المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء والاستسقاء في صلاة الجمعة: - الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام - جـ ٣

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثالثفي: صلاة الجمعة وما يتعلق بها

- ‌العرض الإجمالي

- ‌الفقرة الأولى: في فضل يوم الجمعة وفي بعض خصائصه

- ‌ الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وما فيه من عظائم الأمور:

- ‌ساعة الإجابة يوم الجمعة:

- ‌الفقرة الثانيةفي وجوب صلاة الجمعة على المكلفين بها إلا لعذر، وفي الترهيب من تركها وفيبعض آدابها

- ‌وجوب صلاة الجمعة والترهيب من تركها لغير عذر:

- ‌ الترغيب في صلاة الجمعة:

- ‌بعض آداب يوم الجمعة:

- ‌التبكير إلى الصلاة

- ‌ الاغتسال للصلاة ومس الطيب ولبس أحسن الثياب والإنصات وعدم تخطي الرقاب:

- ‌ اتخاذ لباس خاص للجمعة:

- ‌ متى تدرك الجمعة:

- ‌ من نعس في صلاة الجمعة فليتحول من مكانه:

- ‌ إذا اجتمع العيد والجمعة لا تسقط الجمعة به:

- ‌ أعذار ترك الجمعة والسفر يوم الجمعة:

- ‌الفقرة الثالثة: وقت الجمعة ونداؤها وخطبتها وآدابها

- ‌ وقت صلاة الجمعة:

- ‌ مشروعية الأذان الثالث وهو الأول الآن:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة:

- ‌ القيام في الخطبة:

- ‌ قصر الخطبة وإطالة الصلاة:

- ‌ التشهد والحمدلة في الخطبة:

- ‌ الخطيب لا يرفع يديه بالدعاء:

- ‌ استقبال الناس الخطيب:

- ‌ استحباب الدنو من الإمام:

- ‌ التحدث أثناء الأذان والإمام على المنبر:

- ‌ الإنصات للخطبة:

- ‌ الصلاة والإمام يخطب:

- ‌ قطع الخطبة للحاجة:

- ‌ النهي عن تخطي الرقاب:

- ‌ النهي عن أن يقيم الرجل الرجل من مقعده:

- ‌ النهي عن الاحتباء:

- ‌ النهي عن الحلق:

- ‌القراءة في صلاة الجمعة:

- ‌الفقرة الرابعة: راتبة الجمعة

- ‌تحقيق في سنة الجمعة القبلية:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الباب السادسفي صلوات الليل والنهار في الأحوال العادية عدا الصلوات الخمسوفيه مقدمة وعرض إجمالي وفقرات ومسائل وفوائد

- ‌العرض الإجمالي

- ‌الفقرة الأولىفي أحاديث ومسائل متنوعة تتحدث عن النوافل

- ‌ الصلاة في البيوت:

- ‌ الاقتصاد والمداومة في العبادة:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النافلة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي رواتب الصلوات الخمس

- ‌ نصوص جامعة:

- ‌ راتبة الفجر:

- ‌ ما يقرأ في راتبة الفجر:

- ‌ الاضطجاع بعد راتبة الفجر:

- ‌ قضاء راتبة الفجر وحكم صلاتها إذا افتتحت الصلاة:

- ‌فائدة:

- ‌ راتبة الظهر والعصر:

- ‌ راتبة المغرب والعشاء:

- ‌الفقرة الثالثة:في الوتر

- ‌ مشروعية الوتر:

- ‌ وقت صلاة الوتر:

- ‌ متى يوتر:

- ‌ قضاء الوتر:

- ‌ عدد ركعات الوتر:

- ‌ القنوت في الوتر:

- ‌ هل ينقض الوتر:

- ‌ الصلاة بعد الوتر:

- ‌ هل يسلم بعد ركعتي الوتر:

- ‌ صلاة الوتر على الراحلة:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الرابعةفي:الضحى

- ‌الفقرة الخامسة:في قيام الليل

- ‌ فضل قيام الليل والترغيب فيه:

- ‌ من غلب عن صلاة الليل:

- ‌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل

- ‌ما يقول إذا قام يتهجد من الليل:

