الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* الأول:
أبرزَ ذكرَ محمد بن عجلان ليبيِّن نسبةَ هذا اللفظ إلى روايته، فإنه مخالفٌ في مدلوله لمدلول الحديث الَّذي قبلَه، كما تبيَّنَ في الفرق بين النهي عن الشيئين على الجمع وعن الجمع، فالأولُ نهيٌّ عن الجمع، وهذا نهي على الجمع.
ووقع (1) لابن عجلان رواية أخرى على هذا المعنى من رواية ابن جريج (2) عنه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه في (3) كتاب الطهارة في "شرح الآثار"[للطحاوي](4)(5).
* * *
الوجه الثاني: في التعريف بمَن ذُكِرَ فيه:
أما ابن عجلان: فمدنيٌّ يُكنَّى أبا عبد الله، روى عن غير واحد من التابعين وغيرِهم، روى عنه الأئمة الأجلاء: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، واللَّيثُ بن سعد، ويحيى بن سعيد القَطَّان، وغيرُهم.
(1)"ت": "وقد وقع لنا".
(2)
في المطبوع من "شرح معاني الآثار": "حيوة بن شريح" بدل "ابن جريج".
(3)
"ت": "من".
(4)
زيادة من "ت".
(5)
رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 15).
قال أحمد بن حنبل: [قال يحيى بن سعيد](1): حدثنا محمد بن عَجلان، وكان ثقةً (2).
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألتُ أبي عن محمد بن عجلان وموسى بن عقبة، أيُّهما أعجبُ إليك؟ فقال: جميعًا ثقةٌ ما أقربُهما؛ كان ابن عيينةَ يثني على محمد بن عجلان (3).
وكذلك صالح بن أحمد، عن أبيه: محمد بن عجلان ثقة (4).
وكذلك قال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين (5).
وقال (6) ابن أبي حاتم: سألت أبي عن محمد بن عجلان قال (7): [ثقة، وقال:](8) سمعت أبا زرعة يقول: محمد بن عجلان من الثقات (9).
وذكر ابن أبي حاتم قال: ثنا أبي، ثنا يحيى بن المغيرة قال: زعم جرير قال: ما رأيتُ من المدنيين من يشبهُ محمدَ بن عجلان،
(1) سقط من "ت".
(2)
رواه عبد الله بن الإمام أحمد في "العلل"(1/ 198)، ومن طريقه: ابن أبي حاتم، في "الجرح والتعديل"(1/ 45)، عن الإمام أحمد، عن سفيان بن عيينة، أنه كان يقول ذلك.
(3)
رواه عبد الله بن الإمام أحمد في "العلل"(2/ 19).
(4)
رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(8/ 49).
(5)
رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(8/ 49).
(6)
"ت": "فقال".
(7)
"ت": "فقال".
(8)
زيادة من "الجرح والتعديل".
(9)
انظر: "الجرح والتعديل"(8/ 49).
كان مثلَ الياقوتِ الأحمرِ (1).
قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يذكر عن مشيخته، عن ابن المبارك قال: لم يكن بالمدينة أحدٌ أشبهَ بأهل العلم من ابن عجلان، كُنْتُ أشبِّهُه بالياقوتة بين العلماء (2).
وقال البخاري في "تاريخه": حدثنا علي، [عن] ابن أبي [الوزير](3)، عن مالكٍ: أنه ذَكَرَ محمدَ بن عجلان، فذكر خيرًا (4).
قلتُ: قد خرَّجَ مسلمٌ لمحمد بن عجلان في "الصحيح"، واستشهد به البخاري في كتاب التوحيد (5).
وبعد هذا كله: فقد روى ابن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كان يحيى بن سعيد لا يرضى محمدَ بنَ عجلان (6).
وقال يحيى القطان: لا أعلمُ إلا أني سمعت ابنَ عجلان يقول: كان سعيدُ المقبُري يحدِّث عن أبيه، و (7) عن أبي هريرة، وعن رجل، عن أبي هريرة، فاختلطتْ عليَّ، فجعلتُها عن أبي هريرة (8).
