الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
4990 -
[44] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قُرَادٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ يَوْمًا فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَتَمَسَّحُونَ بِوَضُوئِهِ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَا يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَذَا؟ " قَالُوا: حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَوْ يُحِبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَلْيَصْدُقْ حَدِيثَهُ إِذَا حَدَّثَ، وَلْيُؤَدِّ أَمَانَتَهُ إِذَا أُؤْتُمِنَ، وَلِيُحْسِنَ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَهُ".
4991 -
[45] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ". . . . .
ــ
الفصل الثالث
4990 -
[44](عبد الرحمن) قوله: (وعن عبد الرحمن بن أبي قراد) بضم القاف.
وقوله: (يتمسحون بوضوئه) قد سبق أن الصحابة كانوا يقتتلون على وضوء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ فإن لم يجد أحد يأخذ بللًا من يد الآخر ويتمسح به.
وقوله (فليصدق حديثه. . . إلخ)، أي: يهتم ويعتني فيما يشق على النفس من رعاية التقوى خصوصًا في معاملة النفس والخلق، وأما التمسح بالوضوء وأمثاله فلا عبرة ذلك بدون تحقق التقوى، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم وجد فيمن فعلوا ذلك شيئًا من عدم الاهتمام في هذه الأمور، فنبه على ذلك، وهذا هو وجه التخصيص بذكر هذه الأمور كما قيل مثل ذلك في أحاديث:(أفضل الأعمال) و (أفضل الإسلام)، ذكر لكل أحد من خصائل مخصوصة من الإيمان ما لم يذكر لغيره، فتدبر.
4991 -
[45](ابن عباس) قوله: (بالذي يشبع وجاره جائع) يكون هذا مقيدًا
رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 1440، 3117].
4992 -
[46] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلَانَةَ تُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ:"هِيَ فِي النَّارِ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَإِنَّ فُلَانَةَ تُذْكَرُ قِلَّةَ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِيْ بِلِسَانِهَا جِيرَانها، قَالَ:"هِيَ فِي الْجَنَّةِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 2/ 240، شعب: 9099].
4993 -
[47] وَعَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى ناسٍ جُلُوسٍ فَقَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ؟ "،
ــ
بما يفضل عن نفسه وعن من يجب عليه نفقته، وإن آثر على نفسه ورضي أهل حقوقه فذاك شيء آخر.
4992 -
[46](أبو هريرة) قوله: (إن فلانة تذكر) على بناء المفعول، وفيه ضمير لفلانة، و (من) أجلية، أي: هي مذكورة ومشهورة بين الناس من أجل (كثرة صلاتها وصيامها)، كذا قال الطيبي (1)، ويجوز أن يكون التقدير: إن فلانة تذكر من صيامها وصلاتها أشياء كثيرة، فتكون (من) بيانية.
وقوله: (تذكر قلة صيامها) بنزع الخافض، و (الأثوار) جمع ثور، بمعنى القطعة من الأقط.
4993 -
[47](أبو هريرة) قوله: (من شركم) ضمن الإخبار معنى التمييز
(1)"شرح الطيبي"(9/ 190).
قَالَ: فَسَكَتُوا، فَقَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا، فَقَالَ:"خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَشَرُّكُمْ مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. [ت: 2663، شعب: 10755].
4994 -
[48] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُوُلُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أرزَاقَكُمْ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إِلَّا مَنْ أَحَبَّ، فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ،
ــ
فعداه بـ (من).
وقوله: (خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره. . . إلخ)، وأما من لا يرجى خبره ويؤمن شره، أو لا يؤمن شره ويرجى خبره فليس هو خيرًا مطلقًا لا شرًّا مطلقًا، بل خير من وجه وشر من وجه بين بين، ولم يذكر هذين القسمين للعلم بالمقايسة.
