الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
5090 -
[23] عَنْ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلَامِ الْحَيَاءُ". رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسلًا. [م: 2/ 95].
5091، 5092 - [24، 25] وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ" عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ. [جه: 4234، شعب: 7318].
ــ
الفصل الثالث
5090، 5091، 5092 - [23، 24، 25](زيد بن طلحة) قوله: (زيد بن طلحة) تابعي، قيل: صوابه يزيد بن طلحة، والذي في (جامع الأصول) (1): زيد بن بن ركانة، أخرج حديثه [مالك في]"الموطأ"(2) في الحياء.
وقوله: (وخلق الإسلام الحياء): (الإسلام) اسم لهذا الدين القيم الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وللحياء كمال تعلق وغلبته (3) ، في هذا الدين؛ لأنه شعبه من الإيمان، وعليها مدار الإتيان بالمحاسن، والكف عن القبائح، وهذا الدين أعظم الأديان وأكملها، قد تمت فيه مكارم الأخلاق ومكارمها (4)، وقال السيوطي (5): أي فيما شُرِع فيه الحياء بخلاف ما لم يشرع كتعلم العلم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والحكم، وأداء الشهادات على وجهها، أقول: الحياء حقيقة هو الحياء من اللَّه في ترك القبائح
(1)"جامع الأصول"(3/ 622).
(2)
انظر: "الموطأ" للإمام مالك (2/ 905).
(3)
كذا في نسخة (ك) و (ب)، وفي نسخة (ع):"وللحياء كما ذكر تعلق وغلبة في هذا الدين".
(4)
كذا في الأصل والظاهر: "ومحاسنها".
(5)
"تنوير الحوالك"(2/ 212).
5093 -
[26] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ (1) صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْحَيَاءَ وَالإِيمَانَ قُرَنَاءُ جَمِيعًا، فإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ".
5094 -
[27] وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "فَإِذَا سُلِبَ أَحَدُهُمَا تَبِعَهُ الآخَرُ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيْمَانِ". [شعب: 7331، 7330].
5095 -
[28] وَعَنْ مُعاذٍ قَالَ: كَانَ آخِرُ مَا وصَّانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ أَنْ قَالَ: "يَا مُعَاذُ! . . . . . .
ــ
الشرعية، وقد مر تحقيقه في قوله:(الحياء خير كله)، فلا حاجة إلى التقييد.
5093، 5094 - [26، 27](ابن عمر) قوله: (إن الحياء والإيمان قرناء) قال الطيبي (2): فيه دليل لمن يقول: إن أقل الجمع اثنان، وفي بعض النسخ (قُرِنا) على صيغة التثنية بلفظ المجهول، فلا دليل، ويطابقه قوله:(فإذا رفع) بلفظ المجهول.
5095 -
[28](معاذ) قوله: (كان آخر ما وصاني به) حين وجهه لقضاء اليمن.
وقوله: (حين وضعت رجلي في الغرز) بمعجمة مفتوحة، فراء ساكنة، فزاي: موضع الركاب من رحل البعير، كالركاب للسرج، قاله الباجي (3)، وفي (القاموس) (4): غرز رجله في الغرز -وهو ركاب من جلد-: وضعها فيه، وفي (الصراح) (5): غرز: ركاب جرمين كه بر بالان نهند، يقال: غرزت رجلي في الغرز، وبائ در ركاب آوردن.
(1) في نسخة: "رسول اللَّه".
(2)
"شرح الطيبي"(9/ 244).
(3)
انظر: "تنوير الحوالك"(2/ 209).
(4)
"القاموس المحيط"(ص: 481).
(5)
"الصراح"(ص: 228).
أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ". رَوَاهُ مَالِكٌ. [م: 2/ 902].
5096 -
[29] وعَنْ مَالِكٍ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ حُسْنَ الأَخْلَاقِ". رَوَاهُ فِي "الْمُوَطَّأ". [م: 2/ 904].
5097 -
[30] وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. [حم: 2/ 381].
ــ
وقوله: (أحسن خلقك للناس) أي: افعل بكل منهم ما يليق ويحسن بحاله، وما يوصله إلى الكمال والسعادة، والجهاد مع الكافرين والمنافقين، والتغليظ حيث ينفع التغليظ وتليين القول في مقامه من تحسين الخلق معهم.
5096، 5097 - [29، 30](مالك) قوله: (بعثت لأتمم حسن الأخلاق) وفي بعض الروايات: مكارم الأخلاق، قال السيوطي (1): كانت العرب أحسن أخلاقًا بما بقي عندهما من آثار شريعة إبراهيم عليه السلام، ولكنهم قد ضلوا بالكفر عن كثير منها، وخلطوا بها أحكام الجاهلية، فبعث صلى الله عليه وسلم ليتمم محاسن الأخلاق، انتهى.
