المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٨

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(25) كتاب الآداب

- ‌1 - باب السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الاستئذان

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب المصافحة والمعانقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب القيام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الجلوس والنوم والمشي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب العطاس والتثاؤب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب الضحك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الأسامي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب البيان والشعر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب حفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الوعد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب المزاح

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌13 - باب المفاخرة والعصبية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب البر والصلة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب الشفقة والرحمة على الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب الحب في اللَّه ومن اللَّه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب ما ينهى عنه من التهاجر والتقاطع واتباع العورات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب الحذر والتأني فى الأمور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌19 - باب الرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌20 - باب الغضب والكبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌21 - باب الظلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌22 - باب الأمر بالمعروف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(26) كتاب الرقاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب فضل الفقراء وما كان من عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْل الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الأمل والحرص

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب استحباب المال والعمر للطاعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب التوكل والصبر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الرياء والسمعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب البكاء والخوف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب تغير الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الإنذار والتحذير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(27) كتاب الفتن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الملاحم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب أشراط الساعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب العلامات بين يدي الساعة وذكر الدجال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب قصة ابن صياد

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌5 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب قرب الساعة وأن من مات فقد قامت قيامته

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

‌1 - باب السلام

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

4628 -

[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتهِ،

ــ

وفي (مجمع البحار)(1): الأدب: حسن الأخلاق، انتهى.

1 -

باب السلام

هو اسم من التسليم بمعنى السلامة والبراءة من النقائص والعيوب، واسم من أسماء اللَّه تعالى، وقيل: التسليم مشتق من اسم اللَّه السلام، لسلامته من العيب والنقص، ومعنى قولهم: السلام عليك: أن اللَّه مطلع عليك فلا تغفل، أو اسم اللَّه عليك، أي: أنت في حفظه، كما يقال: اللَّه معك، وقيل: اسم السلام عليك إذا كان اسم اللَّه يذكر على الأعمال توقعًا لاجتماع معاني الخيرات فيه، وانتفاء عوارض الفساد عنه، وقيل: أي سلمت مني فاجعلني أسلم منك، من السلامة بمعنى السلم، أي: المصالحة، شرع هذا في ابتداء الإسلام لتمييز المسلم من الكافر فلا يتعرض له.

الفصل الأول

4628 -

[1](أبو هريرة) قوله: (خلق اللَّه آدم على صورته) اختلف العلماء، فمنهم من أمسك عن تأويله، قال: هو من حديث الصفات فتمسك عن تأويلها، ومنهم من أوله فقال: الصورة بمعنى الصفة كما يقال: صورة المسألة هكذا، أي: خلقه مظهرًا لصفاته وجعله موصوفًا بصفات هي آثار صفاته الكريمة، أو الإضافة للتشريف، كبيت اللَّه وروح اللَّه، وقيل: الضمير لآدم، أي: خلقه أول أمره بشرًا سويًّا بطول ستين،

(1)"مجمع بحار الأنوار"(1/ 56).

ص: 8

طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ: . . . . .

ــ

لا كغيره نطفة في الأطوار فصبيًا فرجلًا، أو على صورته التي لا يشاركه [فيها] نوع آخر من الحيوانات؛ فإنه يوصف مرة بالعلم، ومرة بالجهل، ومرة بالاجتباء، ومرة بالعصيان، والظاهر أن الصورة على هذا الوجه بمعنى الصفة، أو على الصورة الخاصة التي أبدعها، وجعلها نسخة جامعة من جملة المخلوقات، إذ ما من مخلوق إلا وله مثال في صورته، ولهذا قيل: هو عالم صغيرٌ.

ويمكن أن تكون الصورة على هذا التقدير أيضًا بمعنى الصفة، يعني خلقه على صفات جامعة لصفات العالم كله، أو الصورة بمعنى الأمر والشأن في كونه مسجود الملائكة، مالكًا للحيوانات، مسخرًا لها، وقيل: الضمير للأخ في قوله: (إذا ضرب أحدكم أخاه فليجتنب الوجه)، وجاء في رواية أخرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يضرب وجه غلام، فقال:(لا تضرب الوجه؛ فإن اللَّه تعالى خلق آدم على صورته)، كأنه قيل هذا المضروب من أولاد آدم فاجتنبوا ضرب أشرف أجزائه؛ إذ أكثر الحواس فيه، ويضعف هذين الوجهين أنه قد جاء في حديث آخر:(خلق آدم على صورة الرحمن)، وقيل: لم يثبت هذا عند المحدثين، واللَّه أعلم.

