الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[وهذا](1) إن أُرِيد به أنَّ غيرَهُ لم يذكرْهَا ولا غيرَها، فهذا قريبٌ، وزيادةُ العَدْلِ مقبولةٌ، وإن أُريد به أنَّ غيرَه رواها بلفظ (من)[وهو رواها](2) بلفظة (في)، [فهذا](3) اختلافٌ على سِمَاك، فإنْ ظَهر ترجيحٌ لأحد الروايتين عُمِل به.
وقد أُكِّدَ كونُ المرادِ الاغتسالَ منها لا فيها، باستبعاد الاغتسال فيها عادةً، ويُقرِّب الاغتسالَ (4) فيها أنَّ البيوتَ لم تكن واسعةً، والظاهرُ أنها غيرُ مُجَصَّصةٍ ولا مُحَجَّرةٍ، فالاغتسال فيها لأجل أن يَسْلَمَ المكانُ من الابتلال والوَحل، على أنَّ هذا لا يمنعُ من التمسك بطريقة ترك الاستفصال وقوله عليه السلام:"إن الماءَ لا يَجْنُبُ"، وخرَّج ابنُ حبان هذا الحديث من رواية سفيان، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنَّ امرأةً من أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم اغتسلت من جفنةٍ [من جنابة](5)، فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتوضأُ من فَضْلِها، فقالت له، وقال:"الماءُ لا يُنَجِّسِهُ شيءٌ"(6).
السابعة:
لا يجوزُ أنْ يكونَ المرادُ بـ "إنَّ الماءَ لا يجنبُ" أنه
(1) زيادة من "ت".
(2)
في الأصل: "وهذا مع من رواه"، والمثبت من "ت".
(3)
زيادة من "ت".
(4)
"ت": "الاستعمال".
(5)
زيادة من هامش "ت".
(6)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(1242).
لا ينتقلُ إليه حكمُ الجنابة بخصوصه (1)؛ لأنَّ ذلك محالٌ عقلاً، فلا يجوز حملُ [لفظِ](2) الشارعِ عليه، فبقِي على أن يُحمَلَ على معنى أعم من هذا المعنى، بأن يُؤخَذَ مطلقُ المنع وجنسُه لا المنع الخاص، ويقال: إن الجنبَ تعلق به منعٌ بسبب الجنابة، ولا يتعلق بالماء منعٌ بسبب الجنابة، هذا إن لم يُزاحَم بمعنى آخر ينافيه.
قال أبو سليمانَ الخطابيُّ رحمه الله تعالى: قوله: "إنَّ الماءَ لا يجنبُ" معناه: لا ينجُس، وحقيقتُهُ: أنه لا يصيرُ بمثل هذا الفعل إلى حالةٍ يُجتنبُ فلا يُستَعملُ، وأصلُ الجنابة البعدُ، ولذلك قيل للغريب: جُنُب؛ أي: بعيد، وسُمِّي (3) المُجَامعُ - ما لم يغتسل - جُنُباً؛ لمجانبته الصلاةَ وقراءةَ القرآنِ، كما يُسمَّى الغريبُ جنباً لبعده عن أهلِه ووطنِه.
وقد رُوِيَ: "أربعٌ لا يَجْنُبْنَ: الثوبُ، والإنسانُ، والأرضُ، والماءُ"(4)، وفسَّروه: أنَّ الثوبَ إذا لاصقه عرقُ الجنب لم ينجُس (5)، والإنسانَ إذا أصابته الجنابةُ لا ينجس، وإن صافحه جنبٌ أو مشركٌ لم ينجُسْ، والماءَ إذا أَدخلَ يدَه فيه جُنُبٌ أو اغتسلَ لم ينجُس، والأرضَ
(1) في الأصل: "مخصوصة"، والمثبت من "ت".
(2)
زيادة من "ت".
(3)
"ت": "فسمِّي".
(4)
رواه الدارقطني في "سننه"(1/ 113)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 276)، عن ابن عباس من قوله.
(5)
في المطبوع من "معالم السنن": "وفسروه: أن الثوب إذا أصابه عرق الجنب والحائض لم ينجس
…
".