مقدمة وعرض إجمالي:

- ‌ الصلاة في كسوف الشمس وكيفيتها والتعوذ من عذاب القبر:

- ‌ الشمس والقمر آيتان لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته:

- ‌ما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر الجنة والنار في صلاة الخسوف:

- ‌ صلاة الرجال مع النساء في الكسوف:

- ‌ إطالة القيام والركوع والسجود في الكسوف والركعة الأولى في الكسوف أطول:

- ‌ الفزع إلى الدعاء والذكر والاستغفار عند كسوف الشمس:

- ‌الفقرة الخامسةفيصلاة الجنازة وأحكام الشهداء

- ‌مقدمة وعرض إجمالي:

- ‌وخلاصة الأمر هي ما يلي:

- ‌ أجر من صلى على جنازة وتبعها:

- ‌ الصلاة على الغائب:

- ‌ التكبيرات في صلاة الجنازة:

- ‌ ما يقرأ في صلاة الجنازة والدعاء للميت:

- ‌ الصلاة على الصغير:

- ‌ تقديم الرجال على النساء في صلاة الجنازة:

- ‌ وقت الصلاة على الجنازة:

- ‌الصلاة على الجنازة في المسجد:

- ‌ الصلاة على القبر:

- ‌ الصلاة على من عليه حق للعباد:

- ‌ الصلاة على من قتل نفسه:

- ‌ فضل كثرة المصلين على الجنازة:

- ‌ النهي عن الصلاة على الجنائز بين القبور:

- ‌ لا صلاة على منافق علم نفاقه:

- ‌ الأولى بالصلاة على الجنازة:

- ‌ التسليم في الجنازة:

- ‌وصل في أحكام الشهداء

- ‌الباب العاشرفي السجدات

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي سجود السهوعرض إجمالي

- ‌ ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة:

- ‌ السهو إذا صلى خمساً:

- ‌ السجود للشك:

- ‌ التشهد في سجود السهو:

- ‌ إعلام الإمام بالسهو:

- ‌الفقرة الثانيةفي سجود التلاوةعرض إجمالي:

- ‌ في مؤكدات سجود التلاوة:

- ‌في كونها سنة:

- ‌ سجدة الحج:

- ‌ سجدة (ص):

- ‌ سجدة النجم:

- ‌ سجدة سورة الانشقاق والعلق

- ‌ إجزاء الركوع مباشرة عن سجود

- ‌ ما يقول في سجوده:

- ‌الفقرة الثالثةفيسجود الشكرعرض إجمالي

- ‌خاتمة وجسر

الفصل: ‌ إذا اجتمع العيد والجمعة لا تسقط الجمعة به:

-‌

‌ متى تدرك الجمعة:

1745 -

* روى النسائي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك".

-‌

‌ من نعس في صلاة الجمعة فليتحول من مكانه:

1746 -

* روى أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا نعس أحدكم يوم الجمعة فليتحول من مجلسه ذلك".

الأمر بالتحول للندب، قال في (فيض القدير 1/ 449): لأن الحركة تذهب الفتور الموجب للنوم فإن لم يكن في الصف محل يتحول له قام وجلس، قال في الأم: ولو ثبت في مجلسه وتحفظ من النعاس لم أكرهه والتحول الانتقال من موضع لآخر وهذا عام في جميع الأيام، وتخصيصه بالجمعة في خبر الترمذي إنما هو لإطالة مكث المبكر بل أجراه بعضهم في كل من قعد ينتظر عبادة في أي محل أي يوم كان، وفيه حث على استقبال الصلاة بنشاط وخشوع وفراغ قلب وتعقل لما يقرأه أو يدعو به والمحافظة على الإتيان بالأركان والسنن والآداب اهـ.

-‌

‌ إذا اجتمع العيد والجمعة لا تسقط الجمعة به:

1747 -

* روى مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر أنه قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان، فجاء، فصلى ثم انصرف، فخطب، وقال:"إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة. فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له".

