الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حصولَ مُسمَّى الغسلِ في مرَّةِ التراب، وأنَّ الغَسلةَ تكونُ مُستصحِبَةً للتراب، والغسلةُ إنَّما تكون بالماءِ، فيكون يقتضي ماءً مُستصحَبًا بالترابِ، وذلك بالمزجِ به، إلا أنَّ هذا يتوقَّفُ علَى أنَّ الاستصحابَ المذكورَ لا يكونُ إلا بالمزجِ عندَ إطلاقِ اللَّفظ، وفيهِ وَقْفةٌ، ولا يَبعُدُ أنْ يُقَال: إنْ [من](1) ذَرَّ السِّدرَ والخِطميَّ علَى رأسه ثمَّ أتبعَهُ بالماءِ، أنَّهُ غَسَلَ رأسَهُ بالخطميِّ والسِّدر، فانظر في ذلك.
اللَّهُمَّ إلا أنْ يُرادَ بالمزجِ اجتماعُ الماءِ والترابِ كيف كان؛ أبالمزج (2) قبلَ الصَّبِّ، أو بالذرِّ ثمَّ الصَّبِّ؟ ويكون قوله: لا يكفي ذرُّ الترابِ علَى المحلِّ؛ أي: مقتصرًا علَى ذرِّهِ دونَ اجتماعِه مع الماء، فلا إشكالَ علَى هذا من هذا الوجه، وتكون فائدةُ ما ذكرناه التنبيهَ علَى ما في هذا الوجه.
السبعون:
مَنْ قال بالتتريبِ، اختلفوا في تعيينِ مرَّة التتريب، واختلفـ[ـت](3) الرواياتُ فيها، والشَّافِعيةُ والحنبليةُ لمْ يُخصِّصوه بغسلة معينة (4)، وفي "صحيح مسلم":"أولاهُنَّ بالترابِ"، وروي:
(1) زيادة من "ت".
(2)
"ت": "إما بالمزج".
(3)
زيادة من "ت".
(4)
قال النووي في "المجموع شرح المهذب"(2/ 535): الحاصل أنه يستحب جعل التراب في الأولى، فإن لم يفعل، السابعة أولى، فإن جعله في السابعة جاز، انتهى. =
"السابعة" و"الثامنة"(1).
وقال الظاهريُّ بتعيين الأولَى، قالَ: وقد جاء الخبر بروايات شَتَّى في (2) بعضها: "والسابعة بالترابِ"(3)، وفي بعضها:"إحداهُنَّ بالتراب"(4)، قال (5): وكلُّ ذلك لا يختلف معناه؛ لأنَّ الأُولَى هي بلا شَكٍّ إحدَى الغسلات، وفي لفظ "الأولى"(6) بيانُ أيَّتُهُنَّ هي، ومن (7) جعل التراب في أولاهن فقد جعلهُ في إحداهن بلا شَكٍّ، واستعملَ اللفظتين معًا، ومن جعلـ[ـه] في أُخراهن (8) فقد خالف أمرَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في أنْ تكونَ أولاهن، وهذا لا يحلُّ، وبلا شَكٍّ ندري
= والذي استقر عليه مذهب الحنابلة كون التراب في الأُولى أَولى، ليأتي الماء من بقية الغسلات عليه، فينظف المحل منه بإزالة أثره عليه. قاله السفاريني في "كشف اللثام شرح عمدة الأحكام"(1/ 86).
(1)
وقد تقدم تخريجها.
(2)
"ت": "وفي".
(3)
رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(2/ 212) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وإسناده ضعيف.
(4)
رواه إسحاق بن راهويه في"مسنده"(39)، ومن طريقه: النسائي في "السنن الكبرى"(69).
(5)
في الأصل: "وقال"، والمثبت من "ت".
(6)
في الأصل: "الأول"، والمثبت من "ت".
(7)
"ت": "من".
(8)
"ت": "إحداهن"، وفي المطبوع من "المحلى":"في غير أولاهن".
