الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثامنة والعشرون:
ما تولدَ من كلبٍ (1) وحيوانِ طاهرٍ مُلحَقٌ (2) بالكلب عند مَن يرَى التعليل بالنَّجاسَة مع ضَميمة [مقدمة](3) أُخرَى، وهو تغليبُ المُحرّم على المبيح، ومَن يقول بالتعبُّد أو الظاهِرِ لا يُلحقُهُ به؛ لانتفاء الاسم، والله أعلم.
التاسعة والعشرون:
هاهُنا مرتبةٌ دونَ الَّتِي قبلَها، وهي أنَّ الحكمَ معلَّقٌ بولوغ الكلب، فَهلْ يُلحَقُ به الخنزيرُ في هذا الحُكم؛ أعني: الغسلَ سبعاً؟
فيهِ اختلافٌ محكيٌ عن مالك والشَّافِعي، رحمة الله عليهما (4).
وبعضُ الشَّافِعية رحمهم الله لا يثبِتُ القولَ بعدم الإلحاق، ومَن أثبته - أو بعضُ من أثبته - منهم نسبَهُ إلى القديم، وذكر المُزَنِيُّ عن الشَّافِعي - رحمة الله عليهما -: أنَّهُ احتجَّ بأنَّ الخنزير أسوأ حالاً من الكلب (5)، فقاسه عليه، وقرَّرَ كونَ الخنزير أسوأَ حالاً بوجهين:
(1)"ت": "الكلب ".
(2)
"ت" زيادة: "وغيره".
(3)
زيادة من "ت".
(4)
انظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (2/ 524)، و"مواهب الجليل" للحطاب (1/ 178).
(5)
انظر: "الأم " للإمام الشافعي (1/ 6). وقال الإمام أحمد: هو شر من الكلب. انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 204).
أحدُهُما: أنَّ نجاستَهُ بالنَّصّ، والكلبُ نجاستُه (1) بالاستدلال.
والثاني: أنَّ تحريمَ الانتفاع بالخنزير عامّ، وبالكلب خاصٌّ (2).
والأول ممنوعٌ؛ أعني: [أن](3) نجاسةَ الخنزير بالنص، والذِي استدلَّ به على هذا، قولُهُ تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145]، بناءً على أن المرادَ بلحم الخنزير هو جملةُ الخنزيرِ؛ لأنَ لحمَه قد دخل في عموم الميتة، فكان حمله على الجملة أَولَى من حمله على (4) التكرار (5)، فيقال عليه: إنَّ حملَهُ على ما ذكرتَ يلزَمُ مِنهُ مجازُ إطلاقِ لفظِ البعضِ على الكلِّ.
واعلم أنَ إلحاقَ الخنزير بالكلب قويٌّ على مذهب مَن يرَى التعليلَ بالإبعاد بناءً على هذين الوجهين؛ لأنَّهما يثبتان زيادةً فيما جعلَ علةً، وهو الإبعاد، فيكون من باب ثبوت الحكم فيما هو أَولَى بالعِلَيَّة، ولا يساوي ذلك إلحاقه على التعليل بالنَّجاسَة؛ لأنَّ زيادةَ الإبعاد ليست قوةً فيما جُعِل عِلَّةً، وإنَّما يُنْقَلُ (6) إلى ذلك بطريق خارجٍ تتجاذبُهُ النظرُ، والخمرُ مبعد ممنوعٌ مِن اتخاذها، ولم يلزم غسل
(1)"ت": "ونجاسة الكلب".
(2)
انظر: "الحاوي" للماوردي (1/ 315).
(3)
زيادة من "ت".
(4)
في الأصل: "من"، والمثبت من "ت".
(5)
انظر: "تفسير القرطبي"(2/ 233)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (4/ 674).
(6)
"ت": "ينتقل".