الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يقدر على السجود.
وقال مالك - في سماع أشهب -: إذا لم يقدرْ أحدكم على أن يركع أو يسجدَ إلَّا على ظهر أخيه فلا تركبوا لحج (1) ولا لعمرة، أيركب حيث لا يصلِّي؟! ويلٌ لمن ترك الصَّلاة!
ويكره - أيضاً - إذا كان لا يقدر على الصَّلاة إلَّا جالساً (2).
الثَّانية:
المنقول عن الشافعي رضي الله عنه: أنَّ ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال، يتنزَّلُ منزلةَ العموم في المقال (3)، ومثل هذا: أن غيلانَ أسلم على عشر (4) نسوة فقال عليه السلام: "أمسكْ أربعاً وفارقْ سائرَهُنَّ"(5)، ولم يسأله عن كيفية ورود عقدِهِ عليهن في الجمع
(1)"ت": "لحجة".
(2)
وانظر: "مواهب الجليل" للحطاب (2/ 515 - 516).
(3)
ذكر هذه القاعدة عن الإمام الشافعي رحمه الله جمع من الأصوليين منهم: إمام الحرمين الجويني في "البرهان في أصول الفقه"(1/ 237)، والرازي في "المحصول"(2/ 631)، والزركشي في "البحر المحيط"(3/ 148)، وابن اللحام في "القواعد والفوائد الأصولية" (ص: 234)، وغيرهم.
(4)
في الأصل: "عشرة"، والمثبت من "ت".
(5)
رواه التِّرمذيُّ (1128)، كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الرجل يسلم وعنده عشر نسوة، وابن ماجه (1953)، كتاب: النكاح، باب: الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة، والإمام الشافعي في "مسنده" (ص: 274)، وفي "الأم"(4/ 265)، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 13)، وغيرهم من طرق عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما، به. =
والترتيب، فكان لإطلاقه (1) القول دالاً (2) على أنه لا فرقَ بين أن تتفقَ تلك العقود معًا، أو على التَّرتيب (3).
= دال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(3/ 168) ما حاصله: قال البزار: جوّده معمر بالبصرة، وأفسده ياليمن فأرسله، وقال التِّرمذيُّ: قال البُخاريّ: هذا الحديث غير محفوظ، والمحفوظ ما رواه شعيب، عن الزُّهريّ قال: حدثت عن محمد بن سويد الثَّقفيُّ: أن غيلان أسلم، الحديث. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة: المرسل أصح، وحكى الحاكم عن مسلم: أن هذا الحديث ممَّا وهم فيه معمر بالبصرة، قال: فإن رواه عنه ثقة خارج البصرة حكمنا له بالصحة. وقد أخذ ابن حبان والحاكم والبيهقي بظاهر هذا الحكم فأخرجوه من طرق عن معمر، من حديث أهل الكوفة وأهل خراسان وأهل اليمامة. قلت - القائل: ابن حجر -: ولا يفيد ذلك شيئًا، فإن هؤلاء كلهم إنَّما سمعوا منه بالبصرة، وإن كانوا من غير أهلها، وعلي تقدير تسليم أنهم سمعوا منه بغيرها، فحديثه الذي حدث به في غير بلده مضطرب؛ لأنَّه كان يحدث في بلده من كتبه على الصحة، وأما إذا رحل فحدث من حفظه بأشياء وَهِمَ فيها، اتفق على ذلك أهل العلم به؛ كابن المديني، والبخاري، وابن أبي حاتم، ويعقوب بن شيبة، وغيرهم، وقد قال الأثرم عن أحمد: هذا الحديث ليس بصحيح والعمل عليه، وأعله بتفرد معمر بوصله وتحديثه به في غير بلده هكذا. وقال ابن عبد البر: طرقه كلها معلولة. وقد أطال الدارقطني في "العلل" تخريج طرقه. وقد صححه ابن القطان.
وفي الباب: عن قيس بن الحارث أو الحارث بن قيس عند أبي داود وابن ماجه.
وعن عروة بن مسعود وصفوان بن أميَّة، ذكرهما البيهقي.
(1)
"ت": "إطلاقه".
