الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الوجه الثاني: في تصحيحِهِ:
رواه مالك في "المُوطأ" عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حُميدة بنت عبيد بن رفاعة (1)، عن كبشة، وقد ذكرنا من صحَّحه.
وقوله: وأمَّا ابن منده فخالف؛ أي: في التصحيحِ، فإنَّهُ لمَّا أخرجَ الحديثَ في "صحيحه بالاتفاقِ والاختلاف" قالَ: وأمّ يحيَى اسمُها حُميدة، وخالتُها كَبشة، ولا يُعرَفُ لهما روايةٌ إلا في هذا الحديث، ومحلُّها محلُّ الجَهالة، ولا يثبتُ هذا الخبرُ من وجه من الوجوهِ، وسبيلُهُ [سبيلُ](2) المعلولُ.
فجرَى ابن مَنْدَه على ما اشتهر عن أهل الحديث [أنَّهُ](3) مَن لا يروي (4) عنه إلا راوٍ واحد فهو مجهول، ولعلَّ من صحَّحهُ اعتمد علَى
(1) فائدة: اختلف في حُميدة، هل هي بضم الحاء أو فتحها؟
قال المؤلف رحمه الله في "الإمام"(1/ 233): اختلف في رفع الحاء ونصبها، فبعضهم يقول: حَميدة، وبعضهم يقول: حُميدة، وهو الأكثر، انتهى.
وهي: حميدة بنت عبيد بن رفاعة، كذا قال سائر الرواة في اسمها، وهو الصواب، وقال يحيى بن يحيى في نسبها: حميدة بنت أبي عبيدة بن فورة، قاله القاضي عياض في "مشارق الأنوار"(2/ 119).
(2)
زيادة من "البدر المنير" لابن الملقن (2/ 342)، حيث نقل كلام ابن منده هذا.
(3)
سقط من "ت".
(4)
"ت": "لم يرو".
كون مالك رواه وأخرجه، مع ما عُلِمَ من تشدُّدِهِ وتحرُّزِهِ في الرجالِ.
قرأت بخط الحافظ أبي الفضل محمَّد بن طاهر وروايته في "سؤالات أبي زرعة" قالَ: سمعتُ أحمدَ بن حنبل يقول: مالك إذا رَوَى عن رجل لمْ يُعرَفْ فهو حجَّةٌ (1).
ورَوَى طاهر بن خالد بن نزار، عن أبيه، عن سفيان بن عُيَينةَ: أنَّهُ ذكر مالكَ بن أنس فقال: كان لا يُبَلِّغُ من الحديثِ إلا صحيحاً، ولا يُحدِّثُ إلا عن ثقات الناس، وما أرَى المدينةَ إلا ستَخْرَبُ بعد موت مالك بن أنس (2).
وهذا اللَّفظ الَّذِي لسفيانَ أعمُّ من كلام أحمدَ الَّذِي قبله مع احتمال كلام أحمد لموافقته.
وذكر بشر بن عمر الزَّهراني قالَ: سألتُ مالكَ بن أنس عن رجلٍ فقال: هلْ رأيتَهُ في كتبي؟ قُلْتُ: لا، قالَ: لو كان ثقةً لرأيته في كتبي (3).
وهذا يُفهَمُ مِنهُ أنَّ كلَّ من في كتبه ثِقَةٌ، وإنْ كَان قد شَغَّبَ في هذا بعضُ المُتَأخِّرين؛ لأنَّهُ لا يلزم من كون كلِّ ثقةٍ في كتابِهِ أنْ يكونَ
(1) نقله عن أبي زرعة: ابن رجب في "شرح علل الترمذي"(1/ 377).
(2)
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (1/ 74).
(3)
رواه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(ص: 410)، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 14)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 22)، وابن عبد البر في "التمهيد"(1/ 68).