(1) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(2)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(3)
في الأصل بياض، وكذا "ت"، والمثبت من "ب".
(4)
انظر: "التاريخ الكبير"(1/ 196)، و"التاريخ الأوسط"(2/ 75).
(5)
انظر: "تهذيب الكمال" للمزي (26/ 101)، و"الإمام" للمؤلف (1/ 130).
(6)
نقله ابن رجب في "شرح علل الترمذي"(1/ 410).
(7)
في المطبوع من "التاريخ الكبير" بحذف الواو.
(8)
انظر: "التاريخ الكبير" للبخاري (1/ 196).
وقال عباس الدُّوري عن يحيى بن معين: محمد بن عجلان ثقةٌ أوثقُ من محمد بن عمرو بن علقمة، ما يشك في هذا أحد، كان داودُ بن قيسٍ يجلس إلى محمد بن عجلان يتحفَّظ عنه، ويقال: إنها اختلطت على محمد بن عجلان (1)؛ يعني: في حديث سعيد المقبري.
قلت: أما قوله: كان يحيى بن سعيد لا يرضى محمد بن عجلان: فليس هذا باللفظ المقتضي لما (2) يوجب سقوطَ الرواية، وقد يقال مثله فيمَنْ يَكْرَه القائلُ منه شيئًا لا يُوجِب تركَهُ، هذا مع تشديد الإمام [الجليل](3) أبي سعيد يحيى بن سعيد في الرجال.
وقد ذكر [ابن](4) شاهين من رواية عباس (5) الدوري، عن يحيى ابن معين، قال يحيى بن سعيد: لو لم أروِ إلا عن كلِّ مَنْ أرضى - أو كلمة نحوها - ما رويتُ إلا عن خمسة (6).
ومن رواية بُندار قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: وقلت له عن ثقة فقال: لا تقل عن ثقة، لو حققتُ لك، ما حدثتك إلا عن
(1) انظر: "تاريخ ابن معين - رواية الدوري"(3/ 195)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/ 49).
(2)
"ت": "ما".
(3)
سقط من "ت".
(4)
زيادة من "ت".
(5)
في الأصل: "ابن عباس"، والتصويب من "ت".
(6)
انظر: "تاريخ ابن معين - رواية الدوري"(4/ 189).
أربعةِ: ابنِ عون، وشعبةَ، ومسعرٍ، وهشامٍ الدَّستوائي (1).
ومعلوم قطعًا أنه لا يمكن الاقتصارُ في الاحتجاج على مثل هؤلاء، ولا عن مثل من هو في طبقتهم، فقد ضعُفَت دَلالةُ اللفظِ على (2) التجريح، مع تشديد الإمام أبي سعيد، وكثرةِ الثناء على محمد ابن عجلان، مما تبين لك في ذلك.
وأما حديثُ روايته عن سعيد المقبري واختلاطِها وفعلِه فيها: فهذا قد عُدَّ في النوع المسمَّى بالتسوية، وهو قريبٌ من التدليس في المعنى، ويفترقان في أن التدليسَ يستعمل فيما بين الراوي وشيخه؛ بأن يسقط ذكر شيخه ويذكر شيخ شيخه، والتسويةَ تُستعمل فيما بين الراوي وشيخِ شيخِه بأنْ يذكرَ الراوي شيخَه ويُسقِطَ شيخَ شيخِه، ويذكرَ شيخَ شيخِ شيخِه.
وذكر أبو الحسنِ ابن القطان: أن ابن عجلانَ كان قد أخذ عن المقبري ما رواه [عن أبيه](3)، عن أبي هريرة، [وما رواه عن أبي هريرة](4)، وما رواه عن رجل عن أبي هريرة، فاختلطتْ عليه، فجعلها كلَّها عن أبي هريرة (5)(6).
(1) رواه ابن شاهين في "تاريخ أسماء الثقات"(ص: 112).
(2)
في هامش "ت": "لعله: عن".