4994 -
[48](ابن مسعود) قوله: (حتى يسلم قلبه ولسانه) كأنه إشارة إلى التصديق والإقرار، وإنما نفى الإيمان عمن لا يأمن جاره مبالغة، كأنه داخل في حقيقة الإيمان الذي هو التصديق، ويمكن أن يقال: إن معنى الإيمان في الأصل جعل المخبر آمنًا، فيناسبه جعل الجار آمنًا، وقال بعض الشارحين: الإسلام على ما دلت عليه الأحاديث هو شهادة أن لا إله إلا اللَّه. . . إلخ، وهو فعل اللسان، لكنه مشروط بمواطأة
وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ".
4995 -
[49] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْمُؤْمِنُ مَأْلَفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ". رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 1/ 387، 2/ 400، شعب: 5136، 7766].
4996 -
[50] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَضَى لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِي حَاجَةً يُرِيدُ أَنْ يَسُرَّهُ بِهَا فَقَدْ سَرَّنِي، وَمَنْ سَرَّنِي فَقَدْ سَرَّ اللَّهَ،
ــ
القلب لئلا يكون نفاقًا، فأشار بهذا الحديث إلى ذلك، وقال الطيبي (1): إسلام القلب تطهيره عن العقائد الباطلة والأخلاق الرديئة، وإسلام اللسان كفه عما يحرم وعما لا يعني، و (البوائق) الدواهي، في (القاموس) (2): بَأَقَتْهُم الدَّاهيةُ بَؤُوقًا كصبور: أصابتهم، وفي (الصراح) (3): بائقة: سختي، والجمع بوائق، وفي الحديث:(حتى يأمن جاره بوائقه) أي: ظلمه وغشه وغوائله وشره.
4995 -
[49](أبو هريرة) قوله: (مألف) مصدر ميمي، أو اسم مكان، أي: المؤمن محل الألفة والمحبة آلفًا أو مألوفًا، ومحبًا أو محبوبًا، وقد منّ اللَّه تعالى على المؤمنين وعلى حبيبه صلى الله عليه وسلم بتأليف قلوبهم في القرآن المجيد، ومدار الاجتماع على الدين والاتباع هو الألفة.
4996 -
[50](أنس) قوله: (لأحد من أمتي) المراد أمة الإجابة.
وقوله: (فقد سرّ اللَّه) أي: أرضاه.
(1)"شرح الطيبي"(9/ 191).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 798).
(3)
"الصراح"(ص: 369).
وَمَنْ سرَّ اللَّهَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ".
4997 -
[51] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَغَاثَ مَلْهُوفًا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ مَغْفِرَةً، وَاحِدَةٌ فِيهَا صَلَاحُ أَمِرِهِ كُلِّهِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ لَهُ دَرَجَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
4998، 4999 - [52، 53] وَعنهُ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْخَلْقُ عِيَالُ اللَّهِ، فَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَى عِيَاِلِهِ". رَوَى الْبَيْهَقِيُّ الأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 7247، 7264، 7046].
5000 -
[54] وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ خَصْمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَارَانِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 4/ 151].
ــ
4997 -
[51](أنس) قوله: (من أغاث ملهوفًا) في (القاموس)(1): لهف كفرح: حزن، ويالَهْفَهُ: كلمة يتحسر بها على فائت، والملهوف واللهيف واللهفان واللاهف: المظلوم المضطر يستغيث ويتحسر.
4998، 4999 - [52، 53](وعنه) قوله: (الخلق عيال اللَّه) عيال الرجل: زوجته وأولاده وكل من يجب عليه نفقته ومؤنته، فاستعمال العيال هنا مجاز أو استعارة.
5000 -
[54](عقبة بن عامر) قوله: (أول خصمين يوم القيامة جاران) استشكل بحديث: (أول ما يحاسب به العبد صلاته)، وبحديث:(أول ما يقضى بين الناس الدم)، وأجيب بأن الحديث الأول بالنسبة إلى حقوق اللَّه، والثاني بالنسبة إلى المظالم، وما نحن فيه في معاملة الخلق، فلا منافاة، كذا ذكر السيوطي في (الزجاجة على
(1)"القاموس المحيط"(ص: 788).