عن عمر بن عبد العزيز قال: اجتمع عيدان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من أحب

1745 - النسائي (3/ 112) 14 - كتاب الجمعة، 41 - من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، وإسناده صحيح.

1746 -

أبو داود (1/ 292) كتاب الصلاة، 238 - باب الرجل ينعس والإمام يخطب.

الترمذي (2/ 404) أبواب الصلاة، 379 - باب ما جاء فيمن نعس يوم الجمعة أنه يتحول من مجلسه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال.

1747 -

الموطأ (1/ 179) 10 - كتاب العيدين، 2 - باب الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين.

ص: 1112

أن يجلس من أهل العالية فليجلس في غير حرج". أخرجه الإمام الشافعي، قال في الإعلاء، وإسناده مرسل حسن. وشيخ الإمام ضعيف عند الجمهور، وثقة عنده وعند حمدان بن الإصبهاني، وقال ابن عقدة: "نظرت في حديث إبراهيم كثيراً، وليس بمنكر الحديث". قال ابن عدي:"وهذا الذي قاله كما قاله" اهـ (تهذيب) وإبراهيم بن عقبة من رجال مسلم ثقة (تهذيب) وعمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين من خير التابعين، وإرسال مثله مقبول حجة عندنا، وله شاهد مرفوع موصول مقيداً بأهل العوالي. رواه البيهقي من حديث سفيان بن عيينة عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة، وإسناده ضعيف اهـ التلخيص الحبير (1/ 46). والمرسل إذا تأيد بموصول ولو ضعيفاً، فهو حجة عند الكل، كما مر غير مرة .. اهـ.

قال في (إعلاء السنن 8/ 74 - 75): وأنما رخص عثمان في الجمعة لأهل العالية لأنهم ليسوا من أهل المصر. وهو قول أبي حنيفة اهـ. وكان عثمان قال ذلك بمحضر من الصحابة، فلو كانت الرخصة تعم أهل القرى، وأهل البلد جميعاً، كما زعمه أحمد بن حنبل رحمه الله لأنكروا عليه تخصيصها بأهل العالية، فثبت أن الرخصة مخصوصة بمن لم تجب عليهم الجمعة، فلا تترك الجمعة بالعيد، كيف؟ وأن فريضة الجمعة ثابتة بالكتاب والإجماع، لازمة على أهل البلد، فلا يجوز إسقاطها عنهم بما هو دون إلا بنص قطعي مثله. ودونه خرط القتاد، فإن الآثار التي استدل بها أحمد رحمه الله على سقوط الجمعة بالعيد عن أهل البلد من الآحاد مع احتمال اختصاصها بأهل القرى، والعوالي.

ثم أورد الإمام التهانوي في الإعلاء أدلة الآخرين القائلين بسقوط الجمعة إذا اجتمعت مع صلاة العيد فقال: فمنها ما رواه ابن ماجة (ص- 203) عن ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اجتمع عيدان في يومكم هذا، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون إن شاء الله. قال السندي وفي الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات ورواه أبو داود في سننه عن أبي هريرة بهذا الإسناد اهـ.

ثم قال بعد كلام حول سند الحديث: وإن سلمنا صحته مرفوعاً فنقول: كان أهل القرى يجتمعون لصلاة العيدين ما لا يجتمعون لغيرهما، كما هو العادة، وكان في انتظارهم الجمعة

