الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصلح للبعض والجمع، والنكرةَ في النفي (1).
فقولُهُ: والمضاف مما يصلح للبعض والجمع: تقييدٌ [يقتضي](2) ما قدَّمنا حكايته (3).
وقد بنى على هذا أنَّ لفظة (4) الميتة في الحديث لا تكونُ (5) للعموم؛ لأنه ليس مما ينطلقُ على الكثير والقليل، فلا يقال لعدد من الميتات ميمّة، وهذا يخالف استدلالَ الناس بهذا العموم، وللنظر فيه فضلٌ (6)، وقد يمنع أمتناع أنْ يقالَ للجميع (ميتة) باعتبارٍ ما، [وهو أعتبار الهشة الإجماعية.](7).
الثانية والثلاثون:
في قاعدةٍ يُبنَى عليها غيرُها: الحقائقُ إما أن لا ينطلىَّ لفظُ بعضِها على بعض، وهي المتباينة كالإنسان والفرس، أو ينطلقَ لفظُ كلّ واحد منهما على الآخر، وهي المتساوية كالإنسان مع الناطق، أو ينطلقَ أحدُهما على كل ما ينطلق عليه الآخرُ من غير عكس من الطرف الآخر، فالأولُ هو العام من كل وجه، والثاني الخاص، كالحيوان بالنسبة إلى الإنسان، فإنَّ الأولَ ينطلق على كل الثاني،
(1) انظر: "مختصر ابن الحاجب مع شرحه للأصفهاني"(2/ 111).
(2)
سقط من "ت".
(3)
انظر: "البحر المحيط" للزركشى (4/ 146 - 147).
(4)
"ت": "لفظ".
(5)
"ت": "يكون".
(6)
"ت": "فصل".
(7)
سقط من "ت"، وفي "بـ":"الاجتماعيهّ" بدل "الإجماعية".
والثاني لا ينطلق على كل الأول، فالأول عام مطلقاً، والثاني خاص بالنسبة إلى الأول، أو ينطلقَ كلُّ واحدٍ منهما على بعض ما ينطلق عليه الآخر، فكلُّ واحد منهما عامٌّ بالنسبة إلى الآخر من وجه دونَ وجه كالحيوان والأبيض، فإن الحيوانَ ينطلق على بعض الأبيض، والأبيضُ ينطلق على بعض الحيوان (1).
إذا ثبت هذا فنقول: إذا وردَ لفظان كلُّ واحد منهما عامٌّ من وجه وخاصٌّ من وجه؛ فالمسألةُ من مشكلات علم الأصول، واختار قوم [فيها](2) الوقفَ إلا بترجيحٍ يقوم على [العمل بأحد](3) اللفظين بالنسبة إلى الآخر، وكأنه يُراد الترجيحُ العام الذي لا يَخُصُّ مدلولَ العموم، كالترجيحِ بكثرة الرواة وسائرِ الأمور الخارجة (4) عن مدلول العمومين من حيثُ هي عمومٌ (5).
وقال أبو الحسيَن في كتابه "المُعتمَد": وليس يخلو مثلُ هذين
(1) فائدة هذه القاعدة: الاستدلال ببعض الحقائق على بعض، كما قاله الفتوحي في "شرح الكوكب المنير" (ص: 21).
(2)
سقط من "ت".
(3)
سقط من "ت".
(4)
في الأصل "الخارجية"، والتصويب من "ت".
(5)
انظر: "البرهان" للجويني (2/ 774)، و"المستصفى" للغزالي (ص: 254)، و "المحصول" لابن العربي (ص: 150)، و"روضة الناظر" لابن قدامة (ص: 251)، و"البحر المحيط" للزركشي (4/ 316)، و"شرح الكوكب المنير" للفتوحي (ص: 21).
العمومين، إما أن يُعلمَ تقدّمُ أحدِهما على الآخر، أو لا يُعلَمَ ذلك، فإن لم يعلَم ذلك، لم يخلُ إما أن يكونا معلومين، أو مظنونين، أو أحدُهما معلوماً والآخرُ مظنوناً (1)؛ لأنَّ الحكم بأحدهما طريقُهُ الاجتهادُ، وليس في ترجيح أحدِهما، أيّ: ما يقتضي اطِّراحَ الآخر، وليسَ كذلك إذا تعارضا في كلِّ وجه، فإن لم يترجَّحْ أحدُهما على الآخر، فالتعبد (2) فيهما بالتخيير (3)(4).
وقال الفاضلُ أبو سعد (5) محمد بن يحيى - رحمه الله تعالى - (6) فيما وجدتُهُ معلَّقاً عنه في العامَّين إذا تعارضا: كما يُخَصَّصُ هذا
(1) في "المعتمد" بعد قوله: "والآخر مظنوناً" ما نصه: "فإن كانا معلومين، لم يجز ترجيحُ أحدهما على الآخر بقوة الإسناد، ويجوز ترجيح أحدهما على الآخر بذلك إن كانا مظنونين، وإن كان أحدهما معلوما والآخر مظنونا، جاز ترجيح المعلوم منهما عند التعارض بكونه معلومًا، فأما الترجيح بما تضمنه أحدُهما من كون محظوراً، أو حكماً شرعياً، فإنه يجوز ذلك، سواء كانا معلومين، أو مظنونين، أو أحدهما معلوما والآخر مظنوناً".
(2)
في الأصل: "فالبعيد"، والتصويب من "ت" و"ب".
(3)
"ت": "بالتخير".
(4)
انظر: "المعتمد" لأبي الحسين البصري (1/ 425).
(5)
"ت": "القاضي أبو سعيد".
(6)
هو الإمام العلامة شيخ الشافعية، محمد بن يحيى بن منصور أبو سعد النيسابوري، صاحب الغزالي، برع في المذهب، وصنف التصانيف في الفقه والخلاف، وتخرج به الأصحاب، ألف كتاب:"المحيط في شرح الوسيط"، و"الانتصاف في مسائل الخلاف"، توفي سنة (548 هـ). انظر:"سير أعلام النبلاء" للذهبي (20/ 312). وانظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 109)، و"طبقات الشافعية" للسبكي (7/ 25)، وعندهما:"أبو سعيد"، كما وقع في "ت".