(3)
سقط من "ت".
(4)
سقط من "ت".
(5)
في الأصل و"ب": "عن أبيه، عن أبي هريرة"، والتصويب من "ت".
(6)
انظر: "تهذيب التهذيب" لابن حجر (9/ 304).
قال: وأنت لا تشاء أن ترى لابن عجلان حديثًا عن المقبري عن أبي هريرة إلا رأيتَه.
وكان ابنُ القطَّانِ لما ذكر أحاديث ابن عجلان عن المقبري ذكر: أنه (1) قد اعترف على نفسه بأنه سوَّاها؛ يعني: أن ابن عجلان اعترف.
قلت: الَّذي ذكرتُه عن ابن القطان هو الَّذي ذكره [أبو](2) محمد بن أبي حاتم (3)، وهو مخالف لما ذكره أبو الحسن بن القطان من وجهين:
أحدهما: أن في اللفظ الَّذي ذكرناه [عن يحيى](4) بعضَ شكٍّ؛ لقوله: لا أعلم إلا أني سمعت، واللفظ الَّذي ذكره ابن القطان ليس فيه ذلك، فإنه جزم بفعل ابن عجلان ما ذكر.
والوجه الثانى: [أن](5) الَّذي حكيناه (6) قولُه: فاختلطت عليَّ فجعلتُها عن أبي هّريرة، والذي قال ابنُ القطانِ: فاختلطت عليه فجعلَها (7) عن المقبري، عن أبي هريرة، وبين اللفظين تفاوتٌ؛ فإن الأولَ أعمُّ من الثاني، وأقربَ إلى التأويل.
(1)"ت": "بأنه".
(2)
سقط من "ت".
(3)
لم أقف على هذا الكلام عند ابن أبي حاتم في المطبوع من كتابه: "الجرح والتعديل"، والله أعلم.
(4)
سقط من "ت".
(5)
سقط من "ت".
(6)
"ت": "حكيته".
(7)
في الأصل: "فجعلتها"، والمثبت من "ت".
ثم أقول: إما أن يُؤخَذَ هذا اللفظُ على أنه قدحٌ في الراوي، أو قدحٌ في الرواية، فإن أُخِذَ قدحًا في الراوي فهذا يحتاج إلى صيغة لفظه في الرواية، فإن ذَكَر صيغةً تدل على سماع شيخِه من شيخِ شيخِ شيخِه الذي ذكره، مع أنه أسقط ذكرَ شيخِ شيخه، فهذا كذبٌ لا شكَّ فيه، ولا يمكن أن يثبتَ عن ابن عجلان هذا، ولا يَحِلُّ لمسلم أن يظنَّ [به](1) ذلك، ومثاله أن يقول: حدثني المقبري قال: سمعت أبا هريرة، وإن ذَكَر صيغةً لا تدل على السماع كما لو قال: ذكر المقبري عن أبي هريرة، أو استعمل ما كان يستعمله المتقدمون من ذكر اسم الشيخ من غير أن يذكر روايته، كما لو قال: المقبري عن أبي هريرة، فهذا وما أشبهه تدليسٌ، ولا تَسقطُ العدالةُ به مع احتمال الصدق، إلا أن يكون المدلِّسُ أسقطَ مجروحًا عنده، ويثبت (2) ذلك عنه، فروَّجَ الحديثَ بتركه، فإن هذا لا يَحِلُّ، ولا يكاد يثبت عن أحد بإقراره، ولو أُسْقِطَ الراوي بمطلق التدليس، لتُرِكَ حديثُ كثيرٍ من الأئمة الذين وُصِفوا بالتدليس.
فالذي حكيناه من قوله: فجعلتها عن أبي هريرة، والذي حكاه ابنُ القطان من قوله: فجعلتها كلَّها عن المقبُري عن أبي هريرة: أمرٌ مشكوكٌ في لفظه (3)، لا يثبت ما يوجب الردَّ لروايته بعد تواترِ الثناءِ عليه من الأئمة.