- ‌ الصلاة في الليل لرفع الفتن:

- ‌ الاقتصاد في القيام:

- ‌الفقرة السادسة:في نوافل تتكرر يومياً ولها سبب

- ‌ تحية المسجد:

- ‌ سنة الوضوء:

- ‌ صلاة دخول المنزل والخروج منه:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة السابعة:في النفل المطلق

- ‌الفقرة الثامنة:في صلاة التسابيح

- ‌الباب السابعفي الصلوات السنوية

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىصلاة التراويح وقيام رمضان وتهجده

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي صلاة العيدينعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاتي العيدين

- ‌ تشريع يومي العيد وفضلهما:

- ‌ وقت صلاة العيدين:

- ‌ صلاة العيد من غير أذان ولا إقامة

- ‌ عدد ركعات صلاة العيد:

- ‌ تكبيرات صلاة العيد:

- ‌ القراءة في صلاة العيد:

- ‌ الخطبة وبعض آدابها وموقعها:

- ‌ حكم الاستماع لخطبة العيد:

- ‌ إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة مفارقات الرجال:

- ‌ الخطبة على الراحلة واتخاذ عصاً:

- ‌ نصب الحربة للإمام يوم العيد:

- ‌ حكم التنفل قبل وبعد صلاة العيد:

- ‌ اجتماع العيد والجمعة:

- ‌ قضاء صلاة العيد وصلاتها في اليوم الثاني لعذر

- ‌ الصلاة لمن فاته العيد

- ‌ النحر يوم الأضحى:

- ‌ الرخصة في اللعب واللهو يوم العيد:

- ‌الباب الثامنفي الصلوات في الأحوال العارضة

- ‌المقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي صلاة المسافرعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة المسافر

- ‌ مسافة القصر:

- ‌ وجوب القصر في السفر:

- ‌ مدة السفر التي يصح معها القصر

- ‌ القصر لمن لم ينو الإقامة وإن طال مكثه:

- ‌ قصر الصلاة في السفر من غير خوف:

- ‌ رخصة الإتمام في السفر:

- ‌ التطوع في السفر:

- ‌ صلاة النفل على الراحلة في السفر:

- ‌الصلاة على الراحلة في السفر لعذر:

- ‌ صلاة المقيم خلف المسافر:

- ‌ الصلاة لمن يريد السفر والقادم منه:

- ‌مسائل وفوائد

- ‌الفقرة الثانيةفي صلاة المريضعرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة المريض

- ‌الفقرة الثالثةفي صلاة الخوف

- ‌مقدمة

- ‌عرض إجمالي

- ‌نصوص في صلاة الخوف

- ‌فائدة:

- ‌وصل: في ما حدث من جمع الصلواتيوم الخندق وقريظة وما يمكن أن يبنى عليه

- ‌أولاً: حادثة الخندق:

- ‌ثانياً: حادثة بني قريظة:

- ‌تعليقات:

- ‌الباب التاسعصلاة المناسبات

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىفيصلاة الاستخارة

- ‌تقديم:

- ‌الفقرة الثانيةفي:‌‌ صلاة الحاجة، وصلاة التوبة، وصلاة من قدم للقتل

- ‌ صلاة الحاجة

- ‌صلاة التوبة:

- ‌الصلاة ركعتين لمن قدم للقتل:

- ‌الفقرة الثالثةصلاة الاستسقاءالعرض الإجمالي

- ‌ الدعاء والصلاة وقلب الرداء في الاستسقاء:

- ‌ من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء والاستسقاء في صلاة الجمعة:

- ‌ إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط:

- ‌ رفع الأيدي بدعاء الاستسقاء:

- ‌ ما يقوله في دعاء الاستسقاء:

- ‌ ما يقول إذا رأى المطر:

- ‌ الإصابة من مطر السماء:

- ‌ تحريم الاستمطار بالأنواء والتحذير من الشرك بالله:

- ‌ التوسل بالصالحين:

- ‌الفقرة الرابعةفيالكسوف والخسوف

- ‌مقدمة وعرض إجمالي:

- ‌ الصلاة في كسوف الشمس وكيفيتها والتعوذ من عذاب القبر:

