الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنْ أُضمِرَ عند قوله صلى الله عليه وسلم: "في [الإناء] (1) "على أن يُقدَّر: في شراب إناء أحدكم، أو في مظروف إناء أحدكم، استُغْنِي عن الإضمار في قوله صلى الله عليه وسلم:"فلْيُرِقْه".
وإن لم يُضمَرْ أولاً، فلا بُدَّ من الإضمار آخراً، وليكن التقدير: فليرقْ شرابَه، أو مظروفَه، أو ما ولغ فيه، أو أشباه ذلك.
ويرجِّحُ الثاني بأنا (2) إذا أضمرنا: فليرق شرابه، أو ما يقاربُ ذلك، كان الضميرُ للإناء، وقولُه:"ثم لْيغسِلْهُ" الضمير فيه للإناء، فتتحدُّ الضمائر ولا تختلفُ، وإذا أضمرنا: إذا ولغ في شراب [إناء](3) أحدكم، كان الضميرُ في قوله:"فليرقْهُ" للشراب، والضمير في "ثم ليغسلْهُ" للإناء، فتختلف الضمائرُ مع المجاورة في اللفظ، وغيرُهُ أولى منه (4).
* * *
*
الوجه السابع
(5):
قوله صلى الله عليه وسلم: "أُوْلاهُنَّ"، وفي رواية:"أُخْرَاهُنَّ"(6)، الذي يُفهَم منه:
(1) زيادة من "ت".
(2)
في الأصل "بإناء"، والمثبت من "ت".
(3)
سقط من "ت".
(4)
قلت: اتفاق الضمائر أولى من اختلافها، ولكن اختلافها غير ممتنع، قال ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (16/ 80): ولا ضير في ذلك إذ كان السياق يُرجِعُ كلاّ إلى ما يناسبه.
(5)
سقط الوجه السابع كاملاً من "ت".
(6)
تقدم تخريجها عند الترمذي برقم (91).
أنَّ المرادَ بالأولى المبتدأ بها، وبالأُخرى المختتمَ بها، وفيه نزاعٌ: وهو أنَّ (الأخرى) تأنيث (آخَر) بفتح الخاء، وأنَّ ذلك لا يدلُّ إلا على المغايرةِ لا على الانتهاءِ.
قال ابنُ مالك رحمه الله تعالى: الفرق بين (آخِرَة) و (أُخْرَى)، أن التي هي أنثى لا تدلُّ على انتهاء، كما لا يدل عليه مُذَكَّرُها، فلذلك تعطف عليهما مثلَهما من صنف واحد، كقولك: عندي رجلٌ وآخرُ وآخرُ، وعندي امرأةٌ وأخرى وأخرى، وليس كذلك (آخِرة)، بل تدلُّ على الانتهاء، كما يدلُّ عليه مذكرها، وكذلك لا تعطفُ عليهما مثلَهما من صنف واحد، فلا يقال: جاء زيدٌ أوَّلٌ، وعمرو آخِر، ورجل آخِرٌ.
وقال الشيخ أبو عمرو بن الحاجب رحمه الله تعالى: لا يقال: العشرُ الأُخَر؛ لأنَّ (الأُخر) جمع (أُخرى)، و (أخرى) تأنيث (آخَر)، ومدلولُهُ وصفٌ لمُغايرٍ لمتقدّمٍ ذكرُه، وإن كان متقدماً في الوجود، وكذلك مؤنَّثُه ومجموعُه، ونُسيت (1) دلالتُه على المتأخِّر في الوجود، حتى صارت نسياً منسياً، فتقول: مررت بزيدِ ورجلٍ آخَر، فلا يفهَمُ من ذلك إلا وصفُه لمغايرٍ لمتقدِّمٍ ذكرُه وهو (زيد)، حتى صار معناه أحدَ الشيئين، ولا يُفهَم من ذلك كونُه متأخراً وجودًا، ومن ثَمَّ لم يقولوا: ربيع الآخَر، ولا جمادى الأُخرى، لعلمهم بانتفاء دلالة ذلك
(1) في الأصل: "وليست".