الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا خلافَ في صحته، ولا في عدم كراهتِه، وليس كالزُّجاج الذي حُكِيَ عن بعضهم [احتمالُ](1) تَوَقِّيهِ لاعتقاد أنَّ فيه شرفاً وترفهاً (2).
وقيامُ الإجماعِ على الحكم لا يمنعُ من أن يُستدَلَّ بالنصِّ عليه، فكمْ من مسألةٍ استدلَّ الفقهاءُ عليها بالنص والإجماع، وقد فعلوا ذلك في المتواترات؛ كوجوب الصلاة والزكاة والحج.
الثانية:
فيه جوازُ البناءِ على الظاهرِ والأصلِ في استعمال الماء في الطهارة، وعدمُ لزومِ السؤال عند احتمال طَرَيانِ ما قد يُفسِدُ الماءَ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قصدَ الوضوءَ أو الغسل؛ بناءً على الأصل، ولم يسأل هل طرأ عليه ما يُفسدُه، أم لا؟
الثالثة:
قولُها رضي الله عنها: (إنيِّ كنتُ جُنُباً) إنما كان لاحتمال أن يكونَ استعمالُه في الغسل من الجنابة مُفسِداً له، فيدخل الإخبارُ بذلك في باب النُّصح، ولا يلزم أن يكونَ لاعتقادها الإفسادَ ولابدَّ، بل يكفي مجرَّدُ احتمالِ ذلك عندها، وكأنَّ سبَبهُ ما تقرر من معنى البعدِ في الجنابة، وكونِها مانعةً من أمورٍ من العبادات.
الرابعة:
الحديثُ يتعلَّق بمسألة الماء المستعمل، وقد اختلفوا في حكمه على أقوال:
أحدها: أنه طَهورٌ إذا لم يتغيَّر، وهو المشهور من مذهب مالك،
(1) سقط من "ت".
(2)
"ت": "وترفاً".
واختيار ابن القاسم في "المدونة"(1)، إلا أنه يُكْرهُ استعمالُه عند وجود غيره (2)، والقول بطهوريته مرويٌّ عن الحسن، والنخعي، وعطاء، والزُّهري، ومكحول، وهو مذهب أبي ثَور، وداودَ، وأهلِ الظاهر، واختيارُ ابن (3) المنذر، ويُنسَبُ قَوْلاً للشافعيِّ قديماً، ومنهم مَنْ لم يثبتْهُ، وجزم القولَ بالجديد.
وثانيها: أنه طاهر غير مطهر، وهو مشهور قولِ الشافعي، وأبي حنيفةَ، ويُنسَبُ إلى الليث بن سعد، والأوزاعي (4).
وثالثها: أنه نجس، وهو محكيٌّ عن رواية الحسن بن زياد، عن أبي حنيفة، وهو مذهبُ أبي يوسف (5).
ورابعها: أنه يتوضَّأُ به ويتيمَّمُ إذا لم يجدْ سواه كالمشكوك فيه، ويصلّي صلاةً وأحدة، ذكره ابن القَصَّار من المالكية، عن الأبهري منهم (6).
وإذا قيلَ بكراهته مع طهوريته، فقد اختُلِفَ في تعليله، فقيل:
(1) انظر: "المدونة"(1/ 4).
(2)
انظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي (1/ 55).
(3)
في "الأصل": "أبي"، والتصويب من "ت".
(4)
انظر: "المغني" لابن قدامة (1/ 28)، و"الوسيط" للغزالي (1/ 114)، و"المجموع شرح المهذب" للنووي (1/ 206).
(5)
انظر: "الهداية" للمرغيناني (1/ 24).
(6)
انظر: "مواهب الجليل" للحطاب (1/ 66).