- ‌ الشمس والقمر آيتان لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته:

- ‌ما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر الجنة والنار في صلاة الخسوف:

- ‌ صلاة الرجال مع النساء في الكسوف:

- ‌ إطالة القيام والركوع والسجود في الكسوف والركعة الأولى في الكسوف أطول:

- ‌ الفزع إلى الدعاء والذكر والاستغفار عند كسوف الشمس:

- ‌الفقرة الخامسةفيصلاة الجنازة وأحكام الشهداء

- ‌مقدمة وعرض إجمالي:

- ‌وخلاصة الأمر هي ما يلي:

- ‌ أجر من صلى على جنازة وتبعها:

- ‌ الصلاة على الغائب:

- ‌ التكبيرات في صلاة الجنازة:

- ‌ ما يقرأ في صلاة الجنازة والدعاء للميت:

- ‌ الصلاة على الصغير:

- ‌ تقديم الرجال على النساء في صلاة الجنازة:

- ‌ وقت الصلاة على الجنازة:

- ‌الصلاة على الجنازة في المسجد:

- ‌ الصلاة على القبر:

- ‌ الصلاة على من عليه حق للعباد:

- ‌ الصلاة على من قتل نفسه:

- ‌ فضل كثرة المصلين على الجنازة:

- ‌ النهي عن الصلاة على الجنائز بين القبور:

- ‌ لا صلاة على منافق علم نفاقه:

- ‌ الأولى بالصلاة على الجنازة:

- ‌ التسليم في الجنازة:

- ‌وصل في أحكام الشهداء

- ‌الباب العاشرفي السجدات

- ‌مقدمة

- ‌الفقرة الأولىفي سجود السهوعرض إجمالي

- ‌ ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفريضة:

- ‌ السهو إذا صلى خمساً:

- ‌ السجود للشك:

- ‌ التشهد في سجود السهو:

- ‌ إعلام الإمام بالسهو:

- ‌الفقرة الثانيةفي سجود التلاوةعرض إجمالي:

- ‌ في مؤكدات سجود التلاوة:

- ‌في كونها سنة:

- ‌ سجدة الحج:

- ‌ سجدة (ص):

- ‌ سجدة النجم:

- ‌ سجدة سورة الانشقاق والعلق

- ‌ إجزاء الركوع مباشرة عن سجود

- ‌ ما يقول في سجوده:

- ‌الفقرة الثالثةفيسجود الشكرعرض إجمالي

- ‌خاتمة وجسر

الفصل: ‌ من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء والاستسقاء في صلاة الجمعة:

2195 -

* روى ابن خزيمة عن أبي هريرة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ماداً يديه، حتى رأيت بياض إبطيه.

قال سليمان: ظننته يدعو في الاستسقاء.

2196 -

* روى ابن خزيمة عن عبد الله بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فاستسقى، فقلب رداءه وصلى ركعتين.

قال المسعودي عن أبي بكر، عن عباد بن تميم، قلت له: أخبرنا جعل أعلاه أسفله، أو أسفله أعلاه، أم كيف جعله؟ قال: لا، بل جعل اليمين الشمال والشمال اليمين.

2197 -

* روى الطبراني عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن ابن الزبير خرج يستسقي بالناس فخطب ثم صلى بغير أذان ولا إقامة وفي الناس يومئذ البراء بن عازب وزيد بن أرقم.

2198 -

* روى الشيخان عن أبي إسحاق السبيعي قال: "خرج عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري، وخرج معه البراء بن عازب وزيد بن أرقم فاستسقوا، فقام زيد فاستسقى، فقام لهم على رجليه على غير منبر، فاستغفر، ثم صلى ركعتين، يجهر بالقراءة، ولم يؤذن ولم يقم".

-‌

‌ من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء والاستسقاء في صلاة الجمعة:

2199 -

* روى البخاري عن عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر يتمثل بشعر أبي طالب.

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

2195 - ابن خزيمة (2/ 334) 656 - باب صفة رفع اليدين في الاستسقاء، وإسناده صحيح.

2196 -

ابن خزيمة (2/ 335) 657 - باب صفة تحويل الرداء في الاستسقاء

وهو حديث حسن.

