الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا غيره، فوجب حملُهُ علَى ظاهرِهِ.
الرابعة والأربعون:
هذا العددُ المخصوصُ - وهو السبع - يقتضي (1) الخروجَ من العهدةِ به، ومفهومُهُ أيضًا يقتضي عدمَ وجوبِ الزائدِ؛ لأنَّهُ مفهومُ العدد، وبهذا قالَ الأكثرون، وحديثُ عبدِ الله بن المغفل يقتضي غسلَهُ (2) ثامنةً، وهو ما خرَّجَهُ مسلم في "صحيحه" عن مُطَرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير، عن ابن المُغفَّل قالَ: أمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقتلِ الكلابِ، ثُمَّ قالَ:"مَا بَالُهم وبَالُ الكِلابِ"، ثمَّ رخَّصَ في كلبِ الصيدِ وكلب الغنم، وقال:"إذَا وَلَغَ الكَلبُ في الإناَءِ فَاغْسِلُوهُ سَبع مَرَّاتٍ، وعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بالتُّرابِ"(3)، ونُقِلَ عن الحسنِ أنَّهُ قالَ به (4)؛ أعنِي: بالغسلةِ الثامنة، وهو قولٌ [عن](5) أحمد رحمه الله
= الكبرى" (8/ 203)، عن ابن عباس قال: لا يقتلن النساء إذا هنَّ ارتددن عن الإسلام. وإسناده ضعيف.
(1)
"ت": "فيقتضي".
(2)
"ت": "غسلة".
(3)
تقدم تخريجه عند مسلم برقم (280).
(4)
وقيل: إنه لم يقل به غيره، ولعل المراد بذلك: من المتقدمين، كما قاله المؤلف رحمه الله في "شرح عمدة الأحكام" (1/ 29). إلا أن الحافظ ابن حجر ذكر في "فتح الباري" (1/ 277) أنه ثابت عنه. وانظر:"التمهيد" لابن عبد البر (18/ 266).
(5)
سقط من "ت".
تعالَى (1)، ويقوِّي القولَ به بأنَّهُ [يقتضي](2) زيادةً علَى ما في حديثِ أبي هُرَيرَةَ، والأخذُ بالزائدِ مُتَعَيِّن، والاعتذارُ الَّذِي يُعتذَرُ به عنه وجهان:
أحَدُهُما: ما نُقِلَ أنَّ الشَّافِعيَّ رضي الله عنه قالَ: هو حديث لمْ أقفْ علَى صحَّتِهِ (3).
والثاني: لو صحَّ لكان محمولًا علَى أحدِ أمرين:
إما أنْ يكونَ جعلها ثامنةً؛ لأنَّ الترابَ جنسٌ غيرُ الماء، فجُعِلَ اجتماعُهما (4) في المرةِ الواحدة مَعدودًا باثنتين.
وإما أنْ يكونَ مَحمولًا علَى مَن نسيَ استعمالَ التراب في السبعِ، فيلزمُهُ أنْ يعفرَهُ ثامنةً.
فأمَّا الوجهُ الأول: فعُذرُ الشَّافِعى - رحمة الله عليه -[عنهُ](5) عذر صحيح في حقِّهِ، وأما مَن صحَّ عنده: فلا عذرَ له [عنه](6) من هذا الوجه.
(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 203).
(2)
سقط من "ت".
(3)
انظر: "الحاوي" للماوردي (1/ 309).
(4)
في الأصل: "اجتماعًا"، والمثبت من "ت".
(5)
سقط من "ت".
(6)
سقط من "ت".
وأمَّا التأويلان: فمُستكرهان مُخالفانِ (1) للظاهرِ مخالفةً ظاهرةً؛ لأنَّ قولَهُ صلى الله عليه وسلم: "فَاغْسِلُوهُ سَبع مَرَّاتٍ"، ذِكرُ السبعِ فيهِ لبيانِ عددِ الغسلاتِ الَّتِي دلَّ عليها قولُهُ صلى الله عليه وسلم:"فَاغْسِلُوهُ".
و [قوله](2): "عَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بالتُّرابِ" إمَّا أنْ يُحافَظَ فيهِ علَى معنَى الغَسلةِ كما هو في سبع مرات؛ كأنَّهُ قيل: الغسلةُ الثامنةُ بالترابِ، أو لا، فإنْ حوفظَ علَى ذلك فإلقاءُ (3) التُّرابِ في الماءِ لا يُطلَقُ عليه اسمُ الغسلة (4)، وإنْ كان التعفيرُ بأنْ يُذَرَّ الترابُ علَى المحلِّ فاللَّفظُ لا يقبلُهُ أصلًا، فإنْ (5) لمْ يُحافظْ علَى معنَى الغسلةِ؛ كأنَّهُ قيل: الفَعلةُ الثامنة، فهو أبعدُ أيضًا، فقولُهُ صلى الله عليه وسلم:"وعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بالتُّرابِ" ظاهرٌ في كونها غَسلةً ثامنةً (6)، ومخالفةُ هذا الظاهر إنْ كَان سببُها (7) الرواية الَّتِي فيها "السبعُ" فلا معارضةَ بينهما؛ لحصولِ الزيادةِ في هذا الحديثِ.