قال اللَّه تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2]، وهو صلى الله عليه وسلم كان جامعًا لجميع خصائل الأنبياء وكمالاتهم صلوات اللَّه عليهم أجمعين، مع ما يخص به من الفضائل والكرامات، وقد تمت به دائرة النبوة، وختمت به، فلم يبق شيء من الكمالات التي تترقب للإنسان، فلا حاجة إلى بعث نبي آخر، وإنما بقي الاحتياج إلى من يحفظه، وهم علماء أمته الحافظون لشريعته، كأنبياء بني إسرائيل الذين حفظوا دين موسى، وأقاموا أحكام التوراة بعده، بل الحافظ في الحقيقة والمتكفل لحفظ هذا الدين القويم هو اللَّه سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، قالوا: وَكَّلَ اللَّه تعالى
(1)"تنوير الحوالك"(2/ 211).
5098 -
[31] وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَسَّنَ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَزَانَ مِنِّي مَا شَانَ مِنْ غَيْرِي". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَان" مُرْسَلًا. [شعب: 4145].
5099 -
[32] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللهُمَّ حسَّنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي". . . . . .
ــ
حفظ التوراة إلى الأحبار والربانيين الذين استحفظوا من كتاب اللَّه، فلا جرم تطرق إليه التحريف والتغيير.
وقال سبحانه في القرآن المجيد: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، فلم يتطرق إليه التغير بالزيادة والنقصان إلى يوم القيامة، فتتميمه صلى الله عليه وسلم مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال بالزيادة بعد النقصان، وبالجمع بعد التفريق إلى أن نزل قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، فارتحل صلى الله عليه وسلم من هذ العالم، وترك بعده خلفاء رضوان اللَّه عليهم أجمعين.
5098 -
[31](جعفر بن محمد) قوله: (الحمد للَّه الذي حسن خلفي وخلفي، وزان مني ما شان من غيري) هذا صادق في حقه صلى الله عليه وسلم على الإطلاق كمالًا وتمامًا، وهو مضمون قوله:(بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وأما الأمة فإن قالوا اتباعًا واقتداء به صلى الله عليه وسلم صح، كما قيل في قوله:(وأنا أول المسلمين) على قصد التلاوة مع أنه صادق في الجملة، ولعل الأحسن للأمة العمل بما في الحديث الآتي.
5099 -
[32](عائشة) قوله: (اللهم حسنت خلقي فأحسن خلقي) وفي رواية
رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 6/ 68].
5100 -
[33] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُنْبِئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟ " قَالُوا: بَلَى، قَالَ:"خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا، وَأَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 2/ 403].
5101 -
[34] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارِمِيُّ. [د: 4682، دي: 2834].
ــ
(كما حسنت)، هذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم كما أشار إليه الطيبي (1)، إما لطلب الكمال وإتمام النعمة بإكمال دينه، ووجهه أن تهذيب أخلاقه صلى الله عليه وسلم وتحيسنها كان بالقرآن، كما أشارت إليه عائشة: كان خلقه القرآن، فكان طلب إحسان خلقه طلب مزيد نزول القرآن، فافهم. أو لطلب الدوام والثبات، كما قالوا في {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]، انتهى. ويحتمل أن يكون للتشريع وتعليم الأمة وإرشادهم إليه.
5100 -
[33](أبو هريرة) قوله: (أحسنكم أخلاقًا) وفي حديث آخر: (من طال عمره وحسن عمله).
5101 -
[34](عنه) قوله: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا) فبين كمال الإيمان وحسن الخلق تلازم وتعاكس، فكلما كمل الإيمان حسن الخلق، وكلما ازداد حسن الخلق ازداد كمال الإيمان، وكذلك العمل مع الإيمان تتعاكس أنوارهما.
(1) انظر: "شرح الطيبي"(9/ 246).
5102 -
[35] وَعَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ يَتَعَجَّبُ وَيَتَبَسَّمُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَامَ، فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وَقُمْتَ؟ قَالَ:"كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ وَقَعَ الشَّيْطَانُ"، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ! ثَلَاثٌ كلُّهُنَّ حقٌ: مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلِمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا لِلَّهِ عز وجل إِلَّا أَعَزَّ اللَّهُ بِهَا نَصْرَهُ، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّةٍ يُرِيدُ بِهَا صِلَةً إِلَّا زَادَ اللَّهُ بِهَا كَثْرَةً،
ــ
5102 -
[35](أبو هريرة) قوله: (بمظلمة) في (القاموس)(1): هو بكسر اللام، وفي (الصراح) (2): مظلمة بكسر اللام: شتم كردن، وقال الشيخ ابن حجر (3): بكسر اللام على المشهور، وقيل: بفتحها أيضًا، وأنكره بعض، وحكى القزاز (4) الضم أيضًا، وقال في (مجمع البحار) (5) نقلًا عن الكرماني: مظلمة مصدر ظلم، واسم ما أخذ منك بغير حق، وهو بكسر اللام وفتحها، وقد ينكر الفتح، وقيل: بضم اللام أيضًا، وقيل: جمع مظلم بكسر اللام.
وقوله: (فيغضي عنها) أي: يفعو ويتجاوز، في (مجمع البحار) (6): والإغضاء:
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1045).
(2)
"الصراح"(ص: 481).
(3)
"فتح الباري"(5/ 101).
(4)
كان في جميع النسخ المخطوطة "الفرّاء".
(5)
"مجمع بحار الأنوار"(3/ 498).
(6)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 48).