وقوله: (طوله ستون ذراعًا) أي: هذا أنسب بجعل الضمير (لآدم) المفيد لكونه مخلوقًا من أول أمره كما هو، فيكون كالبيان لخلقه على صورته، وأما على تقدير كون الضمير للَّه يكون بيانًا لوصف آخر له بعد ذكر كونه مخلوقًا على صفته تعالى، وأما على تقدير كون الضمير للأخ؛ فلا يخلو ربطه بما قبله عن بعد، وإنما خص بيان الطول بالذكر لكونه مما لا يتعارف بخلاف سائر صفاته التي كانت عليها.

وفي (القاموس)(1): الذراع بالكسر: من طرف المرفق إلى طرف الأصبع

(1)"القاموس المحيط"(ص: 660).

ص: 9

اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ -وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ- فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَذَهَبَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ"، قَالَ: "فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ". . . . .

ــ

الوسطى، ويعلم بالمقايسة إليه حال العرض أيضًا مجملًا.

وقوله: (وهم نفر من الملائكة) النفر: رهط من الناس من الثلاثة إلى العشرة؛ فإما أن يكون المراد هنا أيضًا هذا العدد، ويكون الملائكة الجالسون هذا المقدار، أو يكون المراد مطلق الجماعة وإن كانوا أكثر، واللَّه أعلم.

ثم الظاهر أن هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون من كلام اللَّه تعالى بيانًا للمشار إليهم، وسيجيء في الفصل الثالث مثل هذه العبارة المحتملة للوجهين، لكن الاحتمالين هناك يتساويان وهنا الراجح أحدهما، فافهم.

وقوله: (ما يحيونك): (ما) موصولة، ويحتمل أن تكون استفهامية، وفي أكثر الأصول بالحاء المهملة والياء المشددة، وفي بعضها:(يجيبونك) بالجيم والياء التحتانية والموحدة، من الجواب، والتحية: السلام، وهي (تفعلة) من الحياة بمعنى الإحياء والتبقية، حيّاه، أي: أحياه وعمّره، ويجيء التحية بمعنى الملك والبقاء، وبالكل فسر في (التحيات للَّه تعالى).

وقوله: (ذريتك) الذرية مشتق من الذر بمعنى البث والنشر، جمعه الذراري، ومنه: الذرة للنملة.

وقوله: (فزادوه ورحمة اللَّه) زيادة (ورحمة اللَّه) مستحب في ردِّ السلام، وقد جاء زيادة (وبركاته) أيضًا، وورد في بعض الروايات (ومغفرته) أيضًا كما يجيء في الفصل الثاني.

ص: 10

قَالَ: "فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدَهُ حَتَّى الآنَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6227، م: 2841].

4629 -

[2] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: "تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتُقْرِئُ السَّلَامَ. . . . .

ــ

وقوله: (فكل من يدخل الجنة) إلى آخر الحديث؛ فيه تقديم وتأخير في البيان، أي: خلق اللَّه آدم وطوله ستون ذراعًا، وكانت ذريته كذلك، ثم لم يزل أولاده ينقص بعده حتى الآن، فلما أدخلوا الجنة أعيدوا إلى ما كان أبوهم عليه من طول القامة والحسن والجمال، أي: كلهم على هذه الهيئة، وأما الجهنميون فضرس أحدهم مثل أحد على أقبح شكل وأفظعه، نعوذ باللَّه منها.

4629 -

[2](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (أي الإسلام) أي: أيّ أحكام الإسلام وآدابه.

وقوله: (تطعم الطعام وتقرأ السلام. . . إلخ)، خبران في معنى الأمر، والأظهر بحسب المعنى أن يكونا بتقدير (أن)، وهو إشارة إلى السخاوة والتواضع؛ فإنهما أصل حمايد الصفات وعمدة الخصائل التي تجب رعايتها بالنسبة إلى الخلق وتعاملهم.

وقال الطيبي (1): ولعل تخصيصهما من جهة المناسبة بحال السائل، ولذلك أسندهما إليه بلفظ الخطاب، انتهى.

والدليل على ذلك أنه قد أجاب في أحاديث أخر بخصائل أخر مثل: (الصلاة بالليل والناس نيام)، ونحو ذلك.

و(تقرئ) بضم التاء وكسر الراء من الإقراء، وقد يقرأ:(تقرأ) بفتح التاء والراء

(1)"شرح الطيبي"(9/ 7).

ص: 11

عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6236، م: 39].

4630 -

[3] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ سِتُّ خِصَالٍ: يَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ،

ــ

من القراءة، ومعناه ظاهر، والصحيح الفصيح هو الأول كما جاء في الأحاديث مثل:(اللَّه يقرئك السلام) وغيره، ويقال: أَقْرِئْ فلانًا السلام، واقرأ عليه السلام، كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده، وقيل: إن كان بالكتابة فمن الإقراء، وإن كان بالكلام فمن القراءة، وقد سبق مثل هذا.

