الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)، وقد بعث الله الرسل وأنزل الوحي من أجل التوحيد لله وإقامة العبودية له، قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (2).
وأنواع العبادات كثيرة ومظاهر العبودية لله كثيرة، ولا تعرف العبادة والعبودية إلا بدراسة شاملة لنصوص الكتاب والسنة، فمن العبادات: العبادات البدنية، ومنها العبادات المالية ومنها العبادات المالية والبدنية، ومظاهر العبودية كثيرة في الموت والحياة، وفي دوائر الأسرة والجوار والمجتمع وفي التعامل والمعاملات، وفي العقود والعهود إلى غير ذلك مما سنرى.
والركن الأصيل في العبادة الذي هو تحقيق للعقيدة، والذي هو معين على تحقيق بقية العبادات وإقامة العبودية هو الصلاة.
وكما أن هناك صلوات يومية فهناك صلاة أسبوعية هي الجمعة، وهناك صلوات سنوية هي صلاتا العيدين التي تختص ببعض الأحكام، وقيام رمضان جماعة في المسجد وهي التي تسمى صلاة التراويح.
ولو أننا تأملنا في صلاة الجماعة والجمعة والعيدين لوجدنا أن هذه الصلوات لها حكمها الكثير، والتي من جملتها: صهر المسلمين مع بعضهم في إطار التوحيد والوحدة على أساس من العبادة والعبودية لله تعالى.
وفي صلاة الجماعة اليومية يلتقي أهل المسجد الواحد يومياً خمس مرات ليقيموا الصلوات الخمس ومن فاتته صلاة الجماعة يومياً فإنه يجتمع مع إخوانه المسلمين يوم الجمعة اجتماعاً أشمل وأكبر، والأصل أن يكون اجتماع الجمعة في مسجد جامع كبير يضم أهل البلد جميعاً، لكنه لتعذر وجود الجامع الواحد الذي يضم أهل البلد بعد توسع العمران تسوهل في تعدد الجمع
(1) الذاريات: 56.
(2)
الأنبياء: 25.
حيث ما ألجأت الضرورة لذلك، أما صلاة العيدين فالأصل فيها أن يجتمع سكان البلد جميعاً رجالاً ونساء دون اختلاط، فيستشعر المسلمون والمسلمات في البلد الواحد أخوتهم ووحدتهم على التوحيد والعبادة والعبودية.
فالصلوات اليومية والأسبوعية والسنوية تكمل بعضها في تحقيق التوحيد والعبادة والعبودية كما أنها تتكامل في تحقيق التوحيد والوحدة، وقد جعل الله عز وجل للمسلمين موسمين عظيمين في السنة للعبادة، موسم رمضان وموسم الحج وجعل لكل موسم عيداً وجعل لكل عيد صلاة، فأعياد المسلمين أفراح بفضل الله، وتعبير عن التعظيم لله والشكر له فإذا كانت أعياد غير المسلمين فرحاً بدنياً تعبيراً عن الالتصاق في الدنيا، فإن أفراح المسلمين تعبير عن الشكر لله على ما آتاهم في الدنيا وبما يحققون به شعارهم أنهم طلاب آخرة، ورمز ذلك كله صلاتا العيدين وربطهما بموسمين للعبادة موسم رمضان وموسم الحج.
ولرمضان أحكامه، وللصوم محله في عبادات الإسلام، وسيأتي الكلام عن هذا في جزء مستقل إلا أن مما يتميز به رمضان في موضوع الصلاة قيام رمضان في جماعة في المسجد هي صلاة التراويح لذلك اقتضى ذكرها في جزء الصلاة وجعلناها في هذا الباب لأنها من العبادات السنوية، وجعلنا صلاة العيدين في هذا الباب لأنهما صلاتان سنويتان وجعلناهما في جزء الصلاة حتى يأخذ المسلم تصوراً كاملاً عن عبادة الصلاة في جزء واحد من هذا الكتاب.
وإذا كانت صلاة عيد الأضحى قد ارتبطت بموسم الحج، وكان للحج بحثه المنفرد في قسم العبادات فسنشير إليها هناك إشارة ولكن محل تفصيلها هنا، وليوم عيد الفطر واجبات أخرى كصدقة الفطر، وليوم عيد الأضحى واجباته الأخرى كالأضحية، لغير الحاج وواجباته للحاج فسنقتصر ههنا على إشارات ونؤخر الكلام تفصيلاً إلى مباحث الصوم والحج اكتفاء بذكر ما هو الألصق بموضوعات هذا الجزء.
ويسبق عيد الفطر شهر رمضان بما فيه من إلزامات والتزامات وفضائل وبركات وتأتي صلاة العيد متوجة لموسم رمضان، وقد جعل الله عز وجل صلاة عيد الأضحى في أيام موسم الحج وزيادة على ذلك فقد جعلها واقعة في جزء من الأيام المعلومات وقبل الأيام
المعدودات وهي أيام ذكرها القرآن وتحدثت السنة عن فضلها وفضيلتها.
فالأيام العشر من ذي الحجة هي الأيام المعلومات ولها فضلها الكبير، وصلاة العيد تكون في اليوم العاشر منها، وتعقبها الأيام المعدودات وهي أيام التشريق التي يكمل فيها الحجاج إقامة مناسكهم، فصلاة عيد الأضحى تأتي في قلب أيام ذات فضل كبير.
ولكون صلاة التراويح وصلاتي العيدين لها صفة التكرر السنوي فقد جعلناها في باب واحد.