ص: 1113

بعد الفراغ من العيد حرج عليهم، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاة العيد نادى مناديه:"من شاء منكم أن يصلي الجمعة، فليصل، ومن شاء الرجوع، فليرجع". وكان ذلك خطاباً لأهل القرى المجتمعين هناك. والقرينة على ذلك بأنه قد صرح فيه بأنا مجمعون، والمراد به من جمع المتكلم أهل المدينة بلا شك وفيه دلالة واضحة على أن الخطاب بقوله:"من شاء منك أن يصلي" لأهل القرى، دون أهل المدينة، ويؤيده ما ذكرنا في المتن من مرسل عمر بن عبد العزيز قال: اجتمع عيدان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"من أحب من أهل العالية أن يجلس فليجلس في غير حرج". وكذا هو في رواية عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة مقيداً "بأهل العوالي". وقد ذكرنا أن مجموع المرسل، والموصول صالح للاحتجاج به حتماً على أن إبداء الاحتمال يجوز بالضعيف أيضاً، فلا يصح الاستدلال بظاهر ما في رواية ابن ماجة، وأبي داود من العموم في قوله:"فمن شاء أجزأه من الجمعة" على سقوط الجمعة بالعيد عن أهل البلد، لاحتمال كونه مختصاً بأهل القرى، بقرينة قوله:"وإنا لمجمعون". وبقرينة مرسل عمر بن عبد العزيز وموصول أبي هريرة مقيداً لهم وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.

واندحض بما ذكرنا ما قاله العلامة الشوكاني في النيل: "إن قول عثمان لا يخصص قوله صلى الله عليه وسلم" اهـ (1 - 164). فقد رأيت أنا لم نخصص المرفوع إلا بالمرفوع، وإذا جاز تخصيص خبر الواحد بدلالة العقل، والعرف، والقياس، كما تقرر في الأصول، فجواز تخصيصه بقول الصحابي أولى، لكونه أعرف الناس بمراد الرسول صلى الله عليه وسلم، لاسيما عند من يجعل أقوال الصحابة حجة. فافهم.

وهذا هو الجواب عما رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه ابن خزيمة عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم العيد ثم رخص في الجمعة، فقال:"من شاء أن يصلي فليصل" كذا في بلوغ المرام (1 - 183). فإن قوله: "من شاء أن يصلي فليصل" مختص بأهل القرى والعوالي، بدليل ما ذكرناه. وفي التلخيص الحبير: وصححه ابن المديني. وقال ابن المنذر: "هذا الحديث لا يثبت. وأياس بن أبي رملة راويه عن زيد مجهول" اهـ (1 - 146). قلت: وصححه الحاكم في المستدرك، والذهبي في تلخيصه (1 - 288).

ص: 1114

والعجب منهم كيف صححوه؟ وفيه أياس بن أبي رملة وهو مجهول. اهـ بكما قال الذهبي في الميزان وابن حجر في التقريب].

ثم قال في الإعلاء بعد كلام حول حديث أياس وجهالته (8/ 77):

واحتجت الحنابلة أيضاً بما رواه مسدد والمروزي في العيدين، وصحح، كما في كنز العمال (4 - 337)، والحاكم في المستدرك، وصححه على شرطهما، وأقره الذهبي (1 - 296) عن وهب بن كيسان قال:"اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرج، فخطب فأطال ثم نزل، فصلى ركعتين، ولم يصل الناس الجمعة. فعاب ذلك عليه ناس، فذكر ذلك لابن عباس، فقال: أصاب السنة. فذكروا ذلك لابن الزبير، فقال: رأيت عمر بن الخطاب إذا اجتمع على عهده عيدان صنع هكذا. اهـ. وقد رواه النسائي: وسكت عنه إلى قوله: السنة (1 - 236). وفي النيل: "رجاله رجال الصحيح، وقد رواه أبو داود (1/ 417) وسكت عنه. وقال النووي:"إسناده حسن" كما في نصب الراية. وعن عطاء بن أبي رباح عند أبي داود أيضاً قال: "صلى بنا الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة، فلم يخرج إلينا فصلينا [أي الظهر] وحدانا وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا ذلك له، فقال: أصاب السنة" اهـ قال الزيلعي: قال النووي: "إسناده على شرط مسلم"(1 - 326). وفي رواية له "فجمعهما جميعاً، فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر" اهـ. وفي النيل: رجاله رجال الصحيح (3 - 164).

