الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقامَهُ قطعًا في تحصيل المقصود، ولست أدري ما تقولُهُ الظّاهِريّة الجامدة ها هنا، فإنْ ذهبوا -[همْ](1) أو بعضُهُم - إلَى اعتبار الذَّنوب عندَ القدرة عليه فليسَ ذلك بعيدًا عن تصرفاتهم، ولا قريبًا من الحقّ، والله أعلم.
الثالثة عشرة:
ودونَ هذا مرتبةٌ أُخرَى، وهو اعتبارُ القصد في التطهيرِ، والفقهاء - أو من شاء الله منهم - ألغَوْه أيضًا، فلو صَبَّ المطرُ علَى الأرضِ، وحصل ما يكفي في التطهيرِ عندَ القصدِ كَفَى ذلك.
وإنَّما جعلتُه دونَ الأُولَى؛ لاحتمال اعتبار القصد لأجل امتحان (2) المُكلَّفِ، والامتحانُ والتكليف أمر معلومُ الاعتبارِ في الجملةِ في الأحكام، ولا مانع من أنْ نَعتبرَها (3) ها هنا، ولا قاطعَ علَى عدمِ اعتبارِه، بخلاف كونِ المصبوب مِنهُ دلوًا، فإنَّهُ معلومُ الإلغاء بالنسبةِ إلَى مقصودِ التطهير.
الرابعة عشرة:
تعيينُ الماء قيدٌ (4) يُستدَلُّ به علَى تَعَيّنهِ في الإزالةِ؛ لأنَّ المُعيَّنَ لا يقعُ الامتثالُ إلا به، وليسَ يُقطَعُ بإلغائِهِ، بل
(1) سقط من "ت".
(2)
"ت": "لامتحان".
(3)
"ت": "يعتبر".
(4)
"ت": "قد".
رُبَّما يُدَّعَى مناسبتُهُ لما فيهِ من الرِّقةِ واللَّطافة، ويردُّ عليه ما يُقال من أنَّهُ مفهومُ لقبٍ لا يقتضي نفيَ الحكم عمّا عداه، ونحن قد أشرنا إلَى بحثٍ فيه، وهو أنَّ المُعينَ لا يقعُ الامتثالُ إلا به، وإنْ كان لقباً؛ لأنَّ الآتيَ بغيرِه لمْ يأتِ بما أُمِرَ به، فيبقَى في العُهْدةِ، وهذا إذا لمْ يُقطَعْ بعدم اعتباره، علَى أنَّهُ لو كان للقب (1) مفهومٌ، لأمكنَ الخصمُ أنْ يقولَ: المفهومُ إنَّما يدلُّ علَى نفي الحكم عما عدا محلِّ الذكر إذا تعيَّنَ [في](2) اختصاصِ الحكم به ذكرًا فائدة (3) للتخصيص بالذكرِ، أمَّا إذا لمْ يتعينْ فلا يدلُّ، ولهذا علَّلوا عدمَ القول بالمفهومِ في قوله تعالَى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] بأنَّهُ خرج علَى العادةِ (4)، ولا قَالَ الأكثرون بمفهوم:"أَيّما امرأةٍ نكحتْ نفسَها بغيرِ إِذْنِ وليّها فنِكاحُها باطِلٌ"(5) حيثُ حملوه علَى أنَّ الغالبَ والعادةَ
(1) في الأصل: "اللقب"، والمثبت من "ت".
(2)
زيادة من "ب".
(3)
"ت": "وفائدة".
(4)
"ت": "خرج مخرج العادة".
(5)
رواه أبو داود (2583)، كتاب: النكاح، باب: في الولي، والترمذي (1102)، كتاب: النكاح، باب: ما جاء لا نكاح إلا بولي، وقال: حسن، وابن ماجه (1879)، كتاب: النكاح، باب: لا نكاح إلا بولي، وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها. وقد أعل الحديث بالإرسال، وتكلم فيه بعضهم من جهة بعض رواته. وقد تكلم عليه الدارقطني في جزء "من حدث ونسي"، والخطيب بعده، وأطال في الكلام عليه البيهقي في "السنن الكبرى"، وفي "الخلافيات"، وابن الجوزي =