2197 -

مجمع الزوائد (2/ 216) قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.

2198 -

البخاري (2/ 513) 15 - كتاب الاستسقاء، 15 - باب الدعاء في الاستسقاء قائماً.

2199 -

البخاري (2/ 494) 15 - كتاب الاستسقاء، 3 - سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا.

ص: 1445

وفي رواية (1) أخرجها البخاري معلقة:

عن ابن عمر: (ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي، فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

2200 -

* روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أصابت الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده، ما وضعهما حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت السحاب يتحادر على لحيته، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد، ومن بعد الغد، والذي يليه، حتى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي- أو قال: غيره- فقال: يا رسول الله، تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال: "اللهم حوالينا ولا علينا"، فا يشير بيده على ناحية من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجوبة، وسال وادي قناة شهراً، ولم يأت أحد من ناحية إلا حدَّث بالجود".

وفي أخرى (2) "أن رجلاً دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً، ثم قال: يا رسول الله،

(1) البخاري (2/ 494) نفس الموضع السابق، وهو قول أبي طالب.

2200 -

البخاري (2/ 413) 11 - كتاب الجمعة، 35 - باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة.

مسلم (2/ 614) 9 - كتاب صلاة الاستسقاء، 2 - باب الدعاء في الاستسقاء.

(سنة) السنة ها هنا: الجدب والغلاء.

(المال) أراد بالمال: المواشي.

(قزعة) القزعة- بالتحريك-: القطعة من الغيم، والجمع: قزع.

(الجوبة): الموضع المنخفض.

(وادي قناة): اسم لواد من أودية المدينة، وعليه زروع لهم.

(بالجود): الجود- بفتح الجيم-: المطر الغزير.

(2)

البخاري (2/ 507، 508) 15 - كتاب الاستسقاء، 7 - باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة.

ص: 1446

هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم قال:"اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا". قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: وطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال: فلا والله، ما رأينا الشمس سبتا. قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبله قائماً فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم قال:"اللهم حوالينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر"، قال: فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس، قال شريك: فسألت أنس بن مالك: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري".

وفي أخرى (1) قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقام الناس، فصاحوا، فقالوا: يا رسول الله، قحط المطر، واحمرت الشجر، وهلكت البهائم، فادع الله أن يسقينا، فقال: "اللهم اسقنا"- مرتين- وايم الله، ما نرى في السماء قزعة من سحاب، فنشأت سحابة فأمطرت، ونزل عن المنبر فصلى بنا، فلما انصرف لم تزل تمطر إلى الجمعة التي تليها، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب صاحوا إليه: تهدمت البيوت، وانقطعت السبل، فادع الله يحبسها عنا، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "اللهم حوالينا ولا

(يغيثنا): بالرفع، أي: فهو يغيثنا، وهذه رواية الأكثر، وفي بعض الروايات: أن يغثنا، بالنصب، وفي بعضها: يغثنا، بالجزم، والكل صواب.

(أغثنا) الإغاثة: الإعانة. والمراد به: إعانتهم بإنزال المطر، وليس هو من الغيث، فإن فعل الغيث ثلاثي، تقول: غاث الغيث الأرض: إذا أصابها، وغاث الله البلاد يغيثها غيثاً، وغيثت الأرض تغاث، والسؤال منه: غيثاً، ومن الغوث: أغثنا.

(السبل): جمع سبيل، وهي الطريق.

(الآكام): جمع أكمة، وهي الرابية المرتفعة من الأرض.

(الظراب): جمع ظرب، وهي صغار الجبال والتلال.

(سبتا): وقع للأكثر بلفظ السبت، يعني أحد الأيام، والمراد به: الأسبوع وهو من تسمية الشيء باسم بعضه، كما يقال: جمعة.

(المواشي) جمع ماشية، وهي الغنم والبقر والإبل السائمة.

(1)

البخاري (2/ 512) 15 - كتاب الاستسقاء، 14 - باب الدعاء إذا كثر المطر "حوالينا ولا علينا".