(2)
"ت": "دليلاً".
(3)
انظر: "المحصول" للرازي (2/ 631 - 632).
واعلمْ أن معنى هذا الكلامِ: أن الخطابَ الواردَ على السؤال عن الواقعة المختلفة الأحوال كالعام، كما يشهد به ما سقناه من الحال، ولا يعارضه ما يقال: إن قضايا الأحوال إذا تطرَّقَ إليها احتمالٌ (1) سقط بها الاستدلال (2)؛ لأنَّ ذلك يُحْمَلُ على الفعل المحتمل وقوعُه على وجوه مختلفة، فلا عمومَ له (3).
وقد اعترِضَ على ما قاله الشافعي رحمه الله باحتمال أنه عليه السلام في الحال المذكور أو ما يشبهه عرفَ حقيقةَ الحالِ، فأجاب بناءً على معرفته ولم يستفصله، وعن هذا الاحتمال قال بعضُ المتأخرين في هذه القاعدة: حكمُ الشارع المطلق في واقعة سئِل عنها ولم تقعْ [بعدُ](4)، عامٌّ في أحوالها [حتى يقال فيها عرفَ حقيقةَ الحال](5)، وكذلك إن وقعت ولم يعلمِ الرسول كيف وقعت؟ وإن عَلِم فلا عمومَ، وإن التبسَ هل علم أو (6) لا؟ فالوقف.
(1)"ت": "الاحتمال".
(2)
انظر: "المنخول" للغزالي (ص: 150)، و"التمهيد" للإسنوي (ص: 338)، و "القواعد والفوائد الأصولية" لابن اللحام (ص: 234).
(3)
وهذا اختيار البلقيني، والسبكي، كما ذكر ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" (ص: 365). ونقل عن القرافي أنه قال - فيما جاء عن الإمام الشافعي في هذين القولين -: الأول: مع بُعد الاحتمال، والثاني: مع قرب الاحتمال.
(4)
سقط من "ت".
(5)
سقط من "ت"، وكذا من "البحر المحيط" للزركشي، حيث نقل عن المؤلف كلامه هنا.
(6)
"ت": "أم" بدل "أو"، وهو خطأ.
ولقائل أن يدفعَ الاعتراض المذكور الموجِبَ للوقف: بأن الأصلَ عدمُ وقوع العلم بالحالة المخصوصة، فيعودُ إلى الحالة التي لم تُعلَم كيفية وقوعها، إلَّا أن يكون المرادُ القطعَ، فهذا الذي قلناه لا يفيد إلَّا الظنَّ، فتوجَّه السؤال (1).
[و](2) إذا ثبت هذا فنقول: هذه القاعدة فيما إذا وُجِدَ اللفظ جواباً عن السؤال، فهل تُنَزَّلُ منزلة التقرير عند السؤال منزلةَ اللفظ حتَّى يعمَّ أحوالَ السؤال في الجواز أو (3) غيره؟ الأقربُ ذلك؛ لإقامة الإقرار مقامَ الحكم في إطلاق أرباب الأصول، إذ لا يجوزُ تقريره عليه السلام لغيره على أمر باطل، فنزل منزلةَ القول المبيِّن للحكم، فيقوم مقامَ العموم كاللفظ، فيَرِدُ هاهنا ما قاله الغزالي رحمه الله في أن المفهوم ليست دلالته (4) لفظية، والعمومُ من عوارض الألفاظ (5)، وهذا المعنى موجودٌ في دلالة التقرير؛ إذ ليست لفظية.
ويجاب عن هذا هاهنا بأنا (6) قلنا: إنه مُنزَّل منزلةَ العموم، بمعنى شمول الحكم للأحوال، فلا يجعله حقيقةً [في](7) العموم (8).
(1) انظر: "البحر المحيط" للزركشي (4/ 203).
(2)
سقط من "ت".
(3)
"ت": "و".
(4)
في الأصل: "دلالته"، والمثبت من "ت".
(5)
انظر: "المستصفى" للغزالي (ص: 224).
(6)
"ت": "أنَّا".
(7)
زيادة من "ت".
(8)
انظر: "البحر المحيط" للزركشي (4/ 206).