الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 2459، جه: 4260].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
5290 -
[7] عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِسٍ فَطَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى رَأْسِهِ أَثَرُ مَاءٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَاكَ طَيِّبَ النَّفْسِ، قَالَ:"أَجَلْ"، قَالَ: ثُمَّ خَاضَ الْقَوْمُ فِي ذِكْرِ الْغِنَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ عز وجل، وَالصِّحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النَّعِيمِ". . . . .
ــ
النفس وزجرها عن شهوتها وهواها في معصية اللَّه، والبلادة هي العجز عنه وإعطاء النفس ما أرادت من المحرمات والشهوات وعدم العمل، ثم (تمنى على اللَّه) تعالى، أي: يذنب ويتمنى دخول الجنة والمغفرة ولا يتوب ولا يستغفر.
قال العلماء: حقيقة الرجاء أن يعمل ويرجو، والرجاء الكاذب الذي يفتر صاحبه عن العمل ويجرئه على الذنوب والمعاصي فليس برجاء، لكنه أمنية واغترار باللَّه تعالى، وقد ذم اللَّه سبحانه هذا القوم بقوله:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} [الأعراف: 169]، قال معروف الكرخي: طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب، وارتجاء الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور، وارتجاء رحمة من لا يطاع جهل وحمق.
وكتب عمر بن المنصور إلى بعض إخوانه: أما بعد فإنك أصحبت تأمل بطول عمرك وتمنى على اللَّه الأماني بسوء فعلك، وإنما تضرب حديدًا باردًا.
الفصل الثالث
5290 -
[7](رجل) قوله: (وطيب النفس من النعيم) أي: من نعمة اللَّه التي
رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 4/ 69].
5291 -
[8] وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: كَانَ الْمَالُ فِيمَا مَضَى يُكْرَهُ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَهُوَ تُرْسُ الْمُؤْمِنِ، وَقَالَ: لَوْلَا هَذِهِ الدَّنَانِيرُ لَتَمَنْدَلَ بِنَا هَؤُلَاءِ الْمُلُوكُ، وَقَالَ: مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ هَذِهِ شَيْءٌ فَلْيُصْلِحْهُ، فَإِنَّهُ زَمَانٌ إِنِ احْتَاجَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ يَبْذُلُ دِينَهُ، وَقَالَ: الْحَلَالُ لَا يَحْتَمِلُ السَّرَفَ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 4098].
ــ
وجب الشكر عليها، وفي الحواشي: أي من النعم المسؤول عنها المذكورة في قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8].
5291 -
[8](سفيان الثوري) قوله: (لتمندل بنا) في (القاموس)(1): الندل: الوسخ، والمنديل بالكسر والفتح وكمنبر: الذي يتمسح به، وتندل به وتمندل: تمسح، وهو كناية عن الابتذال.
وقوله: (فليصلحه) أي: يربيه وينميه حتى ينفق في مصالحه حيث شاء.
وقوله: (إن احتاج) الضمير لـ (من) في (من كان)، وكذا في (كان)، أي: كان ذلك الشخص أول شخص (يبدل دينه) فيما يحتاج إليه.
وقوله: (الحلال لا يحتمل السرف): و (السرف) محركة: ضد القصد، والإسراف: التبذير، أو ما أنفق في غير طاعة، والمراد أن الحلال لا ينبغي أن يسرف فيه، ويليق أن يحفظ ويرى القصد في إنفاقه ليبقى مدة، وقيل: معناه الحلال لا يكون كثيرًا، فلا يحتمل الإسراف، فتدبر.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 956).
5292 -
[9] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ أَبْنَاءُ السِتِّينَ؟ وَهُوَ الْعُمُرُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37]. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 9773].
5293 -
[10] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: إِنَّ نفًرًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ ثَلَاثَةٌ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمُوا،
ــ
5292 -
[9](ابن عباس) قوله: ({أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ}) أي: عمرًا يتعظ فيه من شأنه الاتعاظ، قال البيضاوي (1):{مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ} متناول كل عمر يمكن المكلف فيه من التفكر والتذكر، وقيل: ما بين العشرين إلى الستين، انتهى. وهذا الحديث يدل على أنه الستون، فإن صح يتعين أنه المراد، وما ذكره البيضاوي محتمل اللفظ.
وقوله: ({وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}) يدل على أنه لا يعاقب قبل الشريعة كما هو مذهب الأشعري، وإن خص بالفروع كان موافقًا لمذهب الماتريدية أيضًا، وقد روى الشيخ ابن الهمام عن أبي حنيفة رحمه الله ما يوافق مذهب الأشعري، واللَّه أعلم. وهذا الحديث أوفق بالباب الأول في حديث:(أعذر اللَّه إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة).
5293 -
[10](عبد اللَّه بن شداد) قوله: (من بني عذرة) بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة.
(1)"تفسير البيضاوي"(4/ 260).
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَكْفِينِيهِمْ؟ " قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا، فَكَانُوا عِنْدَهُ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْثًا، فَخَرَجَ فِيهِ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ بَعْثًا فَخَرَجَ فِيهِ الآخَرُ فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِهِ، قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَأَيْتُ الْمَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ، وَالَّذِي اسْتُشْهِدَ آخِرًا يَلِيهِ، وَأَوَّلَهُمْ يَلِيهِ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ (1) صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ. . . . .
ــ
وقوله: (من يكفينيهم) أي: يكفيني مؤنتهم من الرزق والسلاح وغيرهما، في (القاموس) (2): كفاه مؤنته يكفيه كفاية، وكفاك الشيء، وفي (الصراح): كفايت كار كَذاري كردن اكتفاء بسنده كردن، والمعنى: لزم علي مؤنتهم، فهل منكم من يمونهم حتى أكتفي؟
وقوله: (قال طلحة: فرأيت هؤلاء الثلاثة) أي: في المنام.
وقوله: (أمامهم) بفتح الهمزة، أي: المقدم فيما بينهم على نحو يوسف أحسن إخوته.
وقوله: (فدخلني من ذلك) أي: تعجب وإنكار، يعني كان القياس أن يستوي الشهيدان في المرتبة، أو يتقدم الأول لسبقه إلى الخير ويتأخر عنهما الثالث الذي مات على فراشه.
وقوله: (وما أنكرت من ذلك؟ ) أيّ شيء أنكرت، أي: لا تنكر شيئًا من ذلك.
(1) في نسخة: "النبي".
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 1195).