ص: 1447

علينا"، وتكشطت المدينة، فجعلت تمطر حولها، ولا تمطر بالمدينة قطرة، فنظرت على المدينة، وإنها لفي مثل الإكليل".

وللبخاري (1) قال: "أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فقال، يا رسول الله، هلكت المواشي، هلك العيال، هلك الناس، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون قال: فما خرجنا من المسجد حتى مطرنا، فما زلنا نمطر حتى كانت الجمعة الأخرى، فأتى الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، بشق المسافر، ومنع الطريق".

ولأبي داود (2): قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه حذاء وجهه، فقال:"اللهم اسقنا".

قال التهانوي (8/ 147): وفي عمدة القاري: فهذه الأحاديث والآثار كلها تشهد لأبي حنيفة أن الاستسقاء استغفار ودعاء. وأجيب عن الأحاديث التي فيها الصلاة أنه صلى الله عليه وسلم فعلها مرة، وتركها أخرى. وهذا لا يدل على السنية، وإنما يدل على الجواز اهـ. قلت التهانوي فيكون كل من الصلاة والدعاء مستحباً. لأنه صلى الله عليه وسلم لم يواظب على أحد منهما، ولكن الصلاة أحب، لاشتمالها على الدعاء وغيره اهـ.

وعبارات البخاري تشير إلى إمكانية طي صلاة الاستسقاء بصلاة الجمعة فلقد ترجم البخاري في كتابه 2/ 507 هذه الترجمة:

(الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة) كما ترجمه في مكان آخر (2/ 501) بقوله:

(قحوط): المطر: احتباسه وتأخره. يقال: قحط المطر وقحط- بالفتح والكسر- وأقحط القوم: إذا أصابهم القحط، وهو الجدب، وقحطوا على ما لم يسم فاعله.

(تكشطت عن المدينة) الكشط والقشط واحد، وهو قلع الشيء وإزالته والمراد: انكشاف الغيم عن المدينة.

(بشق) المسافر- بالباء الموحدة- أي: اشتد عليه السفر من كثرة الوحل.

(الإكليل): ما أطاف بالرأس: من عصابة مزينة بجوهر أو خرز ونحوه، أراد: أن الغيم تقطع عن وسط السماء، وصار في آفاقها كالإكليل، وكل شيء أحدق بشيء وأطاف به فهو إكليل له.

(1)

البخاري (2/ 516) 15 - كتاب الاستسقاء، 21 - باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء.

(2)

أبو داود (1/ 305) كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الاستسقاء.

ص: 1448

(الاستسقاء في المسجد الجامع).

قال ابن حجر: أشار بهذه الترجمة إلى أن الخروج إلى المصلى ليس بشرط في الاستسقاء لأن الملحوظ في الخروج المبالغة في اجتماع الناس وذلك حاصل في المسجد الأعظم بناءً على المعهود في ذلك الزمان من عدم تعدد الجامع بخلاف ما حدث في هذه الأعصار في بلاد مصر والشام اهـ كما ترجم البخاري أيضاً (2/ 508): (من اكتفى بصلاة الجمعة في الاستسقاء).

قال ابن حجر (2/ 501): فأشار بذلك إلى أنه إن اتفق وقوع ذلك يوم الجمعة اندرجت خطبة الاستسقاء وصلاتها في الجمعة وقال (2/ 508): وفيه تعقب على من استدل به لمن يقول لا تشرع الصلاة للاستسقاء لأن الظاهر ما تضمنته الترجمة. اهـ أي الاكتفاء بصلاة الجمعة.

2201 -

* روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: "شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر، فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر وحمد الله، ثم قال: "إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله، يفعل ما يريد، اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت الغني، ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين". ثم رفع يده، فلم يترك الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب- أو حول- رداءه، وهو رافع يده، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة، فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه، فقال: "أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله".

2201 - أبو داود (1/ 304) كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الاستسقاء. وإسناده جيد.

(إبان) الشيء: وقته وأوانه.

(بلاغاً) البلاغ: ما يتبلغ به، ويتوصل به إلى الشيء المطلوب.

(الكن): ما يرد الحر والبرد من الأبنية والمساكن.

ص: 1449