وقوله: (على من عرفت ومن لم تعرف) وهو معنى ما جاء في حديث آخر: (أفشوا السلام)، ويحتمل أن يكون ذلك بمعنى إظهار لفظه حتى يسمع المسلم عليه، وكذلك حكم الرد، وفي الحديث إشارة إلى أن السلام من حق الإسلام دون الصحبة، وكذلك حكم العيادة هو نحوها كما يأتي في الحديث الآتي.

4630 -

[3](أبو هريرة) قوله: (للمؤمن على المؤمن) لما كانت هذه الأشياء سنة مؤكدة أو مستحبة متأكدة الاستحباب أدخل حرف (على) المفيدة في الظاهر الوجوب مبالغة وتأكيدًا.

وقوله: (يعوده إذا مرض) من العود، وفي (القاموس) (1): العود: الرجوع، والصرف، والرد، وزيارة المريض، كالعياد والعيادة، والعواد بالضم، والمريض معود، انتهى.

ولعله إنما سميت عيادة لرجوع العائد إلى المريض، أو لأنه يعود ويكررها.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 288).

ص: 12

وَيَشْهَدُهُ إِذَا مَاتَ، ويُجِيبُهُ إِذَا دَعَاهُ، وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ، وَيُشَمِّتُهُ إِذَا عَطَسَ، وَيَنْصَحُ لَهُ إِذَا غَابَ أَوْ شَهِدَ"، لَمْ أَجِدْهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" وَلَا فِي كتَابِ "الْحُمَيْدِيِّ"، وَلَكِنْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ "الْجَامِع" بِرِوَايَة النَّسَائِيِّ. [ن: 1938].

ــ

وقوله: (ويشهده إذا مات) أي: صلاة الجنازة وتشييعها والدفن.

وقوله: (ويجيبه إذا دعاه) أي: للطعام إن لم يكن هنا مانع من بدعة ومنة ومفاخرة وغير ذلك كما عرف في موضعه.

وقوله: (ويسلم عليه إذا لقيه) ولم يقل: ويرد عليه إذا سلم؛ لأن ذلك واجب لازم للسلام.

وقوله: (ويشمته إذا عطس) التشميت بالشين والسين: جواب العاطس، وأصل التشميت بالمعجمة: إزالة الشماتة، فاستعمل للدعاء بالخير لتضمنه ذلك، ومعناه: جنّبك اللَّه تعالى الشماتة وأبعدك عما يشمت به عليك، والمعنى في ذلك أن العطاس علامة صحة المزاج وقوته، ففيه إزالة شماتة الأعداء، وقيل: مشتق من الشوامت بمعنى القوائم، كأنه دعا بالثبات على الطاعة.

والتسميت بالمهملة معناه جعلك اللَّه على سمت حسن، وسيجيء ذكره وذكر أحكامه في (باب العطاس والتثاؤب).

وقوله: (وينصح له إذا غاب أو شهد) أي: يريد به خيرًا حاضرًا وغائبًا، يقال: نصحته ونصحت له، وهو باللام أفصح، والنصح: إرادة الخير، وهو في الأصل الخلوص، والناصح: العسل الخالص، كذا في (القاموس)(1).

(1)"القاموس المحيط"(ص: 236).

ص: 13

4631 -

[4] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُموهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 54].

4632 -

[5] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي، وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6232، م: 216].

4633 -

[6] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 6230].

ــ

وفي (الصحاح)(1): قال الأصمعي: الناصح: الخالص من العسل وغيره مثل ناصع، وكل شيء خلص فقد نصح، والتوبة النصوح: الصادقة، وهو أن لا يرجع إلى ما تاب عنه، أو لا ينوي الرجوع.

4631 -

[4](وعنه) قوله: (ولا تؤمنوا) الظاهر إثبات النون، وهكذا وجد في بعض الأصول، وفي بعضها بحذف النون للمجانسة والازدواج.

4632 -

[5](وعنه) قوله: (يسلم الراكب على الماشي) أي: ينبغي له أن يفعل ذلك، وإن ابتدأ الماشي فله الفضل.

4633 -

[6](وعنه) قوله: (يسلم الصغير على الكبير. . . إلخ)، قالوا: هذا إذا تلاقى اثنان، أما الوارد فيبدأ بالسلام سواء كان كبيرًا أو صغيرًا.

(1)"الصحاح"(1/ 411).

ص: 14

4634 -

[7] وَعَن أَنَسٍ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 62480، م: 2168].

4635 -

[8] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَبْدَؤُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2167].

4636 -

[9] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقُلْ: وَعَلَيْكَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6257، م: 2164].

4637 -

[10] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكتابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6258، م: 2163].

ــ

4634 -

[7](أنس) قوله: (مرّ على غلمان فسلم عليهم) فيه غاية التواضع والشفقة على الأمة منه صلى الله عليه وسلم، وتعليم أن التسليم على المار.