(1)"ت": "وأما التأويلات فمستكرهات مخالفات".
(2)
زيادة من "ت".
(3)
في الأصل: "فألقاه"، والمثبت من "ت".
(4)
"ت": "غسلة".
(5)
"ت": "وإن".
(6)
نقله الحافظ ابن حجر في "الفتح"(1/ 278).
(7)
في الأصل: "منتهى"، والمثبت من "ت".
وما يُقَال: مِن أنَّ مقتضَى [ذلك الحديث]، (1) الإجزاءُ بالسبعِ وذلك مُعارِض لوجوب الثامنة، فهذا مثلُهُ لازِم لِمَن يقولُ بوجوب التتريب؛ لأنَّ الرواياتِ الَّتِي فيها الأمرُ بالسبعِ دونَ التتريب تقتضي الاكتفاءَ بها (2) دونَ التراب بغيرِ ما ذكروه، فلو كانَ مثلُ هذا يقتضي نفيَ (3) الزائدِ ومعارضتَهُ بما يقتضي إثباتَهُ، لزمَ أنْ لا يجبَ التتريبُ.
وإنْ احتُمِلَ تركُ الظاهر وارتكابُ مثلِ هذا التأويل لأجل هذا الَّذِي ذكرناه، فلنْ يَعْدَمَ المَالِكيَّةُ لأجلِهِ تأويلًا مثلَ هذا التأويل - أو أجودَ - في تركِ التتريبِ.
والعجبُ من الظاهريِّ في تركِهِ هذا الحديث وعدمِ إيجابه الثامنةَ، والَّذِي قاله في هذا أنْ قالَ: وبلا شَكِّ ندرِي (4) أنَّ تعفيرَهُ بالترابِ في أولاهن ثامن إلَى السبعِ غسلات (5).
فيُقَال له: أتريدُ أنَّ تعفيرَهُ بالترابِ [فعلة ثامنة](6)، أم غسلةٌ ثامنة؟
إنْ قلتَ بالأولِ فصحيح، لكنَّهُ ليسَ هو ظاهرُ اللَّفظ، وسياقُهُ في
(1) زيادة من "ت".
(2)
"ت": "بما" بدل "بها".
(3)
في الأصل: "ففي"، والمثبت من "ت".
(4)
في الأصل: "يدرى"، والمثبت من "ت".
(5)
انظر: "المحلى" لابن حزم (1/ 111).
(6)
في الأصل "فعل ثامن"، والتصويب من "ت".
اعتبار معنَى الغسلِ، لا مُطلَقِ الفعل.
وإن قُلْتَ: إنَّهُ غسل ثامن فممنوعٌ.
وأمَّا التأويلُ [الثاني](1) - وهو حملُهُ علَى مَن نسيَ استعمالَ التراب في السبعِ -: فبعيدٌ جدًّا؛ لأنَّهُ حملُ اللَّفظِ العامِّ الواردِ في (2) غير سببٍ خاصٍّ لأجل تأسيسِ قاعدةٍ شرعية علَى أمرٍ نادرٍ عارضٍ، وهو من التأويلاتِ المَردودةِ كما عُرِفَ في فنِّ الأصول، وبه يَرُدُّ (3) الشَّافِعيةُ علَى الحنفيةِ في حملِهِم الحديثَ الدالَّ علَى اعتبارِ الولي في النِّكاحِ (4) علَى المُكاتِبَةِ.
وأمَّا مَا ذَكرَهُ الطَّحاوِيُّ من أنَّهُ يقتضي التتريبَ في السابعةِ عملًا
(1) سقط من "ت".
(2)
"ت": "على".
(3)
"ت": "ترد".
(4)
رواه أبو داود (2085)، كتاب: النكاح، باب: في الولي، والترمذي (1101)، كتاب: النكاح، باب: ما جاء لا نكاح إلا بولي، وابن ماجه (1881)، كتاب: النكاح، باب: لا نكاح إلا بولي، وغيرهم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (3/ 156): اختلف في وصله وإرساله، قال الحاكم: وقد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش. قال: وفي الباب: عن علي وابن عباس، ثم سرد تمام ثلاثين صحابيًا. وقد جمع طرقه الدمياطي منْ المتأخرين.
قلت: الحديث صحيح بمجموع الطرق والشواهد.