(1) سقط من "ت".
(2)
"ت": "وثبت".
(3)
"ت": "لفظ".
وأما إن أُخِذَ قدحًا في الرواية دون الراوي: فهذا خارجٌ عما نحن فيه؛ لأن هذا الحديثَ الذي ذكرناه ليس من رواية ابن عجلان عن المقبري، ومع هذا فنذكر ما عندنا من هذا القسم فنقول: ما خُرِّجَ من (1) روايته عن المقبري (2)، عن أبي هريرة لا إشكال فيه، مثل ما يرويه عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة، وكذلك ما صرَّح فيه بسماع المقبري عن (3) أبي هريرة، وما ليس كذلك فمَنْ يقبل روايةَ المدلِّس حتى يتبيَّنَ التدليسُ ينبغي أن يقبل، ومن يردُّ روايته حتى يتبين السماعُ ينبغي أن يرد، والله أعلم.
وقد ذكر الحاكمُ ما معناه: أنَّ مُسلمًا روى عن ابن عجلان ثلاثةَ عشرَ حديثًا، كلُّها في الشواهد، وقال: قال المتأخرون من أئمتنا في سوء حفظه (4)، والأئمةُ المقتدى بهم في عصره قد أَثْنَوْا عليه، وقد روى النعمان بن عبد السلام، وإبراهيم بن طهمان، عن مالك بن أنس، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة في المملوك:"لَهُ طَعَامُه وكِسْوَتُهُ"(5)، قال مالك رحمه الله تعالى: وهو
(1) في الأصل: "عن"، والمثبت من "ت".
(2)
لعل الصواب أنه يقال: عن المقبري، عن رجل
…
، فهذه لا إشكال فيها من جهة أن فيها مجهولاً، فحكمها معلوم، والله أعلم.
(3)
"ت": "من".
(4)
انظر: "المغني في الضعفاء"(2/ 613)، و"ميزان الاعتدال" كلاهما للذهبي (6/ 256).
(5)
رواه أبو عوانة في "مسنده"(4/ 74)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"(2/ 7)، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 213)، وابن عبد البر =
الحكم في أهل المدينة، فإنه لم يُرْوَ (1) إلا عن ثقة.
ومات محمد بن عجلان سنةَ ثمان وأربعين ومئة (2).
وأما عجلان والد محمد فقالوا: مولى فاطمة بنت عتبة (3)[بن ربيعة القرشي، سمع أبا هريرةَ وفاطمةَ بنت عتبة](4)، [و](5) روى
= في "التمهيد"(24/ 284)، والخليلي في "الإرشاد"(1/ 164)، من طريق النعمان بن عبد السلام، عن مالك، به.
ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(1685)، والحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص: 37)، وأبو عوانة في "مسنده"(4/ 74)، وابن عبد البر في "التمهيد"(24/ 283)، والخليلي في "الإرشاد"(1/ 164)، من طريق ابن طهمان، عن مالك، به.
وقد رواه الإمام مالك في "الموطأ"(2/ 980) بلاغًا: أن أبا هريرة قال، فذكره.
قال ابن عبد البر: هذا الحديث محفوظ مشهور من حديث أبي هريرة، وقد رواه مالك مسندًا عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، إلا أنهم قد تكلموا في إسناده هذا، انتهى.
وقد رواه مسلم (1662)، كتاب: الأيمان، باب: إطعام المملوك، من طريق عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن العجلان مولى فاطمة، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"للمملوك طعامه وكسوته".
(1)
"ت": "فإنهم لم يرووا".
(2)
* مصادر الترجمة:
"التاريخ الكبير" للبخاري (1/ 196)، "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/ 49)، "تهذيب الكمال" للمزي (26/ 101)، "سير أعلام النبلاء" للذهبي (6/ 317)، "الوافي بالوفيات" للصفدي (4/ 92)، "تهذيب التهذيب" لابن حجر (9/ 303).
(3)
"ت": "عقبة".
(4)
سقط من "ت".
(5)
زيادة من "ت".