4635 -

[8](أبو هريرة) قوله: (لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام) مفهومه جواز الرد، ويجيء طريقه في الأحاديث الآتية، وجاء في بعض الروايات زيادة:(وهداك اللَّه).

وقوله: (فاضطروه إلى أضيقه) أي: اغلبوه حتى يضطر إلى التنحي من وسط الطريق إلى طرفه، وفي بعض الحواشي: مروه ليعدل عن الوسط إلى طرفيه.

4636 -

[9](ابن عمر) قوله: (السَّام عليك) أي: الموت.

4637 -

[10](أنس) قوله: (فقولوا: وعليكم) جاءت الروايات بضمير الواحد والجمع، وبإثبات الواو وحذفها، فقيل: المختار حذفها؛ لئلا يلزم المشاركة فيما

ص: 15

4638 -

[11] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ (1) صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقُلْتُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ! إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كلِّهِ" قُلْتُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: "قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ".

وَفِي رِوَايَةٍ: "عَلَيْكُمْ" وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَاوَ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قَالَتْ: إِنَّ الْيَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، قَالَ:"وَعَلَيْكُمْ"، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَهْلًا يَا عَائِشَةُ! عَلَيْكِ بالرِّفق، وإِيَّاكَ وَالْعُنْفَ والفُحْشَ"، قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: "أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؟ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ".

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِم قَالَ: "لَا تَكُونِي فَاحِشَةً، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحبُّ الفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6927، م: 2165].

ــ

قالوا، وقال بعضهم: لا بأس بالتشريك؛ لأن الموت مشترك بين الكل، وقيل: الواو ليس للتشريك بل للاستئناف، أي: وعليكم ما تستحقونه، والصواب جواز الوجهين، وللطيبي (2) هنا كلام طويل، فانظر [هـ] ثمة.

4638 -

[11](عائشة) قوله: (الفحش والتفحش) الفحش: هو ما اشتد وظهر قبحه من الذنوب، والفحش في كلام: الغلظ فيه، والتفحش: التعمد والتكلف فيه.

(1) في نسخة: "رَسُوْلِ اللَّه".

(2)

انظر: "شرح الطيبي"(9/ 11).

ص: 16

4639 -

[12] وَعَن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2654، م: 1798].

4640 -

[13] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ، نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ:"فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ"، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى. . . . .

ــ

4639 -

[12](أسامة بن زيد) قوله: (من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود) قال الطيبي (1): (عبدة الأوثان) بدل من (المشركين)، وكذا قوله:(اليهود)، وجعلهم مشركين إما لقولهم: عزير ابن اللَّه، وإما للتغليب، أقوال. ويراد بالمشركين الكافرون، أو يعطف اليهود على المشركين، وإبدال عبدة الأوثان من المشركين للإشارة إلى أن مشركي العرب لم يكونوا إلا المشركين في العبادة دون الوجود والخلق.

وقوله: (فسلّم عليهم) وقصد التسليم على المسلمين.

4640 -

[13](أبو سعيد الخدري) قوله: (ما لنا من مجالسنا بد) في (القاموس)(2): بدده تبديدًا: فرقه، ولا بد: لا فراق ولا محالة.

وقوله: (إلا المجلس) في أكثر النسخ المصححة بكسر اللام، وهو الظاهر، وفي بعض الحواشي أنه بفتح اللام، مصدر ميمي.

(1)"شرح الطيبي"(9/ 13).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 256).

ص: 17

وَرَدُّ السَّلَام، والأَمرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6229، م: 2121].

4641 -

[14] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: "وَإِرْشَادُ السَّبِيلِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَقِيبَ حَدِيثِ الْخُدْرِيِّ هَكَذَا. [د: 4816].

4642 -

[15] وَعَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: "وَتُغِيثُوا الْمَلْهُوفَ، وَتَهْدُوا الضَّالَّ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَقِيْبَ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَكَذَا، وَلَمْ أَجَدْهُمَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ". [د: 4817].

ــ

وقوله: (ورد السلام) إنما قال: رد السلام بناء على السنة أن يسلم الماشي على القاعد.

وقوله: (والأمر بالمعروف) أي: ما عرف في الشرع وجوده وحسنه، و (المنكر) ما لم يعرف فيه وجوده وحسنه.

4641 -

[14](أبو هريرة) قوله: (رواه أبو داود عقيب حديث الخدري هكذا) يعني أنه روى ما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري عن أبي هريرة مع زيادة: (وإرشاد السبيل).

4642 -

[15](عمر) قوله: (وتغيثوا الملهوف) أي: المظلوم المكروب، وفي (القاموس) (1): الملهوف واللهيف واللهفان واللاهف: المظلوم المضطر يستغيث ويتحسر، وهو عطف على (وإرشاد) بتقدير (أن)، وإرشاد السبيل أعمّ من هداية الضال.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 788).

ص: 18