أنَّ تعفيرَهُ بالترابِ أولاهنَّ [تطهيرٌ](1) ثامنٌ إلَى سبع غَسَلات، وأنَّ تلك الغسلةَ سابعةٌ لسائرِهِنَّ إذا جُمِعْنَ، وبهذا تصحُّ الطاعةُ لجميع ألفاظِه صلى الله عليه وسلم المأثورةِ في هذا الخبر (2).
قُلْتُ: أمَّا مَا ذَكرَهُ من عدم الاختلاف بالنسبةِ إلَى إحداهن [والأُولَى](3): فصحيحٌ واضحٌ، وأمَّا مَا ذَكرَهُ من أنَّ تلك الغسلةَ سابعةٌ لسائرهنَّ إذا جُمِعْنَ، فإنْ أراد به [أنه](4) ينطلق علَى الأُولَى سابعةٌ باعتبار الإجماع مع الست، فهذه (5) الأعداد إنَّما تُعتبَرُ بالنسبةِ إلَى المبدأِ والاختيارِ (6)، [فيلزم](7) أنْ يُطلَقَ علَى جميعِ السبع جميعُ أسماء الباقيات بحسب اختلاف المبدأ الَّذِي تعتبره، فالسابعةُ ثانيةٌ إنْ أخذت المبدأ من السادسةِ، والسادسةُ ثانيةٌ إن أخذت المبدأ من الخامسةِ، وكذا (8) إلَى آخر الأعداد، وهذا ليسَ بشيء؛ فلا يَصِحُّ له أنْ يكونَ
(1) زيادة من "المحلى".
(2)
انظر: "المحلى" لابن حزم (1/ 110 - 111).
(3)
سقط من "ت".
(4)
زيادة من "ت".
(5)
في الأصل: "هذه"، والمثبت من "ت".
(6)
"ت": "والانحسار".
(7)
زيادة من "ت".
(8)
"ت": "وكذلك".
عاملًا برواية السابعة أو الثامنة إذا عيَّنَ الأولَى.
وأما قوله: وبلا شَكٍّ ندري أنَّ تعفيرَهُ بالترابِ في أولاهن ثامنٌ إلَى السبعِ غسلات.
قُلْتُ (1): أتعني أنَّهُ غسلٌ ثامن، أو تعني أنَّهُ فعلٌ ثامن؟
فإن عَنَيْتَ الأوَّلَ فذلك باطلٌ؛ لأنَّ استعمالَ التراب - من حيثُ هو ترابٌ - ليسَ غسلًا، ويلزم علَى هذا أنْ يكونَ الإناءُ لا يغسل سبعًا أصلًا، بل لا يزالُ الغسلُ ثامنًا (2) متَى استعملَ الترابَ في واحدة من الغسلاتِ.
وإنْ أردتَ به أنَّهُ فعلٌ ثامن فمُسَلَّمٌ، ولكنَّ الظاهرَ يقتضي أنَّ الثامنةَ غسلةٌ كما قبلها، وهو ظاهرٌ قوي.
وجعل بعضُهُم اختلافَ الرواياتِ دليلًا علَى أنَّ محلَّ التراب من الغسلاتِ غيرُ مقصودٍ (3).
وقال آخرُ: لَمَّا نصَّ علَى الطرفينِ كانَ حكمُ الوسط مُلحَقًا (4) بهما أو بأحدهما، وهذان ضعيفان، أمَّا الأوَّلُ (5).
(1)"ت": "قلنا".
(2)
في الأصل: "ثانيًا" والمثبت من "ت".
(3)
في الأصل: "مقصوده"، والمثبت من "ت".
(4)
في الأصل: "ملحق"، والصواب ما أثبت كما في "ت".
(5)
كذا في النسخ الثلاث؛ يعني: أنهم تركوا البياض سهوًا، وكان عليهم إثباته للتنبه إليه. وقد جاء على هامش "ت":"كذا، وبعده بياض في الأصل، تركته سهوًا".