قلت: لا حجة لهم في ذلك أصلاً، فإن الناس كلهم أنكروا على ابن الزبير، ولم يوافقه على فعله من الصحابة غير ابن عباس، وأمر لا يعرفه أكثر الناس في عهد الصحابة، بل ينكرونه لا يجوز به إسقاط فريضة قد أجمع عليها، ولا يخفى أن ابن الزبير، وابن عباس كان صغيرين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلعلهما سمعا منادي النبي صلى الله عليه وسلم ينادي:"من شاء منكم أن يصلي فليصل ومن شاء الرجوع فليرجع"، وكان ذلك خطاباً لأهل القرى، فلم يفهما المراد به، وظناه عاماً لأهل البلد أيضاً. فجمع ابن الزبير الجمعة والعيد، وقال فيه ابن عباس:"إنه أصاب السنة" أي أصاب ما سمعه من منادي النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "من شاء

ص: 1115

فليصل" بالمعنى الذي فهمه، وأما قول ابن الزبير: "رأيت عمر بن الخطاب إذا اجتمع عيدان صنع هكذا" فلعل عمر رضي الله عنه فعل ذلك بعذر عرفه الناس، ولم يعرفه ابن الزبير ولذا أنكروا عليه، ولم ينكروا على عمر وإلا فيبعد كل البعد أن يصنع ابن الزبير مثل ما صنعه، فعرفه الناس من عمر وأنكروه منه.

وأيضاً مجموع ما روي في ذلك عن ابن الزبير لا يدل على ترك الجمعة بالعيد، بل غايته أنه صلى الجمعة قبل الزوال إذا اجتمع العيدان؛ بدليل تقديمه الخطبة على الصلاة حينئذ وخطبة العيد بعد الصلاة إجماعاً، كما سيأتي، وبدليل ما في رواية لأبي داود "فجمعهما جميعاً فصلاهما ركعتين". فلا يصح الاستدلال به على الرخصة في ترك الجمعة بصلاة العيد، بل غاية ما يؤخذ منه جواز تقديم الجمعة عن الزوال في يوم العيد، فيؤل البحث إلى وقت صلاة الجمعة وقد فرغنا منه في الباب المتقدم قبل أبواب، وقد أثبتنا أن لا حجة للحنابلة فيما استدلوا به على جواز الجمعة قبل الزوال، بل الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم توقيتها بما بعد الزوال (سيأتي البحث في ذلك) ولا حجة لهم في أثر ابن الزبير أيضاً، فإنه يفيد أن تقديم الجمعة على الزوال مختص بما إذا اجتمع العيدان لا غير وهم لا يقولون بالتخصيص.

وأيضاً، فلا حجة بقول الصحابي، وفعله في معارضة قول النبي صلى الله عليه وسلم. وفعله لا سيما وقد ثبت أن الناس أنكروا على ابن الزبير ما صنعه، وعاتبوه عليه. فافهم. على أن الحنابلة يقولون: إنه إذا اتفق عيد في يوم جمعة سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد إلا الإمام، فإنها لا تسقط عنه إلا أن لا يجتمع له من يصلي به الجمعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم "وإنا لمجمعون"، ولأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه، ومن يريدها ممن سقطت عنه. ذكره ابن قدامة في المغني (2/ 212 و 213). فصنع ابن الزبير وقع خلاف الإجماع لكونه لم يزد على الركعتين قبل الزوال بكرة حتى صلى العصر مع أنه قد اجتمع له من يصلي به الجمعة. قال عطاء:"ثم رحنا إلى الجمعة، فلم يخرج إلينا، فصلينا وحدانا"، كما تقدم.

أقول: وفي كل الأحوال لا يدل عدم خروج ابن الزبير إلى الجمعة أنه لم يصل الظهر وإنما أشرنا إلى ذلك لأنه وجد من استند على فعل ابن الزبير فاسقط الجمعة والظهر بأن واحد على من صلى العيد.

ص: 1116