الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في المفهوم، فمَنْ أخرج شيئًا من ذلك، احتاج إلى دليل، والله أعلم.
الثانية عشرة:
للشافعي رضي الله عنه قولٌ قديم: أنَّ الماء الجاري لا يَنجُسُ إلا بالتغير، واختاره بعضُ أتباعه، والمذهبُ الَّذي عليه الجمهور: الفرقُ بين القليل والكثير، كما في الراكد، وأنَّ القليلَ يَنجُسُ بمجرد الملاقاة (1)، وهذا الحديث يُستدلُّ به للمذهب الأول - بعد القول بالعموم للمفهوم -؛ لتناوله حينئذٍ لهذه الصورة المذكورة، أعني: القليلَ الجاري، وحديثُ القلتين يقتضي الفرقَ بين القليل والكثير، ودلالته على نجاسة القليل بطريق المفهوم، ودلالة هذا الحديث - الَّذي نحن في شرحه - على جواز استعمال الجاري قليلًا أو كثيرًا بطريق المفهوم أيضًا، فالتعارضُ إذًا (2) بين مفهومين.
فإذا قال أحدُ الخصمين: هذا العمومُ في الماء الجاري مخصوصٌ بالكثير؛ لحديث القلتين.
قال خصمُه: مفهوم حديث القلتين مخصوصٌ بالماء الراكد؛ لهذا الحديث.
والسببُ في ذلك: أنَّ كلَّ واحد من المفهومين - إذا قلنا بالعموم - عامٌّ من وجه [و](3) خاصٌّ من وجه، فإنَّ مفهومَ حديثِ القلتين عامٌّ بالنسبة إلى الجاري والراكد، خاصٌّ في المقدار، وهذا الحديث عامٌّ
(1) انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (1/ 231)، و"المجموع" للنووي (1/ 201).
(2)
"ت": "أيضًا".
(3)
زيادة من "ت".