الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ أَوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا، قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ: وَعَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ جَابِز: فَحَثَا لِي حَثْيَةً، فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُ مِئَةٍ، وَقَالَ: خُذْ مِثْلَيْهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2296، م: 3314].
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
4879 -
[2] عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: . . . . .
ــ
وقوله: (من كان له على النبي صلى الله عليه وسلم دين أو كانت له قبله عدة فليأتنا)، وهذا كان قول أبي بكر رضي الله عنه فيما ترك النبي صلى الله عليه وسلم من مال: إنه ليس له ميراث، وأنا خليفته أنفق حيث كان ينفقها من عياله، وفي دينه ووعده صلى الله عليه وسلم، وسائر أمور المسلمين التي كان ينفق فيها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن جملتها الفدك وأموال بني النضير وغيرهما.
وقوله: (هكذا وهكذا وهكذا) أشار إلى الحثيات الثلاثة من يديه.
وقوله: (فحثا لي) يعني أبو بكر (حثية) أي: ملأ كفه من الدراهم، والحثي كالرمي: ما رفعت به يدك، ومنه حثا التراب عليه يحثوه ويحثيه حثوًا وحثيًا، ومنه:(احثوا التراب في وجوه المداحين)، وقد يجيء بمعنى إعطاء شيء قليل، ولما كان وعده النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه ثلاث حثيات حثا أبو بكر رضي الله عنه حثية واحدة وعدّها؛ فإذا هي خمس مئة، قال: خذ مثليها، يعني ألفًا، فيكون ثلاث حثيات.
الفصل الثاني
4879 -
[2](أبو جحيفة) قوله: (وعن أبي جحيفة) بتقديم الجيم المضمومة على الحاء المهملة المفتوحة، كان من صغار الصحابة، وتوفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو جحيفة لم يبلغ الحلم.
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْيَضَ قَدْ شَابَ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُشْبِهُهُ، وَأَمَرَ لَنَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ قَلُوصًا، فَذَهَبْنَا نَقْبِضُهَا، فَأَتَانَا مَوْتُهُ فَلَمْ يُعْطُونَا شَيْئًا. فَلَمَّا قَامَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ فَلْيَجِئْ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَمَرَ لَنَا بِهَا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 2826].
4880 -
[3] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الحَسْماءِ قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. . . . .
ــ
وقوله: (رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبيض اللون قد شاب) أي: ظهر في شعره شيب.
وقوله: (وكان الحسن بن علي يشبهه) إنما هو لأجل أن صحبته كانت خفية على الناس، فقال هذا إثباتًا لها.
وقوله: (بثلاثة عشر قلوصًا) القلوص بفتح القاف من الإبل: الشابة، أو الباقية على السير، أو أول ما يركب من إناثها إلى أن تُثْنِي، ثم هي ناقة، والناقة الطويلة القوائم خاص بالإناث، وجمعه قلائص وقُلُص.
وقوله: (فأتانا موته) أي: خبر موته.
وقوله: (فلما قام) أي: خطب (1)، أو قام بأمر الخلافة.
4880 -
[3](عبد اللَّه بن أبي الحسماء) قوله: (أبي الحسماء) هكذا في نسخ (المشكاة) و (المصابيح) بتقديم السين على الميم، قالوا: هو سهو، والصواب الحمساء بتقديم الميم على السين.
وقوله: (بايعت) أي: اشتريت منه شيئًا، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يبيع ويشتري قبل البعثة، وأما بعد البعثة كان الشراء غالبًا على البيع، ولم يحفظ البيع بعد الهجرة إلا
(1) كذا في الأصل، وفي "المرقاة" (7/ 3058):"أي: خطيبًا".
قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ وَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ، فَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا فِي مَكَانِهِ فَنَسِيتُ، فَذَكَرْتُ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَإِذَا هُوَ فِي مَكَانِهِ، فَقَالَ:"لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَيَّ، أَنَا هَهُنَا مُنْذُ ثَلَاثٍ أَنْتَظِرُكَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 4996].
4881 -
[4] وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا وَعَدَ الرَّجُلُ أَخَاهُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ لَهُ، فَلَمْ يَفِ وَلَمْ يَجِئْ لِلْمِيعَادِ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ. [د: 4995، ت: 2633].
ــ
في ثلاث صور، كذا في (سفر السعادة)(1).
وقوله: (وبقيت له بقية) أي: من ثمن ذلك المبيع عندي.
وقوله: (في مكانه) الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم أو للبيع.
وقوله: (فإذا هو) أي: النبي صلى الله عليه وسلم ثابت في مكانه ينتظر في ذلك المكان وفاءً بما وعد من لزوم المكان حتى أجيئه، وقد ينقل مثل ذلك من إسماعيل عليه السلام، ذكروه في تفسير قوله تعالى:{إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: 54]، وقد يحكى عن سيدنا الشيخ محيي الدين عبد القادر: أنه وعده رجل فانتظره سنة، ثم جاء الرجل ووعده ثانيًا فغاب سنة، هكذا إلى ثلاث مرات، وكان ذلك الرجل الخضر جاء ليختبره، ففتح عليه فتحًا عظيمًا.
وقوله: (لقد شققت علي) في (القاموس)(2): شق عليه: أوقعه في المشقة.
4881 -
[4](زيد بن أرقم) قوله: (فلا إثم عليه) قيل: فيه دليل على أن الوفاء
(1)"سفر السعادة"(ص: 274).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 827).
4882 -
[5] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيْهِ (1)؟ " قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ تَمْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِيْهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كَذْبَةٌ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [د: 4991، شعب: 4482].
ــ
بالوعد ليس بواجب شرعي، بل هو من مكارم الأخلاق بعد أن كانت نيته الوفاء، وأما جعل الخلف في الوعد من علامات النفاق كما مر في أول الكتاب، فمعناه الوعد على نية الخلف، وقيل: الخلف في الوعد من غير مانع حرام، وهو المراد هنا، وكان الوفاء بالوعد مأمورًا به في الشرائع السابقة أيضًا.
4882 -
[5](عبد اللَّه بن عامر) قوله: (ها تعالَ أعطك): (ها) حرف تنبيه، و (تعال) اسم فعل بمعنى جئ، و (أعطك) جواب الأمر مجزوم بحذف الياء، وقد يروى بإثبات الياء على الاستئناف.
وقوله: (كتبت عليك كذبة) فيه أن ما يتفوّه به الناس للأطفال عند البكاء مثلًا بكلمات هزلًا أو كذبًا بإعطاء شيء أو بتخويف من شيء حرام داخل في الكذب.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (لو لم تعطيه شيئًا) مع أنها أرادت أن تعطيه تمرًا، فالظاهر أن يقال: لو لم تعطيه تمرًا نظرًا إلى ظاهر الإطلاق في قوله: أعطيك؛ لأن قولها: (أردت أن أعطيه تمرًا) كان عذرًا محضًا عن سؤاله صلى الله عليه وسلم: (ما أردت أن تعطيه؟ )، والظاهر أنها أرادت تسلية الولد هزلًا من غير إرادة إعطاء شيء معين كما هو العادة، واللَّه أعلم.
وقوله: (أن تعطيه) بجزم الياء أصله: تعطينه.
(1) بسكون الياء؛ لأنه صيغة المخاطبة، وعلامة نصبها حذف النون.