الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الوجه السابع: في المباحث المتعلقة به والفوائد المستنبطة منه، وهو المقصود الأعظم والمهم الأكبر، وفيه مسائل:
الأولى:
فيه دليلٌ على جواز ركوب البحر في الجملة، وقد ورد في بعض الروايات ركوبُه للصيد (1)، فيدل دلالة خاصة على ركوبه في طلب المعيشة، وقد ورد ما يعارض ذلك، وهو حديث رواه أبو داودَ من طريق عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تركب البحر إلَّا حاجًّا أو مُعتمراً أو غازياً في سبيلِ اللهِ" الحديث (2). وذُكِرَ عن عبد الله بن عمر - أيضاً - ما يناسب هذا (3)، وطعن بعضُهم في صحة هذا عنه، والحديث المذكور في إسناده اختلاف، (4) وللنظر فيه محلٌّ
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 378)، والحاكم في "المستدرك"(493)، والبيهقى في "السنن الكبرى"(1/ 3)، من طريق اللَّيث، عن الجلاح أبي كثير، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة، به.
(2)
رواه أبو داود (2489)، كتاب: الجهاد، باب: في ركوب البحر في الغزو، من طريق سعيد بن منصور في "سننه"(2/ 186)، بلفظ:"لا يركب البحر إلَّا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله، فإن تحت البحر ناراً، وتحت النار بحراً". قال الخطابي في "معالم السنن"(2/ 238): وقد ضعفوا إسناد هذا الحديث. ونقل البيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 334) عن البُخاريّ تضعيفه.
(3)
روى البزار في "مسنده"(5/ 282 - "مجمع الزوائد" للهيثمي) من حديث ابن عمر: أن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يركب البحر إلَّا حاج أو غاز". قال الهيثمي: فيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات.
(4)
من هنا تبدأ النسخة الخطية لمكتبة كوبريلي، والمرموز لها بحرف "ت".
غيرُ هذا بسبب الحاجة إلى معرفة حال [بعض](1) الرواة (2).
ثم إن لك أن تأخذَ من الحديث مطلقَ الركوب، من حيث هو ركوب، من غير تعرُّضٍ إلى الأحوال العارضة التي تحرِّم، أو توجب كراهية (3)، أو غير ذلك، كما هو عادة الفقهاء في إطلاق الحكم بالنظر إلى الحقيقة من غير التفاتٍ إلى الأحوال العارضة، كما تقول: الصيدُ جائز، وقد يعرض ما يُوجِب تحريمَه، والنكاحُ مستحب، وقد يعرِضُ ما يقتضي وجوبَه [حيثُ تعيَّن طريقاً لدفع العنت لعدم القدرة على التسري](4)، ولك أن تفصِّل.
ورأيت لبعض المتأخرين (5) من شارحي "التفريع" لأبي القاسم ابن الجلًاب المالكي (6)[حاكياً عن بعض شيوخ المذهب](7) قال:
(1) سقط من "ت".
(2)
وقد ذكره المؤلف رحمه الله في "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام"(1/ 113)، وفصَّل فيه الكلام.
(3)
"ت": "كراهته".
(4)
سقط من "ت".
(5)
لعله يعني: الإمام الفقيه عليّ بن أحمد الغساني المتوفى سنة (609 هـ)، حيث شرح "التفريع" لابن الجلاب وسماه:"الترصيع في شرح مسائل التفريع".
انظر: "الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب" لابن فرحون المالكي (ص: 211).
(6)
وقد طبع كتاب "التفريع" في مجلدين سنة (1987 م)، ونشرته دار الغرب الإسلامي ببيروت.
(7)
سقط من "ت".
[قال](1) مالكٌ: يكرَه ركوب البحر بما (2) يدخلُ على الإنسانِ من نقص في صلاته وغير ذلك.
ثم (3) قسم ركوبَ البحر على (4) ثلاثة أقسام، وجعل ما أطلقه (5) من الكراهة منزلاً على أحدها فقال: ركوبُ البحر على ثلاثة أوجه:
جائزٌ: وهو إذا كان [يعلم](6) من شأنه أنه (7) يقدرُ على صلاته قائماً ولا يَمِيد.
ومكروهٌ: وهو [ما](8) إذا لم يتقدم له عادةٌ بركوبه، ولا يعلم إذا ركبه هل يَميد وتتعطل صلاتُه أم لا؟ ولا يقال في هذا القسم: إنه ممنوع؛ لأنَّ الغالبَ السلامة (9).
وممنوعٌ: وهو ما إذا كان يعلم من شأنه أنه يميدُ ولا يقدر على أداء الصَّلاة، أو كان لا يقدر على [أداء](10) الصَّلاة لكثرة الراكب،
(1) زيادة من "ت".
(2)
"ت": "لما".
(3)
"ت": "و".
(4)
"ت": "إلى".
(5)
"ت": "ذكره".
(6)
سقط من "ت".
(7)
"ت": "أن".
(8)
زيادة من "ت".
(9)
"ت": "أنه لا يميد" بدل "السلامة".
(10)
زيادة من "ت".