الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الوجه الرابع: في شيء من مفرداته، وفيه مسائل:
الأولى:
الماء الدائم: هو الماء الراكد الذي لا يجري، وقد جاء في بعض الأحاديث:"الَّذِي لا يَجْرِي"(1)، وهو تفسيرٌ للدائم وإيضاح لمعناه، وقال بعضُهم (2): يَحتمِلُ أن يكونَ احترَزَ عن راكدٍ يجري بعضُهُ كالبِرَكِ ونحوِها.
الثانية:
إذا ثبت أنَّ الراكدَ هو الساكنُ غيرُ المتحرِّك، فمُقَابلُهُ وهو الجاري، يكون هو المتحرك، والشافعيةُ - رحمهم الله تعالى - استنبطوا من الحكم المتعلق بالراكد معنى اقتضى أن يُحكَمَ في بعض ما هو متحرك حسًّا أنه في حكم الراكد، وذلك أنهم جعلوا العلَّةَ في اتحاد حكم الراكد ترادَّهُ، بخلاف الجاري، ونشأَ عن (3) هذا: أنَّه لو كانُ الماءُ يستديرُ في بعض أطراف الحوض، ثم يشتدُّ في المنفذ، أنَّ له حكمَ [الماء](4) الراكد، فإن الاستدارة في معنى التدافع، والترادُّ يؤيد على الركود.
هذا هو المحكيُّ عن إمام الحرمين (5)، وسيأتي ما هو شبيهٌ بهذا.
الثالثة:
قولُه عليه الصلاة والسلام: "لَا يَبولَنَّ أحدُكم في الماءِ الدائمِ، ثمَّ يَغتسِلُ منه".
(1) كما تقدم تخريجه عند البخاري برقم (236)، ومسلم برقم (282/ 96).
(2)
هو الإمام النووي كما في "شرح مسلم" له (3/ 187).
(3)
"ت": "من".
(4)
سقط من "ت".
(5)
انظر: "الوسيط "للغزالي (1/ 187)، و "المجموع في شرح المهذب" للنووي (1/ 203).
[فيه](1) نهيٌ عن شيئين، والنهيُّ عن الشيئين تارةً يكون على الجمع، وتارةً يكون عن الجمع: أما النهيُ على الجمع فيقتضي المنعَ من كلِّ واحد منهما.
وأما النهي عن الجمع فمعناه: المنعُ من فعلهما معاً بقيد الجَمْعِيَّة، ولا يَلزَمُ (منه)(2) المنعُ من أحدهما، إلا (3) مع الجَمْعِيَّة، فيمكنُ أن يُفْعَلَ أحدُهما من غير أن يُفْعَلَ الآخرُ.
والنهيُ عن الجمع مشروطٌ بإمكان الانفكاك بين الشيئين، والنهي على الجمع مشروط بإمكان الخلو عن الشيئين، والنهي على الجمع منشؤه أن يكونَ في كل واحد منهما مفسد تستقل بالمنع، والنهي عن الجمع حين تكون المفسدةُ ناشئةً عن اجتماعهما.
[و](4) إذا ثبت هذا، فهذا الحديث الذي نحن فيه من باب النهي عن الجمع؛ أي: لا يُجمع بين البولِ في الماء الراكد والاغتسالِ منه.
والروايةُ التي يأتي ذكرها من حديث محمد بن عجلان: "لَا يَبولَنَّ أحدُكم في الماءِ الدائمِ، ولا يَغتسِلُ فيه" نهيٌ على الجمع (5)(6).
(1) سقط من "ت".
(2)
سقط من "ت".
(3)
في الأصل: "لا"، والتصويب من "ت".
(4)
سقط من "ت".
(5)
"ت": "عن الجمع"، وجاء في هامشها:"لعله: على الجميع".
(6)
نقل هذه القاعدة عن الإمام ابن دقيق: الفاكهاني في "رياض الأفهام"(ق 9) عند شرح الحديث الخامس، والزركشي في "البحر المحيط"(3/ 379).