الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامسة عشرة:
يدلُّ على جواز التطهير (1) بماء البحر، وهو المقصودُ بالذات من الحديث، وعنه وقع (2) السؤالُ، وذلك هو مذهبُ الجمهورِ من الأئمة، وعليه فقهاءُ الأمصار.
قال الحافظ أبو بكر بن المنذر: وممن روينا عنه أنه قال (3): ماء البحرِ طهور، أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وابن عباس، وعقبة بن عامر، وبه قال عطاءٌ، وطاوسُ، والحسنُ البصري، ومالك، وأهلُ المدينة، وسفيانُ الثوري، وأهلُ الكوفة، والأوزاعي، وأهلُ الشام، والشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو (4) عبيد، وبه نقول.
ثم قال: وقد روينا عن ابن عمر أنه قال في الوضوء بماء البحر: التيممُّ أحبُّ إليَّ منه (5).
وعن عبد الله بن عمرو أنه قال: لا يُجزئ من الوضوءِ ولا من الجنابة، والتيممُ أعجبُ (6) إليَّ منه (7).
(1)"ت": "التطهر".
(2)
في الأصل و"ب": "وقوع"، والمثبت من "ت".
(3)
"ت": "أنَّ" بدل "أنه قال".
(4)
في "الأصل": "وأبي"، والصواب ما أثبت كما في "ت" و"ب".
(5)
ورواه أبو عبيد في "الطهور"(236)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(1393).
(6)
"ت": "أحبُّ".
(7)
تقدم تخريجه في حديث: "إن تحت البحر نارًا، وتحت النار بحرًا
…
" الحديث.
وعن ابن المسيِّب أنه قال: إذا أُلجئتَ إليه فتوضَّأْ منه (1).
فيحصل من هذا المقول (2) ثلاثةُ مذاهبَ: الطهوريةُ مطلقاً، ومقابلُه، والوضوءُ به عند الاضطرار.
فأما الأول: فقد ذكرنا دلالةَ الحديث عليه، وفيما مضى إشارة إلى وجه الدليل، وهو وجوب كون الجواب عن السؤال (3) مفيداً للحكم المسؤول عنه، وإلا لم يكن جوابا.
وما وقع في كلام بعض فضلاء الأصوليين: أن الجوابَ يجب أن يكون مطابقًا للسؤال (4)، إنما يريد ما ذكرناه من تناوله لمحل السؤال، ولا يريد المطابقة، بمعنى عدم الزيادة والنقصان.
وأما القول الثاني: المحكي عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر رضي الله عنه: فإن القاضي أبا الوليد الباجي حكى عن القاضي أبي الحسن، أنه أنكر أن يكونَ ذلك قولاً لأحدهما (5). وقريبا (6) منه ما قاله الحافظُ أبو عمرَ بنِ عبد البرِّ، فإنه قال: وجاء عن عبد الله ابن عمرو وعبد الله بن عمر كراهيةُ (7) الوضوء بماء البحر،
(1) ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1390). وانظر: "الأوسط" لابن المنذر (1/ 248 - 250).
(2)
"ت": "القول" و"ب": "المنقول".
(3)
"ت": "السؤال عن الجواب".
(4)
انظر: "المستصفى" للغزالي (ص: 235).
(5)
انظر: "المنتقى في شرح الموطأ" للباجي (1/ 55).
(6)
"ت": "وقريباً".
(7)
"ت": "كراهته".
ولا يصحُّ (1) عنهما، وعامةُ العلماءِ على خلافه (2).
قلتُ: وفي هذين القولين نظر؛ أعني: قول القاضي أبي الحسن وابن عبد البر، والذي ذُكِرَ في علة هذا القول، أنه "نار في نارٍ"، وأسندوه حديثا، وأُجيبَ عنه بوجهين:
أحدهما: [أنه](3) أراد بقوله: "البحرُ نار في نارٍ" أن البِحارَ تصير يومَ القيامة ناراً، قال الله تعالى:{وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير: 6]، {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6)} [الطور: 6]، فوصفه بما يؤول إليه حالُه، وذلك من مذاهب العرب جائز.
والثاني: [أنه](4) أراد أن البحرَ في إهلاكه لراكبه، كالنار في الصفة، ولهذا يقال: السلطان نار؛ أي: فعلُه فعلٌ يُهْلِكُ كفعل النار (5).
وأما القول [الثالث] المحكي عن سعيد: فإنه [إن](6) صحَّ حملُه على عدم التطهر به إلا عند الضرورة، فقد أشار بعضُهم إلى تعلّقه بهذا الحديث، بناء على أحد القولين في مسألة أصولية في العام الوارد على سبب، فنذكرها، ونذكر ما أشار إليه.
(1)"ت": "والأصح" بدل "ولا يصح عنهما".
(2)
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (16/ 221).
(3)
زيادة من "ت".
(4)
زيادة من " ت ".
(5)
"ت": "أهل النار".
(6)
زيادة من "ت".